أوباما وفابيوس متفائلان بنجاح «مفاوضات المناخ» بعد قمة استثنائية لقادة الدول

شكوك حول قابلية ترجمة الدعم السياسي الدولي إلى إجراءات عملية

زائر من بيرو يحضر مؤتمرا صحافيا حول التصحر ضمن فعاليات «كوب 21» في باريس أمس (إ.ب.أ)
زائر من بيرو يحضر مؤتمرا صحافيا حول التصحر ضمن فعاليات «كوب 21» في باريس أمس (إ.ب.أ)
TT

أوباما وفابيوس متفائلان بنجاح «مفاوضات المناخ» بعد قمة استثنائية لقادة الدول

زائر من بيرو يحضر مؤتمرا صحافيا حول التصحر ضمن فعاليات «كوب 21» في باريس أمس (إ.ب.أ)
زائر من بيرو يحضر مؤتمرا صحافيا حول التصحر ضمن فعاليات «كوب 21» في باريس أمس (إ.ب.أ)

أعرب الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس، عن «تفاؤله» بفرص نجاح المؤتمر حول المناخ في باريس، مؤكدًا أن مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري أمر «إلزامي» للاقتصاد والأمن.
وقال خلال مؤتمر صحافي في باريس، غداة الخطابات التي ألقاها 150 رئيس دولة وحكومة للتوصل إلى اتفاق طموح للحد من الاحتباس: «إني متفائل وسننجح». وأضاف أن مكافحة الاحتباس «ضرورة اقتصادية وأمنية علينا التصدي لها الآن»، لأنه بالوتيرة الحالية «سنضطر سريعا إلى تخصيص موارد اقتصادية وعسكرية أكبر (...) للتأقلم مع عواقب كوكب يتغير».
من جهته، رأى رئيس المؤتمر، وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، أنه «إذا لم نتوصل إلى الاتفاق في باريس، لن نجد أبدا بنية أكثر متانة». وقال فابيوس لإذاعة «ار اف اي»: «رأيت أن الطابع الإجمالي (للمداخلات) كان ممتازا. إنها انطلاقة جيدة لمؤتمر باريس». وأضاف: «الجميع يدرك التقلبات المناخية»، موضحًا: «إذا اتفقنا في النهاية على آلية وموعد لمراجعة الاتفاق يكون قريبا، سنكون أنجزنا عملا جيدا».
وباشرت وفود البلدان الـ195 المشاركة في المؤتمر الدولي للمناخ في باريس، أمس، مفاوضات ماراثونية غداة قمة استثنائية لقادة الدول، سعيًا للتوصل إلى اتفاق يحد من الاحتباس الحراري، غير أن عقبات كثيرة لا تزال تعترض هذا الهدف.
ومن المحطات الرئيسية للقاءات أمس هي أفريقيا، التي كانت محور قمة مصغرة لنحو 12 رئيس دولة أفريقية، بمشاركة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند حول موضوع «التحدي المناخي والحلول الأفريقية». وحضّ رئيس المؤتمر الدولي للمناخ لهذه السنة وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، في كلمة أطلق بها أعمال المؤتمر، المشاركين «على إحراز تقدم في الجوهر بحيث نحترم التفويض بالغ القوة الذي منحنا إياه مختلف رؤساء الدول والحكومات». ودعا المندوبين إلى «عدم ادخار أي جهد» لدفع المفاوضات قدمًا.
وكان نحو 150 من قادة الدول أعطوا دفعة سياسية قوية للمفاوضات، موجهين نداءات بالإجماع تدعو إلى إنقاذ الكوكب. وقال مندوب أوروبي: «سيكون الأمر صعبا.. مشروع الاتفاق طويل وينطوي على كثير من الخيارات. فبأي وتيرة يمكن أن تتقدم المفاوضات؟»، في إشارة إلى المداولات التي تطول عادة وتراوح مكانها، وهو ما أثبتته جولات التحضير للمؤتمر التي استمرت طوال عام 2015.
من جهتها، قالت الخبيرة في السياسات المناخية لدى «شبكة العمل حول المناخ»، سيلييا غوتييه، التي تضم 900 منظمة غير حكومية لوكالة الصحافة الفرنسية إن «كل الخيارات مطروحة، كل شيء ممكن، الأسوأ كما الأفضل». وتابعت أن «الخطابات أوجدت ديناميكية مهمة، لكن يتعين بذل جهود كبيرة للتوصل إلى اتفاق على مستوى الرهانات».
وضاعف نحو 150 قائد دولة، في لوبورجيه أول من أمس، النداءات من أجل التحرك ضد ارتفاع حرارة الأرض، من الرئيس الأميركي إلى الرئيس الصيني شي جين بينغ مرورا برئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي. وفي مؤشر إلى وعي غير مسبوق لمخاطر الاحتباس الحراري، لم يشهد أي مؤتمر حول المناخ مشاركة هذا العدد من قادة العالم من قبل.
وأثنت المنظمات غير الحكومية على الدفع السياسي الذي أعطاه قادة العالم بأسره، لكنها تنتظر لترى «كيف سيترجم ذلك خلال المفاوضات». ويوزع النص المطروح لإقراره في نهاية المؤتمر على خمسين صفحة، ويتضمن فصولا رئيسية بينها: خفض انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة، وهو هدف بعيد الأمد، والتكيف مع التغير المناخي، وتمويل سياسات دول الجنوب على صعيد المناخ، وآلية لرفع التزامات الدول بصورة منتظمة، وغيرها.
والهدف من هذين الأسبوعين التوصل إلى أول اتفاق تلتزم بموجبه الأسرة الدولية بتقليص انبعاثات الغازات السامة ذات مفعول الدفيئة لاحتواء ارتفاع حرارة الأرض بدرجتين مئويتين، قياسا إلى الحقبة السابقة للثورة الصناعية. غير أن مواقف المفاوضين تكون أحيانا متباعدة جدا، بحسب مدى اعتماد الدول على مصادر الطاقة الأحفورية (الفحم والنفط والغاز)، ومستوى التطور، وموارد كل بلد.
من جانبها، تطالب الجزر التي باتت في «حالة طوارئ مناخية» بسبب ارتفاع مستوى مياه المحيطات، باتخاذ تدابير قوية وسريعة. في حين أن الدول النفطية مثل بعض دول الخليج، والدول المنتجة للفحم مثل أستراليا، تتمنع عن الخوض في عملية انتقال إلى الطاقة النظيفة تكون مخالفة لمصالحها. أما الهند التي تعتبر من الأطراف المحوريين في المفاوضات، ويترتب عليها تأمين الكهرباء لـ300 مليون نسمة ومكافحة الفقر، فتعول كثيرا على الفحم الذي يعتبر من مصادر الطاقة الأكثر تلويثا.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أول من أمس، بعد ست سنوات على فشل مؤتمر كوبنهاغن: «لن نتوصل إلى اتفاق مثالي»، داعيًا المفاوضين إلى «إبداء ليونة وحس بالتسوية». ويفترض بالاتفاق الذي تأمل الأطراف في التوصل إليه بحلول 11 ديسمبر (كانون الأول)، أن يسمح للعالم بدخول منعطف تاريخي للابتعاد عن مصادر الطاقة الأحفورية التي تؤمن اليوم قسما كبيرا من الطاقة في العالم، غير أنها تتسبب باحتباس حراري غير مسبوق. ومن أجل الحصول على موافقة دول الجنوب، يترتب ضمان تمويل يسمح لها بمواصلة تنميتها بواسطة الطاقات النظيفة ومواجهة عواقب التغير المناخي، مثل تراجع المحاصيل الزراعية وارتفاع مياه البحار وذوبان الجليد وتضاعف الظواهر المناخية القصوى وغيرها.
من جهته، قال البابا فرنسيس أول من أمس إن مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في باريس هو الفرصة الأخيرة على الأرجح أمام البشرية لتجنب كارثة بيئية عالمية. وأدلى البابا، الذي كتب وثيقة كبيرة بشأن البيئة في يونيو (حزيران) الماضي، بهذا التصريح في مؤتمر صحافي مدته ساعة على متن الطائرة التي تقله عائدا إلى روما في ختام جولة أفريقية استمرت ستة أيام. وأصبحت الأحاديث التي لا تخضع للرسميات سمة مميزة للبابا، الذي نادرا ما يجيب على أسئلة مباشرة من الصحافيين. وردًا على سؤال عما إذا كانت قمة الأمم المتحدة للمناخ في باريس ستمثل نقطة تحول في مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، قال البابا: «لست متأكدًا، لكن يمكنني أن أقول لكم: إما الآن أو أبدًا». وتابع: «المشكلات تزداد سوءا كل عام». وتحدث البابا عن انحسار الأنهار الجليدية في غرينلاند، والخطر الذي يواجه البلدان المنخفضة جراء ارتفاع مستويات البحار. وقال: «أنا واثق بأن المشاركين في مؤتمر باريس لديهم نيات طيبة (...) آمل أن يمضي (المؤتمر) على هذا النحو وأصلي من أجل ذلك». وأطلق زعماء العالم محاولة طموحة أول من أمس للحد من ارتفاع درجات حرارة الأرض. ودعت الولايات المتحدة والصين، أكبر مصدرين لانبعاثات الكربون في العالم، قمة الأمم المتحدة للمناخ في باريس بأن تمثل تحولا حاسما في مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري.



اتهامات أوروبية لمالك منصة «إكس» بالتدخل في الانتخابات

Donald Trump ve Giorgia Meloni, cumartesi günü Mar-a-Lago'da (Reuters)
Donald Trump ve Giorgia Meloni, cumartesi günü Mar-a-Lago'da (Reuters)
TT

اتهامات أوروبية لمالك منصة «إكس» بالتدخل في الانتخابات

Donald Trump ve Giorgia Meloni, cumartesi günü Mar-a-Lago'da (Reuters)
Donald Trump ve Giorgia Meloni, cumartesi günü Mar-a-Lago'da (Reuters)

يعوّل الكثير من قادة الاتحاد الأوروبي على العلاقة الخاصة التي بدا أنها تترسخ يوماً بعد يوم، بين الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني. لا، بل قد تعدّ علاقتها «الخاصة» أيضاً مع إيلون ماسك، حليف ترمب، الذي بدا أن الحكومة الإيطالية تجري محادثات مع شركته «سبيس إكس» بشأن صفقة بقيمة 1.6 مليار دولار تتعلق بخدمة الإنترنت «ستارلينك»، مدخلاً لتخفيف التوتر الذي بلغ أقصاه في الأيام الأخيرة، بعد تبادله الاتهامات والانتقادات مع الكثير من القادة الأوروبيين.

ترمب وميلوني في صورة جمعتهما مع المرشّحين لمنصب وزير الخزانة سكوت بيسنت (يسار) ووزير الخارجية ماركو روبيو في مارالاغو السبت (إ.ب.أ)

ترمب وميلوني

ترمب كان التقى ميلوني، قبل يوم من تصديق الكونغرس الأميركي على فوزه في الانتخابات، لإجراء محادثات غير رسمية. وهو ما عدَّه المراقبون تأكيداً للتوقعات واسعة النطاق، بأن الزعيمة الإيطالية اليمينية المتشددة ستكون جزءاً لا يتجزأ من علاقة الاتحاد الأوروبي بالبيت الأبيض بعد تولي ترمب منصبه في 20 يناير (كانون الثاني). ووصف ترمب ميلوني، بعد محادثاتهما، بأنها «امرأة رائعة اجتاحت أوروبا حقاً».

ورغم أن علاقتها بترمب، قد تطورت في الواقع على خلفية معتقداتهما الشعبوية اليمينية، لكن مما لا شك فيه أن علاقتها بالملياردير ماسك، الذي بات يلعب دوراً كبيراً بعد اندماجه بحركة «ماغا» (لنجعل أميركا عظيمة)، قد تمكنها من ترسيخ علاقتها مستقبلاً بالحركة التي بناها ترمب، وباتت تفيض خارج الولايات المتحدة.

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والملياردير إيلون ماسك (أ.ب)

جسر دبلوماسي

وفي الواقع، لم يتمكن سوى عدد قليل من القادة الأوروبيين من كسب مثل هذا الود لدى ترمب، مثل ميلوني، حيث يتوقع أن تلعب دور «جسر دبلوماسي» بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بحسب الكثير من وسائل الإعلام الأميركية والأوروبية. وأضافت أن ميلوني، التي طوّرت ملفاً آيديولوجيا «غامضاً استراتيجياً»، فاجأت منتقديها بتطوير علاقات دافئة مع قادة أوروبيين أكثر وسطية، بما في ذلك رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. في المقابل، فإن هذا الغموض يضع ميلوني في وضع جيد لجلب «الترمبية» إلى أوروبا مع تحول القارة نحو اليمين على أي حال، كما زعم كاتب عمود في صحيفة «نيويورك تايمز».

إيلون ماسك (رويترز)

ومع ذلك، تواجه ميلوني مهمة موازنة علاقاتها الأميركية، مع القضايا الاقتصادية التي تهم إيطاليا. فهي لا تستطيع تحمل إبعاد حلفاء الاتحاد الأوروبي من خلال الميل إلى اليمين كثيراً، على حساب مصالح البلاد. ويزعم منتقدوها، سواء في إيطاليا أو في بروكسل، عاصمة الاتحاد الأوروبي، أن صفقة «ستارلينك» المقترحة، ستجعل روما تعتمد بشكل مفرط على إيلون ماسك. وذكر موقع «بوليتيكو» أن أحد الأعضاء الألمان التقدميين في البرلمان الأوروبي، كتب قائلاً إن الصفقة المقترحة، «تسلم الحكومة الإيطالية والدفاع والاتصالات العسكرية إلى فاشي بدائي لا يمكن التنبؤ به». إن صداقة ميلوني الواضحة مع ماسك تتعارض بشكل متزايد مع الطريقة التي ينظر بها القادة الأوروبيون الآخرون إليه.

الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم بقصر الإليزيه الاثنين (رويترز)

تحذيرات واتهامات

في الأيام الأخيرة ومع تصاعد نفوذه بشكل كبير في السياسة الأميركية، وسعيه للتأثير على الخارج، عبر انتقاده عدداً من زعماء العالم من خلال منصته «إكس» ذات التأثير الكبير، اتهم القادة الألمان والفرنسيون والبريطانيون ماسك بالتدخل السياسي وحتى التدخل في الانتخابات.

وأدان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الاثنين، ما عدّه «الأكاذيب والمعلومات المضللة» التي قال إنها تقوض الديمقراطية في المملكة المتحدة؛ وذلك رداً على سيل من الهجمات التي وجهها ماسك لحكومته، مقترحاً سجن ستارمر، ومتسائلاً عما إذا كان ينبغي للولايات المتحدة «تحرير» حليفتها.

وحث بعض كبار الساسة من الأحزاب السياسية في المملكة المتحدة حلفاء ترمب بشكل خاص على إعادة التفكير في علاقته بإيلون ماسك بعد تعليقاته هذا الأسبوع، حسبما ذكرت وكالة «بلومبرغ».

وتساءل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خطاب أمام السفراء الفرنسيين عمن كان ليتخيل قبل عقد من الزمان «أن مالك إحدى أكبر الشبكات الاجتماعية في العالم سيدعم حركة رجعية دولية جديدة ويتدخل مباشرة في الانتخابات». لم يذكر ماكرون، الذي كانت تربطه في الماضي علاقة مع ماسك بالاسم، لكن كان واضحاً من هو المقصود.

ماكرون وترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عند اجتماعهم في قصر الإليزيه مساء 7 ديسمبر الحالي (رويترز)

ابتعد عن ديمقراطيتنا

وقوبلت تعليقات ماسك بغضب من الزعماء الألمان، حيث اتهمته برلين بمحاولة التأثير على الانتخابات المبكرة في البلاد الشهر المقبل في تعليقه على منصته، ومقال رأي كتبه يشيد بحزب البديل من أجل ألمانيا، اليميني المتشدد.

وقال المستشار الألماني أولاف شولتز إنه يظل «هادئاً» وسط انتقادات شخصية من ماسك، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، لكنه يجد أن «أكثر ما يثير القلق» أن ماسك خاض في السياسة الألمانية من خلال «دعم حزب مثل حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي هو في أجزاء متطرف يميني، ويدعو إلى التقارب مع روسيا بوتن ويريد إضعاف العلاقات عبر الأطلسي».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (رويترز)

وحذَّر روبرت هابيك، مرشح حزب الخضر الألماني لمنصب المستشار، ماسك من التدخل في سياسة البلاد، قائلاً له: «سيد ماسك، ابتعد عن ديمقراطيتنا».

بدوره، قال رئيس الوزراء النرويجي يوناس جار ستور، الاثنين، إن «هذه ليست الطريقة التي ينبغي أن تكون عليها الأمور بين الديمقراطيات والحلفاء»، حسبما ذكرت وكالة «رويترز». وقال إنه «يجد من المقلق أن يتورط رجل يتمتع بإمكانية وصول هائلة إلى وسائل التواصل الاجتماعي وموارد اقتصادية ضخمة في الشؤون الداخلية لدول أخرى بشكل مباشر».