صافية الحلو.. التمزق بين هويتين

عدت ضمن «شاعرات الغضب الأميركيات»

صافية الحلو
صافية الحلو
TT

صافية الحلو.. التمزق بين هويتين

صافية الحلو
صافية الحلو

في منتصف الشهر الحالي، في «باصبوي أند بوتيري» (وهي سلسلة مطاعم في واشنطن، تجمع الأكل مع الندوات والمحاضرات والحفلات الموسيقية)، ستلقي صافية الحلو، شاعرة أميركية سودانية شابة، مجموعة قصائد اشتهرت بها، خاصة عن هويتها.
وعلى الرغم من أن عمرها 24 عاما فقط، اشتهرت صافية الحلو بشعرها، خاصة وسط الشعراء السود الشباب. وكانت قد درست الشعر في جامعة نيويورك، وفازت بعدد من الجوائز الهامة في مجال شعر «سالام». وهو شعر لا يلتزم بالقافية، ويعتمد على فن الإلقاء. يسمى «هيب هوب الشعر» (المعتمد على الإلقاء).
في الجامعة، تخصصت الحلو في «الشعر كأداة تحليل نفسي». وربما اختارت ذلك لتحلل نفسها نفسيا، وتفهم هويتها لغويا، وعرقيا، وثقافيا.
تقول: «ليست خلفيتي إنجليزية. لكنى اخترت أن أكتب بالإنجليزية، وأن أعيش في بلد يتكلم الإنجليزية، بينما عائلتي من السودان، وتتكلم العربية. إني أكتب عن عائلتي، عن المهاجرين، عن الاغتراب، عن مشكلات هويتي الكثيرة».
ويبدو واضحا في قصائدها تركيزها على لونها. ويبدو واضحا أن هذا يقلقها كثيرا.
في البداية، عشقت أغنية «أسمر يا اسمراني» التي يغنيها عبد الحليم حافظ. ووجدت فيها احتراما للونها، خاصة بعد أن استقرت في الولايات المتحدة. وصارت تصف نفسها بأنها «براون غيرل» (البنت السمراء). وبدأت تأليف ديوان شعر باسم «الأسمراني». في وقت لاحق، قالت إن للأغنية صلة بالعنصرية في الدول العربية.
في قصيدة «جمهورية السودان، قسم الجوازات»، كتبت عن زيارتها إلى السودان قبل عامين:
«قالت لي موظفة محجبة: لغتك العربية لا بأس بها بالنسبة لأجنبية. كانت الموظفة تقرأ جواز سفري الأزرق، أما في نيويورك، فقالوا لي: لغتك الإنجليزية لا بأس بها. في المنزل مع أمي نتكلم اللغة العربية. لكننا نأكل بالشوكة والسكين.. مرت شهور، وفي شارع في ولاية ميريلاند، أوقفني شرطي المرور. سأل: من أين أنت؟ أجبت: من هنا. ضحك».
عن تلك الزيارة إلى السودان، كتبت قصيدة أخرى:
«سمعت همسا: بنت صفاء (والدتها) أميركية غير متزوجة. سمعت همسا: الذنب ذنب الوالدة. سمعت همسا: ربما بنت أميركية لئيمة. قد تحب شابا أبيض. ربما لا تعرف كيف تطبخ. قد تدمن المخدرات. ربما لا تنجب. ربما وقعت اللعنة على العائلة. قد تتناول حبوب منع الحمل. ربما لا تصلي».
في الحالتين، إذا هويتها أميركية أو سودانية، كتبت عن العنصرية في أميركا، وفي السودان.
عن المجتمع السوداني، كتبت عن كلمات مثل: «عرق» و«عبد» و«رقيق». وعبارات مثل: «الله يسود ليلتك زي ما سود وجهك». ونكات، مثل: «بقيت أسمر، واتحرقت، زي البطاطس». ونصائح لأمها من عرب في دول عربية: «بنتك جميلة، لكن، أبعديها عن الشمس. ومددي شعرها المجعد، حتى تكون بنت عرب».
وعن المجتمع الأميركي، قالت إنها تأثرت بالشاعر الأميركي العربي لورنس جوزيف (أصله لبناني)، وهو محامٍ مرموق وأستاذ في جامعة بواشنطن العاصمة. تأثرت خاصة بقصيدته «ساند نيغار» (زنجي الصحراء)، التي يقول فيها:
«لبنان في كل مكان في بيتنا. في المطبخ. في ضلع الخروف في الفرن. في صحن الكوسة. في البرندة التي يعلمني فيها جدي لعبة الزهر.. لكن، خارج بيتنا، يشتمونني: ساند نيغار (زنجي الصحراء). أنفك كبير. لونك ليس أبيض. أنت زنجي فاتح اللون. أنت زنجي لبناني..»
أما صافية الحلو فكتبت في قصيدة «شعر قذر»:
«سمعت أمي تقول لي: أنت دائما جميلة، لكن، اليوم شعرك مجعد قليلا. وسمعت رجلا يطلب منى أن أصفف شعري ليكون مستقيما مثل ماء شلال ينهمر. وسمعت شرطة الأمن في المطار يقررون فحص شعري. وسمعت جدتي تقول لي لأنك نفشت شعرك، لم يبق سوى أن تلبسي بيجامة النوم».
في الصيف الماضي، أجابت صافية على سؤال من مجلة «بورتو ديل سول» عن لونها، فأجابت: «أنا شاعرة سوداء. ولن أصمت بينما الشعب الأميركي (الأبيض) يصمت، وهو يقتل السود».
وأجابت على سؤال عن هويتها: أعاني بسبب هويتي من مشكلات كثيرة. وأتذكر قول الشاعر أدورنو: «بالنسبة للذي ليس له وطن، تصير الكتابة وطنه. أنا سودانية وأميركية. أنا أفريقية وعربية. يعذبني هذا التداخل. وإذا لم أتحدث عنه، يعذبني أكثر».
وأجابت على سؤال عن الغضب في شعرها بقولها: «الغضب حق من حقوقي».
وفعلا، الغضب واضح في شعرها. تقول في إحدى قصائدها «إلى البنت التي في فصل الجاز».
«تقولون إننا لا نتحدث عن أي شيء غير لوننا. لكن، ألم تستعبدوننا بسبب لوننا؟ ألا نملك حق أن نفتخر بلوننا؟ هل تريدون منا أن نلغي لوننا؟ أنتم تملكون هذا البلد. أنتم تريدون أن تستعبدونا. الموسيقى عندكم هي البيانو والساكسفون. اذهبوا إليها، واتركوا لنا موسيقانا. اتركوا الموسيقى السوداء للسود..»
واشتهرت القصيدة في مواقع السود في الإنترنت. وهكذا، دخلت الحلو في طائفة ما تسمى في الثقافة الأميركية: «أنغرى بلاك وومان» (نساء سوداوات غاضبات).
وكان قد صدر كتاب قبل سنوات قليلة تحت عنوان «العار والمرأة الأميركية السوداء»، للأستاذة الجامعية مليسيا هاريس باري (والدها أسود، وأمها بيضاء)، التي تقول فيه: «لكي نفهم المرأة الأميركية السوداء، يجب أن نفهم تجاربها التي لا توصف في مجالات مثل: الأذى، والرفض، والإيمان، والبحث عن الهوية. لقد أثرت هذه التجارب على نفسية المرأة الأميركية السوداء، وذلك لأن احتقارها وظلمها عبر تاريخها سبب لها الإحساس بالعار. وها هي، في الوقت الحاضر، تحاول وضع استراتيجية لإدارة العار، ثم استراتيجية للتخلص منه».
وتضيف: «كلما تغضب أميركية سوداء في التلفزيون، تتزايد ظاهرة الأميركية السوداء الغاضبة. تغضب على زوجها (الذي ربما هو عاطل)، وتغضب على أمها (التي قد تعمل مربية لأطفال بيض)، وتغضب على ابنها (الذي ربما أدمن المخدرات). وطبعًا، تغضب على البيض (الذين، بالتأكيد، يظلمونها، إذا كانوا لا يحتقرونها)».
وخلص الكتاب إلى أنه: «صعب أن يقف شخص معتدلا على أرض غير مسطحة. لهذا، صعب أن يزول الغضب في مجتمع ظالم».
وأخيرًا، ويبدو أن هذه هي حالة صافية الحلو.



مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟
TT

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

صدر العدد الجديد من مجلة الفيصل وتضمن العديد من الموضوعات والمواد المهمة. وكرست المجلة ملف العدد لموضوع إقصاء المرأة من حقل الفلسفة، وعدم وجود فيلسوفات. شارك في الملف: كل من رسلان عامر: «غياب المرأة الفلسفي بين التاريخ والتأريخ». خديجة زتيلي: «هل بالإمكان الحديث عن مساهمة نسائية في الفلسفة العربية المعاصرة؟» فرانك درويش: «المرأة في محيط الفلسفة». أحمد برقاوي: «ما الذي حال بين المرأة والتفلسف؟» ريتا فرج: «الفيلسوفات وتطور الأبحاث الحديثة من اليونان القديمة إلى التاريخ المعاصر». يمنى طريف الخولي: «النساء حين يتفلسفن». نذير الماجد: «الفلسفة نتاج هيمنة ذكورية أم نشاط إنساني محايد؟» كلير مثاك كومهيل، راشيل وايزمان: «كيف أعادت أربع نساء الفلسفة إلى الحياة؟» (ترجمة: سماح ممدوح حسن).

أما الحوار فكان مع المفكر التونسي فتحي التريكي (حاوره: مرزوق العمري)، وفيه يؤكد على أن الدين لا يعوض الفلسفة، وأن الفلسفة لا تحل محل الدين، وأن المفكرين الدينيين الحقيقيين يرفضون التفلسف لتنشيط نظرياتهم وآرائهم. وكذلك تضمن العدد حواراً مع الروائي العربي إبراهيم عبد المجيد الذي يرى أن الحزن والفقد ليس مصدرهما التقدم في العمر فقط... ولكن أن تنظر حولك فترى وطناً لم يعد وطناً (حاوره: حسين عبد الرحيم).

ونطالع مقالات لكل من المفكر المغربي عبد العزيز بومسهولي «الفلسفة وإعادة التفكير في الممارسات الثقافية»، والكاتب والأكاديمي السعودي عبد الله البريدي «اللغة والقيم العابرة... مقاربة لفك الرموز»، وضمنه يقول إننا مطالبون بتطوير مناهج بحثية لتحليل تورط اللغة بتمرير أفكار معطوبة وقيم عدمية وهويات رديئة. ويذهب الناقد سعيد بنكراد في مقال «الصورة من المحاكاة إلى البناء الجمالي» إلى أن الصورة ليست محاكاة ولا تنقل بحياد أو صدق ما تمثله، لكنها على العكس من ذلك تتصرف في ممكنات موضوعاتها. وترجم ميلود عرنيبة مقال الفرنسي ميشال لوبغي «من أجل محبة الكتب إمبراطورية الغيوم».

ونقرأ مقالاً للأنثروبولوجي الفرنسي فرانك ميرمييه بعنوان «مسار أنثربولوجي فرنسي في اليمن». ومقال «لا تحرر الحرية» (أريانا ماركيتي، ترجمة إسماعيل نسيم). و«فوزية أبو خالد... لم يزل الماء الطين طرياً بين أصابع اللغة» (أحمد بوقري). «أعباء الذاكرة ومسؤولية الكتابة» (هيثم حسين). «العمى العالمي: غزة بين فوضى الحرب واستعادة الإنسانية» (يوسف القدرة). «الطيور على أشكالها تقع: سوسيولوجيا شبكة العلاقات الاجتماعية» (نادية سروجي). «هومي بابا: درس في الشغف» (لطفية الدليمي).

ويطالع القارئ في مختلف أبواب المجلة عدداً من الموضوعات المهمة. وهي كالتالي: قضايا: سقوط التماثيل... إزاحة للفضاء السيميائي وإعادة ترتيب للهياكل والأجساد والأصوات (نزار أغري). ثقافات: «هل يمكن أن تحب الفن وتكره الفنان؟» ميليسا فيبوس (ترجمة خولة سليمان). بورتريه: محمد خضر... المؤلف وسرديات الأسلوب المتأخر (علي حسن الفواز). عمارة: إعادة تشكيل الفضاءات العامة والخاصة في جدة بين التراث والحداثة (بدر الدين مصطفى). حكايتي مع الكتب: الكتب صحبة رائعة وجميلة الهمس (فيصل دراج). فضاءات: «11 رصيف برنلي»... الابنة غير الشرعية لفرنسوا ميتران تواجه أشباح الحياة السرية (ترجمة جمال الجلاصي). تحقيقات: الترفيه قوة ناعمة في بناء المستقبل وتنمية ثقافية مؤثرة في المجتمع السعودي (هدى الدغفق). جوائز: جوائز الترجمة العربية بين المنجز والمأمول (الزواوي بغورة). المسرح: الكاتبة ملحة عبد الله: لا أكتب من أجل جائزة أو أن يصفق لي الجمهور، إنما كي أسجل اسمي في تاريخ الفن (حوار: صبحي موسى).

وفي باب القراءات: نجوان درويش... تجربة فلسطينية جسورة تليق بالشعر الجديد (محمد عبيد الله). جماليات البيت وسردية الخواء... قراءة في روايات علاء الديب (عمر شهريار). «أغنية للعتمة» ماتروشكا الحكايات والأنساب تشطر التاريخ في صعودها نحو الأغنية (سمية عزام). تشكيل: مهدية آل طالب: دور الفن لا يتحقق سوى من خلال الفنان (هدى الدغفق). مسرح: المنظومة المسرحية الألمانية يؤرقها سوء الإدارة والتمييز (عبد السلام إبراهيم)

ونقرأ مراجعات لكتب: «وجه صغير يتكدس في كل ظهيرة» (عماد الدين موسى)، «مروة» (نشوة أحمد)، «خاتم سليمي» (نور السيد)، «غراميات استثنائية فادحة» (معتصم الشاعر)، «أبناء الطين» (حسام الأحمد)، «حساء بمذاق الورد» (جميلة عمايرة).

وفي العدد نطالع نصوص: «مارتن هيدغر يصحو من نومه» (سيف الرحبي)، «مختارات من الشعر الكوري» (محمد خطاب)، «سحر الأزرق» (مشاعل عبد الله)، «معرض وجوه» (طاهر آل سيف)، «سارقة الذكريات» (وجدي الأهدل)، «أوهام الشجر» (منصور الجهني).