المغرب: أمين عام «الاستقلال» ينتقد التحكم في المشهد السياسي

شباط يعلن انتهاء صلاحية تحالفه مع المعارضة

المغرب: أمين عام «الاستقلال» ينتقد التحكم في المشهد السياسي
TT

المغرب: أمين عام «الاستقلال» ينتقد التحكم في المشهد السياسي

المغرب: أمين عام «الاستقلال» ينتقد التحكم في المشهد السياسي

أقر حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال المغربي المعارض، بأن الخطاب السياسي الذي تبناه حزبه في المرحلة الماضية هو الذي تسبب في تراجعه في الانتخابات البلدية والجهوية، التي جرت في الرابع من سبتمبر (أيلول) الماضي.
وأعلن شباط، الذي كان يتحدث أمس في اجتماع للمجلس الوطني للحزب (هيئة تقريرية) أن مرحلة التنسيق مع أحزاب المعارضة انتهت، مؤكدا أن الحزب بصدد تقييم المشهد السياسي، و«إعادة قراءة المعطيات والحقائق». وكان حزب الاستقلال قد قرر عقد اجتماع لمجلسه الوطني للحسم في قرار الانتقال إلى المساندة النقدية لحكومة ابن كيران، التي كان الحزب قد أعلن عنها بشكل غير رسمي إبان ظهور نتائج الانتخابات الجهوية والمحلية، والتي من المرجح أن يؤيدها أعضاء المجلس، بالإضافة إلى تقييم نتائجه في تلك الانتخابات، التي تلقى فيها هزيمة مدوية في مدينة فاس، أحد معاقله التاريخية، على يد غريمه السياسي حزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية متزعم الائتلاف الحكومي.
ومنذ انتخابه أمينا عاما للحزب، لم يتوقف عن توجيه انتقادات لاذعة لابن كيران وحكومته، وصلت إلى حد انسحاب الحزب منها، وكان يسعى من وراء ذلك، حسب متتبعين، إلى إسقاط التجربة الحكومية الأولى للإسلاميين في المغرب، واستمر في هجومه على ابن كيران حتى ظهرت نتائج الانتخابات البلدية والجهوية، فتغير خطاب الرجل. في هذا السياق، انتقد الوضع التنظيمي للحزب وخطابه السياسي، وقال إن «خطابنا السياسي لم يسعفنا في النفاذ إلى عمق القضايا لأننا فكرنا في الخطاب، ولم نعط أهمية للوسائل التنظيمية والإعلامية التي تضمن وصوله إلى الرأي العام، وهو ما يفسر تراجع الحزب في مناطق كانت تمثل قلاعا تاريخية له».
ودعا إلى إعداد خطة عمل للمرحلة المقبلة، تعبد الطريق أمام الحزب لتبوؤ مكانة متقدمة في الانتخابات التشريعية، المقرر تنظيمها العام المقبل. كما دعا إلى إعادة تقييم المشهد السياسي في البلاد، مذكرا بأن تحالفه مع أحزاب المعارضة «لم يكن تحالفا سياسيا بل مجرد تنسيق نيابي، لكن العادات القديمة غلبت، وبالتالي فإن صلاحيات تلك المبادرات انتهت»، وذلك في إشارة إلى تصدع تحالفه مع أحزاب المعارضة، ممثلة في حزبي الأصالة والمعاصرة، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وذلك بعد الانتخابات التي تقدم فيها حزب الأصالة والمعاصرة، واستأثر على أثرها برئاسة خمس جهات رغم عدم حصوله على الأغلبية فيها.
ودعا في هذا الصدد إلى إحداث مراجعات مناسبة ليتصدر الحزب موقعه الطبيعي كقوة سياسية تتمتع بالسيادة على قرارها من دون الارتهان إلى أي جهة.
واستعان أمين عام حزب الاستقلال بقاموس غريمه السياسي السابق ابن كيران رئيس الحكومة، والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، حيث استعمل في خطابه مصطلح «التحكم» أكثر من مرة، وقال إن حزبه «قام بحملة انتخابية نظيفة، وحصل على نتائج عززت موقعه، إلا أنه لم يسلم من أساليب الضغط والتحكم والتوجيه، التي أدت إلى انتخاب مجالس جهوية غير منسجمة مع إرادة الناخبين»، معلنا في ذات السياق أن حزبه سيواصل النضال مع القوى الديمقراطية الحقيقية.
ويرجح كثيرون أن يحتفظ بمنصبه أمينا عاما للحزب لولاية ثانية، بينما يرى آخرون أن حزب الاستقلال قد يتجه إلى انتخاب قيادة جديدة تطوي مرحلة، ومن الأسماء المرشحة لخلافته، نزار بركة رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي كان يشغل منصب وزير الاقتصاد والمالية في النسخة الأولى من حكومة ابن كيران، وعبد الصمد قيوح، مرشح الحزب لرئاسة مجلس المستشارين، الذي خسر المنصب بفارق صوت واحد لصالح حكيم بن شماس، القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة، وذلك بعد تصويت مستشاري حزب العدالة والتنمية لصالحه.
وأعلن ابن كيران استعداده طي صفحة الخلاف مع «الاستقلال» بعد مراجعة موقفه من حكومته، وذلك من أجل تقوية الجبهة التي يقودها ضد «التحكم» ممثلة برأيه في حزب الأصالة والمعاصرة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.