«داعش أفغانستان» يسعى لإشعال حرب طائفية

عشرات الآلاف من «الهزارة» الشيعة يتظاهرون للضغط على الحكومة لتطهير مناطقهم من المسلحين

ينظم داعش صفوفه ويقوم بتجنيد مقاتلين جدد إلى صفوفه في ولاية خراسان التي يطلقون عليها اسم «داخا» التي تشمل كلا من أفغانستان وباكستان وإيران ودول آسيا الوسطى وأذربيجان ({الشرق الأوسط})
ينظم داعش صفوفه ويقوم بتجنيد مقاتلين جدد إلى صفوفه في ولاية خراسان التي يطلقون عليها اسم «داخا» التي تشمل كلا من أفغانستان وباكستان وإيران ودول آسيا الوسطى وأذربيجان ({الشرق الأوسط})
TT

«داعش أفغانستان» يسعى لإشعال حرب طائفية

ينظم داعش صفوفه ويقوم بتجنيد مقاتلين جدد إلى صفوفه في ولاية خراسان التي يطلقون عليها اسم «داخا» التي تشمل كلا من أفغانستان وباكستان وإيران ودول آسيا الوسطى وأذربيجان ({الشرق الأوسط})
ينظم داعش صفوفه ويقوم بتجنيد مقاتلين جدد إلى صفوفه في ولاية خراسان التي يطلقون عليها اسم «داخا» التي تشمل كلا من أفغانستان وباكستان وإيران ودول آسيا الوسطى وأذربيجان ({الشرق الأوسط})

ما زال تنظيم داعش في ولاية خراسان، التي تشمل كلا من أفغانستان وباكستان وإيران ودول آسيا الوسطى وأذربيجان، يقوم بتجنيد مقاتلين جدد إلى صفوفه، كذلك ما زال في طور إنشاء وترتيب البيت الداخلي قبل القيام بتنفيذ عمليات كبرى قد تنطلق قريبا.
لكن من جانب آخر، يثير احتمال تمدد «داعش»، بجانب تصرفات بعض أجنحة حركة طالبان، المنقسمة على ذاتها، مخاطر افتعال فتنة طائفية في أعقاب المجزرة البشعة التي ارتكبت أخيرا في ولاية زابل، وراح ضحيتها عدد من أبناء عرقية الهزارة الشيعية، المتحدرة من أصول مغولية - ألطائية.
قيادة «داعش» في أفغانستان والمنطقة المشار إليها تعود في الظاهر إلى قيادات سابقة في حركة «طالبان باكستان» على رأسهم حافظ سعيد، الذي انشق عن تلك الحركة، وأعلن ولاءه لـ«أبو بكر البغدادي». وجدير بالإشارة أن قيادات «داعش» في المنطقة تطلق على ولاية خراسان اسم «داخا»، أي «الدولة الإسلامية في خراسان»، والتي قد تضم لاحقا جنوب آسيا، إضافة إلى أذربيجان وإيران، وأخيرا انضمت مجموعات منشقة عن «طالبان أفغانستان»، في مناطق كونر ونورستان وباكتيكا بشرق البلاد، إلى هذا التنظيم. وكان من أهم قيادات «داعش أفغانستان» أيضا عبد الرحيم مسلم دوست، وهو قيادي سابق في «طالبان أفغانستان»، وسبق أن اعتقلته القوات الأميركية ونقلته إلى «غوانتانامو»، ثم بعد إطلاق سراحه انضم مجددا إلى «طالبان»، وعُيِّن قاضيا في منطقة وزيرستان الشمالية، وله مؤلفات عدة باللغتين البشتونية والعربية، وفي أيام ما يسمى «الجهاد الأفغاني» كان عضوا بارزا في الحزب الإسلامي، بقيادة الراحل مولوي يونس خالص.
أيضا، من أهم القيادات كذلك الداعشي الأفغاني الملا عبد القهار، وهو زعيم جماعة متشددة في ولاية كونر، انضم إلى تنظيم «داعش»، ولدى جماعته مئات من المقاتلين الأفغان والباكستانيين والعرب، إضافة إلى الطاجيك والأوزبك والشيشان.
ويسعى تنظيم داعش في أفغانستان حاليا للتمدد والتوسع على حساب «طالبان أفغانستان» التي نشب فيها الخلاف بعد وفاة زعيم الجماعة ومؤسسها، الملا عمر، وتبدو الفرصة متاحة لمقاتلي «داعش» للحضور والانتشار في أفغانستان للأسباب التالية:
1) أن الخلافات بين «طالبان أفغانستان» وصلت إلى ذروتها، وهناك اشتباكات عنيفة تدور حاليا بين مجموعتين من طالبان بعد وفاة زعيم الحركة الملا عمر، فالجماعة المنشقة، بقيادة الملا رسول، حشدت قواها وهي تقاتل ضد الأمير الجديد، الملا أختر منصور، في ولاية زابل، وفي مناطق أخرى، وسط أنباء عن سقوط العشرات بين قتيل وجريح من الطرفين. ولقد اتهم الملا عبد المنان نيازي، المتحدث السابق وأحد أعضاء المجموعة المنشقة، الزعيم الجديد لـ«طالبان» (الملا أختر منصور) بأنه هو من قتل مؤسس الحركة الملا عمر بالتواطؤ مع الاستخبارات الباكستانية، وإضافة إلى ذلك هناك خلافات قبلية شديدة بين القيادات المنشقة، والزعامة الجديدة قد تعزز الانشقاق.
من المؤكد أن المستفيد الأول من هذه الخلافات هو تنظيم داعش، الذي سيتمدد على حساب «طالبان» في كثير من مناطق التوتر، لا سيما في جنوب أفغانستان وشرقها، وهي المناطق التي تعد مهيأة من ناحية العادات والتقاليد القبلية والأفكار المتطرفة لانتشار فكر «داعش» المتطرف.
2) تنظيم «داعش» لديه الأموال والمعدات القتالية بكميات أكبر بكثير مما بحوزة طالبان في الوقت الحالي، ومن شأن هذا العامل أن يؤدي إلى اجتذاب المزيد من مسلحي طالبان إلى صفوف «داعش».
في المقابل، هناك بعض المعوقات والعقبات التي سيواجهها تنظيم داعش في أفغانستان، وهي تتلخص في ما يلي:
1) المجتمع الأفغاني مجتمع محافظ، ويعتنق الإسلام التقليدي غير المتطور، ولا يعرف للدين سوى تفسير واحد ممزوج بالأعراف والتقاليد القبلية. وثمة ممارسات تعد من المحرمات لدى المجتمع الأفغاني، منها ممارسات يلتزم بها «داعش» بحرفيتها، وهذا جانب ينتظر أن يعرقل تمدد «داعش» في أفغانستان، لتعارض فكره وممارساته مع عادات الأفغان وتقاليدهم.
2) من عادة الأفغان رفض الإملاءات الخارجية عليهم، حتى لو كان ذلك باسم الدين والمذهب.
3) هناك رفض لدى غالبية الإثنيات الأفغانية لفكرة انتشار مقاتلين أجانب في مناطقهم، وهذا يعني أن معظم الأفغان ينظرون إلى الوجود العسكري الأجنبي - حتى لو كان باسم الدين - بعين الريبة والشك.
4) المدارس الدينية الموجودة في أفغانستان مدارس تقليدية تعارض الأفكار «الداعشية» المتطرفة.
5) الأقلية الشيعية في أفغانستان مسالمة، ولا يمكن أن تدخل في صراع مسلح مع «داعش» أو غيره من الجماعات المسلحة على أساس طائفي.
لهذه الأسباب وغيرها من الصعب، وفقا للمراقبين، تمدد «داعش» أو نجاح حضوره في الأراضي الأفغانية لمدة أطول، أضف إلى ذلك الغضب الجماهيري والشعبي الكبير لدى الأفغان إزاء ما ارتكبه «داعش أفغانستان» من عمليات خطف أشخاص وقتلهم من عرقية «الهزارة» الشيعية، ثم قطع رؤوسهم في ولاية زابل بجنوب شرقي أفغانستان. ولقد أثارت هذه الجريمة سخطا واستنكارا واسعين في الشارع الأفغاني، وسارت مظاهرات شعبية في مختلف المدن تدعو إلى تطهير المناطق من مقاتلي «داعش»، وإلحاق الهزيمة بهم قبل أن يتحول التنظيم إلى قوة كبرى.
والحقيقة أنه لأول مرة في أفغانستان خرجت مظاهرة حاشدة شارك فيها عشرات الآلاف من المواطنين في العاصمة كابل أخيرا، للتنديد بالعنف الشديد الذي تتعرض له أقلية «الهزارة» الشيعية، وانتقاد السلطات، التي اتهمها المتظاهرون بأنها لا توفر حماية كافية لها، بينما تتعرض لاضطهاد طائفي من حركة طالبان ومقاتلين يدعون أنهم ينتمون إلى تنظيم داعش. ولقد أطلقت قوات الأمن الأفغانية أعيرة نارية تحذيرية مع اقتراب المسيرة الحاشدة ضد العنف تجاه «الهزارة» من القصر الرئاسي في وسط كابل.
المتظاهرون انطلقوا تحت المطر من غرب العاصمة وهم يحملون نعوش سبعة من «الهزارة»، مطالبين بإحقاق العدل في قضية مقتل هؤلاء بقطع رؤوسهم في زابل، في ما يعد «جريمة حرب»، كما تقول الأمم المتحدة. وأطلق المتظاهرون أيضا هتافات معادية لطالبان و«داعش» المتهمين بارتكاب الجريمة، وحملوا لافتات كتبوا عليها «انتقام» و«احترمونا» و«اليوم يقتلوننا وغدا دوركم»، في إشارة واضحة إلى طالبان و«داعش». كذلك رددوا هتافات مناوئة للرئيس الدكتور أشرف غني أحمد زي، الذي ينتمي إلى عرقية البشتون، ورئيس الحكومة الدكتور عبد الله عبد الله، الذي ينحدر من أب بشتوني وأم طاجيكية، مكررين: «غني استقل!.. عبد الله استقل!»، واتهموهما بالتقصير في حماية الهزارة. وبعد خطابات نارية حاول عدد من المتظاهرين تسلق أحد أسوار القصر الرئاسي، بحسب صور نشرت في التلفزيونات المحلية وشبكات التواصل الاجتماعي، مثل «فيسبوك» و«تويتر». ولقد صرح صديق صديقي، المتحدث باسم وزارة الداخلية الأفغانية، قائلا: «إن أعيرة نارية تحذيرية أطلقت، وتفرق المتظاهرون، لكن مع الأسف أصيب خمسة من المتظاهرين إصابات طفيفة»، لكنه لم يوضح الجهة التي أطلقت النار من الشرطة أو الجيش أو الحرس الرئاسي.
يشكل الهزارة، المعروفون بملامحهم الآسيوية (المغولية)، أكثر من عشرة في المائة من سكان أفغانستان، وكانوا قد تعرضوا للاضطهاد، خصوصا في عهد حركة طالبان المتشددة، التي حكمت البلاد بين 1996 و2001. وهم يؤكدون أن وضعهم يزداد هشاشة في مواجهة متمردي طالبان الذين وسعوا تمردهم من معاقلهم في جنوب البلاد وشرقها باتجاه شمال أفغانستان الذي كان هادئا من قبل.
وكما سبقت الإشارة، كان السبب وراء هذا الاحتجاج الكبير غير المسبوق في تاريخ أفغانستان سلسلة عمليات خطف طالت أبناء «الهزارة» في الطرقات العامة الرابطة بين كابل وجنوب أفغانستان، وأثناء تنقلاتهم بين المدن الكبيرة، حيث تخضع غالبية الطرق الرئيسية لمقاتلي طالبان ومسلحي «داعش» الذين يشنون هجمات متقطعة، ويقومون بخطف موظفي الدولة والمنتمين إليها على هذه الطرقات. أما الحادثة المأساوية التي انتهت بقتل الضحايا «الهزارة» السبعة، فحدثت عندما أقدمت مجموعة مسلحة على خطف واحد وثلاثين شخصا من «الهزارة» في جنوب البلاد، أفرج لاحقا عن أربعة وعشرين منهم، لكن سبعة آخرين، وهم أربعة رجال وامرأتان وطفل، قتلوا بقطع رؤوسهم. وعثرت السلطات المحلية على الجثث في زابل، حيث تدور معارك عنيفة بين فصائل متناحرة من طالبان خلال الأسابيع الأخيرة.
علي رضا باقري (42 سنة)، أحد «الهزارة» المشاركين في المظاهرة، قال: «نريد إحقاق العدل، ونحن متوجهون إلى القصر الرئاسي لمحاسبة قادتنا عديمي الكفاءة». وقال آخر اسمه محمد بامياني: «نريد أن نعرف لماذا تبدو الحكومة غير مبالية إلى هذا الحد». وأضاف: «نطالب باستقالة قادتنا، لأنهم غير فاعلين وفاسدون».
وعلى صلة بما حدث، أعلنت وكالة الاستخبارات الأفغانية الثلاثاء قبل الماضي أنها حررت ثمانية مخطوفين شيعة، بينما أعلنت مديرية الأمن الوطني، في بيان، تحرير خمسة رجال وامرأتين وفتى في ولاية غزنة، من دون مزيد من التفاصيل. أما الرئيس أشرف غني فقال، في مؤتمر صحافي عاجل بعد المظاهرات الشعبية، إن «قوات الأمن ستفعل ما بوسعها للعثور على القتلة الذين يسعون لبث الشقاق والخوف في أفغانستان التي تتسم بالتنوع الإثني (العرقي) والديني لسكانها». وقال رئيس بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان، نيكولاس هايسم، في بيان، أرسل إلى وسائل الإعلام: «من الممكن أن تعادل جرائم القتل هذه جرائم حرب، ولا بد من إحالة مرتكبيها إلى القضاء».
مع هذا، تبقى تفاصيل جريمة قتل الضحايا السبعة غامضة.. الجريمة وقعت في منطقة خارجة عن سيطرة الحكومة، ويتواجه فيها منذ أيام فصيلان متناحران من طالبان، جناحي الملا أختر والملا محمد رسول.



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».