قصائد فائق عبد الجليل بين ذكريات الزمن الجميل والجديد في أمسية أبو بكر سالم

الشهيد الكويتي رفض الخروج من بلاده وأرسل أبناءه إلى منزل أبو أصيل في الرياض

من اليمين: رابح صقر ومحمد عبده وتركي المشيقح وأبو بكر سالم وماجد عبد الله
من اليمين: رابح صقر ومحمد عبده وتركي المشيقح وأبو بكر سالم وماجد عبد الله
TT

قصائد فائق عبد الجليل بين ذكريات الزمن الجميل والجديد في أمسية أبو بكر سالم

من اليمين: رابح صقر ومحمد عبده وتركي المشيقح وأبو بكر سالم وماجد عبد الله
من اليمين: رابح صقر ومحمد عبده وتركي المشيقح وأبو بكر سالم وماجد عبد الله

يبدو أن وجود فارس، نجل الشهيد والأسير الأشهر الكويتي فائق عبد الجليل، في الأمسية التي أقامها الفنان أبو بكر سالم بلفقيه في منزله الأسبوع الماضي، وحضرها كل من محمد عبده ورابح صقر وماجد عبد الله، قلّبت المواجع على نجوم الأغنية الحاضرين، وطال الحديث في الذكرى الجميلة التي جمعت بين الرفيق المشترك، فائق عبد الجيل، وتلك الأعمال الخالدة التي قدمت نقلة جميلة للأغنية الخليجية.
فارس الذي كان شابا يافعا أثناء غزو جيش صدام حسين للكويت في عام 1990، أخذ يستذكر تلك اللحظات الأخيرة التي جمعته بوالده؛ حيث نقل فائق عبد الجليل أسرته الصغيرة بعد الغزو واتجه بهم في سيارته على حدود السعودية، وتوقف طالبا من زوجته إكمال الطريق وقيادة السيارة لمنزل أبو بكر سالم في الرياض، قائلا لهم سأنجز بعض المهام وألحق بكم، وسط ذهول زوجته وأبنائه، وهم يعرفون جيدا أن فائق عبد الجليل عاشقا لتراب وطنه، وكانت تلك اللحظات الأخيرة التي جمعت فائق وأسرته على الحدود السعودية.
أكمل فائق مسيرة المقاومة الشعرية في منزله وحيدا بالكويت وتقديم الدعم لأبناء وطنه حتى أُسر، بينما اتجهت الأسرة إلى منزل أبو بكر سالم. لحظة مشاهدة أبو أصيل أبناء فائق من دون والدهم دار في خلده أن فائق لن يأتي، وهو يعرف جيدا محبته الكبيرة وعشقه لوطنه، فاكتفى بالقول لفارس: «أنت هنا في منزلك وأنت واحد من أبنائي».
يتذكر أبو بكر ومحمد عبده تلك الأعمال الغنائية العاطفية التي جمعتهما مع رمز الحب الوطني فائق عبد الجليل، ورغم تلك القصائد الغزلية التي تقولها تلك الأبيات الشعرية، فإنها كانت تحتوي على حنين كبير وعشق لا محدود للوطن. بينما غنى عبده وأبو بكر عدة أعمال لفائق منذ السبعينات وحتى الثمانينات الميلادية، ومن أعماله مع عبده: «أبعاد» ألحان يوسف المهنا عام ،1978 و«نسيتيني» ألحان يوسف المهنا عام 1978، و«في الجو غيم» ألحان يوسف المهنا عام 1981، و«المعازيم» ألحان الدكتور عدنان خوج عام 1986، و«وهم» ألحان عمر كدرس عام 1987. بينما قدم محمد عبده من ألحانه أغنية «آخر زيارة» في عام 1998. وتغنى أبو بكر سالم بعدة أعمال، منها «أعطني الحل» ألحان عبد الرب إدريس عام 1979، و«أنتي وين» ألحان أبو بكر سالم عام 1984، و«لا تنادي» ألحان أبو بكر سالم عام 1987، و«غزاني الشيب» ألحان أبو بكر سالم عام 1989.
وتحدث رابح صقر عن عمل وحيد جمعة مع فائق عبد الجليل في الثمانينات الميلادية. وفارس فائق عبد الجليل لم يجعل الأمسية تمر دون وضع بصمة أخرى لوالده، فقدم دروعا تذكارية تحمل صورا تاريخية تعود إلى فترة السبعينات الميلادية، جمعت والده مع أبو بكر سالم، قدمها لوالده الروحي أبو أصيل، مستذكرا تلك اللحظات التي عاشها في منزل أبو أصيل. أكد فارس عبد الجليل لـ«الشرق الأوسط» أن محمد عبده طلب منه قصائد لوالده، وربما هناك أعمال جديدة ستجمع محمد وفائق. بينما انتهى الملحن السعودي «طلال» من تلحين عمل جميل لفائق عبد الجليل سيكون بأحد الأصوات السعودية الشهيرة، وسيكون أول عمل يجمع هذا الفنان مع فائق وسيرى النور قريبا.
أمسية أبو بكر سالم تنوع حديثها بين الفن والرياضة؛ حيث للأسطورة ماجد عبد الله حديث جميل عن الفن والرياضة، فهو على حد وصفه محب وعاشق للأغنية الطربية الخليجية. ووجد في الأمسية سالم الهندي مدير عام شركة روتانا، والشاعر العذب تركي المشيقح كاتب قصيدة «كثر كل شي واحشني» التي تغنى بها الفنان راشد الماجد، وساهم نجل أبو بكر سالم، «أحمد» ومدير أعماله والده في إدارة وترتيب جميع تفاصيل الأمسية وخروجها بالشكل الناجح.



وليد توفيق لـ«الشرق الأوسط»: عندما أعتلي المسرح تكون أفكاري ابنة اللحظة

في حفل الـ{موركس دور} مع الشاعر نزار فرنسيس (وليد توفيق)
في حفل الـ{موركس دور} مع الشاعر نزار فرنسيس (وليد توفيق)
TT

وليد توفيق لـ«الشرق الأوسط»: عندما أعتلي المسرح تكون أفكاري ابنة اللحظة

في حفل الـ{موركس دور} مع الشاعر نزار فرنسيس (وليد توفيق)
في حفل الـ{موركس دور} مع الشاعر نزار فرنسيس (وليد توفيق)

في حفل الـ«موركس» بنسخته الـ24 الأخيرة حصد الفنان وليد توفيق جائزة «اليوبيل الذهبي» على مشواره الفني. فهو أمضى حتى اليوم كل هذه السنوات يحقق النجاح تلو الآخر. بالنسبة له فإن التكريمات التي حصدها كانت كثيرة، ولكنه يستطرد قائلاً: «يبقى التكريم الذي ألاقيه في بلدي لبنان له مذاق آخر. كما أن هذا النوع من الحفلات يتيح لي فرصة الالتقاء بفنانين، وخصوصاً بممثلين لا أصادفهم كثيراً. فلمّة الفن عزيزة على قلبي. والتكريم جميل، خصوصاً إذا ما جاء من جهة راقية مثل الـ(موركس دور). فنحن نفتخر بهذه الجائزة اللبنانية الصنع. ونقدّر ما يقوم به الطبيبان زاهي وفادي حلو سنوياً لتنظيمها».

يقول لـ«الشرق الأوسط» إن مشواره كان طويلاً وتخللته صعوبات ومطبّات عدة، ولكن النجاح والفرح كللاه باستمرار. ويتابع: «لقد تعلمّت دروساً كثيرة من كل خطوة قمت بها. ولعلّ الدرس الأهم يتعلّق بعدم التنازل عن مبادئ معينة. فهناك أشخاص يحاولون إغراقك بالخطأ عندما يلمسون نجاحاتك. أصررت على مكانتي الفنية وعرفت كيف أواكب كل جديد. فالمطلوب من الفنان ألا يعيش الركود أبداً. فيبحث دائماً عما يحرّك ويعزز مشواره».

50 سنة من النجاحات لا بد أن يلمسها محاور وليد توفيق في شخصيته الرصينة والقريبة إلى القلب في آن. وعندما تسأله «الشرق الأوسط» عما يستوقفه في مشواره هذا، فيردّ: «عندما أستعيد شريط ذكرياتي أشعر بالغبطة. وأندم في المقابل على عدم إعطاء أولادي الوقت الكافي لأكون بقربهم. راضٍ أنا من دون شك عن مسيرتي، وأهنئ نفسي بحب الناس لي».

مشواره الفني الخمسيني تكلل بالنجاحات المتتالية (وليد توفيق)

يعترف وليد توفيق بأمر يراوده دائماً: «أشعر بأن كل ما مررت به كان مكتوباً لي، ولطالما أحسست بأن قوة ربانية تمسك بيدي وتسيّرني كما تشاء. لا شك أني اجتهدت وتعبت، ولكنّ هناك أمراً أقوى مني ساعدني. أمشي بطريقي على ما يقدّر الله. وعندما أعتلي المسرح لا أحضّر للأمر مسبقاً. فهناك إحساس معين يولد عندي في اللحظة نفسها، فتأتيني الفكرة من دون أي تخطيط لها. وهو ما حصل معي في حفل الـ(موركس دور) الأخير. وكلمتي كانت ارتجالية تترجم مشاعري. وعندما أهديت جائزتي للجيش اللبناني ولشهداء الحرب، كان ذلك وليد اللحظة».

أثناء تكريمه في حفل «موركس دور» واعتلائه المسرح ليتسلمها من الشاعر نزار فرنسيس، قدما معاً ثنائياً شعرياً، وتناولا موضوع الوفاء. فهل يرى الساحة اليوم تفتقد لهذه القيمة الإنسانية؟ «قلّة الوفاء ليست بالأمر المستجد على الساحة الفنية. وحتى في أيام عمالقة الفن مثل الراحلين عبد الحليم حافظ وعبد الوهاب، كانا يشتكيان من الأمر ذاته. فالتاريخ يعيد نفسه، ولكن من الضروري التذكير بالوفاء. فهو من أجمل وألذ الأعمال الإنسانية».

لا ينفي وليد توفيق صراعات كانت تشهدها الساحة كي يحافظ الفنان على مكانته، فتقفل الأبواب بوجه موهبة جديدة قد تشكّل عليه الخطر. ويضيف في سياق حديثه: «الفنان الناجح يخاف من دون شك، ولكنه عندما يلجأ إلى هذا النوع من الحروب يكون فاقداً للثقة بنفسه. كما أن عصرنا الحالي قضى على هذه الآفة. وما ساهم في ذلك (السوشيال ميديا). فما عادت الموهبة الجديدة تنتظر من يدعمها كي تبرز تفوقها. وهناك أمثلة كثيرة على هذا الموضوع ومواهب تحوّلت إلى (تريند) بين ليلة وضحاها».

«لا أحد يسقط إلا من فعل يده»، هكذا يختصر الفنان وليد توفيق اختفاء نجم وصعود آخر. «أشبّه المشهد بمباراة في الملاكمة. فكلما كان الملاكم حذراً ومتنبهاً استطاع التحكم بنتيجة المباراة».

يشير إلى أن بعض هذه الحروب قد يشنها متعهدو الحفلات على فنان، فيضعون النجم في موقف محرج عندما يفرضون عليه مشاركة موهبة جديدة في حفل معين. «بالنسبة لي لقد تعلمت من خبرتي أن لكل فنان طريقه بحيث لا يمكن أن يؤثر عليه طرف آخر. في إحدى المرات طلب مني الغناء في حفل للراحل وديع الصافي. وبدل أن أشعر بالحرج لأنه قد يجتاح الأجواء ويؤثر على إطلالتي طالبت بتقديمه شخصياً على المسرح. كما أن الفنان القدير لا يمكن تغييبه، ولعل أصدق دليل على ذلك هو حفل الـ(تريو الغنائي) الذي نظمه المستشار تركي آل الشيخ. فوضع أهم النجوم في مشهدية واحدة. وأتمنى أن تتكرر مرة أخرى فنجتمع على قلب واحد وإرادة واحدة».

يستعدّ لإصدار أغنية "كبرت البنّوت" لجورج خباز (وليد توفيق)

عرف وليد توفيق كيف يواكب الأجيال بانتقائه اللحن والكلمة المناسبين في أعماله. ويعلّق: «الكلمة تلعب الدور الأكبر في عملية أي تجديد نعبرها. فزياد الرحباني حوّل فيروز إلى موسيقى الجاز. خرجت يومها بعض الأصوات تندد بهذا التغيير. ولكنه عرف كيف يواكب هذا التحول بالكلمة. وعندما تحضر هذه الأخيرة بالشكل المطلوب يسهل علينا الأمر كثيراً».

عاش وليد توفيق فترة الحرب مثل غيره من اللبنانيين بقلق وترقب. وخرج منها بإصرار أكبر على وطنيته. «كانت فترة قاسية جداً، ولكنني تأكدت من خلالها أن السيادة هي التي تبني الأوطان. أتمسك اليوم بلبنان أكثر من أي وقت مضى».

أخيراً شهدت الساحة الفنية مواقف حرجة لفنانين أدرجت على لائحة الذكاء الاصطناعي. فما رأي وليد توفيق بهذا التطور الإلكتروني الجديد؟ يردّ: «إنه سيف ذو حدّين كأي اكتشاف إلكتروني آخر عايشناه. لا شك أنه بدّل في مشهدية الحياة عامة. وأحياناً نتوقع له التمدد والانتشار إلى حدّ يدفعنا للخوف من نتائجه المقبلة. ولكنه في الوقت نفسه وجد حلولاً كثيرة لمشاكل يومية. ومؤخراً أبهرني هذا الاختراع عندما سمعت ديو بصوتينا جورج وسوف وأنا. فقد قدمها لي مفاجأة استوديو التسجيل عندما علم أن الوسوف يحب أغنيتي (لا تسأليني). غناها معي بواسطة الذكاء الاصطناعي فأحببت التجربة».

يتمنى وليد توفيق في فترة الأعياد أن يتوحد اللبنانيون تحت راية واحدة. «علينا أن نكون كمشط الشعر متحدين لا أحد يفرّقنا. وفي العام الجديد أتوق إلى رؤية أرزة لبنان شامخة دائماً على علم بلدي. وأن يتم انتخاب رئيس للجمهورية أولاً».

وبالنسبة لأعماله الجديدة يقدم وليد توفيق على خطوة سبّاقة. «قريباً سأصدر أغنية جديدة بعنوان (كبرت البنّوت) لجورج خباز. فهو سبق وغناها وتركت أثرها الكبير عندي. ولدي تعاون آخر معه من خلال أغانٍ مختلفة له أنوي تقديمها بصوتي. كما أني أحضّر لـ(ميدلي) يتألف من ثلاث أغنيات قديمة لي أعدت توزيعها، ويتضمن (راح حبيبي) و(غجرية) و(ما أحلاها السمرة)».