الجيش يستهدف مسلحي «النصرة» في جرود عرسال بعد 24 ساعة على صفقة التبادل

لبنان يسعى لفتح قنوات تفاوض لتحرير المخطوفين لدى «داعش»

مقاتلو جبهة النصرة على ظهر شاحنات صغيرة خلال إطلاق سراح العسكريين اللبنانيين المختطفين في عرسال شرق لبنان أول من أمس (رويترز)
مقاتلو جبهة النصرة على ظهر شاحنات صغيرة خلال إطلاق سراح العسكريين اللبنانيين المختطفين في عرسال شرق لبنان أول من أمس (رويترز)
TT

الجيش يستهدف مسلحي «النصرة» في جرود عرسال بعد 24 ساعة على صفقة التبادل

مقاتلو جبهة النصرة على ظهر شاحنات صغيرة خلال إطلاق سراح العسكريين اللبنانيين المختطفين في عرسال شرق لبنان أول من أمس (رويترز)
مقاتلو جبهة النصرة على ظهر شاحنات صغيرة خلال إطلاق سراح العسكريين اللبنانيين المختطفين في عرسال شرق لبنان أول من أمس (رويترز)

أفادت معلومات أمنية في منطقة البقاع بأن «الجيش اللبناني استهدف براجمات الصواريخ والمدفعية مواقع المسلحين في جرود عرسال»، فيما أوضح مصدر أمني أن «الجيش حقق إصابات مباشرة في صفوف المسلّحين». ونفى وجود هدنة مع المسلحين، مؤكدًا أن «الدولة لا تبرم اتفاقات هدنة مع مسلحين».
وقال المصدر الأمني لـ«الشرق الأوسط»: «إن رصد الجيش لحركة المسلّحين وعمليات استهدافهم تحصل بشكل يومي وعلى مدار الساعة، لكن عملية اليوم (أمس) أعطت تفسيرات مختلفة، لأنها أتت بعد يوم واحد على إنجاز صفقة تبادل العسكريين المخطوفين لدى جبهة النصرة». وأضاف: «الجيش يقوم بمهماته على أكمل وجه ومن حقه أن يتعامل بالنار مع أي تحرك مشبوه، حتى لا يشعر المسلحون بأنهم مرتاحون وبإمكانهم أن يخططوا لتنفيذ عمليات تستهدف أمن لبنان».
وإذ شدد المصدر على عدم وجود هدنة مع المسلحين، لفت إلى أن «اتفاقية التبادل مع «جبهة النصرة» لا تنص على هدنة، إنما نصت على وجود منطقة آمنة في وادي حميّد القريب من بلدة عرسال، والمنطقة الآمنة تعني أن تكون خالية من المسلحين، وبإمكان المدنيين اللبنانيين أن يتحركوا فيها بأمان من دون أن يكونوا مهددين»، وأعلن أن «عملية الجيش حصلت في جرود عرسال بعيدًا عن المنطقة الآمنة».
أما في المقلب الآخر، فأعلن الناشط في منطقة القلمون السورية ثائر القلموني لـ«الشرق الأوسط»، أن الجيش اللبناني قصف بشكل عنيف براجمات الصواريخ عدة مناطق في جرود ‏القلمون (السورية) ومناطق في جرود عرسال بالتزامن مع الهدنة التي تمت ضمن صفقة العسكريين اللبنانيين. وقال: «ارتقى شهيدان من اللاجئين السوريين وأصيب العشرات بجروح جراء استهداف جرود بلدة عرسال اللبنانية ووادي حميد بعشرات الصواريخ والقذائف المدفعية من قبل الجيش اللبناني».
وفي خطوة أولى تهدف إلى تحريك ملف الأسرى لدى «داعش»، زار أهالي تسعة عسكريين مخطوفين لدى التنظيم بلدة عرسال البقاعية، والتقوا رئيس البلدية علي الحجيري ووجهاء البلدة، وجرى البحث فيما يمكن أن يقدمه الأخير من مساعدة تفضي إلى التواصل بين الأهالي وأبنائهم وطمأنتهم على حياتهم.
وأعلن الحجيري أن الأهالي أثاروا معه مسألة المساعدة في الوصول إلى أبنائهم. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نسعى إلى إجراء اتصالات مع جهات معينة عبر طرق محددة ونحاول لقاء الخاطفين، ومحاولة إيجاد سبل للتفاوض على الجنود حتى يعودوا سالمين إلى أهلهم ومؤسستهم».
وكشف الحجيري أنه بصدد إرسال أحد أعضاء البلدية إلى الجرود للقاء المسلحين، وأكد أن «أي تحرّك سيكون بالتنسيق مع الدولة والجيش»، لافتًا إلى «استحالة القيام بأي تحرك من دون علم الدولة وموافقتها».
من جهته، لفت حسين يوسف والد الجندي المخطوف لدى «داعش» محمد يوسف، أن زيارة وفد الأهالي إلى عرسال «هدفت إلى تلمّس أي طريق قد يمكّننا من الوصول إلى أبنائنا». وتابع في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «منذ أن حصلت عملية الخطف (في 2 أغسطس/ آب 2014) لم نسمع سوى الكلام والوعود التي لم توصلنا إلى مكان»، مضيفًا: «أهالي المخطوفين لدى (داعش) ليست لديهم معلومات سوى ما سمعناه أمس (أول من أمس) من وزير الصحة وائل أبو فاعور عندما طمأن الأهالي بأن أبناءنا ما زالوا موجودين في جرود عرسال، ولم ينقلوا إلى شمال سوريا كما تردد منذ أيام».
وأكد يوسف أنه «منذ سنة بالتمام لم تصل إلينا أي معلومة عن أبنائنا وما إذا كانوا أحياء، وهل ما زالوا في جرود عرسال أم باتوا خارجها، كما لم يصل إلينا أي تسجيل أو صورة أو خبر عنهم»، كاشفًا أن الأهالي «سيتحركون خلال الأيام القليلة المقبلة باتجاه رئيس الحكومة (تمام سلام) وخلية الأزمة الوزارية والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ونأمل أن تنجز الدولة هذا الملف وتطوي هذه الصفحة المأساوية بعودة أبنائنا سالمين».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.