محكمة العدل الأوروبية ترفض شكوى إيرانية وتبقي العقوبات على مسؤولين

منظمة «العدالة لإيران»: الدول الغربية تغض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان

محكمة العدل الأوروبية ترفض شكوى إيرانية وتبقي العقوبات على مسؤولين
TT

محكمة العدل الأوروبية ترفض شكوى إيرانية وتبقي العقوبات على مسؤولين

محكمة العدل الأوروبية ترفض شكوى إيرانية وتبقي العقوبات على مسؤولين

رفضت محكمة العدل الأوروبية شكوى تقدم بها محمد سرافراز، رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني، وحميد رضا عمادي، رئيس تحرير قناة «برس تي في»، ضد قرار الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات عليهما على خلفية انتهاك حقوق الإنسان. ووفقا للحكم الصادر من المحكمة، فإن المسؤولين ارتكبا انتهاكات صارخة في حقوق الإنسان بسبب دورهما في بث اعترافات إجبارية لسجناء سياسيين، من بينهم أربعة ناشطين أعدمتهم السلطات الإيرانية في ظروف غامضة. وبحسب منظمة «العدالة لإيران» فإنها المرة الأولى التي تصدر فيها محكمة العدل الأوروبية حكما في ملف يرتبط بحقوق الإنسان في إيران. وبذلك فإن العقوبات الدولية لم تسقط عن المسؤولين الإيرانيين، كما يمنع دخولهما إلى أي من بلدان الاتحاد الأوروبي وتصادر جميع ممتلكاتهما وأرصدتهما المصرفية في دول الأوروبية.
بدورها، رحبت شادي أمين، رئیسة منظمة «العدالة لإيران»، بقرار محكمة العدل الأوروبية في معاقبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، وكشفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن المحكمة الأوروبية وافقت على الأدلة المقدمة من منظمتها، وكذلك أدلة لجنة التحقيق. وشددت على أهمية الحكم، وقالت: «نعتقد أنه كان مهمًا للعرب والنشطاء العرب، لأن مستندات كثيرة تظهر أن الاعترافات الإجبارية أخذت تحت التعذيب الشديد للسجناء السياسيين. وهيئة الإذاعة والتلفزيون بثت شريط الاعترافات على القنوات المحلية وعبر قناة (برس تي في) الدولية». وأضافت أن «إجبار السجناء على اعترافات غير واقعية أسهم في صدور أحكام قاسية، وأُعدم عدد من الناشطين، من بينهم هادي راشدي وهاشم شعباني من النشطاء العرب».
وتابعت المحامية أن حكم المحكمة أنصف الضحايا و«أظهر أن العمل الدقيق وبمساعدة من يريدون الدفاع عن حقهم ومن يرفعون أصواتهم احتجاجا على الظلم بإمكانه أن يكون مؤثرا في معاقبة المسؤولين عن التعذيب وتسجيل أفلام الاعترافات الإجبارية التي تعتبر بدورها من مصاديق التعذيب». ولفتت إلى أن معاقبة المسؤولين وتحقيق العدالة لا يحتاج إلى انتظار سقوط النظام الحاكم في طهران، مؤكدة إمكانية تضافر الجهود في معاقبة كبار المسؤولين «في أي زمان وفي أي مكان»، ومساءلتهم أمام العدالة بكل الطرق المتاحة. كما طالب شادي أمين الدول والمؤسسات الغربية بأن تصغي إلى «صوت الاحتجاجات الكثيرة في الشارع الإيراني»، و«التصدي الفعال لانتهاكات حقوق الإنسان». كما دعت الدول الغربية إلى الاهتمام بملف حقوق الإنسان في إيران، وأسفت أنه «منذ مجيء روحاني وبعد الاتفاق النووي، غضّت الدول الكبرى الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان في إيران».
وأوضح بيان المنظمة الحقوقية الإيرانية أن محكمة العدل الأوروبية رفضت شكوى تقدم بها مديرون من هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني، في حكمين منفصلين «تجاوز كل منهما أكثر من 200 فقرة بشكل مستدل». وقالت أعلى مؤسسة قضائية تابعة للاتحاد الأوروبي إن سرافراز وعمادي مسؤولان عن انتهاك صارخ لحقوق الإنسان بسبب «انتهاك خصوصية وقانون أصول المحاكمات العادلة»، بعد بث تلك الاعترافات من قناة «برس تي في» من دون أن يعلنا للمشاهدين أن تلك الحوارات تم تسجيلها في السجن. وبهذا يعتبر قرار الاتحاد الأوروبي في وضعهما على قائمة عقوبات حقوق الإنسان قرارا شرعيا.
وقدم فريق محاماة شكوى محمد سرافراز وحميد رضا عمادي شكوى إلى محكمة العدل الأوروبية، معتبرين قرار الاتحاد الأوروبي الذي وضعهما على قائمة عقوبات حقوق الإنسان «غير عادل وغير واقعي»، بسبب «انتهاك الحرية والحق في السفر وحق العمل وحرية التعبير وحق الدفاع»، مطالبين بإعادة النظر في القرار. وكانت منظمة «العدالة لإيران» طالبت شركات الأقمار الدولية وقف بث قناة «برس تي في»، ووضع مسؤوليها على لائحة انتهاكات حقوق الإنسان، خصوصا حقوق القوميات والإثنيات، بسبب بثها اعترافات إجبارية لسجناء سياسيين نفذت السلطات الإيرانية حكم الإعدام بحقهم لاحقا.



قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
TT

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)

قال قائد قوات «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران» و«ليست مكاناً للتدخل الأجنبي»، متوعداً إسرائيل بـ«دفع ثمن باهظ»، وذلك في ثالث خطاب له منذ سقوط بشار الأسد وانسحاب قواته من سوريا.

ودعا سلامي إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا؛ في إشارة إلى الإطاحة بنظام الأسد على يد قوى المعارضة، وكذلك القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له سوريا، وقال: «سوريا درس مرير لنا، ويجب أن نأخذ العبرة».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

ودافع سلامي مرة أخرى، عن تدخل قواته في سوريا. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله، في هذا الصدد، «رأى الجميع أنه عندما كنا هناك، كان الشعب السوري يعيش بكرامة؛ لأننا كنا نسعى لرفع عزتهم».

وصرح سلامي في مراسم تقديم جائزة قاسم سليماني: «لم نذهب لضم جزء من أراضي سوريا إلى أراضينا، ولم نذهب لنجعلها ميداناً لتحقيق مصالحنا الطموحة».

وتطرق إلى الهجمات الإسرائيلية التي طالت مواقع الجيش السوري في الأيام الأخيرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقال: «حين سقط النظام السوري، رأينا ما يحدث من أحداث مؤسفة. الصهاينة أصبحوا قادرين على رؤية ما بداخل بيوت أهل دمشق من دون الحاجة إلى أسلحة؛ وهذا أمر لا يمكن تحمله».

وقال: «الآن ندرك أنه إذا لم يصمد الجيش ولم تقاوم القوات المسلحة، فإن البلاد بأكملها قد تُحتل في لحظة»، وأعرب عن اعتقاده بأن «الناس في دمشق يفهمون قيمة رجال المقاومة، ويدركون كم هم أعزاء عندما يكونون موجودين، وكيف ستكون الكارثة إذا غابوا».

وأشار سلامي إلى تصريحات المرشد علي خامنئي بشأن سوريا قبل أيام، وقال: «كما قال قائدنا، فإن سوريا ستحرر على يد شبابها الأبطال، وستدفع إسرائيل ثمناً باهظاً، وستدفن في هذه الأرض».

ورأى أن هذا الأمر «يتطلب وقتاً وصموداً عظيماً وعزماً راسخاً وإيماناً جميلاً»، عاداً ذلك من صفات من وصفهم بـ«الشباب المجاهدين في العالم الإسلامي».

وقال سلامي: «نحن ندافع بحزم عن أمننا واستقلالنا ونظامنا ومصالحنا وتاريخنا وديننا. هذه الأرض ليست أرضاً يمكن للغرباء أن ينظروا إليها بنظرة غير لائقة».

وتحدث سلامي الأسبوع الماضي مرتين إلى نواب البرلمان وقادة قواته. وكان أول ظهور لسلامي الثلاثاء أمام المشرعين الإيرانيين في جلسة مغلقة، لم يحضرها إسماعيل قاآني، مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، ونقل نواب إيرانيون قوله إن إيران «لم تضعف» إقليمياً.

أما الخميس، فقد تحدث سلامي أمام مجموعة من قادة قواته، وقال: «البعض يّروج لفكرة أنَّ النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه». وأضاف: «الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».

وتباينت رواية سلامي مع رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، الذي تحدث بدوره الخميس، عن «الاختلال في العمق الاستراتيجي للقوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية»، رغم أنه توقع أن يتمكن «حزب الله» من التكيف مع الظروف الجديدة.

جاءت تصريحات سلامي، الأحد، في وقت ركزت وسائل إعلام «الحرس الثوري» على حملتها في تبرير الوجود الإيراني خلال الحرب الداخلية السورية، وكذلك سقوط نظام بشار الأسد وتداعياته على إيران وأذرعها الإقليمية.

بعد صمت دام أكثر من 48 ساعة من قبل الإعلام الإيراني إزاء الاحتفالات التي عمت سوريا، وخصوصاً دمشق، بسقوط النظام، كما لم تنشر أي من الصحف الإيرانية صوراً على صفحاتها الأولى من الاحتفالات، أبرزت عدد من الصحف في المقابل آثار القصف الإسرائيلي على مواقع عسكرية سورية، وصوراً من كبار المسؤولين في تركيا، والمعارضة السورية.

على المستوى الرسمي ألقت إيران منذ أولى لحظات سقوط الأسد، اللوم على الجيش السوري، وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل في سقوط حليفها.

قاآني خلال تشييع الجنرال عباس نيلفروشان في طهران 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

خالي الوفاض

قال النائب إسماعيل كوثري، مسؤول الملف العسكري في لجنة الأمن القومي، إن «بشار الأسد كان خالي الوفاض ولم يتمكن من كسب رضا الجيش».

وصرح كوثري، وهو قيادي في «الحرس الثوري»، بأن بشار الأسد «فشل في كسب دعم الجيش بسبب افتقاره للموارد وضعف الدعم، ما أدى إلى انهيار الجيش». وأكد أن الاتصال مع إيران استمر حتى اللحظة الأخيرة، لكن بعض المحيطين بالأسد، مثل رئيس الوزراء وبعض قادة الجيش، عرقلوا هذا التواصل.

وأوضح كوثري أن سوريا كانت نقطة عبور وطريقاً مهماً لدعم «حزب الله»، ولكن بعد رفض الحكومة السورية السماح بالدخول، لم تتمكن إيران من التدخل بالقوة. وأضاف أنه خلال فترة «داعش»، دخلت إيران سوريا بناءً على طلب رسمي وساهمت في القضاء على التنظيم، ما حال دون تمدده نحو الحدود الإيرانية.

وتحدث عن الوضع الحالي، مشيراً إلى أن سوريا ما زالت تحت سيطرة «الكيان الصهيوني وأميركا وعملائهم». وبشأن المستقبل، توقع ظهور خلافات «بين القوى التي اجتمعت بأموال أميركية»، مما سيدفع الشعب السوري إلى إدراك الخداع والبحث عن جهات قادرة على تحقيق الأمن وتحسين الاقتصاد.

ملصقات تحمل صورة زاهدي ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي خلال مجلس عزاء في السفارة الإيرانية بدمشق أبريل الماضي (أ.ف.ب)

خسائر «الحرس الثوري»

في سياق متصل، قال الجنرال مهدي فرجي، الذي شارك في الحرب السورية، في حديث لوكالة «فارس»، إن إيران بدأت في إرسال القوات «الاستشارية» منذ 2011، مشدداً على ضرورة «تفسير الأوضاع التي كانت في سوريا حينذاك».

وبرر فرجي وجود إيران بظهور تنظيم «داعش» ومنع وصولها إلى حدود إيران. وأشار إلى دور مسؤول العمليات الخارجية السابق قاسم سليماني، الذي قضى في ضربة أميركية مطلع 2020، وقال: «تنسيق الجيش السوري كان عملاً ذا قيمة كبيرة، حينها لم يكن الجيش السوري ملوثاً إلى هذا الحد، ولكن خلال هذه السنوات العشر، أصبح تأثير العدو على الجيش السوري كاملاً».

كما أشار فرجي إلى الدعم الذي قدمه الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد إلى طهران، في الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات قرن الماضي. وقال: «لقد أرسلت ذخائر بناء على أمر حافظ الأسد»، ونقل عن بشار الأسد قوله: «حافظ الأسد أوصى ابنه بشار قائلاً: طالما أنكم مع إيران، فأنتم موجودون».

وقال فرجي إن الشباب تحت الـ30 شكلوا 90 في المائة من القوات الإيرانية، ونحو 10 في المائة من المحاربين القدامى في حرب الثمانينات؛ في إشارة إلى قادة «الحرس».

وقال إن «الشباب شكلوا أكثر من 90 في المائة من 540 قتيلاً في الدفاع عن الأضرحة».

وهذه أول مرة قيادي من «الحرس الثوري» يشير إلى مقتل أكثر 500 إيراني في الحرب السورية. وهي نسبة أقل بكثير مما أعلنه نائب إيراني الأسبوع الماضي عن مقتل أكثر من ستة آلاف.

وقال النائب محمد منان رئيسي، وهو مندوب مدينة قم، إن إيران خسرت 6000 من قواتها في الحرب الداخلية السورية. وهي أعلى إحصائية يكشف عنها مسؤول إيراني لعدد قتلى القوات التي أطلق عليها مسؤولون إيرانيون اسم «المدافعين عن الأضرحة».

وتعود أعلى إحصائية إلى 2017، عندما أعلن رئيس منظمة «الشهيد» الإيرانية محمد علي شهيدي، مقتل 2100 عنصر من القوات الإيرانية في سوريا والعراق.

ويرفض «الحرس الثوري» تقديم إحصائيات واضحة عن خسائره البشرية والمادية.