هيام يونس: الفن مرآة حضارة الشعوب.. ويعكس ثقافتنا وتاريخنا

قالت إنها تتابع «ذا فويس» وترى أن بعض لجان البرامج الأخرى دون المستوى

هيام يونس
هيام يونس
TT

هيام يونس: الفن مرآة حضارة الشعوب.. ويعكس ثقافتنا وتاريخنا

هيام يونس
هيام يونس

قالت المطربة اللبنانية هيام يونس، إن مهمة الفنان هي بثّ الفرح في قلوب الناس، وهذه المهمة لا تتأثّر بعمر الفنان. وأضافت: «برأيي في الفن (ما في كبير أو صغير)، بل رسالة يقدّمها الفنان الحقيقي بشغف، فيدخل السعادة إلى قلوب الناس وبعطاء وجهد». جاء كلام المطربة المخضرمة ردّا على سؤالي لها عن شعورها بعد وقوفها والفنانة نانسي عجرم على خشبة مسرح واحدة، فتشاركتا في أداء أغنيتها الشهيرة «دقّ بواب الناس كلّها» في «مهرجان الربيع» الغنائي في الدوحة. وتابعت قائلة: «أحسست بأن الجمهور كان متعطشا لمثل هذه الخطوة، إذ كان ركّاب الطائرة يرددون الأغنية طيلة الرحلة وحتى أثناء نزولنا من على متنها على أرض الدوحة العزيزة، الأمر الذي أسعدني وفاجأني في الوقت نفسه». ورأت هيام يونس أن الفن هو مرآة حضارة الشعوب، وما نقدّمه من خلاله يعطينا صورة واضحة عن ثقافتنا وتاريخنا.
وأضافت هيام يونس: «هناك نقاط شبه عدة بيني وبين (الفراشة المغرّدة) نانسي، فهي تغني بإحساس مرهف، كما أنها أصيلة وتحبّ فنّها وقلبها كبير وتعيش لفنّها وتقدّر الآخر، كلّ ذلك أشعرني بالراحة فأقدمت على الخطوة دون تردد».
وعما إذا كانت هناك إمكانية لإعادة الكرّة مع فنان آخر قالت: «لما لا إذا وجدت في العمل نفس المواصفات التي جمعتني بنانسي فأنا مستعدة لتكرار المحاولة مرة ثانية».
ووصفت اللقاء بينهما بالمبهر، إذ جمع جيلين مختلفين لكلّ منهما مكانته عند الجمهور، وأضافت: «الحلو أن أحدا لم ينجح على حساب الآخر، فالجمهور كان سعيدا، لا سيما أن الفكرة كانت تلقائية ولم نتمرّن نانسي وأنا على الأغنية إلا في بروفة واحدة قبيل موعد الحفلة بساعات قليلة».
وفيما لو طلب منها أداء أغنية لنانسي على المسرح فهل تبدي موافقتها؟ تردّ: «أنا معجبة بفن نانسي عجرم، فأنا من جمهورها، وأحيانا أردد لها بعض أغنياتها، ولا أجد في الأمر أي مانع إذا ما تم بنفس الشكل اللائق الذي قدّمنا فيه أغنيتي، فنحن نكمّل بعضنا بعضا على المسرح».
وعن رأيها في الساحة الفنية اليوم تقول: «هناك طبعا استثناءات على الساحة اليوم تذكّرنا في زمن الفن الجميل، إلا أن مجمل الأغاني صارت موسمية لا استمرارية طويلة لها مثل الزمن الماضي، كما أنني ضد الأغاني التي تستخدم فيها عبارات وكلمات سطحية لا تليق بمستوانا الفني. فطيلة عمري أعطيت للكلام الأولوية في أغانيّ فتعاونت مع شعراء كبار أمثال ميشال طعمة وتوفيق بركات ويونس الابن. فالكلمة برأي تشفي وهي نصف قلبي والنغم يشكّل النصف الثاني».
واعتبرت هيام يونس أن الفن مراحل، وأن الحداثة لا تلغي قيمه الأصيلة، ولذلك علينا التشبثّ بالعناصر التي من شأنها أن تنتج مدارس في الغناء والموسيقى قائلة: «الكلمة واللحن هما أمانة نضعهما أمام الفن ومن الصعب تكرار زمن الفن الجميل في غيابهما».
وعن الأمر الذي تتحسّر عليه في مشوارها الفني تقول: «عدم مشاركتي بالأفلام السينمائية بشكل أكبر أمر أتحسّر عليه، فأنا شاركت في فيلمي (قلبي على ولدي) و(إلى أين) وشكلا محطتين مهمتين في مشواري الفني، فيا حبّذا لو قمت بعدد أكبر منها».
ووجهت هيام يونس عتبا لبعض الأشخاص الذين تحدثوا عن الـ«ديو» الذي قدّمته مع نانسي وكأنه شكّل عودتها إلى الحياة الفنية وقالت: «أنا لم أغب عن الساحة، فلقد طرحت عدة أغانٍ في السنتين الأخيرتين بينها (إن شا الله تتهنى) من كلمات منير بو عساف وألحان هشام بولس، وأيضا أغنية خليجية بعنوان (يا سعيد الحظ)، وأستعد لإنزال أغنيتين واحدة بعنوان (بيت الحب) وثانية باللهجة السعودية (ليه زعلان قللي) والتي تقول (ليه زعلان قللي في أحد زعّلك؟ في أحد حيّرك؟ الدنيا ما تسوى الزعل ليه زعلان قللي؟)».
وعن رأيها في برامج هواة الغناء قالت: «أنا من متابعي برنامج (ذا فويس) إذ أجده متكاملا بأعضاء لجنة الحكم فيه وبمواهبه الغنائية وأحيانا تدمع عيني لخروج أحدهم لشدة تعلّقي بالبرنامج عامة». ووصفت بعض أعضاء لجان الحكم في برامج أخرى بأنهم لم يكونوا على المستوى المطلوب، وقالت: «يجب على أعضاء اللجان أن يتمتعوا بخلفية موسيقية غنية، وأن يعرفوا كيف يوجّهون المشترك ويصقلون موهبته وإلا فشلوا في مهمتهم». وأشارت إلى أنها مستعدة لدخولها هذا المجال فيما لو طلب منها ذلك لأنها تحبّ الاطلاع على مواهب شباب اليوم وتتحمسّ لحماسهم، وختمت بالقول: «أعتقد أن هذه البرامج هي موجة مؤقتة وتنتهي، وخصوصا أنه يجب الاستعانة باختصاصيين في الموسيقى والصوت من أجل الحصول على نتائج مشرّفة، كما كان يحصل في إذاعة لبنان الرسمية في الماضي، إذ كان يشرف على المواهب المتقدّمة لديها أساتذة وعمالقة في الفن».
وعن الرسائل التي تودّ توجيهها لزملاء لها في الفن من الجيلين القديم والجديد فقد استهلّتها بواحدة لفيروز قائلة لها: «أطلقوا عليك لقب سفيرتنا إلى النجوم وأنا أضيف عليه سفيرتنا للحضارات وكلّ جمالات الحياة»، ولسميرة توفيق: «اشتقنا لك أيتها السمراء البدوية»، وتوجهت لصباح بالقول: «ستبقين في عيوننا الأسطورة التي لن تتكرر»، ولنجوى كرم: «أصافحها وأقول لها شرّفت لقبك شمس الأغنية اللبنانية». أما كارول سماحة فتمنت لو استطاعت مشاهدة استعراضها الأخير «السيدة» لأنها كانت خارج لبنان وقالت لها: «في الحقيقة أنت بمستوى هذا اللقب لأنك (السيدة) بالفن الشامل الذي تقدمينه».
وأما ملحم بركات فقالت له: «يا حبيب القلب شوي شوي.. صحيح أنك أستاذ كبير ولكن الدنيا ما خليت من الكبار بعد فأجمل ما في الحياة التواضع».
وتوجهت لماجدة الرومي قائلة: «أنت نجمة العطاء»، وقالت لوائل كفوري: «أنا من محبي صوتك وأنت بمثابة أرزة من لبنان». وقالت لعاصي الحلاني: «تسلم يا ملك»، مستعيرة اللقب الذي يطلق عليه في برنامج «ذا فويس». وعن الفنان الذي تختاره فيما لو طلب منها تقديم أغنية ثنائية معه قالت: «جميعهم أحبّهم وأحترمهم، لكن لم تسمح لي الظروف للالتقاء بهم، ولكن خلال عودتي من الدوحة التقيت براغب علامة على متن الطائرة التي تحملنا إلى بيروت، ودندن لي بصوته الجميل (تعلّق قلبي) فأعجبت بأدائه، لذلك فأنا أرشّحه، وفي الوقت نفسه أنا منفتحة على كل اقتراح أو مبادرة».
وعما إذا هي مستعدة للقيام بنقلة فنية في مشوارها الفني يشبه ذلك الذي قام به الراحل وديع الصافي، عندما لبّى رغبة المنتج الفني ميشال الفتريادس وغنى على المسرح إلى جانب المغني الشاب الكوبي خوسيه فرنانديز، فقالت: «كان ذلك بمثابة لوحة فنية رائعة مزجت ما بين حضارات الموسيقى وأصوات الجيلين، وأنا جاهزة لمثل هذه النقلة النوعية في مشواري الفني».



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».