ديانا أبو جابر: أحاول الوصول إلى التوازن الثقافي بين تراثي وأميركا

الروائية الأميركية من أصل عربي تقول إنها اختارت حياة «بدوية»

ديانا أبو جابر
ديانا أبو جابر
TT

ديانا أبو جابر: أحاول الوصول إلى التوازن الثقافي بين تراثي وأميركا

ديانا أبو جابر
ديانا أبو جابر

د. ديانا أبو جابر (55 عاما) واحدة من أشهر الروائيين والروائيات الأميركيين العرب. وتركز في رواياتها على تجربتها الشخصية: والدها مهاجر فلسطيني من الأردن. ووالدتها أميركية من أصل ألماني.
تخصصت في اللغة الإنجليزية، وتحل شهادة ماجستير في الكتابة الإبداعية (جامعة وندسور)، ودكتوراه في الكتابة الإبداعية (جامعة بنغهامبتون). ومنذ خمسة وعشرين عاما، تدرس اللغة الإنجليزية في جامعة أوريغون.
من رواياتها: «جاز عربي» و«الهلال»، و«الأصل»، و«طيور الجنة». وتصدر لها قريبا رواية بعنوان «حياة من دون وصفة طبخ». هنا لقاء معها:
> كيف تصفين حياتك بين الشرق والغرب؟
- ولدت في الولايات المتحدة. وعندما كان عمري ست سنوات، قضيت سنتين في الأردن. في ذلك الوقت، قرر والدي، غسان أبو جابر، أن أميركا ليست وطنه، وأنه لا بد أن يعود إلى وطنه الحقيقي، ومع عائلته الأميركية: والدتي، وأختي، وأنا. لكن، قبل أن نقول له إن الأردن ليس مكان استقرارنا، قال هو ذلك. وقرر أن يعود مع عائلته. في كل الأحوال، كانت تلك الفترة في الأردن فرصة مفيدة للتعرف على الحياة في الشرق. وحاولت أن أوازن بين الحياتين، وأن أقنع نفسي بحل وسط. لكن، في نهاية المطاف، قررت أن أعيش في الغرب الذي ولدت فيه، وأن أنتمي إليه.
> قبل شهرين، تحدثت في تلفزيون «سي إن إن» عن المجزرة التي وقعت في كلية أومبغوا (ولاية أوريغون)، في نفس الولاية التي تعيشين فيها، حيث قتل شاب تسعة طلاب. وكتبت رأيا عنوانه: «أميركا ترهب نفسها»، الذي أثار جدلاً، وانتقدك بعض الناس. ماذا تقولين عن ذلك؟
- قلت، وأقول الآن، نحن نعيش في الولايات المتحدة حياة قلق، وتوتر، ويأس. كيف لا وقد صارت أخبار المذابح في الجامعات والمدارس عادية مثل أخبار حوادث السيارات؟ رأيي العام هو أنه يوجد في ولاية أوريغون، مثلما في بقية الولايات، صراع بين الفردية والتقدمية، بين الحرية المطلوبة، والحرية الفردية المتطرفة التي تصر على أن كل شخص يجب أن يفعل ما يريد، مثل أن يشتري بندقية أو مسدسا، ويشتري أحيانا 13 بندقية (كما فعل الذي ارتكب مذبحة ولاية أوريغون).
نتحدث كثيرا عن الإرهاب والإرهابيين. وها نحن نرهب أنفسنا بأنفسنا. لم يأت الذين يرتكبون هذه المذابح في الجامعات والمدارس من دول أجنبية. عندما أقول للأميركيين إنني أنوي زيارة الأردن، وطن والدي، يستغربون، ويسألون: «ألا تخافين من العنف في الأردن؟» وعندما أزور الأردن، يسألونني الأردنيون: «ألا تخافين من العنف في أميركا؟».
الآن، مع أخبار مذبحة أميركية بعد مذبحة أميركية، أسأل نفسي: «هل الأردنيون على حق؟».
> هل الأردنيون على حق؟
- سؤال معقول. لكني، لا أعرف الإجابة عنه. تحتاج الإجابة إلى شخص أكثر ذكاء مني.
> عندما نشرت رواية «أرابيان جاز» (جاز عربي)، كتبت: «أحاول الوصول إلى التوازن الثقافي بين تراثي وأميركا». الآن، بعد مرور أكثر من 20 عاما، هل وصلت إلى هذا التوازن؟ ما أهمية الجزء العربي في أعماقك؟ هل نجحت في الموازنة بين الغرب والشرق في أعماقك؟
- عندما تولد وسط ثقافات متعددة، مثلا عندما تكون طفل مهاجرين، يستغرق بحثك عن التوازن رحلة طويلة، رحلة العمر كله. كتبت رواية «جاز عربي» منذ أكثر من عشرين عاما. في ذلك الوقت، كنت في العشرينات من عمري. وكنت أقرب إلى مرحلة الطفولة وإلى تأثيرات والدي أكثر من الآن. وكانت علاقتي مع تراثي العربي في نطاق حب التمرد. كنت أحاول معرفة من أنا، بعيدا عن أنني بنت والدي. الآن، وأنا قد كبرت في السن، أحس بحرية أكثر لاحتضان ثقافتي، وللنظر إليها من دون انفعالات عاطفية، وبفخر، وبحب، وبانتماء.
> كتبت في ذلك الوقت، أيضا: «لم أحس بأني غريبة في الأردن كما أحسست في هذا البلد (أميركا)». هل تظلين «لا منتمية»؟
- يوجد شيء واحد لطيف في كبر السن، وهو الإحساس بأن جميع الناس ينظرون إلى أنفسهم وكأنهم خارجيون، أو غريبون. لا تنس أن أغلبية الأميركيين وصلت إلى هنا من دول أخرى. أعتقد أن وضع المراقب الخارجي يرتبط بما يرى هو. لهذا، يحتاج إلى أن يخطو خطوة إلى الوراء، ليرى الأمور أكثر وضوحا.. ليرى الصورة الكبيرة. لهذا، بالنسبة للكاتب، ربما يريد أن يفرض على نفسه الابتعاد من الواقع ليرى الصورة الكبيرة، وليراها أكثر وضوحا. انظر إلى إرنست همنغواي، وجيمس بالدوين، وجيرترود شتاين، وجيمس جويس. يبدو أنهم كلهم اختاروا «منفى» كشرط لممارسة أعمالهم الفنية.
أنا، أيضا، اخترت حياة بدوية. تنقلت بين المدن، وبين وظائف التدريس. كان والدي يسميني «بنت بطوطة». لهذا، أحس أني غير «خارجية». ولا بد أن سبب هذا هو أنني اخترت أن أكون «خارجية».
> في رواية «كريسانت» (الهلال)، تحدثت عن العرب في الولايات المتحدة. كان ذلك قبل أكثر من 10 أعوام. كيف ترينهم الآن في ظل هذه «الحرب ضد الإرهاب» المستمرة؟ (في ظل مكتب التحقيقات الفيدرالي، وأمن المطارات، والتنميط، وغير ذلك)؟
- الحمد لله، حدثت تغييرات كثيرة على مدى العشر سنوات الأخيرة. بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001، بدا إعلان ما تسمى «الحرب ضد الإرهاب» وكأنه حرب على كل العرب، بما في ذلك العرب الأميركيون، وحتى على أي شخص من أصل شرق أوسطي. بالنسبة لي، كان وقتا غريبا أن أكون كاتبة. وذلك لأن دور المطبوعات والصحف كانت تطلب مني كتابة آراء من منظور عربي أميركي. لكن، عندما لا تعكس كتاباتي النمط المسبق عندهم، لا ينشرونها أحيانا.
لهذا، أحسست بنوع من «الكوكتيل الغريب»، مزيج من القلق، والفضول، والغضب، والمصالحة. طبعا، تسبب هذا الوضع في استهداف جميع الأميركيين (عرب وغير عرب)، وذلك لأنه أثر على بعض المبادئ الأميركية الأساسية، مثل حرية التعبير، والفصل بين الكنيسة والدولة.
> في عام 2005، كتبت في صحيفة «واشنطن بوست» عن «الحرب ضد الإرهاب»، وعن المضايقات التي تعرضت لها في المطارات بسبب خلفيتك العربية. هل ما زلت تتعرضين لهذا المضايقات؟
- منذ بداية عهد الرئيس باراك أوباما، ظهر تغيير كبير في مواقف الحكومة ووسائل الإعلام نحو هذا الموضوع. وصار السفر إلى دول أجنبية بالنسبة لأشخاص مثلي أكثر عقلانية (وأقل خوفا وهلعا). بالتأكيد، قبل خمسة عشر عاما، كان الوضع في أماكن عامة، مثل المطارات، غريبا. كانت هناك أماكن ممنوعة، وكانت هناك تحذيرات عن «مستويات التهديد»، وجو عام من عدم الثقة والشك. الآن، تحسنت الأمور كثيرا.
> ما الدور الذي لعبه، ويلعبه، الدين في حياتك؟ كيف أثر اختلاف ديني والديك عليك؟
- نشأت في بيئة متعددة الأديان. كانت جدتي لأمي كاثوليكية، وكانت والدتي لا تؤمن بدين، واعتنق والدي اعتنق، رغم أنه نشأ في عائلة مسيحية أرثوذكسية.
أعتقد أن أغلبية الديانات الرئيسية في العالم تحتوي على مبادئ التسامح والتعايش. لكن، يبدو أن قسمًا من أتباع هذه الديانات لا ينفذون ذلك. توجد في كتبنا المقدسة العظيمة وثائق رائعة عن أفضل ما في الفكر الإنساني والخبرات الإنسانية. لكن، تقيدنا طبيعة التقصير البشري.
كنا محظوظين لأن والدينا لم يحاولا أبدا فرض أي أجندة دينية علينا. كان والدي يقول إنه لا يهتم بأي دين نعتنق، ما دمنا نعتنق إيمانا بشيء أكبر من أنفسنا. أعتقد أن هذا القول فيه حكمة عظيمة.
> في روايتك القادمة: «الحياة من دون وصفة طبخ»، وفي آخر رواياتك «طيور الجنة»، يوجد كثير من الحديث عن الطعام. هل هذا «هروب» من مواضيع أكثر جدية، مثل العلاقات بين الأميركيين والشرق أوسطيين؟
- لا أعتقد أن هناك أي شيء أكثر جدية وأكثر أهمية في وجودنا من الطعام، بعد الماء والهواء. يغذينا الطعام، وينشط أجسادنا وعقولنا وأرواحنا، ويساهم في تاريخنا وثقافتنا. لا تحتاج أنت إلى أن يكون لك مظهر معين، أو أن تعتقد في شيء معين، لتقدر على الاستمتاع بوجبة من ثقافة مختلفة. تربيت وسط ناس كان هاجسهم الأول هو إعداد الطعام، والاستمتاع بأكله، وبالذين يشاركونهم في أكله. الآن، وقد كبرت في العمر، صرت أدرس كيف أن الطريقة التي نأكل بها تؤثر على كل جانب من جوانب حياتنا: فكريا وعاطفيا، واجتماعيا، وعائليا، وشخصيا.
نعم، توجد آراء تقلل من أهمية الطبخ. وربما من أسباب ذلك هو أنه يخص عمل المرأة أساسا، ويخص الطاقة الجسدية. لكن، لا يمكن الفصل بين الجسد والعقل والروح، مثل سيمفونية عملاقة، أو لوحة رائعة، يرفع الطبخ الجيد مستوى حياتنا، ويعطينا الأمل، ويزيد إحساسنا بأهمية التواصل مع الآخرين.
> كان د. إدوارد سعيد، الأستاذ الجامعي الأميركي، والقومي العربي، يصف نفسه بأنه «غريب» (وكان ذلك من أسباب كتابته في وصيته بأن يدفن في لبنان). وقال بعض الناس إن سبب إحساسه بالغضب هو قوة مشاعره القومية العربية. ما رأيك فيه؟ وهل تأثرت بأفكاره؟
- عندي احترام هائل لأعمال سعيد ولكتاباته. أعتقد أنه قدم للأكاديميين واحدا من أوضح وأبلغ الآراء لفهم التقسيمات الاصطناعية عن «الشرق» و«الغرب»، وهي التقسيمات التي وضعت الأساس لكثير من الأخطاء الاستعمارية والبؤس الإنساني.
أعتقد أن موضوع «الغضب» عنده موضوع معقد. وسبب ذلك هو أن المهاجر من الدول العربية، في كثير من الأحوال، يشعر بخيبة أمل، أو بغضب، بسبب الشوفينية الأميركية والتعصب الأميركي. لكن، يحدث هذا ربما لكل مهاجر. يظل ترك الوطن الأم يعني تقسيم نفسك، مهما كان وطنك الأم، ومهما كان وطنك الجديد. يظل وطنك الأصلي هو، إلى الأبد، وطنك الأم، مستودع الطفولة والتاريخ الشخصي. لهذا، يصبح الوطن الجديد وطنا فوق الوطن الأول، وأكثر قربا لك مباشرة. بصورة أو أخرى، لا بد أن تصاب بخيبة أمل في وطنك الجديد. مثله مثل والد غير والدك الحقيقي.
بالإضافة إلى ذلك، ستجد أن رأيك في وطنك الأول تغير بسبب تجاربك في الوطن الجديد. وهكذا، لا أنت مع القديم تماما، ولا مع الجديد تماما. وأنا لاحظت ذلك في تجربة والدي، التي أراها مثل تجربة إدوارد سعيد. رجلان تقسما بين أوطان، وولاءات، ومنازل، وعائلات.



موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

TT

موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)
رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)

بيعت لوحة تنتمي للفن التصوري تتكون من ثمرة موز مثبتة بشريط لاصق على الجدار، بنحو 6.2 مليون دولار في مزاد في نيويورك، يوم الأربعاء، حيث جاء العرض الأعلى من رجل أعمال بارز في مجال العملات الرقمية المشفرة.

تحول التكوين الذي يطلق عليه «الكوميدي»، من صناعة الفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان، إلى ظاهرة عندما ظهر لأول مرة في عام 2019 في معرض أرت بازل في ميامي بيتش، حيث حاول زوار المهرجان أن يفهموا ما إذا كانت الموزة الملصقة بجدار أبيض بشريط لاصق فضي هي مزحة أو تعليق مثير على المعايير المشكوك فيها بين جامعي الفنون. قبل أن ينتزع فنان آخر الموزة عن الجدار ويأكلها.

جذبت القطعة الانتباه بشكل كبير، وفقاً لموقع إذاعة «إن بي آر»، لدرجة أنه تم سحبها من العرض. لكن ثلاث نسخ منها بيعت بأسعار تتراوح بين 120 ألف و150 ألف دولار، وفقاً للمعرض الذي كان يتولى المبيعات في ذلك الوقت.

بعد خمس سنوات، دفع جاستن صن، مؤسس منصة العملات الرقمية «ترون»، الآن نحو 40 ضعف ذلك السعر في مزاد «سوذبي». أو بشكل أكثر دقة، اشترى سون شهادة تمنحه السلطة للصق موزة بشريط لاصق على الجدار وتسميتها «الكوميدي».

امرأة تنظر لموزة مثبتة للحائط بشريط لاصق للفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان في دار مزادات سوذبي في نيويورك (أ.ف.ب)

جذب العمل انتباه رواد مزاد «سوذبي»، حيث كان الحضور في الغرفة المزدحمة يرفعون هواتفهم لالتقاط الصور بينما كان هناك موظفان يرتديان قفازات بيضاء يقفان على جانبي الموزة.

بدأت المزايدة من 800 ألف دولار وخلال دقائق قفزت إلى 2 مليون دولار، ثم 3 ملايين، ثم 4 ملايين، وأعلى، بينما كان مدير جلسة المزايدة أوليفر باركر يمزح قائلاً: «لا تدعوها تفلت من بين أيديكم».

وتابع: «لا تفوت هذه الفرصة. هذه كلمات لم أظن يوماً أنني سأقولها: خمسة ملايين دولار لموزة».

تم الإعلان عن السعر النهائي الذي وصل إلى 5.2 مليون دولار، بالإضافة إلى نحو مليون دولار هي رسوم دار المزاد، وقد دفعها المشتري.

قال صن، في بيان، إن العمل «يمثل ظاهرة ثقافية تربط عوالم الفن والميمز (الصور الساخرة) ومجتمع العملات المشفرة»، ولكنه أضاف أن النسخة الأحدث من «الكوميدي» لن تدوم طويلاً.

وأضح: «في الأيام القادمة، سآكل الموزة كجزء من هذه التجربة الفنية الفريدة، تقديراً لمكانتها في تاريخ الفن والثقافة الشعبية».

ووصفت دار مزادات سوذبي كاتيلان بأنه «واحد من أكثر المحرضين اللامعين في الفن المعاصر».

وأضافت دار المزادات في وصفها لتكوين «الكوميدي»: «لقد هز باستمرار الوضع الراهن في عالم الفن بطرق ذات معنى وساخرة وغالباً ما تكون جدلية».