واشنطن تهدئ الشارع العراقي بخطاب عدم التقسيم

الكربولي لـ«الشرق الأوسط»: غياب العدل في الحكومة يزيد من فرقة العراقيين

عناصر من قوات البيشمركة يشاركون في حماية زوار الأماكن المقدسة لدى الشيعة بين العاصمة العراقية بغداد ومحافظة كربلاء أمس (إ. ب. أ)
عناصر من قوات البيشمركة يشاركون في حماية زوار الأماكن المقدسة لدى الشيعة بين العاصمة العراقية بغداد ومحافظة كربلاء أمس (إ. ب. أ)
TT

واشنطن تهدئ الشارع العراقي بخطاب عدم التقسيم

عناصر من قوات البيشمركة يشاركون في حماية زوار الأماكن المقدسة لدى الشيعة بين العاصمة العراقية بغداد ومحافظة كربلاء أمس (إ. ب. أ)
عناصر من قوات البيشمركة يشاركون في حماية زوار الأماكن المقدسة لدى الشيعة بين العاصمة العراقية بغداد ومحافظة كربلاء أمس (إ. ب. أ)

نفت الولايات المتحدة الأميركية الأنباء التي ترددت مؤخرا عن عزم الكونغرس الأميركي التصويت على قرار بتقسيم العراق من خلال تحويله إلى مكونات طائفية وعرقية «شيعة وسنة وأكراد» كبديل عن الحكومة المركزية.
ورحبت الحكومة العراقية بالنفي الصادر عن السفارة الأميركية في بغداد إلا أنها حذرت وعلى لسان المتحدث باسم المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء من استمرار التصريحات غير المسؤولة لعدد من السياسيين والنواب بهذا الشأن مما يؤدي إلى إثارة الشارع العراقي.
وأعلنت السفارة الأميركية في العراق أمس الأحد وفي بيان لها أن «التقارير الإعلامية التي نشرت مؤخرًا والتي تشير إلى أن الكونغرس الأميركي سوف يصوت على تقسيم العراق هي ببساطة تقارير عارية عن الصحة، إذ إن حكومة الولايات المتحدة الأميركية كانت دومًا وسوف تظل ملتزمة بدعمها لوحدة العراق، مثلما كانت وما زالت تعارض أي تدخل أجنبي في الشؤون السيادية العراقية».
وأضافت: «إننا نثني على التصريح الأخير الذي صدر عن وزارة الخارجية العراقية يفند فيه هذه التقارير الإخبارية الكاذبة»، مشيرة إلى أن «الولايات المتحدة الأميركية، بناء على طلب من الحكومة العراقية، ستواصل العمل مع شركائها العراقيين من أجل تقويض وإلحاق الهزيمة بداعش في نهاية المطاف».
وفي هذا السياق أكد المتحدث الإعلامي باسم الحكومة العراقية سعد الحديثي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكومة العراقية طالما أكدت وتعيد التأكيد الآن أن الولايات المتحد الأميركية شريك أساسي في محاربة الإرهاب وتبعا لذلك فإن العراق يرحب بكل خطة جادة تصب في هذا الاتجاه لا سيما في مجال تعزيز القدرات العسكرية واللوجستية للعراق». وشدد الحديثي أن أي قرار يتعلق بمستقبل العراق إنما يقرره العراقيون أنفسهم وبما يؤدي إلى تماسك وحدتهم الوطنية بعيدا عن التدخلات الخارجية. وأضاف الحديثي أن «التصريحات التي تطلق من قبل بعض السياسيين في حال لم تكن مقرونة بمعلومات حقيقية ودراية بما يجري إنما تؤدي في النهاية إلى إثارة اللغط والفتنة في الشارع العراقي وهو ما نحذر منه خصوصا أننا نخوض اليوم معركة حاسمة مع تنظيم داعش الإرهابي». وأعرب الحديثي عن أمله في أن «تدرك القوى السياسية في البلاد حجم التحدي الذي نواجهه على صعيد تهديد وحدة العراق وهو ما يجعل مسؤولية الجميع الحفاظ على هذه الوحدة». وأشار إلى أن «بيان السفارة الأميركية أزال اللبس الحاصل في هذا الأمر مثلما أزال المخاوف والهواجس بهذا الشأن.
وردا على سؤال بشأن قيام واشنطن استقبال شخصيات سياسية تعادي العملية السياسية في البلاد قال الحديثي إنه «بصرف النظر عن موقفنا من هذا الطرف أو ذاك فإن الولايات المتحدة دولة كبرى ولديها رؤاها الخاصة بها لكنها بشكل عام تسعى إلى توسيع المشاركة السياسية في العراق من خلال إشراك أطراف لديها مواقف من العملية السياسية ونحن من جانبا لا نعادي ذلك في إطار احترام الدستور وهو ما تعمل عليه الحكومة في إطار المصالحة الوطنية التي تشمل الجميع شريطة عدم تلطخهم بدماء العراقيين».
من جانبه أكد عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية محمد الكربولي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يجعل الكثير من الأطراف السياسية والعشائرية تذهب إلى الولايات المتحدة الأميركية إنما يعود في جانب كبير منه إلى سوء تعامل الحكومة العراقية مع أبناء العشائر السنية التي تتصدى لتنظيم داعش وتقاتل من أجل طرده من محافظة الأنبار وكل المحافظات العراقية التي تمدد فيها هذا التنظيم».
وأضاف الكربولي أنه «بصرف النظر عن طبيعة الشخصيات التي تستضيفها الولايات المتحدة لكننا نؤكد هنا أن الكرة في ملعب الحكومة العراقية التي بيدها وحدة العراق في حال كانت عادلة في التعامل مع الجميع على قاعدة المساواة أمام القانون».
إلى ذلك بحث رئيسا الوزراء حيدر العبادي والبرلمان سليم الجبوري العلاقات الثنائية بين بغداد وواشنطن مع السيناتور جون ماكين رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ.
وقال بيان لمكتب الجبوري تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن الجبوري دعا الولايات المتحدة إلى ضرورة زيادة الدعم العسكري المقدم للقوات العراقية وأبناء العشائر في المعارك الجارية ضد عصابات «داعش».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.