إردوغان يتهم غولن بالتنصت على اتصالاته مع زعماء العالم

المحكمة الدستورية التركية تؤيد طلب قائد سابق للجيش الافراج عنه

رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان مخاطبا مناصريه قبيل الانتخابات أمس (رويترز)
رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان مخاطبا مناصريه قبيل الانتخابات أمس (رويترز)
TT

إردوغان يتهم غولن بالتنصت على اتصالاته مع زعماء العالم

رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان مخاطبا مناصريه قبيل الانتخابات أمس (رويترز)
رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان مخاطبا مناصريه قبيل الانتخابات أمس (رويترز)

قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان الذي يتصدى لفضيحة تسجيلات صوتية مسربة بأن محادثاته الحساسة مع زعماء عالميين تتعرض للتنصت في إطار حملة لأعدائه السياسيين لإضعاف الثقة فيه.
ويخوض إردوغان صراعا على السلطة مع رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن ويتهمه بتدبير سلسلة من التسجيلات الصوتية «المختلقة» يزعم من يبثونها على الإنترنت أنها تكشف عن الفساد في الدائرة المحيطة برئيس الوزراء.
وظهرت أربعة تسجيلات أخرى في موقع يوتيوب في اليومين الأخيرين في إطار ما يعده إردوغان حملة لتشويه حزب العدالة والتنمية الحاكم قبل الانتخابات المحلية التي تجرى في 30 مارس (آذار) وانتخابات الرئاسة المقررة في وقت لاحق هذا العام.
وقال إردوغان في اجتماع مع ممثلي الإعلام التركي أول من أمس «اتصالاتنا الهاتفية مع رؤساء الوزراء والرؤساء تتعرض للتنصت». وأضاف: «تحدثت مع (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين الليلة (قبل) الماضية. لا يهتم أحد بمعرفة فحوى مثل هذا الاتصال إلا وكالات المخابرات الدولية. أما هنا في تركيا فيمكن لأي مدع أن يعد لائحة اتهام تعسفية ويتنصت على مثل هذه المحادثة» حسبما نقلت رويترز.
ويقول مسؤولو الحكومة بأن شبكة خدمة التي يتزعمها غولن كونت على مدى عقود نفوذا في الشرطة والقضاء وكانت تتنصت بطريقة غير مشروعة على آلاف الهواتف في تركيا لسنوات لاختلاق قضايا جنائية ضد أعدائها ومحاولة التأثير على شؤون الحكم. وينفي غولن الاتهام.
وأشار إردوغان إلى أنه يتوقع مزيدا من التسريبات ويحتمل أن يزيد الطابع الشخصي للاتصالات المسربة. وقال: «أريد أن أشدد على أن الأمر لا يقتصر على التنصت بل هناك أيضا صور تلتقط»، مشيرا إلى أن «التقاط صور أو تسجيلات مصورة لعلاقات أسرية أو علاقات خارج نطاق الأسرة ينتهك قواعد الخصوصية. وإذا كانت هذه الصور تعطيكم الحق في نشر هذه المواد في مواقع التواصل الاجتماعي فأنا آسف لا أقبل مثل هذا الإنترنت».
وفي تسجيل صوتي بث مساء أول من أمس يزعم أن إردوغان يحث وزير العدل على تسريع دعوى قضائية مقامة على أيدين دوجان وهو رئيس شركة عائلية عملاقة تعمل في مجالات متعددة ويعد من أفراد النخبة العلمانية التي يسود علاقتها مع حكومة إردوغان ذات الأصول الإسلامية التوتر في كثير من الأحيان.
وقالت مجموعة دوجان في بيان نشرته صحيفة «حرييت» التي تصدرها أن الحديث الهاتفي إن كان صحيحا فهو يمثل «تدخلا واضحا في العملية القضائية ينطوي على خطر زعزعة الثقة في حكم القانون في تركيا». ودافع إردوغان عن هذه المحادثة. وقال: «ما من شيء طبيعي أكثر من أن أقول لوزير عدلي أن يتابع قضية عن كثب. مجلس أسواق المال قدم لي معلومات خطيرة... وهذا يتطلب مني أن أصدر تعليمات بالمتابعة الوثيقة للقضية».
من جهة ثانية حكمت المحكمة الدستورية في تركيا أمس بتأييد طلب قدمه قائد الجيش السابق ايلكر باسبوج ضد احتجازه بعد حكم بالمؤبد بتهمة التآمر ضد الحكومة وقالت: إن حقه في الحرية انتهك.
ومهد الحكم الطريق أمام إمكانية صدور حكم من محكمة أصغر بإطلاق سراحه وقد يصبح حكم اليوم سابقة لأكثر من 200 متهم آخرين في قضية المؤامرة ضد حكومة رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان والتي تعرف باسم قضية «ارجينيكون».
وباسبوج محتجز في سجن سيليفري قرب إسطنبول منذ 26 شهرا فيما يتعلق بالقضية التي ساعدت في الحد من نفوذ الجيش التركي.
وقالت المحكمة الدستورية بأن عدم نشر المحكمة الأصغر لحكمها بالتفصيل في القضية وإحالته إلى محكمة الاستئناف يمثل انتهاكا لبند دستوري يتعلق بالحرية الشخصية.
وقالت المحكمة الدستورية «تقرر.. أن يرسل للمحكمة (الأصغر) طلبا لفعل ما هو ضروري في الحكم بشأن التماس مقدم الطلب إطلاق سراحه».
وكان الحكم في القضية التي استمرت خمس سنوات قد صدر في أغسطس (آب) نقطة فارقة في صراع قديم بين حزب العدالة والتنمية بقيادة إردوغان والمؤسسة العلمانية في تركيا.



إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
TT

إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)

كان بودي، وهو بائع فاكهة إندونيسي، يبحث عن مستقبل أفضل عندما استجاب لعرض عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في كمبوديا، لكنّه وجد نفسه في النهاية أسير شبكة إجرامية تقوم بعمليات احتيال رابحة عبر الإنترنت.

يقول الشاب البالغ 26 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم ذكر كنيته: «عندما وصلت إلى كمبوديا، طُلب مني أن أقرأ سيناريو، لكن في الواقع كنت أعد لعمليات احتيال».

داخل مبنى محاط بأسلاك شائكة وتحت مراقبة حراس مسلّحين، كانت أيام بودي طويلة جداً، إذ كان يقضي 14 ساعة متواصلة خلف شاشة، تتخللها تهديدات وأرق ليلي.

وبعد ستة أسابيع، لم يحصل سوى على 390 دولاراً، بينما كان وُعد براتب يبلغ 800 دولار.

وفي السنوات الأخيرة، اجتذب آلاف الإندونيسيين بعروض عمل مغرية في بلدان مختلفة بجنوب شرقي آسيا، ليقعوا في نهاية المطاف في فخ شبكات متخصصة في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت.

أُنقذ عدد كبير منهم وأُعيدوا إلى وطنهم، لكنّ العشرات لا يزالون يعانون في مصانع الاحتيال السيبراني، ويُجبرون على البحث في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عن ضحايا.

تروي ناندا، وهي عاملة في كشك للأطعمة، كيف سافر زوجها إلى تايلاند في منتصف عام 2022 بعد إفلاس صاحب عمله، وانتهز فرصة كسب 20 مليون روبية (1255 دولاراً) شهرياً في وظيفة بمجال تكنولوجيا المعلومات نصحه بها أحد الأصدقاء.

لكن عندما وصل إلى بانكوك، اصطحبه ماليزي عبر الحدود إلى بورما المجاورة، مع خمسة آخرين، باتجاه بلدة هبا لو، حيث أُجبر على العمل أكثر من 15 ساعة يومياً، تحت التهديد بالضرب إذا نام على لوحة المفاتيح.

وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً: «لقد تعرض للصعق بالكهرباء والضرب، لكنه لم يخبرني بالتفاصيل، حتى لا أفكر بالأمر كثيراً».

ثم تم «بيع» زوجها ونقله إلى موقع آخر، لكنه تمكن من نقل بعض المعلومات بشأن ظروفه إلى زوجته، خلال الدقائق المعدودة التي يُسمح له فيها باستخدام جواله، فيما يصادره منه مشغلوه طوال الوقت المتبقي.

غالباً ما تكون عمليات التواصل النادرة، وأحياناً بكلمات مشفرة، الأدلة الوحيدة التي تساعد مجموعات الناشطين والسلطات على تحديد المواقع قبل إطلاق عمليات الإنقاذ.

«أمر غير إنساني على الإطلاق»

بين عام 2020 وسبتمبر (أيلول) 2024 أعادت جاكرتا أكثر من 4700 إندونيسي أُجبروا على إجراء عمليات احتيال عبر الإنترنت من ثماني دول، بينها كمبوديا وبورما ولاوس وفيتنام، بحسب بيانات وزارة الخارجية.

لكن أكثر من 90 إندونيسياً ما زالوا أسرى لدى هذه الشبكات في منطقة مياوادي في بورما، على ما يقول مدير حماية المواطنين في وزارة الخارجية جودها نوغراها، مشيراً إلى أنّ هذا العدد قد يكون أعلى.

وتؤكد إندونيسية لا يزال زوجها عالقاً في بورما أنها توسلت إلى السلطات للمساعدة، لكنّ النتيجة لم تكن فعّالة.

وتقول المرأة البالغة 40 عاماً، التي طلبت إبقاء هويتها طي الكتمان: «إنه أمر غير إنساني على الإطلاق... العمل لمدة 16 إلى 20 ساعة يومياً من دون أجر... والخضوع بشكل متواصل للترهيب والعقوبات».

ويقول جودا: «ثمة ظروف عدة... من شأنها التأثير على سرعة معالجة الملفات»، مشيراً خصوصاً إلى شبكات مياوادي في بورما، حيث يدور نزاع في المنطقة يزيد من صعوبة عمليات الإنقاذ والإعادة إلى الوطن.

ولم تتمكن الوكالة من التواصل مع المجلس العسكري البورمي أو المتحدث باسم جيش كارين الوطني، وهي ميليشيا تسيطر على المنطقة المحيطة بهبا لو، بالقرب من مياوادي.

وتشير كمبوديا من جانبها إلى أنها ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المحتالين، لكنها تحض أيضاً إندونيسيا والدول الأخرى على إطلاق حملات توعية بشأن هذه المخاطر.

وتقول تشو بون إنغ، نائبة رئيس اللجنة الوطنية الكمبودية للتنمية، في حديث إلى الوكالة: «لا تنتظروا حتى وقوع مشكلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك. هذا ليس بحلّ على الإطلاق».

وتضيف: «لن نسمح بانتشار مواقع الجرائم الإلكترونية هذه»، عادّة أن التعاون الدولي ضروري لوقف هذه المجموعات، لأنّ «المجرمين ليسوا جاهلين: ينتقلون من مكان إلى آخر بعد ارتكاب أنشطتهم الإجرامية».

«جحيم»

تقول هانيندا كريستي، العضو في منظمة «بيراندا ميغران» غير الحكومية التي تتلقى باستمرار اتصالات استغاثة من إندونيسيين عالقين في فخ هذه الشبكات: «الأمر أشبه بعبودية حديثة».

وتمكّن بودي من الفرار بعد نقله إلى موقع آخر في بلدة بويبيت الحدودية الكمبودية.

لكنه لا يزال يذكر عمليات الاحتيال التي أُجبر على ارتكابه. ويقول: «سيظل الشعور بالذنب يطاردني طوال حياتي».