الجيش اليمني يطيح بشبكة تهريب أدخلت معدات وأجهزة اتصال من «المهرة»

ضبط بحوزتهم أسلحة ومتفجرات.. ويحملون الجنسية اليمنية

مقاتلون موالون للرئيس اليمني منصور هادي في منطقة المسراخ بتعز أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون موالون للرئيس اليمني منصور هادي في منطقة المسراخ بتعز أمس (أ.ف.ب)
TT

الجيش اليمني يطيح بشبكة تهريب أدخلت معدات وأجهزة اتصال من «المهرة»

مقاتلون موالون للرئيس اليمني منصور هادي في منطقة المسراخ بتعز أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون موالون للرئيس اليمني منصور هادي في منطقة المسراخ بتعز أمس (أ.ف.ب)

أطاح الجيش اليمني بشبكة تهريب مكونة من عناصر تحمل الجنسية اليمنية، تورطوا بإدخال كميات من الأسلحة والمتفجرات، إضافة إلى كميات من أجهزة الاتصال ومعدات عسكرية، عن طريق منفذ «المهرة»، أقصى الشرق من الجمهورية اليمنية، وتشكل الحدود الشرقية مع سلطنة عمان.
وفي حين لم تعرف مصادر هذه الأسلحة والجهات التي زودت المهربين بهذه الكميات المرسلة لميليشيا الحوثيين وحليفهم الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، أجرت الجهات المعنية في اليمن على الفور تحقيقا موسعا مع المتورطين ملاك القوارب البحرية الذين جلبوها من مواقع مجهولة إلى الموانئ اليمنية، ويتوقع أن تتضح المعلومات كافة خلال الأيام المقبلة.
وتعيد هذه العملية، ما كُشف من قبل قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، في أوقات سابقة من محاولات متكررة لمهربين من جنسيات مختلفة ويمنيين، إدخال أسلحة مختلفة الاستخدام عبر الموانئ، التي كان آخرها ما أعلن في 20 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، من تورط قيادات لبنانية يعتقد في انتمائها إلى حزب الله، وأخرى إيرانية في تهريب كميات من الأسلحة ضبطت خلال الفترة الماضية، آتية من إيران عبر السواحل الشرقية والغربية لليمن، التي كُشف عنها خلال عملية استخباراتية نفذها أفراد من المقاومة الشعبية والجيش الوطني.
وقال اللواء ركن دكتور ناصر الطاهري، نائب رئيس هيئة الأركان في القوات المسلحة اليمنية، لـ«الشرق الأوسط»: «رغم عمليات المراقبة والتشديد على جميع المنافذ التي يسيطر عليها الجيش بدعم من قوات التحالف العربي، فإن هناك عمليات تهريب تحدث بشكل مستمر، لوجود فجوة يتمكن من خلالها المهربون من إدخال ما يمكن إدخاله من بعض المنافذ اليمنية».
وأشار اللواء الطاهر إلى أن عمليات التهريب يعاني منها العالم، فكيف ببلاد تحارب من أجل إعادة الشرعية ودحر الانقلابيين، موضحا أن ما يضبط من عمليات تهريب قليل، مقارنة بما يدخل من الحدود التي غالبا ما تكون أسلحة وغيرها من المعدات العسكرية، التي تستفيد منها ميليشيا الحوثي في المواجهات العسكرية.
وأضاف نائب رئيس هيئة الأركان اليمنية، أن الأسلحة والمتفجرات والأجهزة والمعدات العسكرية، التي ضبطت بحوزة مهربين يمنيين، والقادمة من محافظة المهرة في الجزء الشرقي، مجهولة المصدر، ويجري التحقيق لمعرفة مصادر هذه الأسلحة، موضحا أن هناك الكثير من المهربين الذين يستغلون الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد ويقومون بإغراء ملاك القوارب في نقل هذه الكميات إلى الشواطئ.
وحول الوضع الميداني للجيش اليمني، قال اللواء الطاهري «إن جميع الجبهات تشهد مواجهات عنيفة واصطداما مباشرا مع ميليشيا الحوثي وحليفهم علي صالح، وتكون المواجهات في بعض المواقع على طريقة الفرّ والكرّ لاستنزاف الميليشيا وإجبارها على الخروج من المواقع التي تتحصن بها، خصوصا أن الجيش اليمني لديه عقيدة عسكرية بعدم المواجهات في المواقع السكنية أو تلك التي تكثر بها الحشود البشرية.
واستطرد اللواء الطاهري: «إن أجزاء كبيرة من مساحة اليمن الجغرافية التي تتجاوز 50 في المائة، حُرّرت من قبضة ميليشيا الحوثيين، وأن المواجهات تتركز في مواقع حيوية من اليمن»، موضحا أن السبب الرئيسي وراء سيطرة الحوثيين على هذه الأجزاء الكبيرة من البلاد يعود إلى تأخر الدعم العسكري للجيش، وهذا لا يعني أننا لم نلق الدعم المطلوب من قوات التحالف التي قامت بكل إمكاناتها لإعادة الشرعية، ولو توافرت تلك الإمكانات في وقت سابق لتقلصت الفترة الزمنية لعملية تحرير اليمن، مشددا أن قوات التحالف تقوم بدور مهم وحيوي على كل الأصعدة في استعادة اليمن من الانقلابيين.
وحول مراكز القوى لميليشيا الحوثي، قال نائب رئيس هيئة الأركان: «إن الانتشار لميليشيا الحوثي وحليفهم علي صالح ممنهج ومتزن في عدد من المدن، فهي تركز على إقليم تعز، ويوجد بها قوى عسكرية كبيرة، إلا أن التجمع الرئيسي للقيادات والجيش في صنعاء، بينما جعلت صعدة كمركز احتياط تعود إليها في حال ضُيق عليها الخناق في المواجهات الحربية.
وعن مسار الحرب وتوقعات الجيش في المرحلة المقبلة، أكد اللواء الطاهري، أنه من الصعب التكهن بما تحمله الأيام المقبلة وكيفية المواجهة وما ستؤول إليه المواجهات العسكرية، إلا أن الجيش بدعم من قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية يعمل بكل ما لديه لتحرير البلاد وإعادة الأمور إلى نصابها.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.