هولاند على ظهر «شارل ديغول».. وفرنسا استطلعت جوًا مواقع «داعش» في سرت وطبرق

الملف الليبي يقفز إلى الواجهة.. وروما تستضيف مؤتمرًا دوليًا حوله في 13 الحالي

الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بعد هبوطه بمروحية على ظهر حاملة الطائرات «شارل ديغول» في شرق البحر المتوسط أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بعد هبوطه بمروحية على ظهر حاملة الطائرات «شارل ديغول» في شرق البحر المتوسط أمس (إ.ب.أ)
TT

هولاند على ظهر «شارل ديغول».. وفرنسا استطلعت جوًا مواقع «داعش» في سرت وطبرق

الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بعد هبوطه بمروحية على ظهر حاملة الطائرات «شارل ديغول» في شرق البحر المتوسط أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بعد هبوطه بمروحية على ظهر حاملة الطائرات «شارل ديغول» في شرق البحر المتوسط أمس (إ.ب.أ)

ساعتان قضاهما الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند على ظهر حاملة الطائرات «شارل ديغول» الموجودة في شرق البحر الأبيض المتوسط قبالة الشواطئ السورية ومنها تنطلق طائرات الرافال والميراج لضرب مواقع تنظيم داعش في سوريا، إضافة للطائرات المنطلقة من إحدى القواعد الجوية في الأردن ومن قاعدة الظفرة في أبوظبي.
واستثمر هولاند الوقت القصير الذي أمضاه على ظهر حاملة الطائرات للتعرف عن كثب على المهام التي تقوم بها المجموعة البحرية من رصد ورقابة وعمليات قصف جوي تركزت حتى الآن على مدينة الرقة ومحيطها واستهدفت بشكل خاص مراكز القيادة والتدريب والمواقع النفطية التي تعد أهم مصادر تمويل «داعش».
بيد أن مهمة المجموعة البحرية الفرنسية في المتوسط التي انطلقت من مرفأ طولون العسكري في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد 5 أيام فقط على وقوع العمليات الإرهابية في باريس وضاحيتها، لا تنحصر بـ«داعش سوريا» فقط، بل تمتد إلى تنظيم داعش في ليبيا. وليس سرا أن باريس ومعها العواصم الأوروبية المتوسطية وخصوصا روما ولافاليتا (مالطا) ومدريد تراقب عن كثب تطورات الوضع في ليبيا وتمدد «داعش» الذي أصبح يسيطر على قسم من الشاطئ الليبي وعلى درنة وسرت ويسعى للتمدد إلى مدينة أجدابيا التي تقع على مسافة 350 كلم من سرت و190 كلم من بنغازي. ويبدو بوضوح أن «داعش» يسعى للسيطرة على ما يسمى «المثلث النفطي» على غرار ما فعل في العراق وسوريا عندما وضع يده على مواقع النفط وأخذ يستخدمه وسيلة أساسية لتمويل نشاطاته العسكرية.
ويفيد تقرير رفعه خبراء إلى الأمم المتحدة يوم الثلاثاء الماضي، بأن «ليبيا تمثل تهديدا واضحا على المديين القصير والطويل، كما أنها تحولت إلى وجهة لتدفق المقاتلين إليها من تونس والسودان والنيجر وبلدان خليجية. فضلا عن ذلك، تفيد معلومات أمنية بأن قادة ومقاتلين من (داعش) أخذوا ينتقلون من سوريا والعراق إلى ليبيا التي تعد تهديدا مباشرا لجيرانها بالدرجة الأولى وللبلدان الأوروبية المتوسطية في الدرجة الثانية». ويوم الثلاثاء الماضي، أعلن رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس أن ليبيا «ستكون بلا شك الملف أكبر الذي سيشغلنا للشهور المقبلة».
وجاء في ملف مكون من عشر صفحات الذي نشره قصر الإليزيه أمس أن العملية الجوية الأولى التي قامت بها المجموعة البحرية يومي 20 و21 نوفمبر كانت استطلاعية وفوق مدينتي سرت وطبرق. وطبرق هي مقر الحكومة الليبية المعترف بها دوليا، بينما سرت هي مسقط رأس الرئيس الليبي السابق العقيد معمر القذافي. وبحسب معلومات وتقارير جاءت من داخل سرت، فإن «داعش» بسط هيمنته بشكل كامل على المدينة. والسؤال الذي تطرحه العمليات الجوية الاستطلاعية الفرنسية فوق هذه المنطقة مزدوج: ففي الجانب الأول، هل تعني هذه التطورات أن هناك خططا جدية للقيام بعمليات عسكرية غربية في ليبيا للقضاء على «داعش»؟ والثاني يتناول الأساس القانوني الذي يخول الغربيين والآخرين أن يباشروا بهذا النوع من النشاطات في بلد يوجد فيه برلمانان وحكومتان، وحيث لم تنجح الوساطة الدولية التي قام بها برناردينو ليون، الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وخليفته المعين حديثا في إنتاج حكومة اتحاد وطني والسير بحل سياسي يؤهل ليبيا لطلب المساعدة الدولية عبر قرار من مجلس الأمن الدولي.
في اللقاء الأخير بين الرئيس هولاند ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي في باريس، كان الملف الليبي حاضرا بقوة. وأعلن الأخير أن «الملف اللاحق المستعجل سيكون الملف الليبي». وترى مصادر دبلوماسية غربية في باريس، أن «الملفات العراقية والسورية والليبية هي واحدة لأن العدو واحد»، أي تنظيم داعش.
وبالنظر لتخبط الوساطة الدولية، فقد سعت إيطاليا وهي الأقرب إلى الشواطئ الليبية (جزيرة لمبادوزا لا تبعد سوى 300 كلم عن الشواطئ الليبية) لعقد اجتماع دولي حول ليبيا في روما. وبحسب وزير الخارجية الإيطالية باولو جونتيلوني، فإن مؤتمرا دوليا ستستضيفه روما في 13 الحالي سيخصص لليبيا بحضور أطراف دولية وإقليمية وسيكون على غرار مؤتمر فيينا الخاص بسوريا.
وحتى الآن، يمثل تنظيم داعش في سوريا الهدف الأول للأعمال العسكرية الفرنسية؛ إذ وعد الرئيس هولاند البلاد، في خطابه أمام مجلس النواب والشيوخ يوم 16 نوفمبر الماضي بـ«تدمير» التنظيم. لذا، عمدت باريس إلى إرسال المجموعة البحرية التي تقودها «شارل ديغول» إلى الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط بحيث إنها ضاعفت ثلاث مرات عدد الطائرات القاذفة المقاتلة القادرة على ضرب مواقع «داعش».
وبحسب الملف الصحافي لقصر الإليزيه، فإن المجموعة البحرية تتكون من الحاملة «شارل ديغول» ومن فرقاطة للدفاع الجوي «شوفاليه بول» وأخرى مخصصة للحرب ضد الغواصات «لا موت بيكيه» ومن فرقاطة ثالثة متعددة المهمات، إضافة إلى سفينة القيادة والتموين وغواصة نووية هجومية. وتدعم المجموعة طائرتا استطلاع متقدمتان وطوافات للمهمات العسكرية أو للإنقاذ.
ويفهم من الملف الصحافي الرئاسي أن هذه المجموعة لن تبقى طويلا في مياه المتوسط لأنها ستتوجه لاحقا إلى مياه الخليج العربي، حيث ستلحق بها فرقاطة بريطانية. وينتظر أن تصل إليها نهاية شهر فبراير (شباط) المقبل.
من جانبها، أفردت ألمانيا فرقاطة مخصصة لحماية حاملة الطائرات وإمكانيات عسكرية أخرى (تزويد بالوقود جوا وطائرات استطلاع من طراز تورنادو في مطار أنجيرليك التركي ووسائل تنصت ومراقبة). يضاف إلى ذلك، الدعم الذي بدأت تتلقاه باريس من بريطانيا التي باشرت الخميس الماضي ضرباتها الجوية ضد مواقع «داعش».
وبينت التحقيقات التي أعقبت العمليات الإرهابية في فرنسا في 13 الشهر الماضي أن هناك شخصين على الأقل تسللا مع اللاجئين من سوريا عبر اليونان إلى فرنسا. ولذا، فإن ملفي الهجرة والإرهاب أصبحا حقيقة متداخلين كما تتداخل الملفات الداعشية في ثلاثة بلدان عربية، ناهيك بتشعباتها الأفريقية مع «بوكو حرام» وأخواتها. لكن مشكلة الغربيين حتى الآن مزدوجة: فمن جهة، هم بحاجة لحكومة «شرعية» واحدة توفر لهم الغطاء القانوني للتدخل العسكري عبر قرار يصدر عن مجلس الأمني الدولي ومن جهة ثانية، عدم وجود أي طرف فاعل من شأنه أن يشكل القاطرة التي تجر الآخرين من أجل التدخل العسكري.
والسؤال هو: هل تريد باريس أن تكون هذه القاطرة؟ لا جواب لهذا السؤال حتى الآن بالنظر لانغماس فرنسا في عمليات عسكرية على أكثر من جبهة. ولكن ربما شكلت الطلعات الاستكشافية فوق سرت وطبرق «مقدمة» لعمليات لاحقة.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.