«داعش» يستعد للانسحاب من جنوب دمشق ومخيم اليرموك بتسوية مع النظام

أحمد مجدلاني قال لـ {الشرق الأوسط} إن القوات الفلسطينية لن تتسلم المخيم فورًا

«داعش» يستعد للانسحاب من جنوب دمشق ومخيم اليرموك بتسوية مع النظام
TT

«داعش» يستعد للانسحاب من جنوب دمشق ومخيم اليرموك بتسوية مع النظام

«داعش» يستعد للانسحاب من جنوب دمشق ومخيم اليرموك بتسوية مع النظام

تداولت وسائل إعلام سورية معارضة أنباء عن تسوية بين تنظيم داعش بريف دمشق الجنوبي والنظام، واستعداد التنظيم (داعش) للانسحاب من مخيم اليرموك المحاصر باتجاه الرقة شمال شرقي البلاد. وأكد مطلعون قريبون من المنطقة أن طرح الموضوع هذه المرة جدي أكثر من المرات السابقة، وأن الانسحاب قد بدأ فعلا، فجر أمس، من قبل الجرحى.
مصادر مطلعة قالت لـ«الشرق الأوسط» إن قيادات في التنظيم المتطرف تحاول منذ أكثر من سبعة أشهر الإعداد لتسوية تقضي بتأمين طريق خروج لهم من ريف دمشق الجنوبي عبر وساطة أممية، ولم تثمر المساعي عن شيء يذكر، كما لم يسبق أن تمت تسوية كهذه بين تنظيم داعش وقوات النظام.
ونقلت مواقع سورية تصريحات مسؤول «أكناف بيت المقدس» ويدعى «أبو أحمد مشير»، التي تفيد بأن عناصر تنظيم داعش يحضرون للخروج من مخيم اليرموك، وقد بدأوا ببيع حاجاتهم وتسجيل أسماء العسكريين والمدنيين الراغبين في الالتحاق بهم. مع توارد أنباء عن تضمين الاتفاق خروج التنظيم ومن بايعه من جنوب دمشق إلى الرقة بسلاحه الخفيف. ولفتت تصريحات المسؤول إلى أن الاتفاقية «جرت قبل ثلاثة أشهر، لكنها تأخرت بسبب خلافات حول تسليم السلاح الثقيل». وقال إن «العدد المتوقع مغادرته قد يصل إلى 3500 مدنيًا وعسكريًا». وسيبدأ تنفيذ الاتفاق الأسبوع المقبل بإخراج الجرحى. واتهم مسؤول «أكناف بيت المقدس» تنظيم داعش بنيته تسليم المخيم لقوات النظام، إلا أنه أكد استعداد الفصائل المسلحة لدخول المخيم فور خروج عناصر التنظيم منه.
ويوجد تنظيم داعش في جنوب العاصمة دمشق، في حيي العسالي والتضامن، ويتخذ من حي الحجر الأسود مقرا له، كما يوجد في مخيم اليرموك الفلسطيني الملاصق لحي الحجر الأسود، حيث تتمركز «جبهة النصرة» وعدة فصائل مقاتلة أخرى مثل «أكناف بيت المقدس» و«الجيش الحر».
وبينما يختلف تنظيم داعش مع «جبهة النصرة» في غالبية المناطق السورية، ينسجمان ويتوافقان في جنوب دمشق، وقد ظهر ذلك لدى اقتحام تنظيم داعش مخيم اليرموك في أبريل (نيسان) الماضي بتسهيل من «جبهة النصرة». كما تلتبس العلاقة بين تنظيم داعش وقوات النظام وتحاط بكثير من الغموض، لا سيما بعد زيارة وفد فلسطيني لدمشق منتصف العام الحالي وبذل المساعي لتحييد المخيم عن الصراع الدائر.
ونقل ناشطو «تجمع ربيع ثورة» الذي يضم ناشطين من دمشق وريفها، عن مصادر مقربة من التنظيم في معقله الرئيسي بالحجر الأسود، أن «التنظيم بدأ يوم الجمعة الماضي بالاستعداد للانسحاب وتسجيل أسماء المدنيين الراغبين بالخروج».
وذكر ناشطون أن «شرط (داعش) لمن يريد الانسحاب معه هو أن يبايع التنظيم». ومن بين الفصائل الموافقة على الانسحاب «لواء العز بن عبد السلام» الموجود في حي التضامن وتتهمه بعض الفصائل العسكرية بمبايعة التنظيم بشكل سري.
وكان تنظيم داعش قد هاجم في الشهرين الماضيين الفصائل العسكرية الموجودة في بلدة يلدا على محوري حي الزين، الفاصل بين الحجر الأسود - يلدا وشارع دعبول الواقع على أطراف بلدة يلدا من جهة حي التضامن، وأدى الهجوم إلى توسع سيطرة التنظيم على المحورين ووقوع خسائر كثيرة عند الطرفين.
وبحسب الناشطين في تلك المناطق، يأمل المدنيون أن تكون الأنباء عن انسحاب «داعش» صحيحة لما سببه وجوده من قلق ورعب ومآس للمحاصرين من المدنيين، الذين كانوا دائما وقودا لعمليات الاختطاف من قبل التنظيم بهدف المساومة والضغط على الفصائل الأخرى، والتي استدعت سلوكا مضادا مماثلا من تلك الفصائل سبيلا وحيدا لإطلاق سراح من يحتجزهم «داعش» رهائن، حتى أصبحت قضايا الاختطاف جزءا من الحياة اليومية للسكان المحاصرين في بلدات الريف الجنوبي الدمشقي، الذي تحول منذ ظهور «داعش» فيه إلى كانتونات متناحرة يتزعمها أمراء حرب وتجار أزمات، لكن المستهدف فيها السياسيون المعتدلون والمدنيون ونشطاء الإغاثة والإعلام.
يأتي ذلك في الوقت الذي أبدى فيه مسؤول فلسطيني في منظمة التحرير في لندن، قلقه لـ«الشرق الأوسط»، على مجموعة من الناشطين في مجال الإغاثة داخل المخيم بقوا لمساعدة من بقي في اليرموك ولم يتمكن من النزوح. وأضاف المسؤول: «هؤلاء الناشطون مطلوبون للنظام السوري، ونخشى على حياتهم إن تم اعتقالهم من قبل أطراف أمنية».
من جهته، قال القيادي الفلسطيني أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ومسؤول الملف السوري في السلطة الفلسطينية، إن مشكلة مخيم اليرموك لن تنتهي في حال خرج «داعش» منه كما هو متوقع الأسبوع المقبل، بسبب وجود أطراف أخرى من المعارضة ستبقى هناك، وصفها بـ«فروع (داعش)».
وقال مجدلاني لـ«الشرق الأوسط»: «هناك معلومات ومتابعات واتصالات على أعلى مستوى في هذا الشأن، لكن لا يمكن القول إن الأمر نهائي حتى يتم الانسحاب فعلا». وتابع بقوله: «خروج (داعش) من اليرموك إذا ما تم فعلا، فإنه لن ينهي أزمة المخيم الكبيرة». وقال مبعوث الرئيس الفلسطيني إلى سوريا: «يوجد في المخيم أطراف أخرى معارضة، صحيح أن (داعش) بتنظيمه السوري يمكن أن يخرج، لكنهم يبقون لنا هناك فرعهم الفلسطيني.. (أنصار السنة)».
ونفى مجدلاني صحة تقارير حول نية النظام السوري أو قوات تابعة لمنظمة التحرير تسلم المخيم بعد خروج «داعش» منه. وقال إن هذا الأمر سيكون محل نقاش في زيارته المرتقبة إلى سوريا الاثنين المقبل، مضيفا: «نحن قدمنا مبادرة حول الخروج من الأزمة بتسلم قوات المنظمة أو القوات السورية المخيم، أو القوتين معا، وسأناقش ذلك مرة ثانية الأسبوع المقبل مع المسؤولين والأطراف الأخرى».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.