لندن: مخاوف من تداعيات تقليص ميزانية الشرطة على مكافحة الإرهاب

«اسكوتلنديارد» لـ «الشرق الأوسط»: ننسق مع المساجد المحلية لمراقبة ارتفاع جرائم الإسلاموفوبيا

وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي تصل إلى اجتماع بروكسل الطارئ أمس (أ.ف.ب)
وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي تصل إلى اجتماع بروكسل الطارئ أمس (أ.ف.ب)
TT

لندن: مخاوف من تداعيات تقليص ميزانية الشرطة على مكافحة الإرهاب

وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي تصل إلى اجتماع بروكسل الطارئ أمس (أ.ف.ب)
وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي تصل إلى اجتماع بروكسل الطارئ أمس (أ.ف.ب)

حذّر ضابط كبير في الشرطة البريطانية من أن الخفض المتوقع لميزانية الشرطة قد يقلص قدرتها على التعامل مع هجمات بحجم تلك التي تعرضت لها العاصمة الفرنسية باريس، وفقا لرسالة سرّبتها الـ«بي بي سي».
ووُجهت تحذيرات لوزيرة الداخلية، تيريزا ماي، من أن تقليص ميزانية الشرطة سيؤثر على قدرتها على الرد على هجمات متعددة متزامنة، مثلما حدث في باريس يوم الجمعة الماضي. ويأتي ذلك قبل أيام من تقديم وزير المالية، جورج أوزبورن، الأربعاء المقبل، تفاصيل خفض الإنفاق بعدة مليارات من الجنيهات الإسترلينية في إطار خطته الطموحة لتحويل العجز في ميزانية بريطانيا إلى فائض بحلول عام 2020.
في المقابل، أكدت هيلين باور، المتحدّثة باسم رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، أن الحكومة «ستحمي المواطنين بكل قدراتها». كما لفتت إلى أن الحكومة حافظت على ميزانية وحدات مكافحة الإرهاب في الشرطة منذ عام 2010، وأنها أعلنت سابقا عن اتخاذ إجراءات جديدة لمكافحة الإرهاب، تشمل تعزيز ميزانيات وكالات الأمن والاستخبارات.
من جهتها، رفضت كل من «اسكوتلنديارد» ووزارة الداخلية التعليق على الخبر، باعتباره تسريبا إلى جهة إعلامية، إلا أن مصدرا مطّلعا أكد لـ«الشرق الأوسط» أن هناك قلقا حقيقيا ضمن كبار مسؤولي الشرطة البريطانية حول احتمال تخفيض الميزانية، وما قد يترتّب عنها من عواقب ملموسة على المستوى الأمني. كما أشار المصدر نفسه إلى أن وحدات مكافحة الإرهاب تنسق مع وحدات أخرى في الشرطة، وأن أحداثا بحجم تلك التي ضربت باريس الأسبوع الماضي تستوجب مشاركة جميع الوحدات الأمنية المتاحة.
وتداولت وسائل الإعلام المحلية احتمال إعلان وزارة الداخلية، التي تتولاها ماي، خفض ميزانيتها بنسبة 20 في المائة، مما قد يؤثر على ميزانيات الشرطة التي قد تشهد تخفيضا ماليا، بالإضافة إلى تقليص عدد العاملين فيها. إلى ذلك، توقّعت الوثيقة المسربة أن تقليص ميزانية الشرطة بأكثر من عشرة في المائة سيؤثر على قدرتها على حشد عدد كبير من الضباط لمواجهة التهديدات الأمنية، كما أن «القوات ستبذل جهودا مضنية للتعامل مع هجمات متعددة للمتشددين». من جهته، أكد أوزبورن، مجيبا على سؤال بشأن خفض ميزانيات الشرطة في وقت سابق هذا الأسبوع، أن «الأمن القومي يعتمد على وجود تمويل عام سليم».
من جهة أخرى، شددت الوثيقة على عواقب تقليل عدد الضباط، مشيرة إلى أن «قوات الشرطة في جميع أنحاء إنجلترا وويلز شهدت بالفعل انخفاضا في أعدادها بنحو 40 ألف ضابط، وإن مزيدا من الانخفاض في العدد سيؤثر بشدة على قدراتنا». كما دعا، وزير الداخلية في حكومة الظل آندي بورنهام، الحكومة لإعادة النظر في تخفيض عدد قوات الشرطة قبل مراجعة الإنفاق الأسبوع المقبل، قائلا: إنها ستكون «خطيرة وستعرض السلامة العامة في الخطر». وقال بورنهام في خطاب لوزيرة الداخلية: «نظرا للأحداث في باريس نهاية الأسبوع الماضي، نكرر اعتقادنا أنه لن يكون من الحكمة أن نطلب من الشرطة تخفيض إنفاقها أكثر من 5 في المائة على مدى السنوات الخمس المقبلة».
من جانبها، قالت المتحدثة باسم مجلس رؤساء الشرطة الوطنية في أعقاب الهجوم الإرهابي في باريس الأسبوع الماضي: «راجعنا قدرتنا على الاستجابة لهجوم إرهابي متعدد الأماكن ومنظم جيدا، فضباطنا مدربون ومسلحون جيدا، ونحن في تطور مستمر لمواجهة تهديد الإرهاب»، مضيفة: «كما تتوقعون، نناقش قدرتنا على الرد على هجوم مثل الذي حدث في باريس مع الحكومة، وتشمل هذه المناقشات تقييمات عدد ضباط مكافحة الإرهاب وأثر تخفيضات التمويل في المستقبل، نحن لا نعلق على الوثائق المسربة، التي تشكل جزءا من هذه المناقشات المهمة»، وفقا لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
ويشار إلى أن الجدل حول تعزيز قوات الشرطة اكتسب أهمية خاصة بعد أن قامت شرطة العاصمة البريطانية، في وقت متأخر مساء أول من أمس، بتفجير محكم لسيارة مشبوهة، في منطقة محطة «بيكر ستريت» لقطارات الأنفاق وسط لندن. وأخلت الشرطة المحطة من الركاب، وأغلقت المنطقة كاملة قبل أن تجري تفجيرا محكما، ثم أعادت فتح المحطة مرة أخرى بشكل طبيعي، دون أن توضح الشيء الذي تم تدميره.
في سياق متصل، أكدت «اسكوتلنديارد» لـ«الشرق الأوسط» أن جرائم الكراهية ترتفع بشكل لافت بعد أحداث مشابهة لاعتداءات باريس المأساوية. وأشارت إلى أن قوات الأمن أقامت دوريات إضافية في المناطق التي تقطنها الجاليات المسلمة التي عبّرت عن قلقها من تنامي جرائم الإسلاموفوبيا. وقالت المتحدّثة باسم «اسكوتلنديارد» إن الشرطة تنسق بشكل وثيق مع المساجد المحلّية وقادة الجاليات لمراقبة الوضع. وأضافت: «إننا لا نتسامح مع جرائم الكراهية، ولا يجوز لأي شخص أن يعاني في صمت».



ميلي يدعو من روما إلى إقامة تحالف يميني عالمي

ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
TT

ميلي يدعو من روما إلى إقامة تحالف يميني عالمي

ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)

دعا الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي إلى توحيد قوى اليمين العالمية في منظمة جامعة لـ«محاربة اليسار والاشتراكية، تكون مثل الكتائب الرومانية قادرة على دحر جيوش أكبر منها».

جاء ذلك في الخطاب الناري الذي ألقاه، مساء السبت، في روما، حيث لبّى دعوة رئيسة الحكومة الإيطالية جيورجيا ميلوني، ليكون ضيف الشرف في حفل اختتام أعمال المهرجان السياسي السنوي لشبيبة حزب «إخوان إيطاليا»، الذي تأسس على ركام الحزب الفاشي. وقدّمت ميلوني ضيفها الذي يفاخر بصداقته لإسرائيل والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بوصفه «قائد ثورة ثقافية في دولة صديقة، يعرف أن العمل هو الدواء الوحيد ضد الفقر».

«مسؤولية تاريخية»

ميلوني لدى استقبالها ميلي في قصر شيغي بروما الجمعة (إ.ب.أ)

قال ميلي إن القوى والأحزاب اليمينية في العالم يجب أن تكون في مستوى «المسؤولية التاريخية» الملقاة على عاتقها، وإن السبيل الأفضل لذلك هي الوحدة وفتح قنوات التعاون على أوسع نطاق، «لأن الأشرار المنظمين لا يمكن دحرهم إلا بوحدة الأخيار التي يعجز الاشتراكيون عن اختراقها». وحذّر ميلي من أن القوى اليمينية والليبرالية دفعت ثمناً باهظاً بسبب تشتتها وعجزها أو رفضها مواجهة اليسار متّحداً، وأن ذلك كلّف بلاده عقوداً طويلة من المهانة، «لأن اليسار يُفضّل أن يحكم في الجحيم على أن يخدم في الجنة».

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الأرجنتين خافيير ميلي في مارالاغو 14 نوفمبر (أ.ف.ب)

ليست هذه المرة الأولى التي يطلق فيها ميلي مثل هذه الفكرة، التي سبق وكررها أكثر من مرة في حملته الانتخابية، وفي خطاب القَسَم عندما تسلّم مهامه في مثل هذه الأيام من العام الماضي. لكنها تحمل رمزية خاصة في المدينة التي شهدت ولادة الحركة الفاشية العالمية على يد بنيتو موسوليني في عشرينات القرن الماضي، وفي ضيافة أول رئيسة يمينية متطرفة لدولة مؤسسة للاتحاد الأوروبي تحاول منذ وصولها إلى السلطة عام 2022 الظهور بحلة من الاعتدال أمام شركائها الأوروبيين.

جدل الجنسية الإيطالية

قال ميلي: «أكثر من شعوري بأني بين أصدقاء، أشعر أني بين أهلي» عندما أعلنت ميلوني منحه الجنسية الإيطالية، لأن أجداده هاجروا من الجنوب الإيطالي مطلع القرن الفائت، على غرار مئات الألوف من الإيطاليين. وأثار قرار منح الجنسية للرئيس الأرجنتيني انتقادات شديدة من المعارضة الإيطالية التي تطالب منذ سنوات بتسهيل منح الجنسية للأطفال الذين يولدون في إيطاليا من أبوين مهاجرين، الأمر الذي تُصرّ ميلوني وحلفاؤها في الحكومة على رفضه بذريعة محاربة ما وصفه أحد الوزراء في حكومتها بأنه «تلوّث عرقي».

ميلوني قدّمت الجنسية الإيطالية لميلي (رويترز)

وكان ميلي قد أجرى محادثات مع ميلوني تناولت تعزيز التعاون التجاري والقضائي بين البلدين لمكافحة الجريمة المنظمة، وتنسيق الجهود لمواجهة «العدو اليساري المشترك»، حسب قول الرئيس الأرجنتيني الذي دعا إلى «عدم إفساح أي مجال أمام هذا العدو، لأننا أفضل منهم في كل شيء، وهم الخاسرون ضدنا دائماً».

وانتقدت المعارضة الإيطالية بشدة قرار التلفزيون الرسمي الإيطالي بثّ خطاب ميلي مباشرةً عبر قناته الإخبارية، ثم إعادة بث مقتطفات منه كان قد دعا فيها إلى «عدم اللجوء إلى الأفكار لاستقطاب أصوات الناخبين» أو إلى عدم إقامة تحالفات سياسية مع أحزاب لا تؤمن بنفس العقيدة، «لأن الماء والزيت لا يمتزجان»، وشنّ هجوماً قاسياً على القوى السياسية التقليدية التي قال إنها «لم تأتِ إلا بالخراب». وأنهى ميلي كلمته، إلى جانب ميلوني وسط هتافات مدوية، مستحضراً شعار الدفاع عن «حرية وحضارة الغرب» الذي أقام عليه موسوليني مشروعه الفاشي لاستعادة عظمة الإمبراطورية الرومانية.