مكتب اليونيسكو في بيروت يطلق خطة حق التعلم لذوي الاحتياجات الخاصة

الوزارات المختصة تعلن دعمها لها في ظل وجود 90 ألف حالة في لبنان

مكتب اليونيسكو في بيروت يطلق خطة حق التعلم لذوي الاحتياجات الخاصة
TT

مكتب اليونيسكو في بيروت يطلق خطة حق التعلم لذوي الاحتياجات الخاصة

مكتب اليونيسكو في بيروت يطلق خطة حق التعلم لذوي الاحتياجات الخاصة

في خطوة هي الأولى من نوعها في لبنان، أطلق مكتب منظمة اليونيسكو الإقليمي في بيروت خطة تربوية تهدف إلى دمج الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة بالتعليم والمعرفة. وجاءت هذه الخطوة التي أعلن عنها في مؤتمر وطني نظمه المكتب الإقليمي مع الجمعية الوطنية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في لبنان، لتلقي الضوء على كيفية إيجاد حلول لاستيعاب هذه المشكلة، من خلال السعي لإقرار خطة وطنية للدمج التعليمي.
ومن النقاط التي تمّت مناقشتها في هذا الإطار، الحواجز التي يواجهها التلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصة في مجال التعليم، والنظم التعليمية السائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عامة، والتي لا تزال تستبعد 95 في المائة من هؤلاء من ولوج المؤسسات التعليمية المتاحة.
وأبدت الوزارات المختصة في لبنان وفي مقدّمها وزارتا الشؤون الاجتماعية والتربية - إضافة إلى وزارتي الاتصالات والصحة، اهتمامها بدعم هذه الخطّة والبدء في تفعيلها في السنوات القليلة المقبلة بعد تأمين العناصر المساهمة لتطبيقها. واحتلّ موضوع استخدام تكنولوجيا الاتصال والمعلومات في مجال التعليم لتلك الحالات، مساحة لا يستهان بها من هذه الخطة، التي تقدّم بها مكتب اليونيسكو الإقليمي في بيروت من ضمن الخطة النموذجية التي أعدها في هذا الخصوص. ففي عصر التكنولوجيا المتطورة الذي نعيش فيه، كان لا بد من اللجوء إلى عناصرها التي تشهد انتشارا واسعا يوما بعد يوم، لا سيما أنه من شأن جهاز الحاسوب الآلي والتطبيقات الإلكترونية الرائجة في مجالات عدة وبينها التعليمية، أن ترسي ظلّها الإيجابي على هذه المشكلة وتساهم في الحدّ منها.
وأشار جورج عوّاد، مسؤول برامج الاتصال والمعلومات في مكتب اليونيسكو الإقليمي في بيروت، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هذا البند يلعب دورا هاما في مجال تطبيق الخطة المذكورة، كونه يسهّل عملية الدمج التعليمي لهؤلاء الأشخاص حتى في أماكن سكنهم». وقال: «الأفكار والمناقشات التي تمّ تداولها حول هذا الموضوع، تناولت إضافة إلى دور التكنولوجيا، المؤسسات التعليمية وأصحاب الخبرات، وإلى أي مدى في إمكانهما أن يزيدا من الفرص التي تصبّ في هذا الدمج التعليمي، ضمن هيكلية ونظام يحفزّان على المشاركة».
وأضاف عواد: «لقد تناقشنا في كيفية التحضير لتطبيق هذه السياسة التعليمية من خلال التطوير لكادرات عدة تتعلّق بالنظام التربوي العام والبنية التحتية والتجهيزات والصيانة وغيرها من الأمور، التي تولّد بيئة مهيأة لاستيعاب أصحاب الاحتياجات الخاصة»، متابعا أنه «لا يكفي أن نهتم بالأمور التقنية والتكنولوجية، من دون أن نفكّر في الأساتذة المدرّبين لهذه المهمة، وإلا اختلط الحابل بالنابل.. وفي النهاية، إذا وجدت الإرادة فإن الأمور الأخرى تصبح تفاصيل يمكنها أن تتبلور في ظلّ تفعيل هذه الخطّة».
وعن الزمان الذي يمكن أن يحمل تفعيل هذه الخطة وتطبيقها في لبنان، أجاب جورج عوّاد: «مع الأسف أنه مع الواقع الذي نعيشه الظروف غير مهيّأة لتحديد الوقت الذي قد يستغرقه تطبيقها في لبنان، وفي إمكاننا ابتداء من منتصف السنة المقبلة أن نشهد اكتمال معالم هذه الخطّة بعد أن نتجاوز المشاكل لدى بعض الوزارات المختصة والمؤسسات التعليمية التي لا تستطيع حتى الآن استيعاب تلك الأعداد من ذوي الاحتياجات الخاصة». وختم بالقول إن «الأهم في الموضوع أننا نجتهد في عملنا هذا دون إضاعة الوقت، صحيح أننا نسير ببطء، ولكنها تبقى بمثابة بادرة الأمل الذي نتمسّك به رغم كل الصعوبات التي تواجهنا».
ولا يعدّ لبنان البلد الوحيد الذي يعاني من هذه الأزمة، فحسب مسؤول اليونيسكو الإقليمي، فإن جميع الدول تعاني من أزمات مشابهة حتى الأوروبية منها، كما أن الآراء تختلف حول كيفية تطبيق هذا الدمج، ومثالا على ذلك أن بعض المؤسسات تقترح انضمام هؤلاء إلى المنهج الدراسي السائد في مدارس كل بلد، فيتقدمون مثلا على نفس الامتحانات للشهادات الرسمية، بينما يرى آخرون أنه - وعلى العكس تماما - يجب الأخذ بعين الاعتبار الإعاقة التي يعانون منها فيخضعون لامتحانات مختلفة.
ويعدّ لبنان أول بلد عربي بدأ البحث جدّيا عن حلول لهذه المشكلة التربوية، كما أن البلدان الأوروبية ليست في أفضل حال، إلا أنها تتمتّع ببنى تحتية وبمراكز خاصة وبأشخاص مهنيين، إضافة إلى ميزانيات مادية تساهم في تسهيل تعليم هؤلاء الأشخاص إلى حدّ ما.
وفي لبنان، وحسب البيانات التي تملكها وزارة التربية، فإن عدد الأشخاص الذين يحملون بطاقة تدلّ على أنهم من ذوي الاحتياجات الخاصة يبلغ 90 ألف شخص. وقد يكون العدد على أرض الواقع أكبر من هذا الرقم، إلا أن فقدان الإحصاءات الرسمية بهذا الخصوص من شأنه أن لا يعطي الصورة الحقيقية للواقع الذي نعيشه.
وتمّ في المؤتمر التطرّق إلى الحواجز التي ساهمت في تأخير دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المؤسسات التعليمية. فكما هو معروف، فإن قانون 220 على 2000 الذي صدر منذ ستة عشر عاما لاقى الإهمال بدلا من التفعيل والتطبيق. وتقول دكتورة جاهدة أبو خليل رئيسة الجمعية الوطنية لحقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان: «لم تقم الوزارات المختصة بالدور المطلوب منها منذ أن سنّ هذا القانون حتى اليوم»، وهذا ما أكّده المدير العام لوزارة التربية فادي يرق، والذي قال بالحرف: «لنطوي تلك الصفحة ونبدأ من جديد. فاليوم في إمكاننا التفاؤل بمستقبل أفضل للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، بعد أن لمسنا مساندة ودعما من الجهات المعنية في الموضوع».
وأضافت الدكتورة أبو خليل في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «بنود كثيرة لم تطبّق في هذا القانون، وبينها نسب التعليم والاندماج في المؤسسات التعليمية الضئيلة، وتلك الخاصة بتوظيفات الدولة المنصوص عليها. كذلك الأمر بالنسبة لعدم تسهيل الخدمات الصحية الخاصة بهم»، مع الإشارة إلى أن وزير الصحة وائل أبو فاعور كان له كلمته في هذا الخصوص، عندما أوقف تعامل وزارته مع أحد المستشفيات على خلفية عدم استقباله لأحد المرضى من ذوي الاحتياجات الخاصة. وبطبيعة الحال، تختلف أنواع الإعاقات التي يعاني منها الأشخاص في لبنان، لتشمل البصرية منها والسمعية والحركية والذهنية، إضافة إلى النفسية التي أدرجت مؤخرا من ضمنها. وتقول جاهدة أبو خليل: «هؤلاء يعانون من صدمة نفسية معيّنة تؤثّر على أدائهم الاجتماعي بشكل مباشر، وقد ابتكر اتحاد عالمي لتلك الحالات كونها مهمّة ويجب الاعتناء بأصحابها، تماما كأي أصحاب إعاقة أخرى». وكانت مصر قد أدرجت مؤخرا الأشخاص الأقزام من ضمن لائحة ذوي الاحتياجات الخاصة، رغم أن هؤلاء لم يتم ذكرهم في أي دولة من دول العالم.
وفي النهاية، يبقى السؤال المطروح في هذا الصدد هو «هل هناك من أمل في تطبيق هذه الخطة في القريب العاجل؟»، وتردّ جاهدة أبو خليل: «سنستمرّ في الضغط على الجهات المعنية حتى النهاية، فليس لدينا خيار آخر.. ونحن متفائلون بالخير».



جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة
TT

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

تم تصنيف جامعة ياغيلونيا في مدينة كراكوف البولندية كأفضل مؤسسة تعليمية جامعية في البلاد، إلى جانب كونها واحدة من أعرق الجامعات في العالم. بدأت قصتها عام 1364 عندما نجح الملك كازيمير الأعظم بعد سنوات طويلة في إقناع البابا أوربان الخامس بمنح تصريح لإنشاء مؤسسة للتعليم الجامعي في مدينة كراكوف، قام الملك بتمويلها بعائدات مناجم فياليتشكا الملحية القريبة.
بعد ثلاث سنوات كان الجرس يدق في أرجاء المؤسسة معلناً عن بدء الدروس والتي كانت في الفلسفة والقانون والطب. وبدأت الجامعة، التي كان أول اسم يطلق عليها هو أكاديمية كراكوف، في الازدهار والنجاح خلال القرن التالي عندما بدأت في تدريس الرياضيات واللاهوت والفلك، حيث جذبت تلك المواد الباحثين والدارسين البارزين من مختلف أنحاء أوروبا. وتطلب توسعها بخطى سريعة إنشاء حرم جامعي أكبر. وقد التحق نيكولاس كوبرنيكوس، الذي أحدث بعد ذلك ثورة في فهم الكون، بالجامعة منذ عام 1491 حتى 1495.
مع ذلك، لم يستمر ما حققته الجامعة من نجاح وازدهار لمدة طويلة كما يحدث طوال تاريخ بولندا؛ ففي عام 1939 احتل النازيون مدينة كراكوف وألقوا القبض على الأساتذة بالجامعة وقاموا بنقلهم إلى معسكري التعذيب زاكزينهاوسين، وداخاو؛ ولم يعد الكثيرون، لكن من فعلوا ساعدوا في تأسيس جامعة مناهضة سرية ظلت تعمل حتى نهاية الحرب. كذلك اضطلعت جامعة ياغيلونيا بدور في الاحتجاجات المناهضة للنظام الشمولي في الستينات والثمانينات، واستعادت حالياً مكانتها المرموقة كمؤسسة لتدريب وتعليم النخبة المتعلمة المثقفة في بولندا.
ساعد انضمام بولندا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 في زيادة موارد الجامعة، وفتح أقسام جديدة، وإنشاء مرافق أفضل منها ما يسمى بـ«الحرم الجامعي الثالث» أو «الحرم الجامعي للذكرى الـ600» في منطقة بيخوفيسه. وبلغ عدد الملتحقين بالجامعة في 87 برنامجا دراسيا خلال العام الدراسي 2015-2016 47.494 طالباً.
وطوال قرون التحق خلالها عدد كبير من الطلبة بالجامعة، كان التحاق أول طالبة بالجامعة يمثل حدثاً بارزاً، حيث قامت فتاة تدعى نوفويكا، بالتسجيل في الجامعة قبل السماح للفتيات بالالتحاق بالجامعة بنحو 500 عام، وكان ذلك عام 1897، وتمكنت من فعل ذلك بالتنكر في زي شاب، وكانت الفترة التي قضتها في الدراسة بالجامعة تسبق الفترة التي قضاها زميل آخر لحق بها بعد نحو قرن، وكان من أشهر خريجي الجامعة، وهو نيكولاس كوبرنيكوس، الذي انضم إلى مجموعة عام 1492، وربما يشتهر كوبرنيكوس، الذي يعد مؤسس علم الفلك الحديث، بكونه أول من يؤكد أن الأرض تدور حول الشمس، وهو استنتاج توصل إليه أثناء دراسته في الجامعة، ولم ينشره إلا قبل وفاته ببضعة أشهر خوفاً من الإعدام حرقاً على العمود. من الطلبة الآخرين المميزين كارول فويتيالا، والذي يعرف باسم البابا يوحنا بولس الثاني، الذي درس في قسم فقه اللغة التاريخي والمقارن بالجامعة.