محادثات أفغانية ـ باكستانية بهدف إحياء عملية السلام مع طالبان

تتزامن مع مقتل 37 شخصًا في هجوم على مطار قندهار

محادثات أفغانية ـ باكستانية بهدف  إحياء عملية السلام مع طالبان
TT

محادثات أفغانية ـ باكستانية بهدف إحياء عملية السلام مع طالبان

محادثات أفغانية ـ باكستانية بهدف  إحياء عملية السلام مع طالبان

وصل الرئيس الأفغاني أشرف غني إلى العاصمة الباكستانية أمس، أملا في إحياء محادثات السلام مع حركة طالبان، تزامنا مع افتتاح مؤتمر إقليمي، ومع حادث مقتل 37 شخصا على الأقل وإصابة 35 آخرين بجروح في هجوم على مطار قندهار، كبرى مدن جنوب أفغانستان، من قبل حركة طالبان. ورحب رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف بالرئيس غني شخصيا في المطار، وسط مراسم استقبال رسمية، فيما قال مراقبون ومحللون سياسيون إن قرار الرئيس غني بزيارة باكستان يبعث على الأمل في إمكانية تسجيل تقدم نحو استئناف عملية السلام بين الحكومة الأفغانية والمتمردين الإسلاميين، التي يعود أحد أسباب عرقلتها إلى انعدام الثقة بين كابل وإسلام آباد.
وبعدما افتتحا معًا المؤتمر الإقليمي في إسلام آباد، تعهد الزعيمان أمس بمواجهة التشدد والتطرف في المنطقة، إذ قال غني: «إنني أؤكد بشدة على التزامنا بالتوصل إلى سلام دائم وعادل، تتحول بموجبه جميع الحركات المسلحة إلى أحزاب سياسية تشارك في العملية السياسية بصورة شرعية». وفيما اعتبر شريف أن «الإرهاب والتطرف هو العدو المشترك للجميع وأن أعداء أفغانستان هم أعداء باكستان»، قالت وزيرة الخارجية الهندية سوشما سواراج، التي تعتبر زيارتها إلى باكستان الأعلى مستوى من قبل نيودلهي منذ عام 2012، والتي عدها المراقبون مؤشرا على تحسن العلاقات بين البلدين، إنها جاءت «برسالة لبناء علاقات أفضل.. ومن المهم أن نمضي قدما بهذه العلاقات»، مضيفة أن بلادها «تمد يدها لغريمتها القديمة باكستان، والدولتان يجب أن تبديا نضجا وثقة لتحسين العلاقات».
وقد ارتفعت حدة التوتر بين الهند وباكستان المسلحة نوويا على مدى العامين الماضيين، وذلك بعد عمليات القصف على الحدود المتنازع عليها في كشمير، التي أودت بحياة العشرات منذ 2014. لكن لقاء قصيرا بين شريف ونظيره الهندي نارندرا مودي على هامش مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي في باريس كسر حدة الجليد.
وخلال لقاء أمس تمسك زعيما أفغانستان وباكستان بشدة بمواقفهما من العلاقات المتأزمة بين بلديهما، فيما دعا أنتوني بلينكن نائب وزير الخارجية الأميركي، الذي يشارك في المؤتمر، باكستان إلى استخدام نفوذها داخل حركة طالبان الأفغانية للدفع في سبيل مصالحة أفغانية.
وقال عبد الغني للمؤتمر إن «الأعداء حاولوا تقسيم أفغانستان لكنهم فشلوا، وأنا ألقي باللوم على جماعات إرهابية إقليمية ودولية في أعمال العنف.. لجأوا في الماضي إلى استخدام لاعبين من خارج الدول كأدوات للسياسة الخارجية»، في إشارة واضحة لتأكيدات أفغانية على أن باكستان تدعم طالبان حفاظا على نفوذها في أفغانستان. لكن باكستان تنفي هذا الأمر جملة وتفصيلا.
ومن جانبه، أكد رئيس الوزراء الباكستاني على التزامه «بعملية مصالحة أفغانية تقودها أفغانستان»، وذلك في إشارة إلى المحادثات بين الحكومة الأفغانية وطالبان التي تستضيفها باكستان.
وتتبادل أفغانستان وباكستان الاتهامات بدعم حركات التمرد عبر الحدود، علما بأن حركتي طالبان الأفغانية والباكستانية منفصلتان لكنهما متحالفتان.



إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
TT

إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)

كان بودي، وهو بائع فاكهة إندونيسي، يبحث عن مستقبل أفضل عندما استجاب لعرض عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في كمبوديا، لكنّه وجد نفسه في النهاية أسير شبكة إجرامية تقوم بعمليات احتيال رابحة عبر الإنترنت.

يقول الشاب البالغ 26 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم ذكر كنيته: «عندما وصلت إلى كمبوديا، طُلب مني أن أقرأ سيناريو، لكن في الواقع كنت أعد لعمليات احتيال».

داخل مبنى محاط بأسلاك شائكة وتحت مراقبة حراس مسلّحين، كانت أيام بودي طويلة جداً، إذ كان يقضي 14 ساعة متواصلة خلف شاشة، تتخللها تهديدات وأرق ليلي.

وبعد ستة أسابيع، لم يحصل سوى على 390 دولاراً، بينما كان وُعد براتب يبلغ 800 دولار.

وفي السنوات الأخيرة، اجتذب آلاف الإندونيسيين بعروض عمل مغرية في بلدان مختلفة بجنوب شرقي آسيا، ليقعوا في نهاية المطاف في فخ شبكات متخصصة في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت.

أُنقذ عدد كبير منهم وأُعيدوا إلى وطنهم، لكنّ العشرات لا يزالون يعانون في مصانع الاحتيال السيبراني، ويُجبرون على البحث في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عن ضحايا.

تروي ناندا، وهي عاملة في كشك للأطعمة، كيف سافر زوجها إلى تايلاند في منتصف عام 2022 بعد إفلاس صاحب عمله، وانتهز فرصة كسب 20 مليون روبية (1255 دولاراً) شهرياً في وظيفة بمجال تكنولوجيا المعلومات نصحه بها أحد الأصدقاء.

لكن عندما وصل إلى بانكوك، اصطحبه ماليزي عبر الحدود إلى بورما المجاورة، مع خمسة آخرين، باتجاه بلدة هبا لو، حيث أُجبر على العمل أكثر من 15 ساعة يومياً، تحت التهديد بالضرب إذا نام على لوحة المفاتيح.

وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً: «لقد تعرض للصعق بالكهرباء والضرب، لكنه لم يخبرني بالتفاصيل، حتى لا أفكر بالأمر كثيراً».

ثم تم «بيع» زوجها ونقله إلى موقع آخر، لكنه تمكن من نقل بعض المعلومات بشأن ظروفه إلى زوجته، خلال الدقائق المعدودة التي يُسمح له فيها باستخدام جواله، فيما يصادره منه مشغلوه طوال الوقت المتبقي.

غالباً ما تكون عمليات التواصل النادرة، وأحياناً بكلمات مشفرة، الأدلة الوحيدة التي تساعد مجموعات الناشطين والسلطات على تحديد المواقع قبل إطلاق عمليات الإنقاذ.

«أمر غير إنساني على الإطلاق»

بين عام 2020 وسبتمبر (أيلول) 2024 أعادت جاكرتا أكثر من 4700 إندونيسي أُجبروا على إجراء عمليات احتيال عبر الإنترنت من ثماني دول، بينها كمبوديا وبورما ولاوس وفيتنام، بحسب بيانات وزارة الخارجية.

لكن أكثر من 90 إندونيسياً ما زالوا أسرى لدى هذه الشبكات في منطقة مياوادي في بورما، على ما يقول مدير حماية المواطنين في وزارة الخارجية جودها نوغراها، مشيراً إلى أنّ هذا العدد قد يكون أعلى.

وتؤكد إندونيسية لا يزال زوجها عالقاً في بورما أنها توسلت إلى السلطات للمساعدة، لكنّ النتيجة لم تكن فعّالة.

وتقول المرأة البالغة 40 عاماً، التي طلبت إبقاء هويتها طي الكتمان: «إنه أمر غير إنساني على الإطلاق... العمل لمدة 16 إلى 20 ساعة يومياً من دون أجر... والخضوع بشكل متواصل للترهيب والعقوبات».

ويقول جودا: «ثمة ظروف عدة... من شأنها التأثير على سرعة معالجة الملفات»، مشيراً خصوصاً إلى شبكات مياوادي في بورما، حيث يدور نزاع في المنطقة يزيد من صعوبة عمليات الإنقاذ والإعادة إلى الوطن.

ولم تتمكن الوكالة من التواصل مع المجلس العسكري البورمي أو المتحدث باسم جيش كارين الوطني، وهي ميليشيا تسيطر على المنطقة المحيطة بهبا لو، بالقرب من مياوادي.

وتشير كمبوديا من جانبها إلى أنها ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المحتالين، لكنها تحض أيضاً إندونيسيا والدول الأخرى على إطلاق حملات توعية بشأن هذه المخاطر.

وتقول تشو بون إنغ، نائبة رئيس اللجنة الوطنية الكمبودية للتنمية، في حديث إلى الوكالة: «لا تنتظروا حتى وقوع مشكلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك. هذا ليس بحلّ على الإطلاق».

وتضيف: «لن نسمح بانتشار مواقع الجرائم الإلكترونية هذه»، عادّة أن التعاون الدولي ضروري لوقف هذه المجموعات، لأنّ «المجرمين ليسوا جاهلين: ينتقلون من مكان إلى آخر بعد ارتكاب أنشطتهم الإجرامية».

«جحيم»

تقول هانيندا كريستي، العضو في منظمة «بيراندا ميغران» غير الحكومية التي تتلقى باستمرار اتصالات استغاثة من إندونيسيين عالقين في فخ هذه الشبكات: «الأمر أشبه بعبودية حديثة».

وتمكّن بودي من الفرار بعد نقله إلى موقع آخر في بلدة بويبيت الحدودية الكمبودية.

لكنه لا يزال يذكر عمليات الاحتيال التي أُجبر على ارتكابه. ويقول: «سيظل الشعور بالذنب يطاردني طوال حياتي».