إنتاج النفط الليبي يتراجع 4,‏1 مليون إلى 230 ألف برميل يوميا فقط

الصراع على السلطة أضر بالصناعة البترولية شرق البلاد

أحد موظفي مصفاة نفط ليبية شرق البلاد (رويترز)
أحد موظفي مصفاة نفط ليبية شرق البلاد (رويترز)
TT

إنتاج النفط الليبي يتراجع 4,‏1 مليون إلى 230 ألف برميل يوميا فقط

أحد موظفي مصفاة نفط ليبية شرق البلاد (رويترز)
أحد موظفي مصفاة نفط ليبية شرق البلاد (رويترز)

ليس هناك من يدرك حقيقة الانقسامات الحادة التي تحول دون إنهاء حصار مرسى الحريقة للنفط في شرق ليبيا أكثر من رئيس البلدية فرج ياسين.
فقد أغلق المحتجون المرفأ البالغة طاقته 110 آلاف برميل يوميا في الصيف الماضي للضغط على الحكومة التي تجد صعوبة في إقرار النظام بعد ثلاثة أعوام من الإطاحة بنظام معمر القذافي. وبحسب تقرير لرويترز شهدت منشآت نفطية أخرى في الدولة العضو بمنظمة أوبك مشكلات مماثلة أدت لانخفاض الإنتاج إلى 230 ألف برميل يوميا من 4.‏1 مليون برميل يوميا في يوليو (تموز). وتوقفت الصادرات من ثلاثة مرافئ أخرى في شرق البلاد.
ولا يحبذ ياسين إغلاق المرافئ الذي يحرم الدولة من إيرادات ضرورية ويقلص الميزانية في وقت تحتاج فيه الحكومة لكل مساعدة ممكنه من أجل التحول الديمقراطي.
لكن صهره منصور الصالحين يري أن الاحتجاج مشروع للاعتراض على حكومة مركزية يشعر أنها تستأثر بإيرادات النفط على حساب مسقط رأسه طبرق وشرق ليبيا عموما. ويبرز النزاع في مرسى الحريقة حالة الفوضى التي اجتاحت ليبيا منذ الإطاحة بالقذافي وصعوبة احتواء الحكومة الهشة للاحتجاجات التي استهدفت صناعة النفط في البلاد. وتحاول الحكومة التفاوض للتوصل إلى اتفاق ينهي حصار مرسى الحريقة وينعش إيرادات النفط المتهاوية واللازمة لتمويل الإنفاق العام في حين تجد صعوبة في إنهاء احتجاجات منفصلة في ثلاثة مرافئ رئيسة في شرق البلاد أيضا. وتهيمن على طبرق قبائل تطالب بنصيب أكبر من الثروة النفطية الضخمة وبمزيد من السلطات محليا. ويتفق ياسين مع المطالبة بسلطات محلية أوسع وبالتنمية لكن يعارض الضغط بوقف صادرات النفط لنيل هذه الحقوق.
وقال في مكتبه بفندق راق قرب المرفأ «لسنا سعداء بإغلاق المرفأ. يؤثر سلبا على جميع الليبيين». وحاول ياسين التفاوض لإنهاء الاحتجاج بل وظهر في بث حي على التلفزيون إلى جوار رئيس الوزراء علي زيدان في أكتوبر (تشرين الأول) وأعلن أنه سيجري استئناف العمل في مرسى الحريقة.
لكن الاتفاق انهار حين استبعدت القبائل زعيما معتدلا وتضامنت مع قائد ميليشيا سابق هو إبراهيم الجضران الذي سيطر على المرافئ الشرقية الثلاثة أخرى. ويريد الجضران نصيبا أكبر من النفط ومزيدا من السلطات المحلية وهما مطلبان يصعب على الحكومة الضعيفة تلبيتهما في حين يتبنى حليفه في طبرق موقفا أكثر تشددا مطالبا برحيل الحكومة والبرلمان المؤقت. وقال الصالحين الذي يقود الاحتجاج «نريد أن ترحل الحكومة والمؤتمر الوطني العام».
ويقول بعض سكان المدينة إن الصالحين - وهو زوج شقيقة ياسين - يفتقر للشعبية لكنه مدعوم من قبيلته العبيدات صاحبة النفوذ. وقال الصالحين إن الشرق يدر 70 في المائة من إيرادات النفط، مطالبا بنصيب شرق ليبيا منه.
وحين سئل عن احتمال نجاح المفاوضات مع طرابلس أجاب «لم تستجب الحكومة لمطالبنا».
وأجريت مفاوضات غير مباشرة بين الجضران - الذي يسيطر رجاله على مرافئ الزويتينة والسدر وراس لانوف - والحكومة المركزية لإنهاء الاحتجاج. وفي وقت سابق من العام قال رئيس وزراء المنطقة الشرقية الذي نصبه المحتجون إن الاتفاق وشيك لكن لم تظهر أي بوادر على ذلك بعد.
وحذر زيدان مرارا من احتمال استخدام القوة لإنهاء حصار المرافئ الذي يحول دون تصدير 600 ألف برميل يوميا لكن في الواقع لا يوجد جيش تحت أمرته ومن المستبعد أن تنفذ حكومته تهديدها. وانشق الجضران - وكان مكلفا من قبل بحراسة منشآت النفط - مع آلاف من رجاله وسيطر على المرافئ الثلاثة لكنه لم يستطع أيضا أن ينفذ تهديده ببيع النفط رغما عن طرابلس.
والقوة الحقيقية للمحتجين في مرسى الحريقة غير معروفة لكن تهديد ناقلات النفط الأجنبية التي تقترب من المرفأ ليس بالأمر الصعب. ولا يوجد محتجون مسلحون في مرسى الحريقة على عكس الحال في المرافئ الشرقية الأخرى حيث يغلق الحراس السابقون البوابات. وما زال العاملون في المرافئ يتوجهون لأماكن عملهم لكن لا يفعلون شيئا. ويقع رصيفا التصدير المهجوران حاليا عند طرف خليج طبيعي ويمكن لشاحنات مزودة بمدفعية مضادة للطائرات بالجهة المقابلة أن تصيب بسهولة أي ناقلة ترسو هناك. ويشيع استخدام الميليشيات لمثل هذه الشاحنات في مناطق بليبيا يغيب عنها حكم القانون.
وقال رجب عبد الرسول مدير المرفأ «لا تتحرك أي ناقلة من هنا. لا حيلة لنا في مواجهة هذه الأزمة السياسية».
ويستبعد قادة عسكريون محليون تهديدات زيدان بفتح المرافئ بالقوة حتى وإن كانوا يعارضون الاحتجاج من خلال وقف صادرات النفط.
ويقول قائد عمليات الجيش في طبرق «لا يمكننا أن نمنع الناس من وقف الناقلات. لن نتصدى للمواطنين»، مضيفا أن قواته لا تملك أي أسلحة ثقيلة للتصدي للمحتجين.
وتبعد طبرق 1200 كيلومتر عن طرابلس وهي أقرب للقاهرة عاصمة مصر منها للعاصمة الليبية التي لم تعرها اهتماما يذكر. وخلف عهد القذافي مدارس ومستشفيات المدينة التي يقطنها 300 ألف نسمة في حالة مزرية وكانت طبرق إبان حكمه الذي امتد 40 عاما تستقبل رحلة جوية واحدة من العاصمة كل أسبوع حسبما ذكر مدير المطار.
وتغذي سنوات الإهمال حماسة المواطنين للحكم الذاتي وكانوا من أوائل من حمل السلاح ضد القذافي في 2011. وفي أحد الفنادق ترفع صورة الملك إدريس الذي وضع نظاما اتحاديا سبق حكم القذافي ويعتبره كثيرون في الشرق نموذجا للمشاركة في السلطة. ويعرض المتحف المحلي صورة عمر المختار الذي قاوم الاحتلال الإيطالي.
وفي ميدان بوسط المدينة سريعا ما تتحول المناقشات بين المواطنين للسياسة ويدين البعض الحكومة والبرلمان.
وقال كمال عوض الذي يعمل في مؤسسة النفط التابعة للدولة «نريد بنية تحتية وطرقا ومدارس. نؤيد وقف (صادرات) النفط لغياب الشفافية».
والمعضلة التي تواجه الحكومة وأعضاء البرلمان الذين يبذلون جهود وساطة هي التوصل لطرف يتفاوضون معه.
وقال عبد الجليل المزيني أحد شيوخ قبيلة العبيدات والمؤيد لحصار المرافئ «لا ندعم إبراهيم الجضران. نريد أن تراقب الأمم المتحدة مبيعات النفط».
ويشكك محمد يونس عضو البرلمان من طبرق في إمكانية إحراز تقدم في أي محادثات في المستقبل في ظل كثرة مطالب المحتجين وتباين الآراء.



إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».