حزبا بارزاني وطالباني يتفقان على خريطة طريق جديدة لإدارة إقليم كردستان

قررا تفعيل الاتفاقية الاستراتيجية القائمة بينهما

حزبا بارزاني وطالباني يتفقان على خريطة طريق جديدة لإدارة إقليم كردستان
TT

حزبا بارزاني وطالباني يتفقان على خريطة طريق جديدة لإدارة إقليم كردستان

حزبا بارزاني وطالباني يتفقان على خريطة طريق جديدة لإدارة إقليم كردستان

خرج الحزبان الرئيسيان في إقليم كردستان (الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه رئيس الإقليم مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه الرئيس العراقي السابق جلال طالباني) من الاجتماع الذي جمعهما في أربيل أمس بالتأكيد على توحيد البيت الكردي والعمل المشترك في هذه المرحلة التي يمر بها الإقليم، فيما بينت مصادر مطلعة على الاجتماع أن الاتحاد الوطني قدم مجموعة من المقترحات للحزب الديمقراطي الكردستاني للتوصل إلى حل للأزمة التي يشهدها الإقليم.
وقال نيجيرفان بارزاني، رئيس حكومة إقليم كردستان نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع القيادي في الاتحادي الوطني الكردستاني ملا بختيار، عقب انتهاء الاجتماع الذي جمع المكتبين السياسيين للحزبين: «اتفقنا خلال الاجتماع على أن تكون أولويتنا الحالية توحيد البيت الكردي، خاصة إزاء التحديات التي تواجهها المنطقة بشكل عام والعراق وإقليم كردستان بشكل خاص». وتابع: «من مسؤوليتنا جميعا أن نعمل في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها أمتنا بشكل مشترك، وأن نحاول إيجاد المشتركات فيما بيننا»، كاشفا أن الاتحاد الوطني الكردستاني قدم عدة مقترحات لحل المشاكل الحالية في إقليم كردستان، وأن الحزب الديمقراطي سيناقش تلك المقترحات.
وتابع بارزاني قائلا إن الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني «تقع على عاتقهما مسؤولية أكبر من الأحزاب الأخرى في الإقليم»، مشيرا إلى أن الاتحاد الوطني شريك رئيسي في الحكم في إقليم كردستان، ووصف الاجتماع بأنه بداية جديدة بين الجانبين، وأن الاجتماعات ستتواصل بينهما.
بدوره، قال ملا بختيار: «بحثنا خلال الاجتماع كافة المفاصل المرتبطة بالمسائل الخاصة بالمنطقة وبمصير قوميتنا وبالديمقراطية وبالمشاكل الاقتصادية الراهنة ومشاكل المادة 140 الدستورية (الخاصة بالمناطق المتنازع عليها بين الإقليم وبغداد)، والمشاكل الإدارية والأمنية ومسألة (داعش)، والقضايا الدولية والإقليمية والداخلية وكافة التحديات الأخرى».
وشدد ملا بختيار على أن الاتفاقية الاستراتيجية بين الحزبين لا تزال قائمة، داعيا في الوقت ذاته إلى اتفاق بين الجانبين يعتمد على الأسس الجديدة.
إلى ذلك، كشف النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني في برلمان الإقليم، فرحان جوهر، لـ«الشرق الأوسط» أن اجتماع أمس كان لإعادة صياغة كافة مفاصل الحكم في الإقليم، ويعتبر بداية خريطة طريق جديدة لإدارة الإقليم من جميع الجوانب، وتفعيل الاتفاقية الاستراتيجية بين الجانبين وتمتينها أكثر مما كانت عليه. وعن المقترحات التي قدمها الاتحاد الوطني للحزب الديمقراطي الكردستاني لحل المشاكل في الإقليم، أوضح جوهر «أحد المقترحات هو استحداث منصب النائب الثاني لرئيس حكومة الإقليم ومنحه لحركة التغيير، مقابل سحب منصب رئاسة البرلمان من الحركة وإعادة انتخاب رئاسة جديدة لبرلمان الإقليم وعودة وزراء كتلة التغيير إلى وزاراتهم»، ملمحا إلى أن هذا المقترح والمقترحات الأخرى ستُناقش من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني وستبحث مع الأطراف الأخرى.
وكانت حكومة إقليم كردستان قد أعلنت في أكتوبر (تشرين الأول) أن رئيس الحكومة نيجيرفان بارزاني طلب من وزراء حركة التغيير في الحكومة ترك مناصبهم، مضيفة أن الإجراء جاء لاحتواء الأزمة التي شهدها الإقليم عقب احتجاجات وهجمات على مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني وجهت المسؤولية فيها إلى حركة التغيير التي كانت وزارات الأوقاف والشؤون الدينية والمالية والتجارة والبيشمركة من نصيبها. وأُسندت الوزارات الشاغرة إلى وزراء حاليين في الحكومة.
وفي السياق ذاته، قال النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني في برلمان الإقليم، خلف أحمد، لـ«الشرق الأوسط» إن الاتحاد الوطني الكردستاني اقترح على الحزب الديمقراطي الكردستاني وحركة التغيير أن يجلسا معا ويصلا إلى نتيجة. وأضاف: «أما بالنسبة للاتفاقية الاستراتيجية بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي، فهي قائمة، ويمكن أن نراجع فقراتها بحيث تكون متلائمة مع الأوضاع التي يشهدها الإقليم حاليا وتجديد ما يتطلب التجديد من فقراتها، وفي الوقت ذاته نحن متواصلون في مباحثاتنا مع حركة التغيير من أجل عقد اتفاقية سياسية معهم أيضا».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم