هجمات باريس ومالي تفضح تنافس {القاعدة} و {داعش} على كسب مزيد من المؤيدين

انقسام حول استراتيجيات التطرف.. وصراع على المجندين والتمويل والمفاخرة بين المتشددين

الهجمات الإرهابية الأخيرة في باريس ومالي أثارت جدلا بشأن التوازن بين الإجراءات الأمنية المفروضة وقوانين الحريات المدنية («نيويورك تايمز»)
الهجمات الإرهابية الأخيرة في باريس ومالي أثارت جدلا بشأن التوازن بين الإجراءات الأمنية المفروضة وقوانين الحريات المدنية («نيويورك تايمز»)
TT

هجمات باريس ومالي تفضح تنافس {القاعدة} و {داعش} على كسب مزيد من المؤيدين

الهجمات الإرهابية الأخيرة في باريس ومالي أثارت جدلا بشأن التوازن بين الإجراءات الأمنية المفروضة وقوانين الحريات المدنية («نيويورك تايمز»)
الهجمات الإرهابية الأخيرة في باريس ومالي أثارت جدلا بشأن التوازن بين الإجراءات الأمنية المفروضة وقوانين الحريات المدنية («نيويورك تايمز»)

قبل انتهاء أزمة احتجاز الرهائن في فندق بمالي، وقبل التعرف حتى على هوية المسلحين، بدأ المعجبون بتنظيم «القاعدة» والمعجبون بمنافسه تنظيم داعش في التصارع على وسائل الإعلام الاجتماعي حول أي من التنظيمين المتطرفين أكثر استقامة وأكثر وضوحا.
وسرعان ما أعلن مؤيد واضح للقاعدة، يقترح حسابه الشخصي على «تويتر» أنه مقاتل تابع للتنظيم في سوريا، على الإنترنت أن «(داعش) يمكنه أن يتعلم شيئا أو شيئين» من هجوم مالي، مستبعدا بازدراء الافتراضات أن يكون تنظيم داعش الحديث والمغرور هو الذي شن هذا الهجوم.
فقد كتب المؤيد لـ«لقاعدة» في تغريدة له: «الله أعلم. إنهم لا يعملون في مالي. جميعنا نعلم من يعمل هناك».
وقبل أسبوع بالضبط من حصار يوم الجمعة الماضي في العاصمة المالية باماكو، صدم «داعش» العالم أجمع بهجماته على باريس التي أسفرت عن مقتل 130 شخصا. ويعود الهجوم على الفندق إلى متطرفين مرتبطين بـ«القاعدة». وفي حين أن المسلحين أشاروا إلى المظالم المحلية كسند منطقي، كان من الواضح أن احتجاز الرهائن لعب دورا في التنافس المتزايد والعنيف بين التنظيمين.
وبعدما كانا متحدين ذات مرة تحت راية «القاعدة»، انقسم التنظيمان حول الاستراتيجيات المختلفة في سوريا. وبرز «داعش» منذ ذلك الحين كقوة أكثر حيوية وشعبية بين المسلمين المتطرفين، ما غذى التنافس على المجندين والتمويل وحقوق المفاخرة بين المتطرفين الذين يعتبرون إراقة الدماء أفضل وسيلة لدفع أجندة المتطرفين.
وأدى هذا التنافس إلى هجمات الذئاب المنفردة التي يصعب القضاء عليها، بالنظر إلى الأهداف السهلة التي لا حصر لها، حتى لو استطاعت الجيوش إضعاف التنظيمين في قواعدهما في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأخذ التنافس منعطفا شريرا بشكل خاص في يناير (كانون الثاني) الماضي في باريس، عندما أعلن فرع تنظيم «القاعدة» في اليمن مسؤوليته عن قتل مسلحين بعض موظفي مجلة «شارلي إيبدو» الساخرة، وكان الهجوم الأكثر جرأة على الغرب على مدى سنوات بواسطة تنظيم بدأ في الظهور - من حيث الجهادية - كأنه شيب بعض الشيء، ويُقارن «القاعدة» بحذر مع «داعش» البارع في استخدام وسائل الإعلام الاجتماعي للدعاية.
ويعتقد بعض المحللين الأوروبيين أن عبد الحميد أباعود - عضو تنظيم داعش الذي يقول المسؤولون إنه دبر هجمات باريس الأسبوع الماضي - اعتبر هجوم يناير بمثابة تحد ملح لفعل شيء أكبر.
ويرى المسؤولون أن تنظيم داعش أوكل للسيد أباعود بدء حملة من الهجمات في أوروبا، بيد أن محاولاته الأولى فشلت، بما في ذلك هجوم على قطار متجه إلى باريس أُحبِط بسبب تغلب الركاب على المسلح. ويبدو أن معلمه أبو محمد العدناني، القيادي البارز بـ«داعش»، زاد الضغط على أباعود، من خلال تعنيف المسلمين علنا الذين يفشلون في استخدام أي وسيلة متاحة - «رصاصة، أو سكين، أو سيارة، أو صخرة» - لإراقة «دماء الصليبيين».
وبعد أشهر من المحاولة، نفّذ أباعود هجمات باريس الأخيرة، التي بدورها اعتبرها بعض أنصار «القاعدة» شيئا يمكن مضاهاته في الرهبة، ويتفوق عليه ما يعد نهجا أكثر أخلاقية يحرص على الحد من الوفيات بين المسلمين المدنيين.
واستبعد مسلحو مالي المسلمين من الهجوم، من خلال مطالبة الرهائن بتلاوة آيات من القرآن الكريم من أجل تحريرهم.
وكتب أحد المؤيدين لـ«لقاعدة» على «تويتر»: «فَصَل الأُسُود الذين نفذوا هجوم مالي المسلمين عن المسيحيين من أجل حماية دم المسلمين المحرم».
ورد مؤيد آخر - يطلق على نفسه اسم أبو سفيان الليبي، ويقترح حسابه على «تويتر» أنه كان يقاتل مع جبهة النصرة التابعة لتنظيم «القاعدة» في سوريا - بحماس، قائلا: «هذه هي الطريقة التي ينبغي على المسلمين التعامل بها!»، مضيفا أن «داعش» «ينبغي أن يتعلم شيئا أو شيئين، ويسقط عقيدته ومنهجيته الملتوية»، في إشارة واضحة إلى استعداد التنظيم لشمل المسلمين في مذابحه بحق المدنيين. ويمثل المسلمون أغلبية بين ضحايا «داعش» في العراق وسوريا، كما قُتِل بعض المسلمين في هجمات باريس الأسبوع الماضي.
وقبل ما يقرب من عقد ونصف العقد في يوم 11 سبتمبر (أيلول) 2001، جذب تنظيم «القاعدة» انتباه العالم أجمع بعمل إرهابي مذهل وفريد من نوعه، وشرع في مضايقة الولايات المتحدة وحلفائها بشن هجمات وأعمال تمرد على جبهات متعددة في جميع أنحاء العالم. لكن خلال السنوات الأخيرة، اندثرت «القاعدة» بواسطة «داعش»، الذي أبهر الجهاديين عن طريق فرض السيطرة على مساحات شاسعة من سوريا والعراق، وإنشاء ما وصفه بالخلافة، ومحو الحدود الاستعمارية التي دامت عشرات السنين.
وقال ريتشارد باريت، الرئيس السابق لعمليات مكافحة الإرهاب العالمية في وكالة الاستخبارات البريطانية (إم آي 6)، وهو الآن محلل في مجموعة صوفان: «تركّز كل الاهتمام على (داعش) والعراق وسوريا والتهديدات المفروضة على الغرب». وأضاف: «وجد المتطرفون في مالي أن هناك فرصة كبيرة لتذكير الجميع بأنهم لا يزالون موجودين».
وبالنسبة لكل من تنظيمي «القاعدة» وداعش، يعد قتل المدنيين تكتيكا واستراتيجية، لكنهما يختلفان حول مدى الدموية. وخلال التمرد الطويل ضد الغزو الأميركي للعراق، أشرف زعيم «القاعدة» هناك أبو مصعب الزرقاوي على حملة التفجيرات الانتحارية الدموية. واستهدفت الهجمات كلا من الجيش الأميركي والمدنيين العراقيين، بمن فيهم المسلمين - وخصوصا الشيعة. واعتبر التنظيم الشيعة بمثابة منافسين لهم على السلطة في العراق، وأيضا مرتدين - في إطار الفكر المتشدد المعروف باسم التكفير - خانوا الإسلام ويستحقون الموت.
وفي نهاية المطاف، دعا زعيم تنظيم «القاعدة» العالمي أيمن الظواهري التابعين للتنظيم لتجنب عمليات القتل الشاملة، بدعوى أنها شوهت التنظيم وأعاقت عمليات التجنيد.
وفي سوريا، سعت جبهة النصرة لتكوين شراكات مع الجماعات المتمردة الأخرى التي يُفضّل «داعش» سحقها، ولم تنفذ مجازر بالنطاق نفسه أو انتظام «داعش». (هذا لا يعني أن جبهة النصرة كانت نموذجا للحكم الرشيد في المناطق التي تسيطر عليها في سوريا، فقد قتلت المعارضين، وطردت الأقليات أيضا).
*خدمة «نيويورك تايمز»



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.