شتاينماير لـ {الشرق الأوسط}: السعودية تستحق التقدير لاستضافة المعارضة السورية

قال إن آخر ما تحتاج إليه المنطقة هو صراع جديد بين لاعبين رئيسيين فيها

فرانك فالتر شتاينماير (إ.ب.أ)
فرانك فالتر شتاينماير (إ.ب.أ)
TT

شتاينماير لـ {الشرق الأوسط}: السعودية تستحق التقدير لاستضافة المعارضة السورية

فرانك فالتر شتاينماير (إ.ب.أ)
فرانك فالتر شتاينماير (إ.ب.أ)

قال وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، إن السعودية تستحق التقدير البالغ لتحملها الخطوة العملية الأولى في استضافة المعارضة السورية، من أجل وقف إطلاق النار، والترتيب لعملية سياسية انتقالية، وإن الإرهاب في سوريا لا يمكن القضاء عليه بالوسائل العسكرية فقط، مشيرًا إلى أنه على يقين من أنه لن يكون من مصلحة إيران على المدى الطويل تحقيق المصالح الأمنية الخاصة بها ضد جيرانها العرب وبمعزل عنهم، ولا تغير نظم الأسلحة الجديدة شيئا هنا.
وأوضح فرانك فالتر شتاينماير في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن ألمانيا وسعت خلال الأسبوع الماضي مساهمتها العسكرية في مكافحة «داعش»، وذلك بواسطة طائرات استطلاعية وحاملات وقود وسفن وأقمار صناعية، إلا أن الإرهاب لا يمكن القضاء عليه بالوسائل العسكرية فقط، بل يجب في نفس الوقت إيجاد حلول للخروج من الفوضى السياسية التي أتاحت المجال لانتشار «داعش».
وقال وزير الخارجية الألماني إنه «تم للمرة الأولى اتفاق في محادثات فيينا بشأن سوريا على صياغة أفق وخريطة طريق في هذا السياق، حتى ولو كان الطريق إلى هناك لا يزال طويلا، وبقي كثير من المسائل العالقة، ويجب مواجهتها الآن خطوة خطوة، وتستحق السعودية تقديرنا البالغ لتحملها المسؤولية عن الخطوة الأولى التي هي خطوة عملية للغاية، وهي استضافة اجتماع المعارضة السورية المعتدلة، الذي سيبدأ غدًا في العاصمة الرياض، بهدف إعداد المفاوضات حول وقف إطلاق نار وعملية سياسية انتقالية».
وأشار شتاينماير إلى أن آخر ما تحتاج إليه المنطقة هو صراع جديد بين لاعبين رئيسيين فيها، في تعليقه على الأزمة الروسية التركية أخيرًا، وقال: «بعد ما يقرب من خمس سنوات من الحرب الأهلية في سوريا، نجحنا في هذا الوقت أخيرًا في جمع كل الدول المعنية المهمة حول طاولة المفاوضات من أجل العمل المشترك على خوض عملية سياسية انتقالية وعلى وقف إطلاق نار، فإنني آمل أن نتمكن من تجنب تصعيد آخر».
وأضاف: «من الجيد أن وزيري الخارجية التركي ونظيره الروسي اجتمعا على هامش اجتماع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا المنعقد في بلغراد الأسبوع الماضي، وأتمنى أن يكون قد انكسر الجمود وأن تتواصل عملية الحوار».
وحول الدعم الروسي الإيراني بالصواريخ، أكد وزير الخارجية الألماني أنه على يقين من أنه لن يكون من مصلحة إيران على المدى الطويل تحقيق المصالح الأمنية الخاصة بها ضد جيرانها العرب وبمعزل عنهم، ولا تغير نظم الأسلحة الجديدة شيئا هنا.
وأضاف: «لا يمكن تحقيق الاستقرار المستدام في المنطقة إلا إذا أدرك جميع الأطراف في منطقة الخليج أنهم لن يكونوا آمنين على المدى الطويل إلا إذا حققوا الأمن معا، وإذا تمكنا من الوصول إلى تقدم ملموس خلال محادثات فيينا بشأن سوريا وخلال محادثات جنيف بشأن اليمن، فيمكن أن تكون ذلك أيضًا خطوة نحو التغلب على شدة انعدام الثقة المتبادلة».
وحول البدء في تنفيذ إيران للاتفاق النووي مع مجموعة «5+1»، قال شتاينماير إنه «لم يبدأ تنفيذ اتفاقات فيينا إلا الآن، وأكد لنا جميع الشركاء في الحوار الذين قابلتهم أثناء زيارتي لطهران أن إيران مصممة على الإيفاء بالتزاماتها، إلا أننا لن نعول على التصريحات، بل على المراقبة الشاملة التي تمارسها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإذا أكد المفتشون أن إيران قد أوفت بالتزاماتها شاملة فسيتم رفع العقوبات، أما سرعة التوصل إلى هذه النقطة فذلك يتعلق بتصرف طهران نفسها في نهاية المطاف».
وأكد وزير الخارجية الألماني أن «السعودية تواجه تهديدا إرهابيا منذ سنوات طويلة، وأنها بذلت جهودا هائلة لمكافحة الإرهاب ودفعت ثمنا غاليا في هذا السياق، ونحن نعلم أيضًا أن الإرهاب ليس له دين ولا وطن، بل هو يهدد المسلمين والمسيحيين واليهود والذين لا يؤمنون بأي دين، وكذلك يهدد السنة والشيعة والعرب والأوروبيين على حد سواء».
وأضاف: «يجب أن يكون من مصلحتنا المشتركة التعاون في مكافحة الإرهاب، ولا يعني ذلك تبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية فحسب، بل أيضًا التبادل المنفتح حول التجارب والخبرات الخاصة بمنع انتشار ظاهرة التطرف خصوصا بين الشباب، ويعني ذلك أيضًا أنه يجب أن نتخذ معا كل الإجراءات لتجفيف تمويل الإرهاب وإغلاق أية ثغرات».
وذكر شتاينماير أن ألمانيا والسعودية شريكان منذ سنوات كثيرة، «ويربط بيننا تعاون عميق، ليس فقط في كل من مجالات الاقتصاد والتدريب المهني والتعليم الأكاديمي، بل إنما أيضًا وبشكل خاص الاهتمام المشترك بالاستقرار والسلام في المنطقة. وتحدثت خلال الأشهر الماضية عدة مرات مع نظيري السعودي عادل الجبير عن الأوضاع في اليمن، ونحن متفقان على أن الحل في اليمن لا يمكن أن يكون عسكريا».
وأضاف: «إنه أمر جيد أن الحوثيين أيضًا أعلنوا عن استعدادهم لإجراء محادثات سلام بناء على القرار 2219 لمجلس الأمن، وعلينا أن نقوم بكل ما في وسعنا للمساهمة في بدء محادثات الوساطة في جنيف بإشراف إسماعيل ولد شيخ أحمد المبعوث الخاص للأمم المتحدة لدى اليمن، وذلك بلا تأخير آخر، حتى لا يوقع هذا الصراع مزيدا من الضحايا، ولا يمكن أن يكون من مصلحة أي شخص مواصلة انتشار الجماعات الإرهابية مثل (داعش) أو (القاعدة) في البلد».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».