سامي شهاب قيادي حزب الله أحد أبرز المطلوبين لدى القضاء المصري

محكوم عليه بالسجن 17 عامًا بتهمتي الإرهاب والهروب

سامي شهاب زعيم «خلية حزب الله مصر» الهارب من أحد السجون المصرية  يعانق نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم عقب وصوله إلى بيروت ({الشرق الأوسط})
سامي شهاب زعيم «خلية حزب الله مصر» الهارب من أحد السجون المصرية يعانق نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم عقب وصوله إلى بيروت ({الشرق الأوسط})
TT

سامي شهاب قيادي حزب الله أحد أبرز المطلوبين لدى القضاء المصري

سامي شهاب زعيم «خلية حزب الله مصر» الهارب من أحد السجون المصرية  يعانق نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم عقب وصوله إلى بيروت ({الشرق الأوسط})
سامي شهاب زعيم «خلية حزب الله مصر» الهارب من أحد السجون المصرية يعانق نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم عقب وصوله إلى بيروت ({الشرق الأوسط})

يعد اللبناني محمد يوسف أحمد منصور وشهرته سامي شهاب، والذي وضعته السعودية أمس ضمن 12 قياديا في حزب الله على قوائمها للإرهاب، أحد أبرز المطلوبين لدى القضاء المصري، حيث سجن في مصر عام 2009 بعد إدانته بالتخطيط لتنفيذ أعمال إرهابية داخل البلاد ضمن خلية تابعة للحزب، قبل أن ينجح في الهرب مستغلا الفوضى الأمنية التي شهدتها البلاد، إبان ثورة 25 يناير 2011.
يقول المحامي أمير سالم، المدعي الرئيسي في قضية هروب شهاب من السجن، لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «شهاب يعد من أخطر العناصر التي دخلت مصر، وقد خاطبت السلطات الإنتربول الدولي للقبض عليه بموجب الأحكام القضائية الصادرة ضده، التي وصلت إلى 17 عاما في قضيتي الإرهاب والهروب، لكن كما هو معلوم للجميع هو منذ هروبه إلى لبنان ووجوده مع تنظيم حزب الله فإن الأمر أصبح صعبا من الناحية السياسية والأمنية».
ينتمي شهاب إلى أسرة شيعية كانت تقطن الجنوب اللبناني، وعقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان في سبعينات القرن الماضي انتقلت أسرته إلى العاصمة بيروت. وفي منتصف الثمانينات انضم شهاب إلى فصائل التعبئة العامة التابعة لحزب الله وتلقى تدريبات عسكرية أهّلته للمشاركة في أعمال المقاومة ضد الجيش الإسرائيلي، حتى تدرج بأوساط ميليشيات الحزب وتم ضمه إلى القوات الخاصة، فأصيب في إحدى المعارك بإصابات سطحية، على حد قوله.
بمرور السنين ازدادت خبرته فالتحق بالوحدة «1800» في حزب الله، المكلفة بدعم القضية الفلسطينية، وواصل تدريباته على الأعمال الاستخباراتية، فصدرت تكليفات له بالدخول إلى مصر بجواز سفر مزور وشراء قطعة أرض بمنطقة رفح واستغلالها في أعمال الرصد وحفر أنفاق بين مصر والأراضي الفلسطينية لاستغلالها في تهريب الأشخاص والأسلحة إلى داخل الأراضي الفلسطينية ودعم المقاومة بالأموال والأسلحة والمقاتلين.
وفي مطلع عام 2009 ألقت السلطات المصرية القبض على شهاب، حيث اتهمته نيابة أمن الدولة مع 27 شخصًا بالتخطيط للقيام بهجمات إرهابية وأعمال تخريبية داخل الأراضي المصرية، في ما عرف إعلاميا بـ«خلية حزب الله». وجاء في التحقيقات أن شهاب أقر بتكليفه من حزب الله بتنفيذ عمليات «انتحارية» في مصر، خصوصا في سيناء‏ ضد السياح الإسرائيليين.
لكن حزب الله قال حينها ردا على تلك الاتهامات إن «شهاب كان يقدم إمدادات عسكرية لقطاع غزة بمساعدة ما يصل إلى عشرة أشخاص آخرين.. ونفى حزب الله أن يكون استهدف مصر».
وفي 26 أغسطس (آب) 2009 صدر ضده حكم في تلك القضية بالسجن 15 عاما. وقال قاضي المحاكمة حينها إن «المحكمة ترى أن ما اقترفه حزب الله اللبناني من أفعال بواسطة ممثليه لا صلة له بدعم المقاومة الفلسطينية». وتساءل: «هل كل ذلك الدعم يكون من خلال جمع المعلومات عن القرى والمدن والطرق الرئيسية بمحافظتي شمال وجنوب سيناء وأن يشمل هذا الدعم رصد وتحديد الأفواج السياحية المترددة على مناطق جنوب سيناء، واستئجار بعض العقارات المطلة على المجرى الملاحي لقناة السويس لاستغلالها لرصد السفن العابرة بالقناة؟».
وتابع القاضي في القضية التي شغلت حينها الرأي العام المصري والعربي أن «هذا الحزب المسمى بحزب الله كان يقصد ضرب اقتصاد مصر وتمزيق أوصال شعبها وإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار في أرجائها».
لكن سجن شهاب في مصر لم يدم كثيرا، فبعد أقل من عامين استطاع شهاب الهروب والوصول إلى لبنان، مستغلا أحداث الفوضى التي شهدتها البلاد إبان ثورة 25 يناير 2011. وحظي شهاب حينها باستقبال شعبي حاشد حضره زعيم الحزب حسن نصر الله وسط أنصاره من حزب الله في بلدة حداثا، بعد أيام من سقوط نظام حسني مبارك في مصر. وخاطب نصر الله المصريين ممسكا شهاب في يده قائلا: «نشكركم كل الشكر على تحرير هؤلاء الأسرى».
تقول التحقيقات المصرية في قضية الهروب إن عناصر من حماس دخلت مع عناصر جماعة الإخوان المسلمين لإخراج العناصر الموجودة داخل سجن وادي النطرون، مستخدمين بعض المعدات الثقيلة من لوادر لتسهيل الاقتحام، وإن تلك العناصر نجحت بالفعل في مخططها وتسللت تلك المجموعات داخل الأراضي المصرية يوم 28 يناير 2011. وفي 29 يناير قامت باقتحام بعض السجون المصرية بمناطق أبو زعبل ووادي النطرون والمرج، مشيرة إلى أن الهجوم على السجون نتج عنه هروب جميع المسجونين بوادي النطرون وعددهم 11 ألفا و161 مسجونا.
وقال شاهد في القضية، وهو اللواء حمود الشاذلي، إن شهاب كان على رأس قائمة الأسماء التي يبحث عنها مقتحمو السجون في يناير 2011، إضافة إلى أسماء من حركة حماس.
وبينما قيل إن شهاب ومن معه فروا من مصر عبر الأنفاق في سيناء إلى غزة ومن ثم إلى لبنان، قالت مصادر إن شهاب غادر مصر بجواز سفر سوري زودته به المخابرات السورية واستخدمه للوصول إلى السودان، ليواصل من هناك إلى دمشق جوا ومن ثم إلى بيروت، وهناك قدم له حزب الله استقبال الأبطال في الضاحية الجنوبية.
يقول منتصر الزيات، المحامي الإسلامي الشهير: «هروب شهاب كان طبيعيا وسط حالة الانفلات التي حدثت، بالتأكيد قدرات حزب الله قوية وعالية واستطاع شهاب فور خروجه أن يتصرف بحكمة، ففي الوقت الذي سارع فيه المتهمون الفلسطينيون لدخول سيناء في تلك الظروف، تم القبض عليهم سريعا، لكن شهاب دخل إلى السودان ومنها إلى لبنان».
وأصدرت محكمة جنايات القاهرة في يونيو (حزيران) 2015 حكما بالحبس مع الشغل لمدة عامين، بحق شهاب في قضية هروبه، التي تم فيها أيضًا الحكم بالإعدام على 99 متهما، على رأسهم الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، ومرشد جماعة الإخوان الدكتور محمد بديع، والداعية يوسف القرضاوي.

بروفايل

مصطفى بدر الدين

> مصطفى بدر الدين، من مواليد الغبيري (ضاحية بيروت الجنوبية) 1961، هو أبرز قيادي عسكري في حزب الله. عيّن المسؤول العسكري الأول في الحزب خلفًا لصهره القيادي عماد مغنية الذي اغتيل بسيارة مفخخة في شارع السفارات في دمشق في 13 فبراير (شباط) 2008، وقد اتهم الحزب إسرائيل بالوقوف وراء العملية، كما أن بدر الدين هو أبرز المتهمين في جريمة اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري في 14 فبراير 2005، وتحاكمه المحكمة الدولية الخاصة بلبنان غيابيًا في هذه القضية، بعدما رفض الحزب تسليمه مع أربعة من كوادر أمن حزب الله إلى العدالة الدولية.
ويحمل مصطفى بدر الدين أسماء أخرى مثل إلياس فؤاد صعب، وسامي عيسى، وسبق أن اعتقل في الكويت عام 1983 بتهمة تفجير السفارة الأميركية في الكويت، وحُكم عليه بالإعدام بتهمة تدبير هجمات، ومن أجل إجبار السلطات الكويتية على إطلاق سراحه قام أعضاء من حزب الله برئاسة عماد مغنية بخطف أربعة مواطنين غربيين على الأقل في لبنان. وقام مغنية أيضًا باختطاف طائرة تابعة للخطوط الجوية الكويتية للمطالبة بالإفراج عنه ومعتقلين آخرين، لكن بدر الدين فر من السجن في عام 1990 أثناء غزو صدام حسين للكويت وفي وقت لاحق أعاده الحرس الثوري الإيراني إلى بيروت.

عبد النور شعلان

> عبد النور علي شعلان، من مواليد بعبدا (لبنان) عام 1961، هو رجل أعمال مرتبط بشكل وثيق بقيادة حزب الله، يوصف بأنه «شخصية محورية» ساهمت في نقل الأسلحة بين الحزب وشركائه في المنطقة على مدى السنوات الـ15 الماضية. كان دوره رئيسيًا في تأمين حصول حزب الله على الأسلحة، بما فيها الأسلحة الصغيرة، منذ اندلاع الثورة في سوريا، كان يحرص على مرور الأسلحة عبر الحدود إلى عناصر الحزب من دون سؤال من الأجهزة الأمنية المختصة. وفي عام 2014 استخدم شعلان عمله كغطاء لمواد عسكرية وأسلحة للحزب في سوريا، وفي 2012 تورط في مساعدة حزب الله بالحصول على أسلحة ومعدات نقلها إلى داخل سوريا.
وفي 2010 كان الشخصية الرئيسية في سمسرة صفقات بين الحزب ومسؤولين في نظام الأسد وشركات في روسيا وبيلاروسيا وأوكرانيا لشراء وبيع الأسلحة. وفي 2010 طلب الحصول على عدد من الأطنان من مادة الأنهيدريد التي تستخدم في إنتاج المتفجرات والمخدرات الناركوتية، وذلك لمصلحة حزب الله. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2009 نسق بين حزب الله ومسؤولين في النظام السوري من أجل شراء وتسليم آلاف البنادق إلى السلطات السورية.

فؤاد شكر

> يعرف فؤاد شكر باسم الحاج محسن شكر، من مواليد عام 1962 في بلدة النبي شيت في بعلبك. معروف بنشاطه في الحرب السورية. وهو مثل عقيل يعتبر أحد أعضاء «مجلس الجهاد» في الجناح العسكري لحزب الله، ويلعب دورًا حيويًا في الصراع السوري بمساعدته قوات النظام وحزب الله في المعارك ضد قوات المعارضة السورية. أما محمد نجيب كريم، ومحمد سلمان فواز، ومحمد كوثراني فدورهم يرتبط بدعمهم لأنشطة حزب الله العسكرية في لبنان وسوريا.

حسين فاعور

> حسين علي فاعور هو عضو في «الجهاد الإسلامي» التابع لحزب الله، وهي الوحدة التي تقوم بتنفيذ العمليات الإرهابية خارج لبنان. وهو يدير مركز العناية بالسيارات (كار كاير سنتر) ويشكل واجهة يستغلها حزب الله وتوفر له العناية بوسائل النقل الخاصة بعناصره. وأخيرًا، عمل فاعور مع أدهم طباجة في تأمين وإدارة أعمال البناء والنفط ومشاريع أخرى في العراق لحساب شركة «الإنماء للهندسة والمقاولات».

علي الموسوي

> علي موسى دقدوق الموسوي، أوقف في العراق عام 2007 على خلفية عملية أسفرت عن مقتل خمسة جنود أميركيين. وأعلن القضاء العراقي في عام 2012، بعد عام على انسحاب القوات الأميركية، الإفراج عن دقدوق وعودته إلى بيروت، بعدما برأته محكمة عراقية من الضلوع في قتل الجنود الأميركيين.
وقد أغضبت هذه الخطوة الولايات المتحدة التي كانت اضطرت إلى تسليم دقدوق للسلطات العراقية في ديسمبر (كانون الأول) 2007 بعد فشلها في إقناع بغداد بترحيله إليها، ومحاكمته على دوره في عملية خطف تمت عام 2007، وانتهت بمقتل الجنود الخمسة. وقد اتهمته القوات الأميركية بأنه عميل لفيلق القدس الإيراني، وقالت انه انضم إلى حزب الله في 1983. وأشارت إلى أنه «ارتكب مع إرهابيين آخرين جرائم ضد أميركيين وسنواصل اتخاذ كل الوسائل القانونية لنرى دقدوق يواجه العدالة على الجرائم المتهم بها».

أدهم طباجة وقاسم حجيج

> أدهم حسين طباجة، مواليد 1967، وهو عضو في حزب الله، ويملك شركة «مجموعة الإنماء للأعمال السياحية» مع توابعها، وأيضًا رجل الأعمال قاسم حجيج ويقدمان التي تقدّم خدمات المواصلات لحزب الله والجماعات الإرهابية.
وتقول المعلومات، إن أدهم طباجة عضو في حزب الله ويملك معظم أسهم شركة «مجموعة الإنماء للأعمال السياحية» التي تُعنى بقطاع العقارات والبناء في لبنان، ولها فروع كشركة «الإنماء للهندسة والمقاولات» التي تنشط في لبنان والعراق وشركة «الإنماء للتسلية والترفيه». ولطباجة علاقات مباشرة مع كبار العناصر التنظيميين في حزب الله بما في ذلك الذراع التنفيذية، كما أن شركة «الإنماء للهندسة والمقاولات» تُعد من أكبر وأنجح الشركات العقارية في لبنان منذ أواخر تسعينات القرن الماضي وقد استغلها حزب الله كآلية للاستثمار، واستخدم طباجة علاقته بقيادات حزب الله من أجل إنشاء مونوبولي خاص بشركته لأعمال البناء في الضاحية الجنوبية لبيروت وجنوب لبنان.
أما قاسم حجيج فتربطه علاقات مباشرة بالكوادر التنظيمية في حزب الله، وبالإضافة إلى الدعم الذي يقدمه لطباجة وشركاته الناشطة في العراق، وقد ساعد حجيج في فتح حسابات مصرفية لعناصر حزب الله في لبنان وساهم في تقديم قروض ائتمان لشركات المشتريات التابعة للحزب. كما يستثمر في البنى التحتية التي يستخدمها الحزب في لبنان والعراق.

إبراهيم عقيل

> إبراهيم محمد عقيل، من مواليد 1962 بدنايل (البقاع اللبناني)، هو في أعلى مراتب الجناح العسكري لحزب الله ضمن ما يعرف باسم «مجلس الجهاد»، يلعب حاليًا دورًا حيويًا في عمليات حزب الله العسكرية في سوريا من خلال مساعدة عناصر الحزب والقوات الموالية للنظام السوري في معاركهم داخل سوريا ضد قوات المعارضة السورية. وقد أصدر الإنتربول مرارًا مذكرات حمراء بحق عقيل بالاستناد إلى تاريخه الحافل مع حزب الله، بما في ذلك عملية خطف رهينتين ألمانيتين في أواخر ثمانينات القرن الماضي وحملة تفجير في باريس عام 1986.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».