فاتح أكين يتحدث في مهرجان مراكش عن عشق السينما وأسئلة الهوية والاندماج

شبه إخراج الأفلام بالذهاب إلى حرب.. يحتاج إلى الثقة والمصداقية

فاتح أكين يتحدث في مهرجان مراكش عن عشق السينما وأسئلة الهوية والاندماج
TT

فاتح أكين يتحدث في مهرجان مراكش عن عشق السينما وأسئلة الهوية والاندماج

فاتح أكين يتحدث في مهرجان مراكش عن عشق السينما وأسئلة الهوية والاندماج

يُعتبر المخرج وكاتب السيناريو والمنتج الألماني من أصول تركية، فاتح أكين، الذي دشن «دروس السينما»، في رابع أيام المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، في دورته الخامسة عشرة، من الأسماء القوية في السينما الألمانية، هو الذي انتقل من مهاجر صغير ليصبح، بحسب النقاد، «الطفل المعجزة للسينما الألمانية المعاصرة»، مجسدًا التعدد الثقافي الناجح، بعد أن «قفز على الحدود وترك في غرفة الملابس مسألة الهوية، من دون أن يتأثر بأعراض متلازمة (لا من هنا ولا من هناك)، بعد أن اختار الاثنين بقوة: (هنا وهناك)».
في قاعة السفراء، بقصر المؤتمرات بمراكش، تحدث أكين، خلال الدرس الذي نظمه جان بيير لوفونيا، الصحافي والكاتب السينمائي الفرنسي، عن السينما بعشق طفولي متجدد: «أعشق حين تطفأ الأضواء، فينعكس نور السينما على الشاشة الفضية». كما تحدث، بتقدير لافت، عن كبار المخرجين، وعلى رأسهم مارتن سكورسيزي وفرنسيس فورد كوبولا، خصوصا حين يتعلق الأمر بالأفلام التي تتناول حياة الأميركيين من أصول إيطالية في الولايات المتحدة، حيث قال: «حين شاهدت فيلم (العراب) وجدت أنه على علاقة بما أنا عليه، أنا الألماني ذو الأصول التركية، مع فرق أن كوبولا قارب حياة الأميركيين من أصول إيطالية في الولايات المتحدة».
تحدث أكين عن تركيا ثمانينات القرن وتيار المخرجين الأتراك الذين سعوا إلى تغيير الوضع من خلال السينما، مشيرًا إلى أن هذه السينما ساهمت، بشكل كبير، في تذكير المهاجرين الأتراك، في ألمانيا، بأصولهم. كما تحدث عن تأثره بالسينما الألمانية، التي سيتعرف عليها، شيئًا فشيئًا. كما بسط رأيه في قضية اندماج المهاجرين داخل المجتمع الألماني، من وجهة نظره كرجل سينما ألماني من أصول تركية، فقال: «كل أفلامي شخصية جدا. فيها أشياء عشتها، شخصيًا، كما أن فيها أشياء لم أجدها في أفلام أخرى. أن تكون مهاجرًا يعني أن تكون لك القدرة على أن تشاهد عائلتك وتتعرف على ما يجري في الشارع وما تكتبه الصحافة، مثلا. وقد استفدت من تلك الهوة بين الثقافتين، ساعيًا إلى التقريب بينهما نحو ثقافة واحدة، أنا الذي غادرت إسطنبول وأنا رضيع، واكتشفت تركيا بعد أن أنهيت دراستي في ألمانيا».
كما تحدث عن إدارته للممثلين وطريقة تعاطيه مع الإخراج، فقال: «أنتظر من الممثلين، الذين أشتغل معهم، الثقة والمصداقية. علي أن أحب الممثلين وأن يبادلوني الحب. أرى أن إخراج فيلم هو أشبه بالذهاب إلى حرب، لذلك أكون في حاجة إلى ثقة الممثلين، بشكل يؤكد مصداقية تدفعهم إلى تقديم أقصى قدراتهم ومواهبهم وجهدهم».
تحدث أكين عن قيمة الموسيقى التصويرية في أفلامه، فقال إن «السينما كل متعدد الأبعاد، والموسيقى أحد أهم هذه الأبعاد»، كما تحدث عن أفلامه الوثائقية، خصوصًا «نسينا أن نعود» (2001) و«عبور الجسر صوت إسطنبول» (2005)، و«عدن الملوثة» (2012)، وعلاقتها، في واقعيتها، بمتخيل السينما.
غير أن النقاش سيأخذ طابعًا خاصًا عند طرح القضية التي تناولها في فيلم «القطع»، الذي تدور أحداثه حول مذابح الدولة العثمانية ضد الأرمن، حيث قال إن ما دفعه لمقاربة القضية سينمائيا، له أكثر من مستوى: «إبادة الأرمن هي إرث تركي لم يكن متاحًا الحديث عنه في وقت سابق، مما يعني أن الفكرة الأساسية لإخراج الفيلم مرتبطة بحرية التعبير. فكرة أخرى تقف وراء إخراج الفيلم، تتمثل في ثقافة الاعتراف والمصالحة، حتى لا تتكرر المآسي».
وعن مشاعره بعد خروج الفيلم وطريقة تعامل النقاد والمعنيين بالقضية، خصوصًا الأتراك والأرمينيين، قال أكين: «هذا فيلم صورته بقلبي. هو فيلم صورته لجمهور متعدد، خصوصًا التركي والأرميني، على أمل أن يتقاسم الجانبان قيم حرية التعبير والاعتراف والمصالحة. وقد تعرضت للنقد من الجانبين، كما أني لم أكن مرتاحًا للأجواء التي مر فيها نقاش عدد من الفاعلين الأتراك. عليهم أن يعرفوا أنك حين تحب أحدا فعلا، فإنه يكون عليك أن تنتقده بصدق، كلما دعت الضرورة إلى ذلك».
وعن استفادته فنيا، وحدود مسؤوليته، كألماني من أصول تركية، عن عدد من المآسي الإنسانية، التي وقعت في الماضي، خصوصا إبادة الأرمن والهولوكوست، قال أكين: «الهولوكوست تدرس في ألمانيا. هي درس من التاريخ وللتاريخ. وقد استفدت من ذلك على مستوى قياس فظاعة الحرب وصولا إلى نقل هذا الدرس إلى المجتمع التركي، من خلال نشر قيم حرية التعبير وروح المصالحة وأعمال ثقافة الاعتراف بالأخطاء التاريخية، من خلال فيلم (القطع)، الذي تناول نقطة سوداء من التاريخ التركي. مع التقدم في العمر والخوض في التجربة السينمائية، ومن موقع مسؤوليتي كفنان، صرت أشعر بأني مسؤول عن كل النقط السوداء التي لطخت تاريخ الإنسانية، باختصار صرت أعتبر نفسي مسؤولا عن فظاعة أن يقتل إنسان إنسانا آخر».
ولد أكين سنة 1973، وترعرع في الضاحية العمالية والشعبية لمدينة هامبورغ: الأب، الذي كان صيادا في طرابزون على البحر الأسود، كان أول من وصل إلى ألمانيا سنة 1966. كان عمره 22 سنة، ووجد عملا في مصنع للصابون. كان يعتقد أنه سيمكث هناك عامين للحصول على ما يكفي لشراء قارب في تركيا. في سن السابعة، كان حلم أكين أن يصبح ممثلا، من طينة بروس لي، «للمحاربة مثله وتمثيل أفلام مثله». بعد تخرجه في مدرسة للفن بهامبورغ، سيرسم أكين طريقه بسرعة: سيناريوهات، وأفلام قصيرة، كما عمل نادلا وديدجي، بل تصعلك ومارس الملاكمة وفنون الدفاع عن النفس، كما اشتغل منشطا بمنصات التصوير.
وجاءت نقطة التحول الأساسية في مسيرة أكين السينمائية مع فيلم «وجهًا لوجه»، الذي حصل على «الدب الذهبي» في مهرجان برلين عام 2004، قبل أن تتوالى أفلامه، خصوصا «قرب السماء على الجانب الآخر»، الذي حصل على جائزة أفضل سيناريو بمهرجان «كان»، عام 2007، وفيلم «روح المطبخ»، الذي حصل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة بالبندقية، عام 2009، ثم «القطع» (2014)، الذي تناول قضية التطهير العرقي ضد الأرمن، وهو موضوع يعد من أكبر التابوهات في بلده الأصلي، تركيا.
وتتطرق أفلام أكين للواقع متعدد الثقافات للمجتمعات المعاصرة بعيدًا عن المقاربات المغلقة من ناحية الهوية، بحماس يذكرنا بسينما سكورسيزي الذي يعتبره مثالا وقدوة.
يشار إلى أنه، فضلا عن أكين، يستضيف مهرجان مراكش، الذي يتواصل إلى 12 ديسمبر الحالي، مخرجين آخرين مشهودًا لهما بالتجربة والقيمة الفنية في عالم السينما: المخرج الإيراني عباس كيارستامي، والمخرج وكاتب السيناريو والمنتج الكوري الجنوبي بارك تشان ووك.
وتحول مهرجان مراكش، مع فقرة «دروس السينما»، برأي عدد من المتتبعين، إلى أكثر من مجرد إطار للمنافسة والتنشيط السينمائي، عبر سعي متواصل إلى تكريس تقليد النقاش والتبادل الخلاق للأفكار بين المتخصصين وطلاب وعشاق السينما، من جهة، وأسماء وازنة في عالم الفكر والفن السينمائي، من جهة ثانية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».