لافروف يلتقي المرزوقي وجمعة.. ويبدي حرص بلاده على مساعدة تونس

الأوضاع الاقتصادية التي صارح بها رئيس الحكومة شعبه في أول خطاب تصدم الشارع

مهدي جمعة لدى استقباله سيرغي لافروف بقصر الحكومة بالقصبة في تونس أمس (أ.ب)
مهدي جمعة لدى استقباله سيرغي لافروف بقصر الحكومة بالقصبة في تونس أمس (أ.ب)
TT

لافروف يلتقي المرزوقي وجمعة.. ويبدي حرص بلاده على مساعدة تونس

مهدي جمعة لدى استقباله سيرغي لافروف بقصر الحكومة بالقصبة في تونس أمس (أ.ب)
مهدي جمعة لدى استقباله سيرغي لافروف بقصر الحكومة بالقصبة في تونس أمس (أ.ب)

التقى سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية كلا من الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، ورئيس الحكومة مهدي جمعة، في أول يوم من زيارة تدوم يومين يؤديها إلى تونس. وعقب لقائه المرزوقي، أشاد بالتطورات الإيجابية الحاصلة في تونس وبنجاحها في إنجاز دستور توافقي، وعبر عن نية روسيا دعم التعاون في مجال تعليم اللغة الروسية في تونس عبر تقديم منح للطلبة التونسيين للدراسة في روسيا، كما عبر عن إعجابه باهتمام التونسيين بالثقافة الروسية.
ووفق بلاغ صادر عن رئاسة الحكومة التونسية، أبدى لافروف حرص بلاده على مساعدة تونس وتعزيز علاقات التعاون وتطويرها في مختلف المجالات الاقتصادية والأمنية. وأضاف نفس البلاغ أن الجانبين بصدد الإعداد لاجتماع اللجنة العليا المشتركة التونسية الروسية المزمع عقدها في شهر مايو (أيار) المقبل، ومن المنتظر أن تتمخض هذه الزيارة عن دعم الأنشطة السياحية بين البلدين ودعم الاستثمارات الروسية في تونس.
في غضون ذلك، استحوذ الجانب الاقتصادي على حيز هام من الحديث الذي أدلى به مهدي جمعة رئيس الحكومة التونسية لقناتين تلفزيونيتين محليتين وبث مساء أول من أمس الاثنين بمناسبة مرور شهر على تسلم حكومته مقاليد السلطة في تونس، وبدا جليا أن هذا الجانب الاقتصادي هو أكثر ما يؤرق رئيس الحكومة الجديد. وقال جمعة متحدثا عن الأوضاع الاقتصادية لتونس إنها «أصعب بكثير مما تصوره». وأكد أن هذه الوضعية «قد تصبح حرجة ما لم تقُم الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة»، موضحا أن «ميزانية البلاد لسنة 2014 ستشهد زيادة بـ10 في المائة وتوفير نحو 12.5 مليار دينار تونسي (7.5 مليار دولار أميركي)، منها 4.5 مليار دينار تونسي (2.7 مليار دولار أميركي)، لا يعرف إلى حد الآن كيف ستجري تعبئتها». وأكد جمعة أن إجمالي ما اقترضته تونس في السنوات الأربع الأخيرة بما فيها سنة 2014 يبلغ 25 مليار دينار تونسي (أكثر من 15 مليار دولار أميركي)، وأن نسبة المديونية ارتفعت في هذه الفترة بـ10 نقاط وتخطت 50 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
وبيّن جمعة أن «الجزء الأكبر من هذه الأموال لم يذهب للاستثمار والمشاريع التنموية، بل إلى الاستهلاك سواء للدعم أو للرواتب»، وقال جمعة إنه «يجري التفكير في القيام باكتتاب وطني داخلي لتعبئة جزء من الأموال التي لا تزال تحتاج إليها تونس، على أن يجري اقتراض البقية من الخارج». وأعلن جمعة في هذا الصدد أنه سيقوم قريبا «بزيارة إلى دول الخليج العربي والولايات المتحدة وفرنسا».
من جهة أخرى أكد مهدي جمعة أن حكومته «ستتخذ إجراءات عاجلة سواء لتنشيط الاقتصاد والشروع في إعادة هيكلته» أو «تسريع نسق المشاريع المعطلة في الجهات التي بلغت 250 مشروعا»، مشيرا إلى أنه «ستوكل للولاة الجدد مهمّة تنموية بالأساس من خلال متابعة التنمية في الجهات»، مضيفا أنه يجري التفكير في تنظيم حوار وطني حول الاقتصاد».
وانتقد جمعة «الانتدابات في الوظيفة العمومية وفي مؤسسات القطاع العام» التي جرت إبان الثورة والتي لم تكن حسب قوله «ذات جدوى اقتصادية وزادت في المصاعب التي تعاني منها ميزانية الدولة وفي اختلال التوازنات المالية العامة للبلاد». وأكد أن حكومته «لن تقوم بانتدابات إضافية هذه السنة».
ورغم أن رئيس الحكومة لم يقدم الكثير من الأرقام والتفاصيل حول الوضع الاقتصادي لتونس، وهو ما رأى فيه بعض المراقبين حرصا من جانبه على «عدم تخويف التونسيين من هذه المصاعب والحط من معنوياتهم»، فقد شدد جمعة في نهاية هذا اللقاء على أن «تجاوز هذه المصاعب الاقتصادية يمر عبر عودة التونسيين إلى العمل وتقاسم التضحيات»، وقال بهذا الخصوص إن الحكومة «لن تلتجئ إلى التخفيض في الأجور»، ولكنها تفكر في «اتخاذ عدد من الإجراءات، وخصوصا تقليص الدعم لبعض المواد الاستهلاكية»، مؤكدا أن ذلك «لن يمس الفئات الهشة والضعيفة التي تبقى في حاجة إلى العناية أكثر».
وفي هذا الشأن، صرح المحلل السياسي المنذر ثابت لـ«الشرق الأوسط» بأن حل الاقتراض من الخارج لن يكون مجديا لأنه سيغرق البلاد في المزيد من الديون. واقترح في المقابل الاعتماد على الإمكانيات الذاتية عبر حل ملف رجال الأعمال التونسيين الممنوعين من السفر، وتشجيع الاستثمار الخارجي والداخلي وضمان المصالحة السياسية بعيدا عن منطق الإقصاء والحسابات السياسية الضيقة.
وتركت مكاشفة جمعة للتونسيين بخطورة الوضع الاقتصادي والمالي للبلاد تساؤلات حول مآل الوعود بتنمية المناطق الفقيرة وتشغيل مئات الآلاف من العاطلين، خصوصا بعد إعلان رئيس الحكومة عن غياب الانتدابات في مؤسسات القطاع العام خلال السنة الحالية.
وتعليقا على الوضع الاقتصادي الصعب الذي أعلن عنه جمعة، أكد الأزهر العكرمي القيادي في حركة نداء تونس هول الحقائق المروعة التي كشف عنها رئيس الحكومة وأخفت الحكومة السابقة عن التونسيين. وقال إن جمعة كشف عن حقيقة اقتصادية مروعة وعن ثقب مالي كبير سيهدد البلاد على قوله بالإفلاس في حال عدم عودة التونسيين إلى العمل والإنتاج.
وينتظر أن يلتقي يوم 14 مارس (آذار) الحالي أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل (كبرى المنظمات العمالية) برئيس الحكومة والوزراء المعنيين بالشأن الاقتصادي والاجتماعي لتدارس الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وعلى رأسها فتح مفاوضات للزيادة في الأجور بعد رفض المنظمة العمالية الموافقة على إقرار «هدنة اجتماعية».
من ناحية أخرى، أصدرت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس بطاقة إيداع بسجن المرناقية (الضاحية الغربية للعاصمة التونسية) ضد عماد دغيج رئيس رابطة حماية الثورة بالكرم (الضاحية الشمالية للعاصمة). وسيعرض من جديد على المحكمة يوم 13 مارس الحالي، كما أحالته السلطات القضائية بحالة سراح في ثلاث قضايا أخرى تتعلق بالحق العام.
وألقت وحدة أمنية القبض على عماد دغيج منذ سبعة أيام على خلفية تهديده وتهجمه على قوات الأمن التونسي. وكان الشريف الجبالي محامي المتهم أشار إلى أن منطقة الكرم والأحياء الشعبية المتاخمة لها قد تشهد «احتجاجات عارمة» في حال إصدار بطاقة إيداع بالسجن ضد دغيج الذي يحظى بشعبية، على حد قوله.



«حماس» ترفض اتهامات «العفو الدولية» بارتكاب جرائم ضد الإنسانية

عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)
عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)
TT

«حماس» ترفض اتهامات «العفو الدولية» بارتكاب جرائم ضد الإنسانية

عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)
عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)

رفضت حركة «حماس»، الخميس، التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية، والذي اتهمتها فيه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، واعتبرت أن ما ورد فيه ما هو إلا «أكاذيب»، وأن الدوافع خلفه «مغرضة ومشبوهة»، فيما قالت إسرائيل إن التقرير لا يعكس الحجم الواسع لهذه الجرائم.

خلص تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية إلى أن «حماس» ارتكبت جرائم ضد الإنسانية خلال هجومها على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وبحق الرهائن الذين احتجزتهم في قطاع غزة.

وقالت المنظمة التي تتخذ من لندن مقراً إن تقريرها الذي نُشر الأربعاء حلّل أنماط الهجوم والاتصالات بين المقاتلين أثناء الهجوم، وبيانات أصدرتها حركة «حماس»، وتصريحات من قادة جماعات مسلحة أخرى.

ووفقاً لـ«رويترز»، أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع 70 شخصاً، منهم ناجون وعائلات قتلى وخبراء طب شرعي وعاملون احترافيون في القطاع الطبي، وزارت بعض مواقع الهجوم، وراجعت أكثر من 350 مقطع فيديو وصورة فوتوغرافية لمشاهد الهجوم وللرهائن أثناء أَسرهم. وخلص تحقيق المنظمة إلى أن الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية شملت القتل والإبادة والسجن والتعذيب والاغتصاب، إضافة إلى أشكال أخرى من الاعتداء الجنسي والأفعال اللاإنسانية.

وقالت المنظمة في بيان: «ارتُكبت هذه الجرائم في إطار هجوم واسع النطاق وممنهج على سكان مدنيين. خلص التقرير إلى أن المقاتلين تلقوا تعليمات بتنفيذ هجمات تستهدف مدنيين».

ووفقاً لإحصاءات إسرائيلية، ولمنظمة العفو الدولية، قُتل نحو 1200 معظمهم من المدنيين، في هجوم «حماس»، وجرى احتجاز 251 رهينة، من بينهم أطفال. وجرى الإفراج عنهم جميعاً باستثناء واحد منذ ذلك الحين، معظمهم في إطار وقف إطلاق النار، وبعضهم في عمليات عسكرية إسرائيلية.

وخلص تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية في ديسمبر (كانون الأول) 2024 إلى أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة. ورفضت إسرائيل اتهامات الإبادة الجماعية، وقالت إن حربها ضد «حماس» وليس ضد الفلسطينيين.

رفض «حماس»

وقالت «حماس» في بيان: «ترديد التقرير أكاذيب ومزاعم حكومة الاحتلال حول الاغتصاب والعنف الجنسي وسوء معاملة الأسرى، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هدف هذا التقرير هو التحريض وتشويه المقاومة عبر الكذب وتبني رواية الاحتلال الفاشي، وهي اتهامات نفتها العديد من التحقيقات والتقارير الدولية ذات العلاقة».

وذكرت «حماس»: «نرفض ونستهجن بشدة التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية، والذي يزعم ارتكاب المقاومة الفلسطينية جرائم». وأضافت: «نطالب منظمة العفو الدولية بضرورة التراجع عن هذا التقرير المغلوط وغير المهني».

ولم يعلق المسؤولون الإسرائيليون بعدُ على تقرير المنظمة.

«لا يعكس حجم الفظائع»

من جهتها، قالت إسرائيل إن التقرير لا يعكس الحجم الواسع لهذه الجرائم.
وكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية أورين مارمورشتاين على منصة «إكس»: «احتاجت منظمة العفو الدولية إلى أكثر من عامين للحديث عن جرائم حماس الشنيعة، وحتى الآن لا يعكس تقريرها إلى حد بعيد حجم الفظائع المروعة لحماس»، متهماً المنظمة الحقوقية بأنها «منظمة منحازة».


العليمي يدعو لاحتواء التصعيد في شرق اليمن ويشيد بدور السعودية

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

العليمي يدعو لاحتواء التصعيد في شرق اليمن ويشيد بدور السعودية

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، الخميس، القوى السياسية والقبلية والاجتماعية في محافظتي حضرموت والمهرة (شرق) إلى توحيد الصف خلف جهود الدولة والسلطات المحلية، بهدف احتواء تداعيات التصعيد الأمني والعسكري في المحافظتين.

وفي حين أشاد العليمي بالدور السعودي لإنهاء التوتر، حذر من انعكاسات هذه التوترات على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، التي بدأت مؤشراتها بالظهور، مع إعلان صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته الحيوية في اليمن نتيجة تفاقم البيئة الأمنية.

ونقل مصدر في مكتب رئاسة الجمهورية أن العليمي شدّد، خلال اتصالَين هاتفيَين مع محافظَي حضرموت سالم الخنبشي، والمهرة محمد علي ياسر، على ضرورة انسحاب جميع القوات الوافدة من خارج المحافظتين، وتمكين السلطات المحلية من أداء دورها الأمني والخدمي وفقاً للدستور والقانون.

كما أعاد التأكيد على توجيهاته السابقة بإجراء تحقيق شامل في جميع انتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة بما وصفها بـ«الإجراءات الأحادية» للمجلس الانتقالي الجنوبي، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، مع التشديد على مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وحذّر العليمي من خطورة أي تصعيد إضافي قد يؤدي إلى إراقة مزيد من الدماء ويعمّق الأزمة الاقتصادية والإنسانية، مشدداً على أن الأولوية الوطنية يجب أن تبقى منصبّة على مواجهة الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، باعتبارها التهديد الأكبر للأمن والاستقرار.

وأشاد بجهود السعودية في خفض التوتر ودعم الاستقرار في محافظتَي حضرموت والمهرة، مؤكداً دعم الدولة الكامل لهذه الجهود، وحرصها على تعزيز دور السلطات المحلية في حماية السلم الاجتماعي ورعاية مصالح المواطنين.

إعادة الأمور إلى نصابها

حسب المصدر الرئاسي، شدد العليمي على ضرورة إعادة الأوضاع في المحافظتين إلى ما كانت عليه قبل التصعيد، واحترام مرجعيات المرحلة الانتقالية، وتمكين الحكومة والسلطات المحلية من أداء واجباتها الدستورية.

وحذر رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن الأوضاع المعيشية الصعبة التي يمر بها المواطنون «لا تحتمل فتح مزيد من الجبهات الداخلية»، داعياً جميع الأطراف إلى تغليب المصلحة العامة وعدم التفريط بالمكاسب الوطنية المحققة خلال السنوات الماضية، بما يضمن تركيز الجهود على المعركة الرئيسية ضد الحوثيين والتنظيمات الإرهابية المتخادمة معهم.

وتأتي دعوة العليمي في سياق أوسع من الرفض للإجراءات الأحادية في الشرق. فقد أصدر مجلس النواب بياناً عبّر فيه عن رفضه القاطع لأي تحركات عسكرية خارج إطار التوافق الوطني والمرجعيات السياسية، معتبراً التطورات الأخيرة «مخالفة صريحة للشرعية الدستورية وصلاحيات مجلس القيادة الرئاسي».

وفد سعودي زار حضرموت في شرق اليمن للتهدئة وتثبيت الاستقرار (سبأ)

وكان اللواء محمد القحطاني، الذي ترأس وفداً سعودياً زار حضرموت، قد شدد على أن الرياض ترفض «أي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة» في المحافظتين، وتؤيد عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد.

وأكد القحطاني أن السعودية، بصفتها قائدة لتحالف دعم الشرعية، تعمل على حلّ الأزمة عبر حزمة من الإجراءات تم الاتفاق عليها مع مختلف الأطراف، بما يشمل المجلس الانتقالي الجنوبي.

وأوضح أن هذه الإجراءات تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار، ومنع انزلاق شرق اليمن إلى صراعات جديدة. ووفق الإعلام الرسمي اليمني، فقد شملت مباحثات الوفد ترتيبات عاجلة للتهدئة ووقف التحشيدات، بالتوازي مع دعم السلطات المحلية وتمكينها من أداء مهامها.


الأمم المتحدة تطلب 2.5 مليار دولار للاحتياجات الإنسانية في اليمن

مجموعة من الصبية النازحين يتجمعون داخل مخيم مؤقت وسط طقس بارد في صنعاء (إ.ب.أ)
مجموعة من الصبية النازحين يتجمعون داخل مخيم مؤقت وسط طقس بارد في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الأمم المتحدة تطلب 2.5 مليار دولار للاحتياجات الإنسانية في اليمن

مجموعة من الصبية النازحين يتجمعون داخل مخيم مؤقت وسط طقس بارد في صنعاء (إ.ب.أ)
مجموعة من الصبية النازحين يتجمعون داخل مخيم مؤقت وسط طقس بارد في صنعاء (إ.ب.أ)

حذّرت الأمم المتحدة من اتساع غير مسبوق في رقعة الاحتياجات الإنسانية باليمن خلال العام المقبل، مؤكدة أن البلاد تتجه نحو إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم ما لم يتوفر التمويل العاجل لخطة الاستجابة.

وأظهر أحدث البيانات الأممية أن 23.1 مليون يمني (نحو ثلثي السكان) سيحتاجون إلى مساعدات منقذة للحياة، في وقت أعلنت فيه المنظمة الدولية حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لتمويل خطة لن تصل إلا إلى أقل من نصف هذا العدد.

وجاء هذا التحذير في سياق نداء تمويلي جديد شددت فيه الأمم المتحدة على أن خطة الاستجابة للعام المقبل ستستهدف فقط 10.5 مليون شخص، وأن التدخلات ستركز بشكل صارم على الجوانب الأشد إلحاحاً، مثل منع المجاعة، وعلاج سوء التغذية، واحتواء تفشي الأمراض، خصوصاً في المناطق النائية والمحرومة من الخدمات.

إلا إن الخطة لم تقدم توضيحات بشأن كيفية تنفيذ الأنشطة في مناطق سيطرة الحوثيين التي تشهد قيوداً متصاعدة، بعد أن أغلقت الجماعة مكاتب تابعة للأمم المتحدة ومنظمات دولية منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، واعتقلت العشرات من موظفيها، بينهم 59 موظفاً أممياً.

23.1 مليون يمني سيكونون دون مساعدات مع حلول العام الجديد (إعلام محلي)

وفي سياق استعراضها الأوضاع، أكدت الأمم المتحدة أن استمرار الصراع، وتدهور الاقتصاد، والصدمات المناخية، إلى جانب القيود المفروضة على الوصول الإنساني، ونقص التمويل... كلها عوامل عمّقت الاحتياجات الإنسانية بدرجة غير مسبوقة.

وكشفت بيانات خطة الاستجابة عن وجود 18.1 مليون شخص يواجهون بالفعل انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، منهم 5.8 مليون شخص يعيشون مستويات جوع طارئة، و40 ألف شخص معرضون لخطر المجاعة المباشرة.

كما يعاني 2.5 مليون طفل دون الخامسة و1.3 مليون امرأة حامل ومرضعة من سوء التغذية الحاد، وسط تراجع كبير في برامج التغذية والدعم الغذائي خلال الأشهر الماضية.

تفاقم انهيار الخدمات

أوضحت الأمم المتحدة أن الخدمات الحيوية، مثل الرعاية الصحية، والمياه، والصرف الصحي، والمأوى... تعرضت لانهيار كبير خلال العامين الماضيين، مشيرة إلى أن 8.41 مليون شخص يواجهون صعوبة في الحصول على الرعاية الصحية الأساسية، فيما يعيش 15 مليوناً في ظل انعدام الأمن المائي، ويُحرم 17.4 مليون شخص من خدمات الصرف الصحي والنظافة.

كما تسبب ضعف البنية الأساسية والاجتماعية في زيادة الاحتياج إلى خدمات الحماية لأكثر من 16 مليون شخص، بينهم 4.7 مليون نازح داخلي يتوزعون على مئات المخيمات ومواقع النزوح، إلى جانب 6.2 مليون شخص (غالبيتهم نساء وفتيات) يحتاجون إلى خدمات الحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي.

1.3 مليون يمنية يواجهن سوء التغذية الحاد مع تراجع الدعم الدولي (إعلام محلي)

ويضاف إلى ذلك 2.6 مليون طفل خارج المدرسة؛ بسبب النزوح، والفقر، والتدهور المستمر في البنية التعليمية، فيما تأثر أكثر من 1.5 مليون شخص بالصدمات المناخية، مثل الفيضانات والعواصف خلال العام الحالي.

وتوضح هذه المؤشرات أن الوضع في اليمن يسير نحو مزيد من الانهيار ما لم يُتعامل معه بحزمة عاجلة من التمويل والتدخلات الميدانية، مع رفع القيود التي تعرقل وصول المساعدات إلى الفئات الأضعف.

قيود الحوثيين

ومنذ أغسطس (آب) الماضي، تضاعفت القيود التي يفرضها الحوثيون على أنشطة الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الأخرى في مناطق سيطرتهم، حتى وصلت إجراءاتهم إلى اقتحام مكاتب أممية ومصادرة أصولها وإغلاقها؛ مما أدى إلى توقف برامج أساسية، مثل «برنامج الأغذية العالمي» الذي كان يوفر مساعدات لنحو 13 مليون يمني.

وتقول الأمم المتحدة إن هذه الإجراءات حرمت ملايين اليمنيين من التدخلات الأساسية، خصوصاً مع تقييد حركة العاملين الإنسانيين واعتقال موظفين أمميين منذ فترات طويلة دون إجراءات قانونية.

الحوثيون أغلقوا مكاتب الأمم المتحدة واعتقلوا 59 من موظفيها (إعلام محلي)

وفي هذا السياق، جدد الأمين العام للأمم المتحدة الإعراب عن «قلقه البالغ» من استمرار احتجاز الحوثيين 59 من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات العاملين في منظمات غير حكومية وبالمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

وقال المتحدث باسمه، ستيفان دوجاريك، إن المحتجزين يخضعون للعزل عن العالم الخارجي؛ «بعضهم منذ سنوات»، دون أي إجراءات قانونية، في انتهاك واضح للقانون الدولي الذي يكفل لهم الحصانة، خصوصاً بشأن مهامهم الرسمية.

ودعا دوجاريك سلطات الحوثيين إلى التراجع عن إحالة هؤلاء الموظفين إلى محكمتهم الجنائية الخاصة، والعمل فوراً وبحسن نية على الإفراج عن جميع المحتجزين من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والسلك الدبلوماسي.

وأكد أن الأمم المتحدة ستظل ملتزمة دعم الشعب اليمني وتقديم المساعدات الإنسانية «وفق مبادئ الحياد وعدم التحيز»، رغم التحديات الكبيرة التي تواجه عملها في البلاد.