قائد مقاومة تعز: الميليشيات تقاتل كي لا نتحرك لتحرير صنعاء

المخلافي لـ {الشرق الأوسط} : مشاورات «جنيف 2» مناورة جديدة من المتمردين

قائد مقاومة تعز: الميليشيات تقاتل كي لا نتحرك لتحرير صنعاء
TT

قائد مقاومة تعز: الميليشيات تقاتل كي لا نتحرك لتحرير صنعاء

قائد مقاومة تعز: الميليشيات تقاتل كي لا نتحرك لتحرير صنعاء

قالت المقاومة الشعبية في محافظة تعز إنها لا تعول كثيرا على المشاورات مع المتمردين الحوثيين في جنيف، والمقررة الأسبوع المقبل، برعاية الأمم المتحدة. وقال حمود المخلافي، قائد المقاومة في محافظة تعز، لـ«الشرق الأوسط»، إن المتمردين يمدون أيديهم الآن ويعرضون عبر الاتصالات والرسل الهدنة لوقف إطلاق النار، مؤكدا أن «هذه الخطوة بعيدة، لأن الهدنة هي لصالحهم دائما».
وخاطب المخلافي الرئيس عبد ربه منصور هادي والقيادة اليمنية الشرعية، قائلا: «لا تعولوا كثيرا على المشاورات، هذا الوقت يفترض أن يستغل لتنفيذ القرار الأممي 2216»، مشددا على أن تنفيذ هذا القرار «يفترض أن يجري والسيوف فوق رؤوسهم والطيران في الجو والبوارج تقصفهم من البحر والقوات تواجههم في البر». وأكد المخلافي أن «الحوار لا ينفع مع هؤلاء المتمردين»، وأن سعي الحوثيين والمخلوع صالح لهدنة وقف إطلاق النار «هو من أجل كسب الوقت فقط، ولن ينفذوا شيئا من التزاماتهم».
ويحتدم القتال في محافظة تعز، بين القوات المشتركة، المكونة من قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وقوات التحالف، من جهة، والميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، من جهة أخرى. ويدور القتال في عدد من الجبهات، وتختلف جبهة القتال في تعز عن غيرها من الجبهات، نظرا لعوامل كثيرة، أبرزها «الاستهداف الشخصي» من المخلوع صالح للمحافظة، كما تطرح الكثير من الأوساط، إضافة إلى العوامل الجغرافية والتاريخية.
وقال المخلافي لـ«الشرق الأوسط» إن «معظم قوات الحرس الجمهوري وغيرها التي كانت ترابط في الجنوب ومناطق أخرى، وجزءا كبيرا جدا من ترسانة اليمن العسكرية، التي تحت سيطرتهم، قام المخلوع علي صالح بنقلها إلى محافظة تعز لإطباق الحصار على المدينة، إضافة إلى القوات الموجودة في المحافظة.. وهذا عوضا عن ميليشيات المعتوه عبد الملك الحوثي»، مشيرا إلى أن التعزيزات إلى تعز تزايدت بعد وصول قوات الجيش الوطني والتحالف للمشاركة في تحريرها، وبعد وصول الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى عدن للإشراف على العملية العسكرية الجارية في تعز.
وأشار المخلافي إلى أن القوات العسكرية الموالية للمخلوع باتت مهولة «لأنهم أرادوا أن نقاتل ونقتل هنا، بدلا من الذهاب إلى صنعاء وعمران وصعدة وغيرها لتحريرها، وبدلا من أن يتخندقوا هناك، أرادوا المعركة الرئيسية أن تكون في تعز». كما أشار إلى أنه ورغم هذه القوات الكبيرة «لم يتمكنوا من اقتحام مدينة تعز. وتدفع القوات المهاجمة بتعزيزاتها من مواقعها إلى الجبهات بكميات كبيرة من الآليات وأعداد كبيرة من المقاتلين، رغم أننا في المقاومة وكذا طيران التحالف، ندمر ونقتل الكثير منهم».
وعلى الرغم من هذه الحرب التي تجري في محافظة تعز، فإن المخلافي، قائد المقاومة الشعبية، يؤكد أن تعز ليست محتلة من قبل الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع، وإنما محاصرة من كل الاتجاهات، كما يؤكد أن معظم قوات «الجيش العائلي» توجد في تعز، وأنها تضيق الخناق على المدينة فقط من خلال الحصار. وكشف المخلافي أن المخلوع صالح قام بزيارة إلى محافظة إب المجاورة، مؤخرا، والتي تشكل مع تعز «إقليم الجند»، وأنه أشرف بشكل مباشر على سير العمليات العسكرية الجارية في تعز، وإلى جانبه القائد الميداني لميليشيات الحوثيين، أبو علي الحاكم. وذكر المخلافي أن التعزيزات متواصلة من صنعاء إلى تعز، بشكل يومي، وأن وحدات الرصد الخاصة بالمقاومة ترصد ما بين 70 إلى 80 طقما وآلية عسكرية، تصل إلى تعز من صنعاء، محملة بالأسلحة والمقاتلين.
وتحدث المخلافي عن حرب شوارع تجري في تعز «من شارع إلى شارع ومن بيت إلى بيت ومن طاقة إلى طاقة»، وعن أن طيران التحالف يلعب دورا كبيرا في تدمير آليات القوات المهاجمة. ووصف المعارك الدائرة في تعز بأنها «حرب استنزاف» للميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح، وأرجع بطء تقدم قوات الجيش الوطني والمقاومة وقوات التحالف في الجهة الجنوبية، وتحديدا المناطق الواقعة بين محافظتي تعز ولحج، إلى الحشود الكبيرة من عناصر الميليشيات وإلى الألغام التي زرعت في تلك المناطق.
وفي إشارة إلى أن الحرب ربما تطول في تعز، قال حمود المخلافي إنه «ما دام الحصار مستمرا لمنع حصول المتمردين على أسلحة من خارج اليمن، فإننا سنظل نقاتلهم، وسوف يأتي اليوم الذي تنتهي فيه أسلحتهم وذخائرهم».
وتبسط الميليشيات وقوات المخلوع سيطرتها على كل المداخل والمخارج المؤدية إلى عاصمة المحافظة، ومنها مدخل تعز - إب وصنعاء، وتعز - عدن، إضافة إلى المدخل الرئيسي الثاني تعز - الحديدة، وبقية المداخل الفرعية، وقد تسبب هذا الحصار الخانق في وضع إنساني مأساوي في تعز. وتتوغل الميليشيات إلى داخل المدينة عبر المناطق التي تسيطر عليها، لكن وسط تعز، بشكل كامل، تحت سيطرة المقاومة والجيش الوطني، المتمثل في المجلس العسكري لتعز.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.