قوات الأمن التونسية توقف أخطر إرهابي في البلاد

كان يعتزم تنفيذ عملية تخريبية كبرى في العاصمة

قوات الأمن التونسية توقف أخطر إرهابي في البلاد
TT

قوات الأمن التونسية توقف أخطر إرهابي في البلاد

قوات الأمن التونسية توقف أخطر إرهابي في البلاد

سلم تونسي - اتهم بالوقوف وراء حالة الاستنفار القصوى التي عرفتها أجهزة الأمن التونسي خلال الأيام الأخيرة - نفسه إلى الشرطة، بعد تنسيق مسبق بين عائلته والمؤسسة الأمنية، يقضي بعدم تعرضه للتعذيب خلال عملية الاستجواب التي سيخضع لها.
واعتقلت فرق مقاومة الإرهاب نسيم الحفصي الليلة قبل الماضية، حيث أفادت مصادر أمنية بأن فريقا مشتركا مكونا من الوحدة الوطنية للأبحاث في الجرائم الإرهابية، والإدارة المركزية لمكافحة الإرهاب، نجح في الإطاحة بالعنصر الإرهابي، الذي تسبب في حالة الاستنفار الأمني الأخيرة في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة.
وخلافا للرواية الرسمية التي قدمتها وزارة الداخلية، فإن مصادر حقوقية أشارت إلى أن المتهم نسيم الحفصي سلم نفسه إلى أجهزة الأمن من تلقاء نفسه، وذلك بعد أن أقنعته عائلته بإيجابيات هذه الخطوة وانعكاسها على سير الأبحاث الأمنية، لكن وزارة الداخلية نفت على لسان وليد اللوقيني، المسؤول الإعلامي، بدورها هذه الرواية.
وبهذا الخصوص قال المحامي سمير بن عمر، المتخصص في قضايا الإرهاب، لـ«الشرق الأوسط»، إن نسيم الحفصي المتهم بالإرهاب سلم نفسه إلى قوات الأمن في منطقة زغوان (على بعد 60 كلم من العاصمة)، وذلك بعد اتفاق مع عائلته، مشيرا إلى أن عائلته لعبت دورا أساسيا في إقناعه بضرورة تسليم نفسه إلى أجهزة الأمن، عوضا عن تعريض حياته للموت المحقق. وأكد أن المتهم كان يخشى تعرضه للتعذيب داخل السجون، أو خلال مرحلة التوقيف في مراكز الأمن، وقال إن عائلته حصلت على ضمانات أولية بعدم تعرضه للتعذيب.
وأشارت مصادر أمنية إلى أن الحفصي يعد من أخطر العناصر الإرهابية الموجودة في البلاد، على اعتبار أنه تدرب على عدد كبير من الأسلحة، وكان يعتزم تنفيذ عملية إرهابية في العاصمة كرد فعل على كشف خلية نسائية، تضم تسع سيدات متهمات بمبايعة تنظيم داعش.
وينتمي نسيم الحفصي إلى الجناح الإعلامي لتنظيم جند الخلافة الذي بايع «داعش»، وتتشكل الخلية على وجه الخصوص من تسع سيدات، من بينهن امرأة كانت على اتصال بقيادات إرهابية خارج تونس، وقد عبرت أثناء الأبحاث الأمنية الأولية عن استعدادها لتنفيذ عمل إرهابي يستهدف إحدى المنشآت الحيوية في تونس.
وخلف الحفصي حالة كبرى من الرعب والخوف بين المواطنين، وتأهبا أمنيا غير مسبوق بعد الكشف عن مكالمة هاتفية يوم الأربعاء الماضي أعلن خلالها استعداده لتنفيذ عملية انتحارية. وقد دفع الحفصي أجهزة الأمن إلى رفع حالة التأهب إلى درجة عالية، حيث جندت كل طاقاتها لاعتقال نسيم الحفصي، وهو ما تم لها الليلة قبل الماضية.
على صعيد متصل، ذكرت مصادر أمنية أنها عثرت على آلاف الكتب والمنشورات التي تمجد الإرهاب في أحد مساجد مدينة قابس (500 كلم جنوب شرقي العاصمة). وأضافت أن المسجد الذي يحمل اسم «مسجد القدس» كان تحت سيطرة العناصر السلفية المتشددة إلى حدود شهر أكتوبر (تشرين الأول) من السنة الماضية، مشيرة إلى فتح تحقيق أمني لتحديد العناصر التي قد تكون وراء ذلك العدد الكبير من الوثائق، التي عادة ما تلجأ إليها تلك التنظيمات الإرهابية لنشر أفكارها بين الشباب.
من ناحية أخرى، صادق أمس مجلس نواب الشعب (البرلمان) على مشروع قانون المحكمة الدستورية برمته، بموافقة 130 نائبا، واحتفاظ ثلاثة بأصواتهم، ودون تسجيل أي اعتراض ضد هذا القانون.
وأكد فرحات الحرشاني، وزير العدل بالنيابة، في تصريح إذاعي، أهمية إرساء هذه المحكمة، وقال إنها ستلعب دورا أساسيا في حماية الحريات في تونس، وتوضيح محتواها، كما أنها ستكون الحكم والفيصل بين السلطات الثلاث، على حد تعبيره.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.