شبح المكارثية في «ترمبو»

شبح المكارثية في «ترمبو»
TT

شبح المكارثية في «ترمبو»

شبح المكارثية في «ترمبو»

‫«ترمبو» Trumbo ‬

- إخراج: جاي روتش
- تقييم الناقد: ‪ ( ** ) ‬ (من خمسة)

من بين عشرات الأفلام التي كتبها السيناريست دالتون ترمبو ما لا يقل عن أحد عشر سيناريو تم تصويرها أفلاما هوليوودية، لكنه ولسبب معين تم حجب اسم الكاتب ذاته.
خذ مثلاً «تزوّجت ساحرة» الذي أخرجه الفرنسي رنيه كلير في هوليوود سنة 1942 تجد أن هناك كاتبين للسيناريو ليس فيهما اسم ترمبو. واسمه غائب أيضًا عن «الطوّاف» (The Prowler) الذي أخرجه جوزف لوزاي العام 1951 وغائب أيضًا عن أفلام أخرى في الخمسينات مثل «قصة كارنيفال» و«محاكمة بيلي ميتشل» و«الأخوان ريكو» و«ذابح الغزال».
السبب هو أن دالتون ترمبو المولود في ولاية كولورادو سنة 1905 الذي توفي عن سبعين سنة عام 1976 حوكم بتهمة انتمائه إلى الحزب الشيوعي ووضع اسمه في قائمة سوداء عرفت بـ«الهوليووديين العشرة» (شملت كذلك المخرج لوزاي) التي صدرت سنة 1947 واستمر مفعولها بالنسبة إليه حتى عام 1960 عندما قرر الممثل - المنتج كيرك دوغلاس والمخرج ستانلي كوبريك نفض الغبار عن اسم الكاتب والإشارة إليه بوضوح في فيلمهما المعروف «سبارتاكوس».
في فيلم جاي روتش، وهو مخرج ينجز عادة أفلاما كوميدية، «ترمبو» يقرر الكاتب (وقد قام به الممثل برايان كرانستون) أن يحضر المحاكمة المكارثية التي أقيمت بهدف اجتزاز العناصر اليسارية من عاصمة السينما حيث أجاب عن الأسئلة التي وجهت إليه قبل أن يُطلب منه اختصار الإجابة بكلمتي «نعم» و«لا». يقول ساخرًا: «أي شخص يكتفي بالإجابة عن سؤال يطلب منه الاكتفاء بـ(نعم) أو (لا)، هو إما غبي أو عبد».
يدخل المشهد في عداد ذلك النوع من المعالجات التي تصبغ الأفلام بدهان لامع فوق الرتوش. الفيلم نفسه هو مزج ماهر بين السيرة البيوغرافية وتلك المشاهد المضافة هنا وهناك، كلما بدا أن السيرة لا تكفي أو أنها لا تحتوي على مشاهد مثيرة. المشكلة هي أن السيناريو، كما وضعه جون ماكنامارا عن كتاب لبروس كوك، ليس أفضل ما يمكن كتابته عن كاتب جيد كترمبو.
يفتتح الفيلم في عام 1947. هوليوود تصوّر، وواشنطن تقرر. الأولى توالي إنتاج الأفلام، والثانية تدرس الخطر الذي اعتبرته أكيدًا: الأفكار الشيوعية التي بدأت تسود أوساط المثقفين في نيويورك وهوليوود وسبل محاربتها. من هم الأعضاء المستترين في الحزب الشيوعي الأميركي؟ من هم المتعاطفون مع اليسار؟ من أخذ يتبنّى الثورة البولشيفية ويدعو إلى الاشتراكية؟ المجتمع كان على خط النار في مطلع ما عرف لاحقًا - وسريعًا - بالحرب الباردة.
من ناحية كان الخوف مبررًا. للمرّة الثانية، منذ مطلع القرن العشرين وجدت الولايات المتحدة نفسها تدافع عن حدودها: المرة الأولى سنة 1941 عندما هاجمت اليابان بيرل هاربور، والثانية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية التي حارب فيها الأميركيون لجانب السوفيات لتحرير ألمانيا. كان لا بد لها أن تدافع عن نفسها ولو أن هذا الدفاع أضل الطريق والوسيلة أكثر من مرّة وتعدّى حقوق المواطنين الأميركيين الواردة في دستور البلاد. ليس أمام فيلم جاي روتش بالطبع تأمين كل جوانب وظروف الفترة. كان عليه أن يتحدّث بلغة اليوم عما دار بالأمس. ولو فعل ذلك بإجادة فنية لوجب تهنئة الفيلم على معالجته بصرف النظر عن موقفه السياسي. لكنه لم يفعل مكتفيًا بالملامح العامّة وبذلك القدر من التلميع كون الرغبة كانت، كما هي اليوم، بيع التذاكر في الدرجة الأولى.
: لا يستحق | (*) : وسط| ( ** ) : جيد | (***) : ممتاز | ( ****) : تحفة (*****)

برايان كرانستون في دور «ترمبو»



شاشة الناقد: قضية المرأة في أفعانستان

«لقتل حصان مونغولي» (بلوتو فيلم)
«لقتل حصان مونغولي» (بلوتو فيلم)
TT

شاشة الناقد: قضية المرأة في أفعانستان

«لقتل حصان مونغولي» (بلوتو فيلم)
«لقتل حصان مونغولي» (بلوتو فيلم)

TO KILL A MONGOLIAN HORSE ‫★★★⭐︎‬

* إخراج: جيانغ شياو شوان | Jiang Xiaoxuan

‫* هونغ كونغ / ماليزيا

من بين كثير من المشاهد اللافتة يوجد في هذا الفيلم مشهدان متباعدان، في الأول يربت ساينا على رأس فرسه الذي يستجيب لحنان صاحبه ويميل برأسه فوق كتفه بحنان ظاهر. في المشهد الثاني قبيل النهاية يتقدم ساينا صوب الحصان نفسه يربت على وجهه، لكن الحصان ينظر إليه سريعاً ومن ثَمّ يشيح بوجهه بعيداً عنه. تمر بين المشهدين أحداث تنعكس على تلك العلاقة، فساينا مُخيّر بين أن يبيع حصانه ويعتزل المهنة التي توارثها بصفته مدربَ خيول وفارساً، أو البقاء في ذلك العمل. الحصان لا بد بات يشعر بأن صاحبه لم يعد ذلك الرجل الواثق من نفسه وقد يضحي بالفرس متى شاء.

«لقتل حصان منغولي» يطرح طوال الوقت (85 دقيقة) مسألة بين الأمس واليوم. إنها صحاري منغوليا الجافة التي لم تعُد تشهد مطراً كافياً لإنبات الأرض. السبب في الأزمة التحوّلات البيئية، وهذه واحدة من المسائل المطروحة بوضوح. تشكل عصباً مهماً كون صلب الموضوع يتعلق بحياة تتغير لا يستطيع ساينا فعل شيء حيالها. إنه مرتبط عاطفياً بتقاليد فروسية ومعيشية متوارثة في حين أن المتغيرات طرقت باب تلك التقاليد ولا مجال للحفاظ على الوضعين معاً. على ساينا ترك الماضي أو الانضمام إلى الحاضر. قدمٌ هنا وقدمُ هناك، والفيلم ينتهي بقرار يرتاح المُشاهد إليه.

كانت المخرجة الصينية الشابة جيانغ شياو شوان صوّرت فيلماً قصيراً في تلك الأنحاء وتعرّفت على مدرّب الخيول ساينا وراقبته في عمله. هذا ما أوحى إليها بإخراج هذا الفيلم عنه وعن البيئة وأزمة الوجود بين عالمين على المرء أن يختار بينهما. ساينا ممثلاً لديه القدرة على استخدام عدم حرفيّته في تناسب مع الشخصية التي يؤديها. رجل لديه من المتاعب مع والده السّكير والمديون ومطلّقته. في مشهد آخر يذكّره والده بأنه هو من وضعه فوق الفرس لأول مرّة عندما كان طفلاً صغيراً. يحاول ساينا فعل ذلك مع طفله، لكن طفله يخاف. هي فعلاً حياة أخرى تندثر سريعاً.

الفيلم معزّز بالألوان والإضاءات المناسبة داخلياً وخارجياً. الإيقاع متمهّل، لكنه ليس مُملاً وفيه ملامح من بعض أفلام الوسترن الأميركية التي تحدّثت بدورها عن غروب حياةٍ وبدء أخرى.

* عروض مهرجان البحر الأحمر.

★★★⭐︎‬SIMA‪’‬S SONG

* رويا سادات | ‪Roya Sadat‬

‫* هولندا، فرنسا، أسبانيا ‬

لعلها صدفة لم تستطع المخرجة رويا سادات تحاشيها، وهي أن بداية فيلمها هذا شبيهة ببداية فيلم أفغاني القضية أيضاً، حققته ساهرا ماني في فيلمها التسجيلي «Bread ‪&‬ Roses» الذي شوهد في 2023. كلاهما يبدأ بمظاهرة نسائية في كابل تنادي بحقوقها. بعد 3 دقائق ينفصل الفيلمان بالضرورة ويعود «أغنية سيما» من زمن «طالبان» الحالي إلى عام 1973 عندما كانت أفغانستان على وعد مع التقدم المجتمعي. سورايا (مزهدة جمالزاده) هي إحدى المتظاهرات ومع عودة الفيلم إلى فترة سابقة نجدها حين كانت لا تزال شابة تؤمن بمبادئ التحرر عموماً وتحرر المرأة خصوصاً. في الواقع الحكاية التي نشاهدها هي حكايتها وليس حكاية سيما (نيلوفار كوقحاني) صاحبة الصوت الجميل التي حين تغني، في أحد المشاهد، تثير إعجاب الحضور.

«أغنية سيما» (بلوتو فيلم)

حينها، يقول الفيلم، كان بالإمكان للفتاة الظهور بتنانير والرجال بربطات عنق. صداقة سورايا وسيما قوية لدرجة رفضها الإفصاح عن مكان صديقتها سيما وزوجها عندما انضما إلى حركة «طالبان» وبدأت الحكومة الأفغانية سلسلة الاعتقالات والتحقيقات. مع اعتقال سورايا والإفراج عنها واحتلال الفيلا حيث كانت تعيش مع أهلها يدخل الفيلم جوّاً داكناً في أجوائه كما في تأطير مشاهده. يزداد التوتر وتبدأ رسالته بالتبلور صوب مراميها على نحو أفضل. إنه فيلم عن آخر فترة من حياة ثقافية ومجتمعية واعدة قبل دخول الاتحاد السوفياتي للدفاع عن الحكومة والولايات المتحدة لتأييد «طالبان».

يذكر الفيلم أن الأحداث مأخوذة عن قصّة واقعية، لكن هذا ليس ضرورياً، خصوصاً أن الشخصيات معروفة. ما يمكن التنويه إليه حقيقة أن التصوير وظّف أطراف مدينة أثينا بنجاح لافت.

* عروض مهرجان البحر الأحمر

في الصالات

* Juror‪#‬2 ‫★★★★‬

- دراما محاكِم نوعها غير معهود، للمخرج كلينت إيستوود، عن عضو لجنة محلّفين يحاول إخفاء جريمته.

* Nosferatu ‫★★★⭐︎‬

- يُعيد المخرج روبرت إيغرز سرد حكاية «نوسفيراتو» (1922) بزخم وطاقة جديدتين. يتضمن لحظات مرعبة.

* Carry‪-‬on ‫★★★‬

- تشويق جيد من جومى كوليت سيرا، حول رجل أمن في مطار مهدد باغتيال حبيبته إذا لم يهرّب متفجرة إلى طائرة.

* The Substance ‫★★⭐︎‬

- المخرجة الفرنسية كورالي فارجيت، تضع ديمي مور في بطولة فيلم عن امرأة تنشد شباباً وأنثوية دائمين.