الحكومة اليمنية: لم تصل إلينا تأكيدات بموعد «جنيف2»

جباري لـ(«الشرق الأوسط») : القوى الانقلابية لا تعرف سوى منطق السلاح والحرب

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي مجتمعا مع وزراء من الحكومة اليمنية أمس بعد يوم من عودته إلى عدن (إ.ب.أ)
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي مجتمعا مع وزراء من الحكومة اليمنية أمس بعد يوم من عودته إلى عدن (إ.ب.أ)
TT

الحكومة اليمنية: لم تصل إلينا تأكيدات بموعد «جنيف2»

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي مجتمعا مع وزراء من الحكومة اليمنية أمس بعد يوم من عودته إلى عدن (إ.ب.أ)
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي مجتمعا مع وزراء من الحكومة اليمنية أمس بعد يوم من عودته إلى عدن (إ.ب.أ)

كشف راجح بادي المتحدث باسم الحكومة الشرعية اليمنية، لـ«الشرق الأوسط» عن أن الحكومة لم تتلقَ «حتى الآن» أي موعد بشأن موعد اللقاء المقبل بين الحكومة والقوى الانقلابية برعاية الأمم المتحدة، مؤكدًا أن الموعد الذي كان مقترحًا بتاريخ 23 نوفمبر (تشرين الثاني)، أرجئ.
وحول مصير المحادثات المقبلة، وإمكانية نجاحها، قال المتحدث باسم الحكومة اليمنية، إن الحكومة الشرعية جادة في إجراء محادثاتها، مدللاً على تشكيلها بناءً على طلب المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد لجنة فنية مكونة من أربعة أعضاء تعمل إلى الجانب مساعدي المبعوث الأممي، في حين أكد أن الطرف الآخر (الميليشيات الحوثية وأتباع المخلوع صالح) لم تبدِ أي جدية لبدء المفاوضات، والذي تمثل برفضها تشكيل لجان فنية تعمل إلى جوار مساعدي المبعوث الأممي حتى الآن. وشدد بادي على أن القوى الانقلابية لا تبدي أي نيات طيبة مع إحلال السلام وتنفيذ القرارات 2216، موضحًا أن المهم في المحادثات المقبلة الاتفاق على جدول أعمال المشاورات، حتى لا تكون «جنيف2» نسخة فاشلة لمحادثات «جنيف1».
وأشار بادي إلى أن هناك مفاوضات تتم بين الحكومة الشرعية اليمنية مع المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد بشأن موعد المكان وجدول الأعمال، مرجحًا أن يكون مكان اللقاء المقبل بـ«جنيف».
وأشار بادي إلى أن المطالبات للحكومة الشرعية اليمنية هي ذاتها التي طالبت بها سابقًا، والتي تتعلق بتنفيذ القرارات الأممية وعلى رأسها 2216 والإفراج عن الأسرى.
وأوضح المتحدث باسم الحكومة الشرعية اليمنية، أن الميليشيات الحوثية وأتباع المخلوع صالح لم يرسلوا إشارات إيجابية، مفيدًا بأن المؤشرات الميدانية معاكسة في الميدان عبر قيامهم بالتوسع في بعض المناطق وفتح جبهات قتالية أخرى، كما نفذت القوى الانقلابية هجومًا على بعض المناطق التي حررت من قبل قوات التحالف الشرعية مسنودة من المقاومة الشعبية. وأرجع بادي قيام تلك الميليشيات بمعاودة الهجوم إلى افتقارها للجدية في أي محادثات سلام، كما أنها لم تقدم أي تهدئة ورفضها إيقاف إطلاق النار.
وفي ما يتعلق بأولويات عمل الحكومة اليمنية مع وصول الرئيس اليمني إلى عدن، قال راجح بادي: «عودة الرئيس اليمني هي من أجل استكمال تحرير بقية المناطق، وخصوصًا تحرير منطقة تعز، وسيشرف الرئيس على خطة التحرير بنفسه، والتي تجري أيضًا بدعم من القوات التحالف الداعم للشرعية بقيادة السعودية، ومساهمة دولة الإمارات».
وأضاف: «هناك أولوية أخرى للحكومة الشرعية اليمنية، وهي القيام بحشد خليجي لأعمال الإغاثة اليمنية، وإعادة الإعمار، وأن جميع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مشاركة في عمليات الإغاثة الإنسانية، وأن الهلال الأحمر القطري، قدم أمس نحو 180 مليون دولار فقط لإغاثة محافظة تعز».
وأفاد المتحدث باسم الحكومة الشرعية اليمنية، بأن التحركات التي تقوم بها الحكومة في الوقت الراهن هو استكمال عودة الشرعية الدولة إلى داخل اليمن.
وأشار بادي إلى أن الجولة التي يقوم بها خالد بحاح، نائب الرئيس اليمني، رئيس الوزراء، في بعض الدول الخليجية، هي التنسيق مع دول مجلس التعاون الخليجي للتحضير للعملية السلمية في جنيف. بدوره، كشف لـ«الشرق الأوسط» عبد العزيز جباري، مستشار عبد ربه منصور هادي، الرئيس اليمني، أن أعداء الشرعية وراء نشوب الحرب، وهم سبب ما آلت إليه الأوضاع في اليمن.
وقال: «قبل التمرد على الشرعية كنا في طور الانتهاء من الأزمة، عبر الحوار الوطني، ومشروع الدستور الجديد، بناء على ما خرجت به المبادرة الخليجية التي رسمت لنا خريطة طريق كانت كفيلة بنقل اليمن من مرحلة الخلاف إلى مرحلة بناء دولة حديثة».
وبشأن ما قد ينتج عن لقاء جنيف، شدد جباري على أن جماعة أنصار الله التي يتزعمها عبد الملك الحوثي الذي استولى على السلطة عبر الانقلاب على الشرعية في اليمن، مستمرة في المماطلة، مما يشير إلى أن هذه الجماعة لا تعرف سوى منطق السلاح والحرب.
ولفت مستشار الرئيس اليمني، أن التصريحات التي أطلقتها حركة أنصار الله اليمنية التي لا توالي الشرعية، تعيد التأكيد على أن التمرد الحوثي، اعتاد الحكم على المفاوضات بالفشل قبل أن تبدأ، ما يعني تفضيل الإمساك بالبندقية، ورمي أوراق التفاوض، واعتماد منطق التنظير، ليحل محل العمل الحقيقي من أجل السلام والخير.
ودلل جباري على عدم جدية التمرد الحوثي في الحوار، أنه لم يحدد حتى الآن قائمة بأسماء المشاركين في اللقاء، ما يعني أن موضوع محادثات جنيف بأكمله لا يمثل للحوثيين سوى فرصة جديدة لشراء مزيد من الوقت.
ووصف مستشار الرئيس اليمني، الحوثيين بأنه «لا يؤمنون إلا بالعنف ولا يؤمنون بالسلام، على الرغم من أن الشعب اليمني لا يريد إلغاء جماعة الحوثي أو إقصاءهم، بقدر ما يريد منهم العمل في كنف الدولة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.