ثلاثة خيارات أمام روسيا للتعامل مع الأزمة الأوكرانية

محللون: الغرب قادر على تغيير مواقف موسكو عبر مزيج من العقوبات المالية والدبلوماسية

ثلاثة خيارات أمام روسيا للتعامل مع الأزمة الأوكرانية
TT

ثلاثة خيارات أمام روسيا للتعامل مع الأزمة الأوكرانية

ثلاثة خيارات أمام روسيا للتعامل مع الأزمة الأوكرانية

رغم التهديد والوعيد، فإن تأكيدات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن بلاده لا تعتزم، في الوقت الراهن على الأقل، غزو شرق أوكرانيا، أشارت إلى إمكانية التوصل إلى حل للأزمة الجيو-سياسية التي جذبت انتباه العالم. وتعاملت الأسواق العالمية مع تلك التصريحات بنوع من الارتياح، فيما استقبلها البيت الأبيض بتفاؤل حذر.
لكن التطورات على الأرض شكلت معضلة صعبة بالنسبة للرئيس الأميركي باراك أوباما وحلفائه الأوروبيين. فحتى لو انسحبت روسيا من شرق أوكرانيا فقط، وتخلت عن تصعيد تدخلها العسكري، هل ستتمكن فعليا من تجميد احتلالها لشبه جزيرة القرم؟ وهل ستشعر الولايات المتحدة وأوروبا أنهما مجبرتان على القبول بذلك أم أن بمقدورهما العثور على وسيلة لمنعه؟ وإن حدث ذلك، فما هو الثمن الذي سيضطر الغرب لدفعه لقاء ذلك؟
منذ أن سيطرت القوات الروسية على القرم، اعترف مساعدو أوباما بأن رد الاحتلال سيكون صعبا، إن لم يكن مستحيلا، على المدى القريب، وركزوا على عدم اتخاذ خطوات تصعيدية لسد الطريق أمام بوتين من المضي قدما. وإذا استمر حصار جزيرة القرم خلال الأسابيع القادمة، فإن الأمر سيتطلب جهدا منسقا لإجبار روسيا على سحب قواتها، تلك المحاولة التي يمكن أن تؤدي إلى انفصال الولايات المتحدة عن حلفائها الأوروبيين الذين قد يبدون أكثر رغبة في التعايش مع الواقع الجديد.
وحتى هذه اللحظة، يسعى البيت الأبيض لمنع المواجهة، في الوقت الذي يشعر فيه بالامتعاض وربما الدهشة إزاء التدخل الروسي. وشعر المسؤولون الأميركيون ببعض الارتياح إزاء تصريحات بوتين الأخيرة بأنه لا يرى ضرورة في هذه المرحلة للتدخل في مناطق شرق أوكرانيا الناطقة باللغة الروسية. كما شجعهم قبول بوتين بإجراء انتخابات جديدة في مايو (أيار) كسبيل لمنح الشرعية لحكومة أوكرانية جديدة وقراره إلغاء التدريبات العسكرية بالقرب من الحدود.
ورغم زيارة وزير الخارجية الأميركي إلى كييف أول من أمس لتقديم الدعم لحكومتها الجديدة المؤيدة للغرب، فإن الرئيس أوباما اتصل هاتفيا بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للبحث عن مخرج لبوتين للانسحاب مع طرح فكرة نشر مراقبين دوليين.
لكن آخرين حذروا من التفاؤل الكبير تجاه تصريحات بوتين. وقال أيفو دالادير، أول سفير لإدارة أوباما إلى حلف شمال الأطلسي والذي يعمل الآن رئيسا لمجلس شيكاغو للعلاقات العالمية: «سنكون مخطئين إذا فهمنا تصريحاته باعتبارها مؤشرا على اقتراب نهاية الأزمة. لقد أضعنا القرم، لكن باقي الدولة معنا». وأشار إلى أن القرم ستتحول إلى سابقة، مضيفا: «القرم قضية كبرى، وأعني أن هناك دولة يمكن أن تتعرض للغزو، وهناك جزء كبير منها يمكن اقتطاعه دون ثمن. الأمر الثاني هو أن الأمر لا يتوقف على القرم، بل بمن يملك السيطرة في النهاية على أوكرانيا».
ودفع التوتر الذي لا يزال سيد الموقف، إدارة أوباما إلى المضي قدما في وضع خطط لفرض الولايات المتحدة عقوبات بمشاركة حلفائها الأوروبيين. ويملك الرئيس أوباما السلطة لاتخاذ خطوات كثيرة من دون الحاجة إلى تشريعات جديدة من الكونغرس، إذ أعدت وزارة الخارجية الأميركية، بموجب قانون ماغنيتسكي، قوائم بأسماء الشخصيات الروسية المتهمة بانتهاك حقوق الإنسان، وبمقدور الإدارة فرض حظر سفر على هؤلاء الروس إلى الولايات المتحدة وتجميد أي أصول لهم في الولايات المتحدة وقطع صلاتهم بالمصارف الأميركية. كما يملك الرئيس الأميركي السلطة، بموجب العقوبات المفروضة على سوريا، لملاحقة الأفراد والمؤسسات الروسية المتورطة في إرسال الأسلحة لمساعدة الرئيس السوري بشار الأسد في سحق الثورة السورية. وكانت الإدارة قد أرجأت تنفيذ مثل هذه الخطوات خلال محاولتها العمل مع روسيا للتوصل إلى حل للحرب الأهلية في سوريا. لكنها في حال تطبيقها يمكن أن تمنع عددا من المصارف الروسية من الاتصال بالنظام المالي العالمي.
ويستطيع أوباما أيضا توقيع أمر تنفيذي لفرض عقوبات توجه بشكل خاص ضد المسؤولين والمنظمات التي يلقى عليها باللائمة في الاضطرابات التي شهدتها أوكرانيا وتنتهك سيادتها. ونظريا، يمكن أن تشمل تلك القائمة الجميع بمن فيهم الرئيس بوتين ذاته، لكن المسؤولين أشاروا إلى أنهم سيعملون بدلا من ذلك عبر سلسلة القيادة.
وعبر قادة أوروبا الذين تعتمد بلادهم على الغاز الطبيعي الروسي ويرتبطون بعلاقات اقتصادية أكثر عمقا مع روسيا، عن ترددهم في المضي قدما في تنفيذ عقوبات أكثر صرامة حاليا. لكن قرارا أميركيا صدر عادا أن هناك بنكا روسيا ارتكب خروقات، سيجري إرساله إلى المصارف في جميع أنحاء العالم، مما يجبر المصارف الأوروبية على قطع علاقاتها مع المصرف الروسي، وإلا ستخاطر بمنعها من ممارسة النشاط التجاري مع القطاع المالي الأميركي. ويقول أندري أسلوند، المتخصص في الشأن الروسي والأوكراني في معهد بيترسون للعلاقات الاقتصادية في واشنطن «أعتقد أن هناك إمكانية لإجبار روسيا على الخروج من القرم عبر مزيج من العقوبات المالية والدبلوماسية القوية المباشرة».
وهناك سابقة شهيرة يمكن أخذها في الاعتبار عند التعامل مع روسيا فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، إذ انفصل إقليما أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية - المواليان لموسكو - عن جورجيا (الجمهورية السوفياتية السابقة). وبعد حرب روسيا ضد جورجيا عام 2008. تحدى الكرملين الولايات المتحدة وباقي دول العالم، باعترافه باستقلال الإقليمين، وتركت روسيا وراءها بعض القوات لضمان تثبيت استقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية. ورغم كل الاحتجاجات التي صدرت عنهما، عادت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في نهاية الأمر – كالعادة – إلى التعاون التجاري مع روسيا.
ويقول مساعدو أوباما إن الأمر يختلف بالنسبة لأوكرانيا وإنهم يتصورون صعوبة كبيرة في عودة العلاقات لطبيعتها مع موسكو في حال استمرار احتلال القوات الروسية لشبه جزيرة القرم. ويشيرون إلى أن الأولوية بالنسبة لهم تتمثل في منع روسيا من ضم القرم بشكل صريح، وإن تركها كأرض أوكرانية معزولة تحت سيطرة موسكو لن يكون مقبولا أيضا. ويشير مسؤولو البيت الأبيض إلى أنهم يرون ثلاثة احتمالات فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية. الأول أن تلجأ روسيا إلى مزيد من التصعيد في شرق أوكرانيا، وهو الأمر الذي يأملون ألا يحدث بعدما تعهد بوتين بعدم اتخاذ خطوات تصعيدية جديدة، والثاني إمكانية أن تقرر روسيا البقاء في شبه جزيرة القرم، عبر ضمها فعليا إلى أراضيها، أو من خلال حكم الأمر الواقع.
أما الاحتمال الثالث، فيتمثل في أن تلجأ روسيا لما وصفه المسؤولون الأميركيون بـ«الطريق البديل» من خلال السماح للمراقبين الدوليين بأن يحلوا محل القوات الروسية في شوارع القرم لتوفير الحماية لسكان شبه الجزيرة الأوكرانيين الناطقين باللغة الروسية، وكذلك قبول روسيا للحكومة الأوكرانية التي ستتمخض عن الانتخابات المقررة في مايو المقبل.
* خدمة «نيويورك تايمز»



«المافيا» تهدد على طريقة فيلم «العراب»... رأس حصان وبقرة ممزقة يرعبان صقلية

منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)
منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)
TT

«المافيا» تهدد على طريقة فيلم «العراب»... رأس حصان وبقرة ممزقة يرعبان صقلية

منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)
منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)

هزَّ العثور على رأس حصان مقطوع، وبقرة حامل ممزقة وعجلها الميت بداخلها ملطخين بالدماء، جزيرة صقلية الإيطالية، وتعاملت السلطات مع الحادث باعتباره تهديداً من قبل المافيا.

وقالت الشرطة لشبكة «سي إن إن» إنه تم اكتشاف الحيوانات النافقة في ملكية أحد مقاولي البناء في بلدة ألتوفونتي، بالقرب من باليرمو. ووفق الشبكة الأميركية، فالمشهد «المروّع» يذكّر بفيلم «العراب» أو «The Godfather» الذي عُرض عام 1972، إذ يستيقظ شخصية بالفيلم ليجد رأس حصان مقطوعاً في سريره.

وقال المقاول، الذي لم يتم الكشف عن اسمه لحمايته أثناء التحقيق الجاري، للشرطة، إنه لم يتلق أي تهديدات قبل اكتشاف الماشية النافقة، التي تم الاحتفاظ بها في عقار مجاور.

ولا تزال صناعات البناء من أبرز قطاعات الأعمال المرتبطة بالمافيا في صقلية، وفقاً لتقرير حديث صادر عن مديرية مكافحة المافيا.

وكثيراً ما كان المقاول المُستهدف ينفذ أعمال البناء لصالح البلدية المحلية، التي بذلت قصارى جهدها لمنع الشركات المرتبطة بالمافيا من الفوز بعطاءات، لكنه أخبر الشرطة أنه لم تتواصل معه أي مجموعة تطالبه بالمال أو الخدمات.

وقال متحدث باسم الشرطة لشبكة «سي إن إن» إن الحادث يتم التعامل معه على أنه أسلوب تخويف من قبل المافيا.

وقد يكون الحادث مرتبطاً بالإفراج مؤخراً عن 20 من أعضاء المافيا من السجون المحلية، الذين انتهت مدة عقوباتهم، و«ربما يسعون للانتقام» وفقاً لرئيس مديرية مكافحة المافيا، موريزيو دي لوسيا.

وقال دي لوسيا في سبتمبر (أيلول): «لا يمكننا أن نتخلى عن حذرنا، فالحرب ضد المافيا أصبحت أكثر صعوبة مع إطلاق سراح هؤلاء الرجال».

وقالت عمدة ألتوفونتي، أنجيلا دي لوسيا، إنها شعرت بالرعب عندما سمعت الأخبار. وأضافت لوسائل الإعلام المحلية: «لا أستطيع أن أفهم مثل هذه الوحشية... يبدو أن هذا الفعل يعيدنا إلى العصور الوسطى».

ويعد استخدام الحيوانات الميتة، وفي كثير من الأحيان الكلاب وليس الخيول، تكتيك ترهيب شائعاً في الجزيرة الواقعة بجنوب إيطاليا، وفق «سي إن إن».

وتم الإبلاغ عن العديد من الحوادث المماثلة التي تنطوي على رؤوس حيوانات مقطوعة من قبل رجال الأعمال المحليين في صقلية، ففي عام 2023 تم العثور على رأس خنزير مقطوع معلقاً في مركز الشرطة المحلي، بينما عثر مقاول أعمال محلي على رأس مقطوع لأحد عنزاته في حديقته.