الألغام تعيق تقدم المقاومة نحو الراهدة.. وإجراءات أمنية في مناطق سيطرتها

مئات القتلى والجرحى في صفوف الانقلابيين منذ انطلاق عملية تحرير تعز

جندي يمني يتولى الحراسة خلال زيارة نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء خالد بحاح إلى محافظة مأرب أول من أمس (رويترز)
جندي يمني يتولى الحراسة خلال زيارة نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء خالد بحاح إلى محافظة مأرب أول من أمس (رويترز)
TT

الألغام تعيق تقدم المقاومة نحو الراهدة.. وإجراءات أمنية في مناطق سيطرتها

جندي يمني يتولى الحراسة خلال زيارة نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء خالد بحاح إلى محافظة مأرب أول من أمس (رويترز)
جندي يمني يتولى الحراسة خلال زيارة نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء خالد بحاح إلى محافظة مأرب أول من أمس (رويترز)

نفى مصدر رفيع في المقاومة اليمنية، أمس، لـ«الشرق الأوسط» الأنباء التي ترددت عن انسحاب جزء من القوات الإماراتية المشاركة في عملية تحرير محافظة تعز، وقال المصدر إن عملية تحرير الحالمة تعز «يتولى قيادتها، من جانب التحالف، ضابط سعودي رفيع ونائبه إماراتي»، وإنه من «المستحيل أن ينسحب الإماراتيون»، وإن «العملية مستمرة ولن تتوقف حتى تطهير مدينة تعز كاملة». واتهم المصدر «مطابخ المخلوع علي عبد الله صالح بنشر الشائعات والأخبار المسربة لفكفكة الجبهة الداخلية والتماسك الكبير بين المقاومة وقوات الجيش الوطني وقوات التحالف من جهة، والمواطنين من أبناء الشعب اليمني من جبهة أخرى».
وقال المصدر إن «مطبخ الدعاية والشائعات لدى المخلوع صالح كبير جدا، ويعمل فيه عدد من الصحافيين والكتاب والمحسوبين على الوسطين الثقافي والسياسي، مع الأسف»، وإن «أموالا طائلة تصرف لتلك الطواقم في صنعاء وعدد من المحافظات لاختلاق الأكاذيب واستغلال أية ثغرات، إن وجدت، وتضخيمها»، وأشار المصدر الرفيع إلى «نشاط محموم لمطبخ المخلوع، الذي أعده على مدى سنوات طويلة عبر شراء الذمم، في مواقع التواصل الاجتماعي، التي باتت من أهم وسائل نشر الأخبار والآراء»، وإلى أن «الأموال الطائلة التي ينفقها المخلوع صالح على المطابخ الإعلامية تشير إلى أن لديه مصادر تمويل كثيرة، بخلاف الأموال التي يفترض أنها تخضع لتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي بشأن تجميد أمواله وأصوله».
إلى ذلك، سيطرت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية بتعز، ثالثة كبرى المدن اليمنية وسط اليمن، على مناطق جديدة في جنوب تعز بعد الهجوم على مدينة الراهدة والوصول إلى مشارفها لاستعادتها من ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، وذلك بعد مواجهات عنيفة شهدتها المنطقة بين المقاومة الشعبية والجيش الوطني من جهة، وميليشيات الحوثي والمخلوع صالح من جهة أخرى، وعقب السيطرة على الشريجة الواقعة بين محافظتي لحج وتعز.
ويأتي تقدم قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية بمساندة قوات التحالف لتحرير المحافظة وفك الحصار عنها، بعدما تم التقدم والسيطرة على مديرية القبيطة كاملة، بما فيها الجبل الأحمر المطل على مدينة ماوية والراهدة وسقوط العشرات من القتلى والجرحى بصفوف الميليشيات، بالإضافة إلى أسر ثلاثة من قيادات الميليشيات في منطقة الشريجة والراهدة، بحسب مصدر عسكري في المجلس العسكري لـ«الشرق الأوسط»، في حين ضيق الجيش الوطني والمقاومة وقوات التحالف الخناق على ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح في مديرية المسراخ التي تشهد مواجهات عنيفة، منذ أيام، في معركة استعادة السيطرة عليها.
وبحسب مراقبين سياسيين فإن الميليشيات تكبدت خسائر فادحة في الأرواح والمعدات في هذه المعارك، لكنّ المراقبين أكدوا أن تقدم المقاومة وقوات الجيش والتحالف نحو مدينة الراهدة، جنوب تعز، بطيء، وذلك بسبب الألغام التي زرعتها الميليشيات، على الرغم من تمكن الفرق الهندسية من نزع وتفجير الألغام التي زرعتها في كثير من المناطق، بينها النفق الذي يربط بين الشريجة والراهدة، الأمر الذي سهل على قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من التقدم باتجاه مدينة الراهدة، إلا أن هناك ألغاما ما زالت مزروعا تعيق هذا التقدم.
وبعد الإعلان الرسمي عن بدء عملية تحرير محافظة تعز وفك الحصار عنها، الاثنين قبل الماضي، بمساندة التحالف، سقط المئات بين قتيل وجريح من ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح على يد المقاومة الشعبية والجيش الوطني وجراء غارات التحالف المباشرة على مواقع وتجمعات الميليشيات وسط المدينة ومحيطها. وقال الناشط الحقوقي محمد عبد المجيد، لـ«الشرق الأوسط» إنه «قتل أمس ما لا يقل عن 20 من الميليشيات المتمردة، بالإضافة إلى سقوط جرحى ما لا يقل عن 30 آخرين في مواجهاتهم مع المقاومة والجيش وجراء قصف طائرات التحالف المباشرة والمركزة على مواقعهم وتجمعاتهم».
وأضاف أن «ميليشيات الحوثي وصالح لا تزال تمطر الأحياء السكنية من أماكن تمركزها بصواريخ الكاتيوشا والهاوزر والهاون وبشكل عنيف وهستيري كردّ انتقامي من الخسائر التي لحقتها على يد المقاومة والجيش وقوات التحالف، وخلفت وراءها قتلى من المدنيين بينهم نساء وأطفال، بالإضافة إلى استحداثها نقطة جديدة على مدخل صبر الدمنة، ودفعها بمزيد من التعزيزات العسكرية، حيث ما زالت الاشتباكات العنيفة تتواصل في جبهات القتال بين المقاومة الشعبية والجيش الوطني من جهة، وميليشيات الحوثي وصالح من جهة أخرى، في أحياء عصيفرة والزنوج والدعوة وفرزة صنعاء».
في سياق متصل، شددت المقاومة الشعبية وقوات الجيش الوطني الإجراءات الأمنية في الأحياء السكنية التي تسيطر عليها في مدينة تعز ومديريات الحجرية، وخصوصا مدينة التربة، التي أعلنت فيها المقاومة منعا للتجوال من الثامنة مساء وحتى السادسة صباحا، يوميا، وذلك تحسبا لهجمات الميليشيات على تلك المناطق، وذلك بعد فرار الميليشيات المتمردة من جبهات القتال إلى الأحياء السكنية ومديريات الحجرية وقيامها بنقص المارة عند تمركزها في بعض المباني ومنازل الموالين لهم من جماعة المخلوع صالح.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.