تصعيد عراقي غير مسبوق ضد أنقرة عشية نهاية مهلة سحب القوات

مصدر سياسي مطلع: حرب أميركية - روسية بأدوات إيرانية ـ تركية

تصعيد عراقي غير مسبوق ضد أنقرة عشية نهاية مهلة سحب القوات
TT

تصعيد عراقي غير مسبوق ضد أنقرة عشية نهاية مهلة سحب القوات

تصعيد عراقي غير مسبوق ضد أنقرة عشية نهاية مهلة سحب القوات

بينما تنتهي اليوم المهلة التي حددتها الحكومة العراقية لتركيا لسحب قواتها من الأراضي العراقية، صعّد رئيس الوزراء حيدر العبادي ووزير الخارجية إبراهيم الجعفري موقفيهما حيال تركيا، وذلك بالحديث عن الخيارات المفتوحة في حال لم تلتزم تركيا بالمهلة. وعد الجعفري توغل القوات التركية في الأراضي العراقية من جهة مدينة الموصل شمالي البلاد بأنه «سافر»، بينما تحدى العبادي الأتراك أن يأتوا بما يؤكد أنه كان طلب منهم إرسال قوات برية.
الحديث عن الخيارات المفتوحة للتعامل مع الجانب التركي الذي تزامن مع تصعيد غير مسبوق من قبل قيادات بارزة في ميليشيات الحشد الشعبي، لا سيما على صعيد ما ورد على لسان زعيم منظمة بدر هادي العامري وزعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، لخصه سياسي عراقي مطلع في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قائلا إن «المسألة كلها تقع في إطار حرب الوكالة التي باتت تدور على الأرض العراقية بين أميركا وروسيا لكن بأداتين إيرانية وتركية»، مشيرا إلى أنه «من غير المستبعد تماما أن يكون لأميركا دور في التوغل التركي، لخلط الأوراق أولا ولصرف الأنظار عن قضية القوات الخاصة الأميركية المزمع إرسالها إلى العراق، التي ترتبط كما هو واضح بقرار أميركي، لا سيما أن القوات التركية موجودة أصلا في أربيل، وأن كل ما حصل هو تحريك بعض الدبابات باتجاه بعشيقة، وهو ما جعل خبر القوات الخاصة يتوارى إلى الخلف لكي يبرز هذا الخبر، وهو على ما يبدو طعم ابتلعته القوى السياسية والفصائل المسلحة العراقية، لأنه من حيث الواقع لا جديد على صعيد القوات التركية».
وأشار المصدر السياسي المطلع إلى أن «التصعيد العراقي إنما هو في الواقع جاء بترتيب إيراني تقف خلفه موسكو من أجل الضغط على تركياأ ولكي يكون هذا التصعيد مدخلا لإخراج القوات التركية الموجودة منذ فترة طويلة، لكي ينتهي النفوذ التركي في شمال العراق، وبالتالي فإنه في الوقت الذي لا يستبعد أن يكون لأميركا دور في تحريك أنقرة جزءا من قواتها للتغطية على القوات الخاصة الأميركية، فإن موسكو وطهران وجدتا أن الفرصة باتت مناسبة لحث بغداد على الضغط على تركيا عبر الخيارات المفتوحة، التي هي خيارات إيرانية - روسية وليست عراقية».
وكان وزير الخارجية العراقي أعلن خلال مؤتمره الصحافي مع نظيره الألماني فرانك فالتر – شتاينمر، أمس، أن «العراق سوف يصعد الموقف في حال عدم انسحاب الأتراك من البلاد، بتدويل القضية عبر المنظمات الدولية ومجلس الأمن والمجتمع الدولي»، لافتًا إلى أن «كل الأبواب والخيارات باتت مفتوحة».
من جانبه، قال رئيس الوزراء حيدر العبادي إن تنظيم داعش «يتحرك بكل حرية على الحدود العراقية السورية، وهذا يتطلب مساعدة في هذا الجانب وإيقاف تدفق الإرهابيين إلى العراق». وشدد العبادي على «أهمية إيقاف تهريب النفط من قبل عصابات (داعش) الإرهابية، الذي يهرب أغلبيته عن طريق تركيا»، مبينًا «إننا تحدثنا مع الجانب التركي حول الموضوع ووعدونا، فهناك قرار من مجلس الأمن الدولي حول الموضوع». وبيّن العبادي، أن «دخول قوات تركية للأراضي العراقية أمر مرفوض وتم دون علم أو موافقة الحكومة العراقية ونتحدى تركيا بإبراز أي دليل حول علمنا أو موافقتنا، ونعد هذا الأمر تجاوزًا على السيادة العراقية»، مطالبًا تركيا بـ«سحب هذه القوات فورًا».
من جهتها، وردا على المهلة العراقية لها لسحب قواتها، أعلنت تركيا أمس أن من واجبها حماية جنودها في محيط مدينة الموصل. وأكد وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو أن العبادي طلب مرارا مساندة أكثر فاعلية من تركيا ضد تنظيم داعش، وقال إنه يعتقد أن دولا أخرى لعبت دورا في رد فعل العراق تجاه نشر القوات التركية، دون أن يذكر تفاصيل. ونقلت عنه وكالة «رويترز» قوله: «الكل موجودون في العراق.. هدفهم جميعا واضح. تقديم المشورة والتدريب والتسليح. وجودنا هناك ليس سرا».
بدوره، قال مسؤول تركي كبير إن المدربين العسكريين الأتراك سيبقون، مضيفا: «نحن لا نريدهم هناك، لكن هناك طلبا من الجانب العراقي. المحادثات مستمرة مع بغداد»، كاشفا عن أن هناك أقل من ألف جندي تركي في العراق.
لكن فاروق قايمقجي، سفير تركيا لدى العراق، أكد لوزير الدفاع العراقي خالد العبيدي، الذي التقاه أمس، أن «تركيا، وكخطوة ايجابية منها باتجاه حل المشكل القائم مع العراق، قد أوقفت دخول أي قوات إلى الداخل العراقي، وأمرت بسحب ما كان موجوداً منها في الطريق باتجاه الحدود العراقية»، حسبما أفادت به وكالة الأنباء الألمانية.
وتزامنا مع هذه التطورات أعلنت أنقرة، أمس، أن رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، سيبدأ غدا زيارة رسمية إلى أنقرة. ومن المقرر أن يلتقي بارزاني خلال زيارته إلى تركيا مع رئيس الجمهورية التركي رجب طيب إردوغان ورئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو.
وفيما يخص الموقف الأميركي من الأزمة، دعا بريت ماكغورك، مبعوث الرئيس باراك أوباما إلى التحالف الدولي، بغداد وأنقرة إلى تسوية الخلاف. وكتب في حسابه على «تويتر» أن واشنطن لا تؤيد مهمات عسكرية في العراق من دون موافقة بغداد، وأن هذا ينطبق أيضا على المهمة الأميركية هناك.
وتخوض تركيا حاليا نزاعا مع موسكو بعد أن أسقطت طائرة حربية روسية قرب الحدود السورية قبل نحو أسبوعين. واتهمت موسكو الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وأسرته بالانتفاع من التهريب غير المشروع للنفط من الأراضي التي يسيطر عليها «داعش» في سوريا والعراق، وهو اتهام كررته إيران، وأمس اتهم رئيس الوزراء العراقي ضمنا أنقرة بتسهيل تجارة تهريب النفط هذه، علما بأن روسيا وإيران والعراق وسوريا يجمعهم تحالف رباعي ضد الإرهاب.
وحول ما إذا كان العراق يملك أوراق ضغط على تركيا، قال الخبير العسكري العراقي العميد ضياء الوكيل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «العراق لا يملك أوراق ضغط عسكرية على تركيا، لأن العراق لديه الآن أكثر من جبهة حرب مفتوحة في أكثر من منطقة لا سيما في الرمادي ومناطق أخرى شمالا، وبالتالي من الصعب تشتيت جهوده العسكرية بفتح جبهة جديدة». وأضاف أن «العراق يمكن أن يضغط سياسيا على تركيا من خلال أصدقاء مشتركين مثل الولايات المتحدة الأميركية، التي كانت أعلنت أنها على علم بدخول قوات تركية لكنها خارج إطار جهود التحالف الدولي». وأوضح أن «ما يجري لا يمكن عزله عما يجري في المنطقة، لا سيما قضية التعاون أو التنسيق الرباعي والمواقف المتداخلة في هذا الشأن».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.