التحالفات السياسية في لبنان تهتز على خلفية ترشيح فرنجية للرئاسة

مصادر: لا يحظى بغطاء مسيحي داخلي بعد تكتل عون ـ جعجع ـ الجميل لرفضه

رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام (يمين) أثناء لقائه مع علي أكبر ولايتي كبير المستشارين للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام (يمين) أثناء لقائه مع علي أكبر ولايتي كبير المستشارين للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
TT

التحالفات السياسية في لبنان تهتز على خلفية ترشيح فرنجية للرئاسة

رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام (يمين) أثناء لقائه مع علي أكبر ولايتي كبير المستشارين للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام (يمين) أثناء لقائه مع علي أكبر ولايتي كبير المستشارين للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)

اهتزت التحالفات السياسية الداخلية في لبنان على خلفية إعلان تيار «المستقبل» دعمه ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. وقد اتسعت في الساعات الماضية هوة الخلاف بين الحلفاء في فريقي 8 و14 آذار على حد سواء، وبالتحديد بين فرنجية وحليفه رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون والحريري وحلفائه المسيحيين، رئيس حزب «القوات» سمير جعجع ورئيس حزب «الكتائب» أمين الجميل.
وعبّر البيان الرسمي الذي صدر يوم أمس عن تيار «المردة» بعيد لقاء جمع فرنجية بوزير الخارجية وصهر عون، جبران باسيل، عن تدهور العلاقة بين بنشعي (مقر إقامة فرنجية شمال البلاد) والرابية (مقر إقامة عون شرقي العاصمة بيروت). فرغم وصف البيان اللقاء بـ«الودي والصريح»، فإن الحديث عن عدم التطرق لـ«التزامات» بين الطرفين، واعتباره أن رفض الأقطاب المسيحيين ترشيح فرنجية على قاعدة «لماذا أنت وليس أنا»، «أمر غير المقبول»، يؤشر إلى تفاقم الخلاف بين الزعماء المسيحيين وخاصة بين عون وفرنجية.
وأوضح بيان «المردة»، ردا على اشتراط فريق عون تضمن أي تسوية سياسية قانون انتخابات يعتمد النسبية، أن رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري «طالب بقانون انتخابي لا يضرب تمثيل طائفة من دون تحديد شكل القانون وقد تم التوافق حول رفض أي قانون يضرب كيان أي طائفة».
وإذ أكد فرنجية خلال اللقاء، وبحسب البيان المذكور، استمراره بدعم ترشيح عون ومنح الموضوع مزيدا من وقت إذا كان هناك من نية فعلية بالتوافق حول العماد عون، أضاف: «أما إذا استمر الترشيح فقط لتعطيل ترشيح فرنجية فهذا موضوع آخر».
من جهتها، قالت مصادر في تيار عون لـ«الشرق الأوسط» بأن الأخير «يتعاطى بكثير من الصراحة والوضوح مع ترشيح فرنجية، وهو قد أبلغه والمعنيين بأنّه إذا استطاع إقناع الحريري بالسير بقانون انتخابات يعتمد النسبية، وبالتالي تضمنت التسوية المرتقبة بندا أول بهذا الخصوص، فهو لن يتوانى عن دعم ترشيحه للرئاسة»، لافتة إلى أن الجهود لا تزال متواصلة مع «القوات» كما مع «الكتائب» بمحاولة لصوغ اقتراح قانون موحد يتفق عليه المسيحيون لطرحه على الطاولة حين يحين وقت البحث والنقاش ببنود التسوية.
وبحسب مقربين منه، فإن حزب الله أبلغ المعنيين بأنّه ماض بترشيح عون حتى يعلن الأخير سحب ترشيحه. وفي هذا السياق قالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «لا يبدو أنّه سيكون هناك خرق قريب في الملف الرئاسي، خاصة أن ترشيح فرنجية لا يحظى بغطاء مسيحي داخلي بعد تكتل عون – جعجع – الجميل لرفضه».
وبدت لافتة في الساعات الماضية، حركة السفراء الغربيين باتجاه مقر فرنجية التي افتتحها القائم بالأعمال في السفارة الأميركية السفير ريتشارد جونز، وتلته سفيرة الاتحاد الأوروبي كريستينا لاسن والمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، ما يوحي بغطاء غربي لرئاسة فرنجية، وهو ما أشار إليه النائب في تيار «المستقبل» محمد قباني بحديثه عن أن طرح فرنجية، المقرب من الرئيس السوري بشار الأسد، للرئاسة يحظى بـ«غطاء سعودي – أميركي - فرنسي».
ولا يزال تيار «المستقبل» يسعى لتسويق فرنجية لدى حلفائه، وبالتحديد المسيحيين منهم، إلا أنّه لا يبدو موفقا بعد. فعدم إتمام لقاء الحريري – جعجع حتى الساعة يوحي بأن الخلاف بينهما بدأ يأخذ منحى تصعيديا، بعكس الخلاف مع الكتائب الذي يبدو أنّه لا يزال مضبوطا رغم بعض التصريحات التي تنم عن امتعاض كتائبي، وهو ما عبّر عنه النائب ايلي ماروني، الذي أشار في حديث إذاعي إلى أن التسوية حول انتخاب رئيس للجمهورية «غير ناضجة وبحاجة إلى كثير من التشاور والحوار، ولن تحسم هذا الأسبوع»، معتبرا أنه «كان على الرئيس الحريري التشاور مع حلفائه قبل اتخاذ خطوة طرح اسم النائب سليمان فرنجية للرئاسة». وأضاف: «لا يجوز أن تأتي هذه الخطوة على حساب الأصدقاء لأنها تكون بذلك عقد إذعان وإخضاع لمشيئة البعض ضد البعض الآخر».
وشدّد ماروني على أن «حصرية الترشيح بالنائب فرنجية تستدعي الحصول على أجوبة حول قضايا عالقة، مثل موقفه من النظام في سوريا والحرب الدائرة فيها وسلاح حزب الله وبرنامجه الداخلي وأيضا موقفه من قانون الانتخابات، خصوصا قانون الستين الذي ترفضه الكتائب».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.