شكري يناقش مع نائب مستشار الأمن القومي البريطاني تداعيات أزمة الطائرة الروسية وتنسيق جهود مكافحة الإرهاب

وفد من خبراء الطيران البريطاني بحث في القاهرة خطة لعودة رحلات الطيران إلى شرم الشيخ

شكري يناقش مع نائب مستشار الأمن القومي البريطاني تداعيات أزمة الطائرة الروسية وتنسيق جهود مكافحة الإرهاب
TT

شكري يناقش مع نائب مستشار الأمن القومي البريطاني تداعيات أزمة الطائرة الروسية وتنسيق جهود مكافحة الإرهاب

شكري يناقش مع نائب مستشار الأمن القومي البريطاني تداعيات أزمة الطائرة الروسية وتنسيق جهود مكافحة الإرهاب

بحث وزير الخارجية المصري سامح شكري صباح أمس مع «جوان جانكيز»، نائب مستشار الأمن القومي البريطاني، سبل التنسيق والتعاون المصري البريطاني لتدارك تداعيات أزمة الطائرة الروسية، بالإضافة إلى تنسيق الجهود الدولية والإقليمية في مجال مكافحة الإرهاب، وذلك على خلفية العمليات الإرهابية الأخيرة التي اقترفها تنظيم داعش، ومناقشة الأوضاع في كل من سوريا وليبيا.
وأوضح المستشار أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أن المسؤول البريطاني أشاد بالمحادثات التي أجراها الوفد الأمني البريطاني مع المسؤولين المعنيين في مصر في مجال تعزيز الإجراءات الأمنية بالمطارات، وما شهده لدى الجانب المصري من خبرة وإلمام واسع بالإجراءات المتبعة في مجال تأمين المطارات، مؤكدًا على أن التكليف الصادر له من رئيس الوزراء البريطاني يقضي بسرعة الانتهاء من الترتيبات اللازمة مع الجانب المصري لضمان العودة السريعة إلى استئناف حركة الطيران من وإلى شرم الشيخ في أسرع وقت.
وأضاف أن الوزير شكري أكد خلال اللقاء على ضرورة أن يشهد التعامل الدولي مع قضية مكافحة الإرهاب تغييرًا شاملاً خلال المرحلة القادمة، بحيث تتسم مواقف الدول وتصرفاتها بالاتساق والجدية في التعامل مع كل التنظيمات الإرهابية دون تمييز، كما شدد شكري على مضاعفة الجهد لتجفيف منابع تمويل الإرهاب، وقطع السبل أمام انتقال المقاتلين عبر الحدود، مشيرًا إلى أن ما شهده العالم خلال الفترة الأخيرة من عمليات إرهابية لا تميز بين دول أو جنسيات أو ديانات يمثل جرس إنذار أمام المجتمع الدولي للقيام بمراجعة شاملة لاستراتيجيته في مكافحة الإرهاب.
وأوضح المستشار أبو زيد أن المحادثات مع نائب مستشار الأمن البريطاني تطرقت بقدر من التفصيل إلى تطورات الأزمة السورية وتقييم نتائج اجتماع فيينا الأخير، حيث اتفق الجانبان على أهمية الحفاظ على إطار اجتماعات فيينا باعتباره يشمل الدول الكبرى المؤثرة والمتأثرة بالوضع في سوريا على المسرحين الدولي والإقليمي، كما تم التأكيد على أهمية أن تشهد المرحلة القادمة استكمالاً للظروف المهيئة لإطلاق الحوار بين الحكومة السورية والمعارضة تحت إشراف مبعوث الأمم المتحدة، بما في ذلك تشكيل فريق موحد يمثل المعارضة السورية، والاتفاق على قواعد إنفاذ وقف إطلاق النار.
كما تناولت المباحثات تطورات الأزمة الليبية على خلفية عدم تمكن الأطراف الليبية من التوصل إلى توافق حتى الآن حول تشكيل حكومة الوفاق الوطني.
وكان وزير الخارجية المصري التقى أمس المرشح لرئاسة الحكومة الليبية فايز السراج كبداية للتعرف على جهود تشكيل الحكومة الليبية وفق التسوية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة.
من ناحية أخرى ذكرت سفارة بريطانيا في القاهرة أن وفدا من كبار خبراء الطيران ومكافحة الإرهاب في الحكومة البريطانية زار القاهرة بناء على توجيهات من رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، لعقد مناقشات مع الهيئات المصرية حول الخطة المشتركة للسماح بعودة رحلات الطيران البريطانية إلى شرم الشيخ في أسرع وقت ممكن. وأشارت السفارة إلى أن الوفد ترأسه مبعوث رئيس الوزراء لأمن الطيران السير ويليام باتي، والتقى وزير الخارجية سامح شكري، ووزير السياحة هشام زعزوع، والدكتورة فايزة أبو النجا، مستشار الرئيس للأمن القومي، واللواء أحمد جمال الدين مستشار الرئيس للأمن ومكافحة الإرهاب، والطيار محمود الزناتي رئيس هيئة الطيران المدني، وهيئات أمنية أخرى، لافتة إلى أن الوفد نقل رسالة سياسية من كاميرون بأن المملكة المتحدة ستعمل بنشاط وعجالة وبالتفصيل مع الهيئات المصرية، للسماح بعودة رحلات الطيران العادية من وإلى شرم الشيخ في أسرع وقت ممكن، حيث رحب الوفد بالتعاون المهني عن كثب مع الهيئات المصرية في الأسبوعين الأخيرين، للتأكيد على حماية الركاب المغادرين من شرم الشيخ.
وأضاف بيان السفارة أن «الوفد أكد على التزام بلاده بالعمل مع الحكومة المصرية لدحض الأعداء المشتركين والتهديدات الموجهة لرعايانا في أوروبا، وشمال أفريقيا وغيرها من المناطق، وأكد الوفد الأهمية الاستراتيجية لاقتصاد مصري قوي وآمن للمصالح البريطانية، كما أكد الوفد الحاجة لوقف المحاولات الإرهابية لتقويض الاقتصاد المصري».
من جانبه قال السفير جون كاسن سفير بريطانيا في القاهرة إن «بريطانيا أول من بدأ التحرك حول قضايا الأمن بمطار شرم الشيخ، ونريد أن نكون أول من يجد الحلول لعودة رحلات الطيران العادية في أسرع وقت ممكن»، مضيفًا: «إن محادثاتنا مع الجانب المصري أظهرت تقدما مشجعا للغاية، وأظهرت أيضًا تحليلاً مشتركًا والتزامًا متبادلاً لتحقيق تقدم سريع، بالإضافة إلى أفكار مشتركة حول سبل المضي قدما للأمام، ولدينا الآن أسس قوية للاتفاق على خطة عمل مشتركة في الأيام القادمة، وأن تعود رحلات الطيران البريطانية في أسرع وقت ممكن». وأضاف كاسن أن «اقتصادا مصرا قويا مع صناعة سياحة قوية في القلب الاستراتيجي من هذه المنطقة الحيوية يعتبر من مصالح بريطانيا القومية، ولقد أظهرت الأحداث الأخيرة أنه يجب على كل دولة اتخاذ كل الخطوات الممكنة في سبيل حماية رعاياها، وسوف تفعل بريطانيا ذلك، ولكننا لا يمكن أن نسمح لأي شيء بدفع بريطانيا ومصر بعيدا بعضهما عن بعض، أو بالتقليل من شأن الشراكة طويلة المدى بيننا في الاقتصاد والأمن».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.