إزرا باوند.. إنجاز شعري كبير ومواقف سياسية مثيرة للجدل

جزء ثانٍ من ثلاثية يتناول أخصب الفترات في حياته

إزرا باوند
إزرا باوند
TT

إزرا باوند.. إنجاز شعري كبير ومواقف سياسية مثيرة للجدل

إزرا باوند
إزرا باوند

«إزرا باوند شاعرا: صورة شخصية للرجل وعمله» كتاب من تأليف أ. ديفيد مودي صدر هذه السنة عن مطبعة جامعة أكسفورد في 421 صفحة
A. David Moody، Ezra Pound Poet:
A Portrait of the Man and his Work، vol11، The Epic Years 1921 - 1939، Oxford University Press، 421 pp.
وهو الجزء الثاني من ثلاثية يتتبع فيها مودي حياة الشاعر الأميركي إزرا باوند (1885 - 1972) وأعماله. وهذا الجزء الذي يحمل عنوان «السنوات الملحمية» يغطي الفترة 1939 - 1921 وهي فترة قضاها باوند ما بين باريس ورابالو في إيطاليا. أما الجزء الأول الذي صدر في 2007 فكان يحمل عنوان «العبقري الشاب 1885 - 1920».
كانت هذه الفترة - فيما يقول مودي - أخصب الفترات في حياة باوند. فخلالها نشر عددا من قصائده المسماة «الأناشيد» وهي تشكل ملحمة كبيرة (ومن هنا جاء العنوان الفرعي للكتاب: السنوات الملحمية) وأعد أوبرا بعنوان «العهد» مستوحاة من قصائد الشاعر الفرنسي فيون في القرن الخامس عشر، وأعان ت.س.إليوت على تشذيب مخطوط قصيدته «الأرض الخراب» واختصارها حتى خرجت بالصورة التي نعرفها اليوم. وخلال هذه السنوات، كما يقول ديفيد بروتش في «ملحق التايمز الأدبي» (31 يوليو (تموز) 2015)، جمع باوند بين علاقته بزوجته دوروثي وعشيقته أولجا ردج. وأنجب من هذه الأخيرة ابنة رفض الاعتراف بأبوته لها، بينما أنجبت زوجته دوروثي من رجل آخر ابنا اعترف به باوند ابنا له!
اهتم باوند بالاقتصاد والتاريخ ذاهبا إلى أن الحضارة الغربية قد عرفت تدهورا مطردا بعد القرن الخامس عشر، وإن تخللتها لحظات من الازدهار. كان القرن الخامس عشر - وهو ذروة عصر النهضة في إيطاليا بخاصة - يمثل في نظر باوند ظاهرة جمالية لامعة، وفترة نشاط ثقافي وفني وفكري غير مسبوق. كذلك انجذب إلى الفكر الصيني وتعاليم الحكيم كونفوشيوس. وكتب عن تاريخ الولايات المتحدة الأميركية ورؤسائها مثل جون آدمز وتوماس جيفرسون.
وخلال ثلاثينات القرن الماضي أخرج باوند كتبه «مبادئ القراءة» (1934) و«دليل إلى الثقافة» (1938). وفي 30 يناير (كانون الثاني) 1933 التقى بموسوليني - وهو لقاء تطلع إليه باوند طويلا - فكان ذلك تأكيدا لتعاطفه مع الفاشية. وأعقبه إلقاؤه أحاديث مؤيدة لموسوليني من إذاعة روما أثناء الحرب العالمية الثانية، مما أدى إلى إدانته بتهمة الخيانة لوطنه أميركا واعتقاله ثم إيداعه مستشفى للأمراض العقلية في واشنطن دي سي لمدة ثلاثة عشر عاما، حين وجد الأطباء أن حالته العقلية تستوجب ذلك. ولولا شهادة الأطباء هذه لأعدم بتهمة الخيانة العظمى.
ويحلل مودي «أناشيد» باوند نافيا عنها تهمة الافتقار إلى الشكل وغياب المعنى قائلا إنها أشبه بعمل موسيقي مركب يشتمل على خيوط وتنويعات وألحان دالة مترددة (بمعنى متكررة) وهي عنده أشبه بفيوجة من تأليف باخ (الفيوجة شكل من التأليف الموسيقي نجد فيه خيطا ثم خيطا مجاوبا له، ولا يلبث الخيط الأول أن يصاحب الثاني أو يغدو كونترابانطيا - لحنا مقابل لحن).
وأثناء إقامة باوند في رابالو نظم عددا من الحفلات الموسيقية قدمت أعمالا لسكارلاتي وفيفالدي وباخ وموزاروبارتوك وسترفنسكي، بل ألف أعمالا موسيقية هو ذاته.
وتكشف أعمال باوند عبر السنين عن تأثره بالشاعر الفيكتوري روبرت براوننج وشاعر أميركا الأكبر والت وتمان (رغم تحفظات باوند عليه) والنقد الفني الذي كتبه الناقد الإنجليزي جون رسكين.
وينتهي كتاب مودي بسفر باوند إلى الولايات المتحدة في 1939 وهي آخر زيارة له لموطنه قبل أن يقتاد إليه سجينا. وخلال تلك السفرة زار أصدقاءه في مدينة نيويورك كما زار جامعة هارفارد، وخلعت عليه كلية هاملتون - التي تلقى بها تعليمه الجامعي - درجة أكاديمية فخرية.
ويشي كتاب مودي بتعاطفه مع باوند واستعداده لاغتفار كثير من حماقاته وشذوذ آرائه المثيرة للخلاف. ومن المنتظر أن يغطي الجزء القادم من كتابه ما بقي من حياة باوند: إلقاء الجيش الأميركي القبض عليه في مدينة بيزا، حيث حبس في قفص قبل ترحيله إلى الولايات المتحدة ليحاكم، وإقامته في مصحة الأمراض العقلية والنفسية، ثم الإفراج عنه وعودته إلى مدينة رابالو التي قضى بها بقية عمره منذ عام 1958 حتى وفاته في 1972.
والنتيجة التي ينتهي إليها قارئ باوند هي أن عمله كان ملتقى ثلاث جدائل: الإبداع والترجمة والدرس المقارن.
لقد كان باوند - مثل صديقه إليوت - يؤمن بأن الإبداع ثمرة لقاء بين الموهبة الفنية والموروث. وكانت نظرته أيضا كصديقه شاملة تحيط بالماضي والحاضر وتستشرف آفاق المستقبل. ونظرة سريعة إلى محتويات كتبه تشهد بهذا. ففي كتابه المسمى «مبادئ القراءة» نماذج من الأدب العالمي شرقا وغربا، قديما وحديثا، يوصي القارئ بالاطلاع عليها ويوصي الشاعر الناشئ بدراستها والإفادة من تقنياتها.
كذلك استأثرت الترجمة بجانب كبير من اهتمامات باوند، فنقل إلى الإنجليزية قصائد من فرنسية العصور الوسطى، وقصيدة «المسافر البحري» من الشعر الإنجلوسكسوني (الإنجليزي القديم) وقصائد لهايني عن الألمانية. ترجم عن اللاتينية واليونانية، وللشاعرين الرمزيين الفرنسيين لافورج ورمبو، ومن الشعر الإيطالي. بل إنه حاكى الحرف الصيني المكتوب واهتم باللغويات الصينية وقصائد الهايكو اليابانية. وترجم كذلك عن الحكيم كونفوشيوس، ومسرحية «نساء تراخيس» للشاعر المسرحي الإغريقي سوفوكليس. وبالاشتراك مع نويل ستوك ترجم قصائد حب من مصر القديمة.
وفي مجال الدرس المقارن دعا باوند إلى درس أدبي يزن الشاعر الإغريقي ثيوكريتوس (من القرن الثالث قبل الميلاد) والشاعر الآيرلندي و.ب.ييتس (من القرن العشرين) بميزان واحد. ووّسع من رقعة الأدب المقارن إذ جعله يشمل آداب الصين واليابان.
ليس من الإسراف أن نقول - كما قال ج.س.فريزر - إن باوند هو بيكاسو الشعر الحديث. لقد انغمس في قلب كل الثورات الشعرية خلال القرن العشرين وكان دائما على رأسها. ومثّل - بالاشتراك مع إليوت وجويس وهيوم ووندام لويس - الاتجاهات الحداثية في الفن وقدم - في قصائده ونقده وترجماته صورة نفاذة للعالم الحديث، وإعادة قراءة خلاقة للعالم القديم.



مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
TT

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)

أكد البيان الختامي لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي اختُتم مساء السبت، إقامة مشروع بحثي فلسفي يدرس نتاج الفلاسفة العرب وأفكارهم وحواراتهم.

وبعد اختتام مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي أُقيم بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك بمقر «بيت الفلسفة» بالإمارة، برعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة؛ اجتمع أعضاء «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» في مقرّها بـ«بيت الفلسفة»، وأصدروا بياناً دعوا إلى تأسيس نواة «اتحاد الجمعيات الفلسفية العربية»، ومقرّه الفجيرة، وتشجيع الجمعيات على الانضمام إلى «الفيدرالية الدولية للفلسفة».

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وأكد البيان أهمية مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج العربي، مثل مشكلة الهوية وتعزيز الدراسات حولها.

ودعا للسعي إلى «الإضاءة على الفلسفة في العالم العربي وتمييزها من الفلسفة الغربية؛ لأنّ هدف بيت الفلسفة المركزي تعزيز الاعتراف بالآخر وقبوله».

كما دعا البيان إلى تعزيز دائرة عمل «حلقة الفجيرة الفلسفيّة»، بما يضمن تنوّع نشاطها وتوسّع تأثيرها؛ بدءاً بعقد جلسات وندوات شهريّة ودوريّة من بُعد وحضورياً، ومروراً بتعزيز المنشورات من موسوعات ومجلّات وكتب وغيرها، وانتهاء باختيار عاصمة عربيّة في كلّ سنة تكون مركزاً لعقد اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» بإشراف «بيت الفلسفة».

وأكد توسيع دائرة المشاركين خصوصاً من العالم الغربي؛ بحيث يُفعّل «بيت الفلسفة» دوره بوصفه جسراً للتواصل الحضاري بين العالمين العربي والغربي.

كما بيّن أهمية إصدار كتاب يجمع أعمال المؤتمرات السابقة. وبدءاً من العام المقبل سيعمد «بيت الفلسفة» إلى تعزيز الأبحاث المطوّلة في المؤتمر ونشرها في كتاب خاصّ.

ومؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة هو الأول من نوعه في العالم العربي، وتشارك فيه سنوياً نخبة من الفلاسفة البارزين من مختلف أنحاء العالم، ويحمل المؤتمر هذا العام عنوان: «النقد الفلسفي».

وتهدف دورة هذا العام التي بدأت يوم الخميس الماضي واختُتمت السبت، إلى دراسة مفهوم «النقد الفلسفي»، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والإشكاليات حوله، بدءاً بتعريف هذا النوع من النقد، وسبل تطبيقه في مجالات متنوعة؛ مثل: الفلسفة، والأدب، والعلوم.

وتناول المؤتمر العلاقة بين النقد الفلسفي وواقعنا المعيش في عصر الثورة «التكنوإلكترونية»، وأثر هذا النقد في تطوّر الفكر المعاصر.

وخلال مؤتمر هذا العام سعى المتحدثون إلى تقديم رؤى نقدية بنّاءة جديدة حول دور الفلسفة في العصر الحديث، ومناقشة مجموعة من الموضوعات المتنوعة، تشمل علاقة النقد الفلسفي بالتاريخ الفلسفي وتأثيره في النقد الأدبي والمعرفي والعلمي والتاريخي، ومفاهيم مثل «نقد النقد»، وتعليم التفكير النقدي، إلى جانب استكشاف جذور هذا النقد وربطه ببدايات التفلسف.

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وعملت دورة المؤتمر لهذا العام على أن تصبح منصة غنيّة للمفكرين والفلاسفة لتبادل الأفكار، وتوسيع آفاق النقاش حول دور الفلسفة في تشكيل المستقبل.

وشملت دورة هذا العام من مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة عدداً من الندوات والمحاضرات وجلسات الحوار؛ حيث افتُتح اليوم الأول بكلمة للدكتور أحمد البرقاوي، عميد «بيت الفلسفة»، وكلمة للأمين العام للاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية.

وتضمّنت أجندة اليوم الأول أربع جلسات: ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتور أحمد البرقاوي، بعنوان: «ماهيّة النّقد الفلسفيّ»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الغذامي، بعنوان: «النقد الثقافي»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الهتلان.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور فتحي التريكي، بعنوان: «النقد في الفلسفة الشريدة»، ومحاضرة للدكتور محمد محجوب، بعنوان: «ماذا يُمكنني أن أنقد؟»، ومحاضرة ثالثة للدكتور أحمد ماضي، بعنوان: «الفلسفة العربية المعاصرة: قراءة نقدية»، وترأس الجلسة الدكتور حسن حماد.

أما الجلسة الثالثة فضمت محاضرة للدكتور مشهد العلّاف، بعنوان: «الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلميّة»، ومحاضرة للدكتورة كريستينا بوساكوفا، بعنوان: «الخطاب النقدي لهاريس - نقد النقد»، ومحاضرة للدكتورة ستيلا فيلارميا، بعنوان: «فلسفة الولادة - محاولة نقدية»، وترأس الجلسة: الدكتور فيليب دورستيويتز.

كما ضمت الجلسة الرابعة محاضرة للدكتور علي الحسن، بعنوان: «نقد البنيوية للتاريخانيّة»، ومحاضرة للدكتور علي الكعبي، بعنوان: «تعليم الوعي النقدي»، وترأس الجلسة: الدكتور أنور مغيث.

كما ضمّت أجندة اليوم الأول جلسات للنقاش، وتوقيع كتاب «تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه» للدكتور باسل الزين، وتوقيع كتاب «الفلسفة كما تتصورها اليونيسكو» للدكتور المهدي مستقيم.

جانب من الحضور (الشرق الأوسط)

وتكوّن برنامج اليوم الثاني للمؤتمر (الجمعة 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2024) من ثلاث جلسات، ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتورة مريم الهاشمي، بعنوان: «الأساس الفلسفي للنقد الأدبيّ»، ومحاضرة للدكتور سليمان الضاهر، بعنوان: «النقد وبداية التفلسف»، وترأست الجلسة: الدكتورة دعاء خليل.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور عبد الله المطيري، بعنوان: «الإنصات بوصفه شرطاً أوّلياً للنّقد»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الجسمي، بعنوان: «النقد والسؤال»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الضاهر.

وضمت الجلسة الثالثة محاضرة للدكتور إدوين إيتييبو، بعنوان: «الخطاب الفلسفي العربي والأفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية»، ومحاضرة الدكتور جيم أي أوناه، بعنوان: «الوعي الغربي بفلسفة ابن رشد - مدخل فيمونولوجي»، ويرأس الجلسة: الدكتور مشهد العلاف.

وتكوّن برنامج اليوم الثالث والأخير للمؤتمر (السبت 23 نوفمبر 2024) من جلستين: تناولت الجلسة الأولى عرض نتائج دراسة حالة «أثر تعليم التفكير الفلسفي في طلاب الصف الخامس»، شارك فيها الدكتور عماد الزهراني، وشيخة الشرقي، وداليا التونسي.

وشهدت الجلسة الثانية اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفية» ورؤساء الجمعيات الفلسفية العربية.