الرئيس الجزائري ينهي الجدل حول «اختفائه»

استقبل رئيس وزراء مالطا بعد أخبار تحدثت عن نقله للعلاج في فرنسا

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة
الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة
TT

الرئيس الجزائري ينهي الجدل حول «اختفائه»

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة
الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة

أنهى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، مساء أول من أمس، جدلاً حادًا أثارته وسائل إعلام محلية وأجنبية بخصوص «اختفائه» على أساس أخبار غير دقيقة، تحدثت عن نقله إلى فرنسا للعلاج.
واستقبل بوتفليقة رئيس وزراء مالطا جوزيف موسكات، أول من أمس، في إقامة زرالدة الرئاسية بالضاحية الغربية للعاصمة، وهو المكان الذي يقضي فيها نقاهة تدوم منذ عامين، ولا يعرف المدة التي استغرقتها محادثات الرجلين، فيما بثَّ التلفزيون الحكومي صورًا للقاء دامت ثواني قليلة.
وصرَّح الضيف المالطي للتلفزيون بأن «الرئيس بوتفليقة شخصية تاريخية، ورجل ذو حكمة بالغة وذاكرة حادة فيما يخص بعض أحداث الماضي، وخصوصًا فيما يخص العلاقات بين الجزائر ومالطا».
وتقريبًا لا يعرف الجزائريون أي شيء عن علاقات البلدين. أما تجاريًا فلا وجود لحركة اقتصادية بينهما، والمصالح القليلة للجزائر في هذا البلد المتوسطي الصغير، يشرف عليها السفير بإيطاليا رشيد معريف، الذي كان حاضرًا في لقاء بوتفليقة بموسكات، الذي قال إنه «سعيد كون الرئيس بوتفليقة أعرب عن دعم الجزائر لمالطا، وأنه أعطى الضوء الأخضر للحكومة حتى تعزز العلاقات السياسية والاقتصادية مع بلدي».
ويأتي استقبال المسؤول المالطي وكلامه عن بوتفليقة في ظرف دقيق للغاية، حيث أثير طيلة الأسبوع الماضي جدل على خلفية أخبار عن «نقل الرئيس إلى فرنسا للعلاج بعد تدهور حالته الصحية». وزاد من هذا الجدل ابتعاد الرئيس عن المشهد، منذ آخر إطلالة له بمناسبة زيارة وزيرة الخارجية الكولومبية في الثامن من هذا الشهر. وتلقفت وسائل إعلام أجنبية هذه الأخبار، وكثفت من اتصالاتها برئاسة الجمهورية للتأكد من مدى صحتها، لكن لا أحد كان يجيب، ذلك أن مديرة الإعلام بالرئاسة السيدة فريدة بسعة، وهي صحافية قديمة في تلفزيون الحكومة، لا يمكنها أن تتعاطى مع موضوع صحة الرئيس إلا بعد صدور أمر من جهة وحيدة، هي السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس وكبير المستشارين، الذي ينظم استقبالات الرئيس، ويبلغ القرارات والتوجيهات للحكومة وكل أجهزة الدولة، بدلاً عنه. كما أن زيارة رئيس وزراء مالطا تزامنت مع حالة ترقب من طرف ما يعرف محليًا بـ«مجموعة الشخصيات الـ19»، التي ناشدت الرئيس استقبالها منذ مطلع الشهر الحالي، ولم يصلها أي رد لا بالموافقة ولا بالرفض. ويوجد من ضمن هذه الشخصيات، وزيرتان وأصدقاء مقربون من الرئيس، قالوا إن «محيطه يحجب عنه أشياء كثيرة»، وإنه «يستغل ضعفه البدني لتمرير قرارات باسمه».
يشار إلى أن بوتفليقة تعرض للإصابة بجلطة في الدماغ في 27 أبريل (نيسان) 2013، أفقدته التحكم في بعض حواسه.
ويعد ملف صحة الرئيس من أسرار الدولة، وقد درج بوتفليقة على إجراء فحوصات طبية في فرنسا، وأحيانًا في عيادة بسويسرا. وغالبًا ما يسافر معه شقيقه، ويصطحب معه أحيانًا مسؤول التشريفات بالرئاسة مختار رقيق. وقد قل نشاط رئيس الجمهورية بشكل ملحوظ منذ ولايته الثالثة (2009 - 2014)، فهو لا يظهر إلا في المناسبات الوطنية كعيد الاستقلال وثورة التحرير، ويكون ذلك بواسطة خطاب. واللافت أن بوتفليقة لا يحضر أبدًا المؤتمرات الصحافية التي يعقدها الرؤساء الذين يزورون الجزائر، ولم يحدث أن نظم هو لقاء مع الصحافة منذ توليه الحكم قبل 16 سنة. وحتى الحوارات التي أجراها مع الصحف والوكالات الأجنبية، كانت مكتوبة ومرسلة إلى أصحابها.
أما اجتماعات القادة والرؤساء التي تعقد في الخارج، فينتدب لها إما عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة (الغرفة البرلمانية الثانية)، وهو الرجل الثاني في الدولة بحسب الدستور، أو وزير الشؤون الأفريقية والمغاربية عبد القادر مساهل.
ومرةً سئل عبد العزيز بلخادم، لما كان ممثلاً شخصيًا له، عن صحة أخبار تحدثت عن تدهور صحته فقال إن «الرئيس بوتفليقة بخير، فلا هو في نقاهة، ولا في إجازة. فهو يشتغل في بيته ويتابع الشؤون العامة ونريدكم (الصحافيون) أن ترتاحوا من هذا الجانب». وقد أبدى بلخادم حينها تذمرًا من صحافي طلب منه إطلاع الرأي العام على مضمون الملف الطبي للرئيس، إذ قال: «لماذا تسألون عن هذا الأمر؟ قلت لكم إن الرئيس ليس مريضًا».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».