الرئيس اليمني: تغييرات مهمة ستشهدها عدن قريباً

نجاة وزير الأشغال من انفجار سقط فيه قتلى وجرحى

الرئيس عبد ربه منصور هادي
الرئيس عبد ربه منصور هادي
TT

الرئيس اليمني: تغييرات مهمة ستشهدها عدن قريباً

الرئيس عبد ربه منصور هادي
الرئيس عبد ربه منصور هادي

قال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أمس، إن مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، ستشهد في القريب العاجل جملة من الإجراءات والمتغيرات على صعيد العمل الأمني والإداري والخدمي والتنموي. ويواصل الرئيس هادي اجتماعاته منذ عودته إلى عدن، في الـ16 من الشهر الحالي، حيث التقى، أمس، بقيادات ورؤساء عدد من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني في عدن، وبحسب المصادر الرسمية فقد ناقش معهم «مستجدات الأوضاع على الساحة الوطنية وما تعيشه بعض المحافظات من تطورات متسارعة في مختلف المجالات، وخصوصا تلك المحافظات التي تمكنت قوات الجيش والمقاومة الشعبية من تطهيرها وتحريرها من ميليشيات الانقلاب التابعة للحوثيين وصالح». وأشاد الرئيس هادي بالبطولات التي سطرها أبناء محافظة عدن والمحافظات المجاورة لها بعد شهور مضت، عانى خلالها المواطنون من تداعيات الحرب والحصار التي فرضتها الميليشيا الانقلابية حتى تحققت ملحمة الانتصار بفضل وحدة الصف والتلاحم الذي جسده الجميع، وبتعاون من قبل دول التحالف العربي بقيادة السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وجهودها الحثيثة في عمليات التحرير والبناء والسلام، وتأهيل عدد من المدارس والمستشفيات والمياه والكهرباء، وتقديم المساعدات الإغاثية والإنسانية، وإعادة الحياة إلى محافظة عدن والمحافظات المجاورة لها.
وفي سياق إشرافه على العمليات العسكرية الحالية في عدد من جبهات القتال، تلقى هادي معلومات ميدانية، في اتصالين هاتفيين أجراهما، أمس، بقائد المجلس العسكري في تعز، العميد الركن صادق سرحان، وقائد المقاومة الشعبية، الشيخ حمود المخلافي، حيث أكد للقائدين «تقديم الدعم لقوات الجيش والمقاومة لمواصلة الانتصارات، وتطهير المحافظة من الميليشيات الانقلابية، التي تمادت كثيرًا في قتل الأبرياء، وقصفت المنازل والمدارس والمستشفيات ودور العبادات بطريقة همجية تتنافى مع عقيدتنا الإسلامية وعادتنا وتقاليدنا الأخلاقية والإنسانية».
من جانبه، قال وزير الأشغال العامة والطرق، المهندس وحي أمان إن وجود الحكومة في عدن «يأتي ضمن النشاط الحكومي في العاصمة عدن وباقي المحافظات المحررة، للوقوف أمام كثير من الملفات وإيجاد المعالجات لكثير من السلبيات التي ما زالت تعانيها بعض المحافظات، بسبب ما خلفته حرب الميليشيات الحوثية وحلفائها من كوارث إنسانية، ودمار كبير طال مختلف مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والخدمية».
وأكد أمان، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» «أن هناك كثيرا من الملفات التي تستدعي المعالجات الجادة من الحكومة، ولعل أهمها بعد انتهاء المعارك العسكرية وتحقيق السلام، مهمة إرساء دعائم الأمن والاستقرار في المدن المحررة، وكذا استمرار أعمال الإغاثة الإنسانية والرعاية الصحية، والبدء في أعمال إعادة الإعمار والتنمية ودوران عجلة الحياة الطبيعية».
وأشار أمان إلى أن «كل هذه القضايا الملحة لا تستطيع الحكومة الشرعية القيام بها نتيجة لانعدام الموارد الوطنية وسيطرة القوى الانقلابية على مؤسسات ومقدرات الوطن، لذا نجد الحكومة تعمل اليوم مع أشقائها في دول التحالف العربي، وفي مقدمتها السعودية، مملكة الحزم والعطاء، وكذا إمارات الخير وكويت الوفاء وقطر الشهامة وبحرين المحبة وعمان الأخوة وباقي الدول العربية، والتي لولا دعمها الصادق والفاعل لما استطاع اليمن الخروج من هذه النكبة ومعالجة كل اختلالات ونتائج الحرب التي لم تنته بعد، وما زالت تحصد أرواح كثير من الأبرياء والمدنيين في المناطق الملتهبة».
وكان الوزير أمان قد نجا، أمس، من انفجار لغم في منطقة المملاح أثناء مروره بسيارته متوجها إلى مقر عمله في حي خور مكسر، ووفقا لمصادر محلية في عدن، فقد أسفر الانفجار، الذي وقع قبل دقيقة من مرور الوزير، عن مقتل وإصابة امرأتين وطفل. واستبعد الوزير أمان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن يكون الحادث مدبرا، وأشار إلى أن الألغام والمقذوفات المتفجرة التي خلفتها الحرب، كثيرة في عدن، ويأتي هذا الحادث في وقت بذلت وتبذل جهود حثيثة من قبل قوات التحالف المرابطة في عدن، وتحديدا القوات السعودية والإماراتية، لتأمين عدن وإزالة الألغام التي زرعها الحوثيون بأعداد كبيرة في مناطق مختلفة من مدينة عدن وضواحيها والمحافظات المجاورة لها، وهي الألغام التي سبق وقتل فيها عدد من الضباط والجنود الإماراتيين، في أغسطس (آب) الماضي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.