كيف أسقطت «عبوة» الطائرة الروسية في سيناء؟

خبراء: مواد شديدة الانفجار واختيار موقع بدقة يثبتان صحة رواية «داعش»

عبوة «شويبس» للمياه الغازية التي يزعم «داعش» في مجلته  «دابق» أنها أسقطت الطائرة الروسية («الشرق الأوسط»)
عبوة «شويبس» للمياه الغازية التي يزعم «داعش» في مجلته «دابق» أنها أسقطت الطائرة الروسية («الشرق الأوسط»)
TT

كيف أسقطت «عبوة» الطائرة الروسية في سيناء؟

عبوة «شويبس» للمياه الغازية التي يزعم «داعش» في مجلته  «دابق» أنها أسقطت الطائرة الروسية («الشرق الأوسط»)
عبوة «شويبس» للمياه الغازية التي يزعم «داعش» في مجلته «دابق» أنها أسقطت الطائرة الروسية («الشرق الأوسط»)

قال خبراء مفرقعات مصريون وغربيون، إن احتمالية صحة رواية تنظيم داعش حول إسقاط الطائرة الروسية في سيناء، بواسطة عبوة مياه غازية «كانز»، أمر وارد شرط احتوائها على مواد شديدة الانفجار، وأن يتم وضعها في مكان حساس يلامس جسم الطائرة لإحداث الخلل المطلوب لإسقاطها.
ونشرت مجلة «دابق» التابعة لتنظيم داعش، أول من أمس، صورة زعمت أنها للقنبلة التي أسقطت الطائرة الروسية في سيناء في 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وجاء في الصورة علبة مياه غازية ماركة «شويبس جولد» تزن 350 مليغرامًا، وسلك ومفتاح تشغيل.
وقال اللواء علاء عبد الظاهر، خبير المفرقعات لـ«الشرق الأوسط»، أمس: «رغم عدم تأكدنا من أن الطائرة أسقطت عبر عملية إرهابية أم لا حتى الآن، فإنه من المعلوم أن أقل كمية من المتفجرات الشديدة، يمكنها تدمير طائرة أثناء وجودها في الجو، فعامل الضغط والارتفاع يجعل الطائرة في موضع الخطر، وأي خلل فيها نتيجة انفجار بسيط سيؤدي إلى سقوطها».
وتابع: «الجميع يعلم أن للتنظيم قدرة تسليح عالية وخبرة في صناعة المتفجرات، لكن تظل الأزمة حول كيفية زراعتها داخل الطائرة».
وسبق أن أعلنت موسكو أن الطائرة سقطت إثر انفجار قنبلة وزنها نحو كيلوغرام واحد. لكن السلطات المصرية رفضت حسم الأسباب التي أدت إلى سقوط الطائرة عقب إقلاعها من مطار العريش بـ23 دقيقة، وقالت إن «التحقيق لم يتوصل إلى أدلة جنائية أو نتائج مؤكدة حتى الآن».
ويقول نيل لانجرمان الخبير الكيميائي في جامعة سان دييغو، إن قنبلة صغيرة مثل التي عرضها «داعش» يجب أن تحتوي على متفجرات شديدة القوة، وأن يتم وضعها بطريقة احترافية داخل الطائرة.
وأضاف: «محتويات القنبلة تشير إلى أن انفجارها تم بواسطة شخص بدلاً من الاعتماد على جهاز تايمر أو ضبط الوقت».
وذكر خبير المتفجرات الأميركي أنتوني ماي، أن «مكونات الصورة المعروضة تبين أن تكون قنبلة تفجير انتحاري، لأن الشخص الذي فجر القنبلة سيتعين عليه تحريك المفتاح لتفجيرها».
وأضاف بحسب «سي إن إن»: «لا يحتاج الأمر إلى كثير من المتفجرات لإسقاط الطائرة إذا تم وضع القنبلة في أكثر مناطق الطائرة حساسية، بما يضمن تكسير جسمها».
وقالت مجلة «دابق»، إن «داعش» كان يخطط في البداية لاستهداف طائرة إحدى الدول المشاركة في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد التنظيم، لكنه قرر استهداف الطائرة الروسية بعد التدخل الروسي في سوريا.
وأضافت المجلة، أن التنظيم «اكتشف ثغرة أمنية في مطار شرم الشيخ ونجح في زرع العبوة الناسفة على متن الطائرة الروسية».
من جانبه، قال جيمي أوكسلي، أستاذ الكيمياء المتخصص في المفرقعات بجامعة رود أيلاند، إن «المكان الذي توضع فيه العبوة هو المهم، وكذلك شدة المواد المتفجرة داخلها»، مضيفًا أن «وجود المتفجرات قرب الأماكن الحساسة في الطائرة كخط الوقود وقمرة القيادة وأي مكان قريب من جسم الطائرة يزيد من شدتها».
وربط أوكسلي، في حديثه لـ«رويترز»، وخبراء آخرون بين هذه الافتراضية وقيام ليبيين بتفجير طائرة تابعة لشركة «بان أميركان» في الرحلة رقم 103 فوق بلدة لوكربي الأسكوتلندية عام 198، فقد أظهر التحقيق أن متفجرات موضوعة داخل جهاز تسجيل في حقيبة بالمنطقة المخصصة للأمتعة أحدثت فجوة قطرها 50 سنتيمترًا في جسم الطائرة، وأن انخفاضًا مفاجئًا في ضغط الهواء أدى إلى انشطار الطائرة وهي في الهواء.
وتداولت وسائل إعلام روسية رواية أن أحد المتعاطفين مع الإرهابيين من العاملين في مطار شرم الشيخ، نقل العبوة إلى صالون الطائرة قبل إقلاعها، حيث انفجرت أثناء التحليق تحت أحد كراسي الركاب في الجزء الأيمن، حيث أدى التفجير الضئيل نسبيًا إلى تخفيض الضغط في صالون الطائرة وتفككها في الجو. وأعلنت صحيفة «كوميرسانت» الروسية، أمس، أن القنبلة المصورة تشبه القنابل التي استخدمها الإرهابيون في شمال القوقاز في تسعينات القرن العشرين.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.