«المجلة العربية» تحتفي بثقافة الصورة

أصدرت كتابًا مصورًا عن تاريخ السعودية وتراثها

غلاف المجلة
غلاف المجلة
TT

«المجلة العربية» تحتفي بثقافة الصورة

غلاف المجلة
غلاف المجلة

صدر عدد ديسمبر (كانون الأول) «469» من «المجلة العربية.. مجلة الثقافة العربية» التي تصدر عن وزارة الثقافة والإعلام السعودية. وتصدر المجلة مع هذا العدد كتابا يمثل مسارا جديدا في سياستها التحريرية، حيث تفرد مساحة أكبر للفنون البصرية والأدائية إلى جانب المقالات العلمية والأدبية الرصينة. يحمل كتاب العدد عنوان «عدسة التاريخ» جمعه وأعده أسامة سليمان الفليح، وضم عددا من الصور الفوتوغرافية النادرة التي التقطت على مدى عقود في أماكن مختلفة من السعودية وبعض الدول المجاورة، من بينها: صورة لمؤسس السعودية وبانيها الملك عبد العزيز آل سعود، وكذلك عدد من أبنائه، كما يبرز الكتاب أهم الصور التي التقطتها عدسات المستشرقين لمظاهر الحياة في السعودية في الصحراء والمدن، إلى جانب عدد من الشخصيات البارزة، من بينها الملك فاروق، حاكم مصر والسودان، والمستشرقة الدنماركية كرينا جيبي، والرئيس السوري شكري القوتلي. يعود تاريخ أغلب الصور إلى الفترة ما بين عامي (1884 - 1965) ولعل أندرها تلك التي التقطها المستشرق الهولندي «كريستيان سنوك» أثناء زيارته لمكة طلبا للعلم. قسم الكتاب إلى 5 أقسام، هي: المؤسس وأبناؤه، وشيوخ وأعيان، ومنازل في الصحراء، وأماكن مقدسة، والمدن والبلدان.
وأشار رئيس تحرير المجلة العربية الكاتب محمد السيف، في المقدمة الاستهلالية إلى أن هذا العدد يمثل بداية مسار مغاير لكتاب المجلة، وأن «المجلة تقدم هذا الكتاب المصور إيمانا منها بأهمية الصورة، خصوصا تلك الصور التي تعكس الشيء الكثير عن ماضينا الثقافي والاجتماعي، التي احتفظت بصور لرجالات كان لهم حضورهم ووهجهم السياسي والاجتماعي.. نقدم هذا الكتاب ليطلع القارئ العربي في كل مكان على ما كانت عليه هذه البلاد، وعبر عقود من السنين، وما هي عليه اليوم، في كل مجالات الحياة»، مشيرا إلى أن الصورة من أوعية المعلومات المهمة التي يستفيد منها أغلب الباحثين في دراساتهم، لا سيما عندما تقدم حقبة زمنية ماضية، تكون المعلومات عنها شحيحة.
ويناقش العدد الجديد قضايا ملحة على الساحة العربية والعالمية عبر 144 صفحة، منها: «الحروب والأزمات.. ظلال البؤس» حيث تناولت المجلة القضية وانعكاساتها على حياة الشعوب والأمم في شتى مناحي الحياة، كما استطلعت المجلة رأي عدد كبير من الكتاب والمثقفين العرب لبحث انعكاسات ما سمي «الربيع العربي» على الحركة الثقافية والإبداعية لشعوب المنطقة، بينما كتب نذير الماجد عن «الحاجة مجددا إلى غرامشي» متحدثا عن هشاشة النظم السياسية والنخب الثقافية. وضمن هذا الملف أيضا كتبت أمل زاهد، عن استشراف الأدب والإبداع للواقع في ظل الفوضى والجنون وعدم الاستقرار الذي يعاني منه العالم العربي. وتحت عنوان «أدب يتغزل بمن غلب» كتب هاني نقشبندي عن قضية المثقف والسلطة. وفي الملف ذاته، كتب محمد البشتاوي عن «التغيير يبدأ من المثقف»، مشيرا إلى أن الهزات التي تعرضت لها المجتمعات العربية دفعت صعود الهويات الفرعية التي تحولت إلى كيانات داخل كيان الدولة، مما أوقع الجسم الثقافي، مؤسسات وأفراد، في حالة استقطاب حاد.
ومن اليمن، نشر صقر الصنيدي موضوعا بعنوان «أدباء داخل السجون»، ومن الأردن كتب مهدي نصير عن «إعادة بصيص الأمل الثقافي»، بينما تناولت حنان كامل، من مصر، «العلاقة الجدلية بين السياسة والإبداع»، وتناول وجدي الكومي «شجاعة الكتابة عن القادة ومآسي الحروب».
وفي باب آراء، تطرق د. خالد حربي إلى «دور الاستشراق في موقف الغرب من الإسلام وحضارته». أما في باب «آداب» فقد كتب محمد عبد الرحمن القاضي من المغرب عن «فرناندو بيسوا.. أبرز ممثلي الأدب البرتغالي المعاصر».
وتضمنت المجلة أيضا تقريرا من المغرب عن «التجليات السيكولوجية للتلقي في الفرجة الشعبية المغربية. وفي باب «تشكيل» كتب عبد الله بن محمد، من تونس، عن «أوجين ديلاكروا» رائد الرسم الاستشراقي. وفي باب مسرح، تناول أحمد الماجد من العراق «المسرح العربي وتجديد خطابه الفكري مع الآخر»، مقدما قراءة في تاريخ المسرح في العراق ومصر. وعن حضور الفيلم السعودي، تطرق محمد خضر إلى بدايات الفيلم السعودي والتيارات المناهضة له. وفي باب موسيقى نشر محمد فايد من مصر موضوعًا عن «فن الدان»، وهو فن تراثي جماعي مستلهم من الموشحات الأندلسية.
وينقلنا عبادة تقلا إلى روسيا في تقرير عن «متحف الأرميتاج»، بينما كتب الروائي الجزائري واسيني الأعرج عن «انسحاب النخب الأوروبية». وضم العدد بالإضافة إلى ذلك مجموعة من الإبداعات الأدبية والقصصية والشعرية، إلى جانب حصيلة من عروض الكتب والمجلات العلمية والأدبية.



«شجرة الصفصاف»... مقاربة لعلاقة الشرق والغرب

«شجرة الصفصاف»... مقاربة لعلاقة الشرق والغرب
TT

«شجرة الصفصاف»... مقاربة لعلاقة الشرق والغرب

«شجرة الصفصاف»... مقاربة لعلاقة الشرق والغرب

عن دار «بيت الياسمين» للنشر بالقاهرة، صدرتْ المجموعة القصصية «شجرة الصفصاف» للكاتب محمد المليجي، التي تتناول عدداً من الموضوعات المتنوعة مثل علاقة الأب بأبنائه، وخصوصية الموروث الشعبي لدى المصريين، لكن المؤلف يتوقف بشكل خاص أمام العلاقة بين الشرق والغرب، ويقدم مقاربة جديدة لتلك العلاقة الملتبسة. ويعتمد المؤلف في تلك المقاربة على التقاط مواقف إنسانية بسيطة من الحياة اليومية لمصريين يعيشون بالولايات المتحدة وسط زحام الحياة اليومية، لكنها تنطوي على مواقف عميقة الدلالة من ناحية أثر الغربة روحياً على الأفراد، وكيف يمكن أن تكون الهجرة ذات أسباب قسرية. هكذا يجد القارئ نفسه يتابع وسط أحداث متلاحقة وإيقاع سريع مأساة تاجر الأقمشة الذي وقع أسيراً لأبنائه في الخارج، كما يجد نفسه فجأة في قلب مدينة كليفلاند بين عتاة المجرمين.

اتسمت قصص المجموعة بسلاسة السرد وبساطة اللغة وإتقان الحبكة المحكمة مع حس إنساني طاغٍ في تصوير الشخصيات، والكشف عن خفاياها النفسية، واحتياجاتها الروحانية العميقة، ليكتشف القارئ في النهاية أن حاجات البشر للحنو والتواصل هى نفسها مهما اختلفت الجغرافيا أو الثقافة.

ومن أجواء المجموعة القصصية نقرأ:

«كان الجو في شوارع مدينة لكنجستون بولاية كنتاكي ممطراً بارداً تهب فيه الرياح، قوية أحياناً ولعوباً أحياناً أخرى، فتعبث بفروع الأشجار الضخمة التي تعرت من أوراقها في فصل الخريف. هذه هي طبيعة الجو في هذه البلاد بنهاية الشتاء، تسمع رعد السحب الغاضبة في السماء وترى البرق يشق ظلمة الليل بلا هوادة، حيث ينسحب هذا الفصل متلكئاً ويعيش الناس تقلبات يومية شديدة يعلن عدم رضاه بالرحيل.

يستقبل الناس الربيع بحفاوة بالغة وهو يتسلل معلناً عن نفسه عبر أزهار اللوزيات وانبثاق الأوراق الخضراء الوليدة على فروع الأشجار الخشبية التي كانت بالأمس جافة جرداء، تحتفل بقدومه أفواج من الطيور المهاجرة وهي تقفز بين الأغصان وتملأ كل صباح بألحانها الشجية. وسط هذا المهرجان السنوي بينما كنت عائداً من عملي بالجامعة حيث تكون حركة السيارات بطيئة نسبياً شاهدت هناك على الرصيف المجاور رجلاً مسناً في عمر والدي له ملامح مصرية صميمة ويرتدي حلة من الصوف الأزرق المقلم ويلف رأسه بقبعة مصرية الهوية (كلبوش) وعلى وجهه نظارة سميكة. كان الرجل يسير بخطوات بطيئة وكأنه لا يريد الوصول، واضعاً يديه خلف ظهره مستغرقاً في التفكير العميق دون أن يهتم بمن حوله. من النادر أن ترى واحداً في هذه المدينة يسير على قدميه هكذا في طريق عام بهذه الطريقة وفي هذا الجو البارد. انحرفت بسيارتي إلى اليمين نحوه وعندما اقتربت منه أبطأت السير وناديته:

- السلام عليكم، تفضل معي يا حاج وسأوصلك إلى أي مكان ترغب.

اقترب الرجل مني أكثر ليدقق في ملامحي وانثنى قليلاً وهو ينظر إليّ وقال:

- أريد الذهاب إلى مصر، تقدر توصلني أم أن المشوار طويل؟».