10 ساعات في مجلس العموم البريطاني ترسم خطوط الحرب على «داعش» في سوريا

كاميرون: ينبغي أن نلبّي نداء حلفائنا * كوربن: لن تشكل ضرباتنا الجوية فرقًا على الأرض.. ومخاوف من سقوط مدنيين

10 ساعات في مجلس العموم البريطاني ترسم خطوط الحرب على «داعش» في سوريا
TT

10 ساعات في مجلس العموم البريطاني ترسم خطوط الحرب على «داعش» في سوريا

10 ساعات في مجلس العموم البريطاني ترسم خطوط الحرب على «داعش» في سوريا

استعدّت قوات الجو الملكية البريطانية (راف) لإقلاع 6 طائرات حربية من نوع «تايفون» وطائرتين من طراز «تورنادو» فور تصويت مجلس العموم لصالح قرار توسيع الضربات الجوية ضد «داعش» من العراق إلى سوريا. واستمر نقاش النواب الـ650 في مجلس العموم البريطاني لأكثر من 10 ساعات، بين مؤيد ومعارض للقرار، على أن يتم التصويت بعد الساعة العاشرة مساء أمس. وبينما أشار معظم التوقعات واستطلاعات الرأي إلى أن أغلبية النواب سيصوتون لصالح مشروع قرار الحكومة، إلا أن اتهام رئيس الوزراء ديفيد كاميرون معارضيه بـ«المتعاطفين مع الإرهابيين»، ورفضه التراجع والاعتذار عن تصريحه المثير للجدل، أدّى إلى احتدام النقاش واستياء كثير من النواب الذين لم يحسموا موقفهم. في الوقت ذاته، يضمن تصويت النواب من الحزب الليبرالي - الديمقراطي، ونحو أربعين نائبا عماليا، لصالح الغارات الجوية تمرير مشروع القرار.
وواجه رئيس الوزراء اعتراضا قويا من قبل حزب العمال بعدما ذكرت تقارير إعلامية أنه طالب أعضاء البرلمان من حزبه المحافظ، في اجتماع خاص مساء أول من أمس، بعدم الوقوف في خندق واحد مع كوربن «وحفنة من المتعاطفين مع الإرهابيين». وطالب عدد من الأعضاء البرلمان من كاميرون الاعتذار عن هذا التصريح. ولكن كاميرون اكتفى بالقول إن «الأمر يتعلق بمكافحة الإرهاب، وأي صوت يدلي به الأعضاء الموقرون (سواء لصالح أو ضد القرار) لهو شرف لصاحبه».
وأوضح كاميرون في كلمته الافتتاحية أمام نواب البرلمان أن «مقترح الحكومة في تمديد نطاق الضربات الجوية البريطانية لتشمل سوريا قانوني وضروري»، وأن «الشيء الصحيح الذي ينبغي فعله هو الحفاظ على البلاد آمنة».
وربط كاميرون التدخل في سوريا بمسؤولية بريطانيا تجاه حلفائها، وقال: «علينا أن نلبي نداء حلفائنا. الأمر الذي نقترحه قانوني وضروري، وهو الأمر الصحيح الذي يجب القيام به من أجل الحفاظ على أمن بلدنا»، مضيفا: «يجب أن نتحمل مسؤولياتنا وألا نعتمد على الآخرين في أمننا». كما اعتمد لهجة قوية في وصف أعضاء تنظيم داعش بـ«مغتصبي النساء، وقتلة المسلمين، ووحوش القرون الوسطى».
ويعتقد رئيس الوزراء أن الطائرات الحربية البريطانية التي تقصف أهداف تنظيم داعش في العراق منذ أكثر من عام «يجب أن تتصدى أيضًا للتنظيم المتشدد في سوريا، بدلا من أن نولي أمن بريطانيا لدول أخرى»، مضيفا أن «الغارات الجوية على تنظيم داعش في سوريا لن تزيد من احتمال شن متشددين هجمات في بريطانيا». وفي حين أقرّ كاميرون أنه في حال وقوع هجوم إرهابي في البلد في الأسابيع أو الأشهر المقبلة سيحاول البعض أن يعزوه للغارات الجوية، استبعد هذه الفرضية معتبرا أن «(داعش) حاول شن هجوم علينا منذ عام (...) وتمكنّا من إحباط سبع مؤامرات».
في المقابل، قاد رئيس حزب العمال المعارض، جيرمي كوربن، الحملة المعارضة لتوسيع الضربات الجوية إلى سوريا. وشدّد على أن «الحل في سوريا يجب أن يأتي من الشعب السوري نفسه، وليس من التدخل الدولي». وتساءل عن كيف ستساهم الضربات الجوية في التوصل إلى «حل سياسي شامل متفاوض عليه للأزمة السورية»، كما صرّح كاميرون.
وقال كوربن إن «توسيع الضربات الجوية البريطانية لن يحدث فرقا على الأرجح»، مشككا في شرعيتها ومتخوفا من تسببها في سقوط ضحايا بين المدنيين. وأضاف: «التأكيد بأن تفوق الصواريخ البريطانية سيحدث فرقا يصعب تصديقه، في حين تجد الولايات المتحدة ودول أخرى صعوبة في ضرب أهداف مناسبة»، معلّقا على عزم كاميرون على استخدام «صواريخ بريمستون»، أحد أكثر الصواريخ دقة.
وتعليقا على الجلسة البرلمانية، قال النائب المحافظ جيمس بيري لـ«الشرق الأوسط»: «سأنضم إلى موقف ديفيد كاميرون في التصويت لصالح الهجمات ضد تنظيم داعش.. إن هذا التنظيم يشكل تهديدا غير مسبوق للمواطنين البريطانيين في المملكة المتحدة وخارجها. وليس هناك مجال للتفاوض مع تنظيم داعش الذي يريد ببساطة أن يدمر حياتنا».
في المقابل، أكد النائب العمالي، بيتر فلين، أن «بريطانيا تخوض الحرب الخاطئة، ولا يمكن الانتصار في هذه المعركة على تنظيم داعش بالرصاص والقنابل»، وتابع: «استراتيجية تنظيم داعش هي إشاعة حرب إقليمية إلى حرب عالمية، ورفع مستوى التدخل البريطاني بقصف سوريا هو المصيدة لتطوير مهمة تنظيم داعش، ولا يمكن أن نسقط في هذا الفخ».
من جهتها، أعربت النائبة عن حزب العمال في مدينة بولتون بجنوب شرقي بريطانيا، ياسمين قريشي، أنها «ستدعم بسعادة الضربات الجوية إذا شعرت أنه يساعد في حل الأزمة السورية». أما النائب المحافظ ديفيد ديفز فشكّك «في فعالية الغارات الجوية»، وطلب من تركيا إغلاق حدودها مع سوريا لخنق تنظيم داعش ومنعه من الحصول على التمويل.
من جهتها، رأت البارونة سميث، زعيمة الكتلة العمالية في مجلس اللوردات، أن مجابهة «هذا الشر ضروري ومبرر»، ولكنها شككت في مزاعم الحكومة بوجود 70 ألف «مسلح معتدل» على الأرض في سوريا. كما شككت في «قدرة هؤلاء المسلحين على العمل بفعالية، خصوصا أنهم يفتقرون إلى هيكل قيادي عسكري». وبينما عبرت عن تحفظها بشأن مشروع قرار الحكومة، لمحت إلى القرار الذي أصدره مجلس الأمن، وقالت: «يجب أن نكون جزءا من هذا التحالف الساعي إلى إضعاف تنظيم داعش وأن يكون لنا صوت ذو مصداقية ونفوذ في مفاوضات فيينا من أجل إحلال السلم والاستقرار في سوريا والمنطقة».
ولم يقتصر النقاش على تفاصيل الضربات الجوية في سوريا ومقارنتها بتجارب تاريخية للتدخل العسكري البريطاني في الخارج، ولا سيما في العراق وأفغانستان، بل شمل تسمية التنظيم الإرهابي كذلك، وموقف اللاجئين السوريين في بريطانيا من توسيع التدخل العسكري. وأثار استعمال بعض النواب لمصطلح «آيسيس» أو «آيسيل»، في إشارة إلى «الدولة الإسلامية في سوريا والعراق» أو «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، غضب الآخرين الذين يرفضون هذه التسمية لأسباب عدة، أهمها أن «داعش» ليس دولة وليس قائما على مؤسسات شرعية أو تمثيلية، كما أنه لا يجوز ربطه بالإسلام والمسلمين. ودعا كاميرون النواب إلى استعمال «داعش» خلال النقاش. كما عبّر بعض النواب، وفي مقدمتهم النائب المحافظ رحمان شيستي الذي قاد حملة اعتماد مصطلح «داعش» على المستوى الحكومي، عن استيائهم لإصرار هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» على استعمال «آي إس»، أي «الدولة الإسلامية» عند الإشارة إلى التنظيم الإرهابي.
إلى ذلك، لفت بعض النواب المعارضين للضربات إلى أن اللاجئين السوريين في الخارج يشددون على أن «الخطر الأكبر من (داعش) هو الأسد، فقد قتل نحو مرتين ونصف أكثر من ضحايا الحرب العالمية الثانية».
واحتجّ المئات مساء أمس وأول من أمس خارج البرلمان البريطاني، وسط لندن، على توسيع الضربات الجوية ضد «داعش»، ودعوا إلى عدم انخراط بريطانيا في «حرب جديدة»، ورفعوا لافتات تذكّر بفشل حرب العراق، وتنتقد إصرار كاميرون على التدخل في صراع جديد بمنطقة الشرق الأوسط.
ويشار إلى أن نقاش مجلس العموم انطلق بعد ساعات فقط من إعلان الشرطة البريطانية اعتقال أربعة رجال في بلدة لوتون، شمال العاصمة لندن، للاشتباه في تآمرهم لارتكاب أعمال إرهابية. ووضع الرجال الأربعة، وجميعهم في الثلاثينات من العمر، رهن الاحتجاز في مركز شرطة بلندن. وقالت الشرطة إنها تجري عمليات تفتيش في سبعة عناوين في لوتون، وإنه تم تفتيش عدة سيارات. وجاء في بيان الشرطة أن الاعتقالات وعمليات التفتيش جرت في إطار تحقيق مستمر مع أفراد في منطقة لوتون، وأن لا علاقة لها بهجمات 13 نوفمبر (تشرين الثاني) في العاصمة الفرنسية، باريس.
وقالت الحكومة إن الأجهزة الأمنية أحبطت سبع مؤامرات لمهاجمة أهداف في بريطانيا كانت ستنفذ بتوجيه من «داعش» في العام المنصرم.



مع تزايد الاحتجاجات... رئيس صربيا يقول إنه لن يهرب مثلما فعل الأسد

طلاب جامعة بلغراد يحتجون أثناء مؤتمر صحافي عقده الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش أمام مكتبه في بلغراد (رويترز)
طلاب جامعة بلغراد يحتجون أثناء مؤتمر صحافي عقده الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش أمام مكتبه في بلغراد (رويترز)
TT

مع تزايد الاحتجاجات... رئيس صربيا يقول إنه لن يهرب مثلما فعل الأسد

طلاب جامعة بلغراد يحتجون أثناء مؤتمر صحافي عقده الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش أمام مكتبه في بلغراد (رويترز)
طلاب جامعة بلغراد يحتجون أثناء مؤتمر صحافي عقده الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش أمام مكتبه في بلغراد (رويترز)

اتهم الرئيس ألكسندر فوتشيتش اليوم الخميس أجهزة استخبارات أجنبية بمحاولة عزله في أعقاب الاحتجاجات التي تشهدها البلاد، قائلاً إنه لن يهرب من البلاد مثل الرئيس السوري بشار الأسد.

ونشر فوتشيتش مقطع فيديو على موقع «إنستغرام» يقول فيه: «سوف أقاتل من أجل صربيا، وأخدم فقط شعبي الصربي وجميع مواطني صربيا، لن أخدم الأجانب أبداً، الذين يسعون لهزيمة صربيا وإهانتها وتدميرها».

الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش (رويترز)

وكان خصوم فوتشيتش قد شبهوه بالأسد والزعماء الديكتاتوريين الآخرين، حيث توقعوا أنه ربما يحاول الفرار من البلاد في حال خسر قبضته الحديدية على السلطة في ظل الاحتجاجات الناجمة عن انهيار سقف محطة سكة حديد في مدينة نوفي ساد بشمال البلاد، مما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وفقاً لما ذكرته وكالة أسوشييتد برس.

طلاب جامعة بلغراد يحتجون أثناء مؤتمر صحافي عقده الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش أمام مكتبه في بلغراد (رويترز)

ويتهم المتظاهرون في نوفي ساد وبلغراد ومدن صربية أخرى الفساد المنتشر في البلاد بأنه السبب في الحادث، حيث أنه كان وراء أعمال التجديد السيئة في مبنى المحطة في نوفي ساد- ضمن اتفاق أوسع نطاقاً مع شركات صينية مشاركة في عدد من مشروعات البنية التحتية في صربيا.

وقال فوتشيتش إن الاحتجاجات، التي انضم لها مؤخراً طلاب الجامعات، ممولة من الغرب بهدف الإطاحة به وبحكومته «من خلال أساليب هجينة يتم توظيفها لتقويض البلاد».

وقال: «إذا كانوا يعتقدون أنني الأسد، وأنني سأهرب إلى مكان ما، فلن أقوم بذلك».

الاحتجاجات ناجمة عن انهيار سقف محطة سكة حديد في مدينة نوفي ساد بشمال البلاد مما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر الماضي (رويترز)

وأشار إلى أنه سيكشف خلال الأيام والأسابيع المقبلة «بالتفاصيل حجم الأموال التي تم دفعها خلال الأربعة أعوام الماضية لتدمير صربيا» وجعلها دولة تابعة «لا تتخذ قراراتها أو تختار مستقبلها، ولكن بدلاً من ذلك يتعين عليها الاستماع لشخص آخر والانصياع له».