مساعٍ أردنية لإحياء «البحر الميت» باستثمارات عقارية جديدة

الحالية تتجاوز 1.5 مليار دولار.. ومفاوضات لمشروعات كبرى

فندق ومنتجع كراون بلازا البحر الميت في الأردن
فندق ومنتجع كراون بلازا البحر الميت في الأردن
TT

مساعٍ أردنية لإحياء «البحر الميت» باستثمارات عقارية جديدة

فندق ومنتجع كراون بلازا البحر الميت في الأردن
فندق ومنتجع كراون بلازا البحر الميت في الأردن

تسعى الحكومة الأردنية إلى جذب استثمارات لمنطقة البحر الميت المميزة في خصائصها الجغرافية، كأكثر بقعة في العالم انخفاضا، إلى جانب قربها من العاصمة عمان وسهولة الوصول إليها.
وعلى الرغم من الاستثمارات الموجودة حاليا من خلال وجود نحو عشرة فنادق، فإن الإقبال على المنطقة سياحيا شجع الحكومة لتسويق المنطقة استثماريا، حيث نجحت الحكومة في جذب استثمارات جديدة بنحو أكثر من ملياري دولار لإقامة مجمعات سياحية وفنادق من كل الفئات.
واستقبل رئيس الحكومة الأردنية عبد الله النسور أخيرا في مكتبه المستثمر القطري محمد سلطان الجابر، حيث استمع إلى إيجاز حول الاستثمار الذي يعتزم الجابر إقامته في منطقة البحر الميت لإقامة مركز علاجي وإعادة التأهيل وفندق من فئة خمس نجوم، وآخر من فئة أربع نجوم، وشقق فندقية، وذلك بحجم استثمار يتراوح ما بين 120 إلى 150 مليون دولار.
وأكد الجابر أن اختياره لمنطقة البحر الميت لإقامة هذا المشروع الاستثماري جاء نتيجة لما تتمتع به المنطقة من عناصر جمال جاذبة للسياحة واحتوائها على ميزات كبيرة في مجال الاستشفاء تعززها عوامل الأمن والاستقرار الذي تنعم به الأردن.
من جانبه، وصف رئيس هيئة الاستثمار في الأردن منتصر العقلة، الاستثمار القطري بـ«الفريد والمميز من نوعه»، حيث «يعتمد فكرة جديدة في الفندقة، وهي العلاج الفيزيائي، مضافًا إليه الأملاح المتوافرة في منطقة البحر الميت».
وقال العقلة إن الاستثمار القطري سيوفر نحو مائتي فرصة عمل للأردنيين، وإن هذا الاستثمار سيكون بداية لاستثمارات مجموعة الجابر في الأردن. كما أوضح أن حكومة بلاده «تنظر إلى الاستثمارات القادمة من دول مجلس التعاون الخليجي كأولوية وخيار استراتيجي للاقتصاد الأردني، ولهذا السبب استطاع الأردن استقطاب كثير من المشاريع الاستثمارية الخليجية إلى الأردن، وبخاصة من السعودية وقطر والكويت والإمارات»، مشيرًا إلى أن هيئة الاستثمار تضع باستمرار الاستثمارات الخليجية ضمن خططها للترويج للاستثمار في المملكة الأردنية كمكان آمن وجاذب للاستثمارات.
وشدد العقلة على أن جودة المناخ الاستثماري والبيئة الاستثمارية في الأردن تعتبران من أهم عوامل جذب الاستثمار، الأمر الذي جعل من الأردن بيئة حاضنة وجاذبة ومحفزة للاستثمار.
وكشف العقلة أن حجم الاستثمارات المقامة حاليا في منطقة البحر الميت تتجاوز 1.5 مليار دولار، مشيرا إلى أنه يتم التفاوض مع مستثمرين لإقامة عدة مشاريع، أحدها بحجم استثمار تصل قيمتها 5 مليارات دولار. وقال: «نعول كثيرا على هذه المنطقة لما تتميز به من خصائص فريدة، ونحن متفائلون جدا بمستقبلها ونتوقع مزيدا من الاستثمارات لإحداث تكامل اقتصادي حقيقي بما يسهم في إطالة إقامة السياح فيها».
ولفت إلى أن الصعوبات التي يواجهها قطاع السياحة نتيجة الأحداث الحالية في المنطقة هي حالة مؤقتة وليست دائمة، مبينا أن استقرار وأمن الأردن خلال الفترات العصيبة التي يمر بها الإقليم واتخاذ الحكومة قرارات جريئة لدعم القطاع السياحي جعل الأردن نقطة جذب للسياحة والاستثمار في آن واحد.
من جانبه، أشار رئيس مجلس إدارة شركة تطوير المناطق التنموية حمد الكساسبة إلى أن ما تتمتع به منطقة البحر الميت من مقومات سياحية واستثمارية مكنته من الوصول إلى مرتبة متقدمة على مستوى العالم، مضيفا أن تكريم البحر الميت كوجهة عالمية للأعمال يعتبر إضافة عالمية لأهمية المنطقة ومكانتها، ونجاح نموذج المناطق التنموية في إحداث نقلة نوعية في مسيرة التنمية المستدامة.
ولفت الكساسبة إلى أن شركة تطوير المناطق التنموية تسعى جاهدة إلى تحويل التحديات التي تواجهها منطقة البحر الميت إلى فرص تنموية واعدة من خلال استقطاب السياحة النوعية. وأوضح أن حجم الاستثمارات الإجمالية في منطقة البحر الميت سيصل إلى 1.5 مليار دولار، مقارنة مع 700 مليون دولار قبل ذلك، إذ سيتم توفير 7600 غرفة فندقية في العام 2020 مقابل 2296 حاليا، مبينا أن هذه الاستثمارات ستوفر قرابة 10 آلاف فرصة عمل مقارنة مع 3320 فرصة عمل حاليا.
من جانبه، قال رئيس جمعية المستشفيات الخاصة في الأردن فوزي الحموري إن «الاستثمار في مجال المنتجعات الصحية والمستشفيات في منطقة البحر الميت يتمتع بمزايا كثيرة من خلال الدمج بين جودة الخدمات الطبية المقدمة في الأردن والاستفادة من طبيعة البحر الميت الاستشفائية، خاصة وأن المنطقة تتمتع بمزايا كثيرة تفيد المرضى كمرضى الجهاز التنفسي والأمراض الجلدية».
وأوضح أن الأردن يعتبر الأول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كمقصد للسياحة العلاجية، مبينا «إننا ندرس حاليا إنشاء مستشفى ومنتجع صحي، وهو أول مشروع من هذا النوع في المنطقة بكلفة تصل إلى 570 مليون دولار، إضافة لفتح أسواق جديدة وجذب مستثمرين لإقامة منتجعات صحية في المنطقة».
على الصعيد ذاته، قال تقرير مجموعة «تنميات الاستثمارية» إن الأردن شهد في السنوات القليلة الماضية نهضة في قطاعي العقار والسياحة، حيث تم إطلاق كثير من المشاريع السياحية والعقارية باستثمارات أردنية وخليجية وعربية وغيرها تركزت في العاصمة عمان ومدينة العقبة ومنطقة البحر الميت بشكل عام، وتنوعت تلك الاستثمارات ما بين مشاريع سكنية متنوعة تستهدف شرائح مختلفة ومنشآت سياحية وفندقية.
واستعرض التقرير أهمية منطقة البحر الميت، والتي باتت مقصدًا لكثير من المشاريع العقارية والاستثمارية والسياحية مؤخرًا، لما يتمتع به البحر الميت من عوامل جغرافية وطبيعية وعلاجية متميزة. حيث يتميز البحر الميت بكونه أكثر بقعة جغرافية انخفاضًا على مستوى العالم ويصل إلى أكثر من 410 أمتار دون مستوى سطح البحر.
وبين التقرير أن عناصر الجذب الرئيسية للبحر الميت تكمن في مياه البحر نفسه والتي تعتبر أكثر ملوحة من مياه البحر العادية بأربع مرات، وهي غنية بأملاح كلوريد المغنيسيوم والصوديوم والبوتاسيوم والبرومين وكثير غيرها. وتعزى كثير من الاستثمارات لإنشاء مرافق ومنتجعات علاجية إلى التركيب الكيميائي لمياهه، وأشعة الشمس المصفاة والهواء المشبع بالأكسجين، علاوة على الطين الأسود المشبع بالمعادن على ضفاف البحر وينابيع الماء العذبة والمياه الحارة المعدنية المتدفقة من مناطق قريبة.
وأوضح التقرير أن الأردن يعول على الاستثمارات السياحية والفندقية التي تدفقت على شواطئ البحر في دفعها لجهود الأردن في تنشيط السياحة، وخصوصًا سياحة الاستجمام والسياحة العلاجية. وبين أن اكتمال المشاريع قيد الإنشاء والتطوير التي ستخلق بيئة سياحية متكاملة، سيعزز من الدخل السياحي للأردن، وستصبح مساهمة السياحة من أهم المكونات للناتج المحلي الإجمالي في الأردن، مما يعوض عن شح الموارد الطبيعية كالنفط وغيره، حيث يتوقع التقرير أن يتضاعف الدخل السياحي مقارنة بمستواه الحالي والذي يبلغ أكثر من ملياري دولار.
واستعرض التقرير بعضًا من المشاريع السياحية والفندقية والسكنية قيد الإنشاء والتطوير، حيث أعلنت شركة «سما الأردن» أخيرا إطلاقها مشروع منتجع واحات النخيل في البحر الميت بتكلفة تتجاوز 70 مليون دولار على مساحة نصف مليون متر مربع.
ويضم المنتجع نحو 95 فيلا سكنية بنماذج ومساحات متنوعة، ومن المتوقع أن يكتمل تنفيذ المشروع في النصف الثاني من العام المقبل. إضافة إلى مشاريع فندقية تعود للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي ووزارة المياه والري الأردنية ضمن توجه حكومي لتعزيز مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي وتنويع الخيارات المتاحة أمام السياح والزوار.
وأعلن بيت التمويل الخليجي إطلاق مشروع المنتجع الملكي الصحي الجديد على ساحل البحر الميت بكلفة تبلغ مائتي مليون دولار. وسيقام هذا المنتجع على شواطئ البحر الميت ويمتد على مساحة 125 ألف متر مربع.
وسيضم المشروع، الذي يستغرق تنفيذه سنتين، كثيرا من المرافق، منها فندق يضم 300 غرفة. كما سيحتوي المنتجع الملكي الصحي مركزًا متخصصًا للعلاج الطبيعي مزودا بأحدث التجهيزات والمعدات، إضافة إلى مرافق سكنية تتكون من مائة فيلا.
كما كشفت شركة «سرايا القابضة» عن أنها ستطلق مشروع سرايا البحر الميت بتكلفة 500 مليون دولار، ويتكون المشروع من فنادق ووحدات سكنية ومحلات تجارية، بالإضافة إلى ملعب للغولف ونادٍ لسباق الخيل.
وفي السياق ذاته، كشفت شركة «الاتحاد لتطوير الأراضي» عن مشروع في منطقة زارة في البحر الميت لإقامة 41 شاليهًا بمساحة 130 دونمًا، بتكلفة إجمالية للمشروع تصل إلى 11.2 مليون دولار.
كما أن البحر الميت قد يكون موقع مشروع شركة الأرض الدولية للاستثمار والتطوير العقاري الأردنية السعودية، والتي أعلنت عن مشروع سياحي على طراز مدينة ديزني الترفيهية بتكلفة تصل إلى 600 مليون دولار. وسيشمل المشروع فنادق ومدينة مائية، إضافة إلى مرافق أخرى.
كما تنفذ شركة أجيال الأردن للاستثمارات العقارية والسياحية مشروعًا في البحر الميت يتضمن إقامة فندق وشاليهات ومنتجع صحي بتكلفة استثمارية تقدر بنحو مائة مليون دولار. وكذلك تقوم مجموعة «عامر غروب» المصرية بتنفيذ مشروع «بورتو البحر الميت» وهو من المشاريع الاستثمارية الكبرى في البحر الميت، ويصل حجم استثماراته إلى 250 مليون دولار.
ويقام المشروع على قطعة أرض مساحتها ألف دونم، ويتكون من 250 ألف متر من المباني تشمل فندقا يحتوي على 150 غرفة فندقية، ومركزا تجاريا بمساحة 18 ألف متر مربع ومركز مؤتمرات، بالإضافة إلى 3 دور سينما، ومصحة عالمية، وحمامات سباحة، وملاعب رياضية مختلفة، و1500 شقة وفيلا فندقية تضم 3000 غرفة فندقية إضافية، و10 مطاعم وكافيهات، إضافة إلى ناد بحري على الشاطئ.
ويشار إلى أن المخطط الشمولي لمنطقة البحر الميت التنموية النهائي أخذ بعين الاعتبار جميع المخططات التي تم وضعها لمنطقة البحر الميت في السابق وقام بالبناء عليها، حيث سيعمل على تغيير الواقع الحالي للمنطقة ويعالج جميع احتياجاتها بشكل كامل، سواء الاستثمارية منها أو ببناء البنية التحتية.
والمخطط الشمولي لمنطقة البحر الميت، والواقعة على أرض مساحتها 40 كيلومترا مربعا قسمت المنطقة إلى 12 نطاقا، سيتم التركيز في أولوية الأعمال على منطقتين هما المؤتمرات التي تضم قصر المؤتمرات والفنادق الحالية، ومنطقة الكورنيش.



هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»