بومبي.. مدينة ميتة تنبض بالحياة

سياحة إيطالية على الأطلال

بومبي.. مدينة ميتة تنبض بالحياة
TT

بومبي.. مدينة ميتة تنبض بالحياة

بومبي.. مدينة ميتة تنبض بالحياة

تمنحك أطلال بومبي فرصة التقاط صورة ثابتة للحياة في ظل الحضارة الرومانية. فالمدينة دفنت تحت 6 أمتار من المواد التي أطلقها بركان فيزوف، ودفنت معها أسرارها وجميع أساطيرها. ويشير 24 أغسطس (آب) عام 79 ميلاديًا إلى تاريخ نهاية واحدة من أهم المدن في الإمبراطورية الرومانية في تلك الحقبة، وكذلك بداية واحدة من أكثر الأساطير إثارة للاهتمام في العالم. وتعتبر بومبي الآن واحدة من أكثر المدن زيارة في إيطاليا، كما تعد أطلالها القريبة من مدينة نابولي المعلم السياحي الرئيسي في المنطقة.
من الممكن أن ترى في هذه الثورة البركانية عقابًا لمدينة استمتعت بكافة مباهج الحياة دون التفكير في المستقبل، وربما لأن الحدث وقع بعد يوم واحد من فولكاناليا، أو الاحتفال الروماني بإله النار.
وعندما يصل الزائر إلى منطقة الأطلال يمني نفسه في العادة بمشاهدة مبان فخمة، حيث يمكنه تخيل شكل الحياة هناك في هذه الحقبة الغابرة. لكن المفاجأة في بومبي أن الزائر ليس مضطرًا لأن يتخيل أي شيء، لأن المدينة تظهر كل شيء على حاله، وكأنها لعبة يتوقف فيها الزمن على الجميع ما عدا الزوار.
وهكذا يتسنى لك التجول بين المنازل حيث يبدو كل شيء معدًا لتناول وجبة الغداء، أو تزور الحمامات التي تحتاج فقط إلى مياه لتمنحك إحساس البخار الذي يلفح وجهك. الأسواق مفتوحة وعلى أهبة الاستعداد، بل وحتى ماخور لا يحتاج الزائر معه خيالاً واسعًا ليدرك جوهر هذه المدينة.
بيد أنه لا يسعك أثناء الزيارة أن تتناسى الرعب الذي عاشته بومبي وهيركولانيوم في عام 79 ميلاديًا. لقد جمدت الحمم والرماد منازل ومعابد وشوارع بومبي وتركتها شاهدًا حيًا للأبد بهذه الدقة المأسوية. ويسهل على الزائر أن يتعرف على رسائل الدعاية الانتخابية على الجدران وقد كتبت بأحرف كبيرة باللون الأحمر أو الأسود، وإعلانات بيع وشراء المنازل وأغراض أخرى، وأسماء الملاك على الأبواب، ودلائل على أنشطة تجارية في المحال، ومعلومات عن الحفلات المقبلة، ليبدو المشهد وكأن شيئًا لم يحدث.
* أهم المباني
ومن بين أهم المباني التي ينبغي عليك زيارتها في بومبي المدرج الذي كان يقاتل في ساحته المصارعون الحيوانات وزملاءهم من المحاربين الآخرين لإمتاع جمهورهم. وتشير بعض الدراسات إلى أن المبنى، الذي لا يوجد به قطاع تحت الأرض، بخلاف المدرجات الرومانية الأخرى، كان يسع نحو 12 ألف إنسان. وتقول دراسات أخرى إن هذا العدد يصل إلى 20 ألف شخص.
وفي وقتنا الحاضر، أصبح البناء المتدرج يذكرنا بالموت الذي طالما «عشش» في ساحته. وداخل هذا المبنى يمكنك أن ترى قوالب جبسية للضحايا الذين دفنوا وطواهم النسيان كما طوى اسمي بومباي وهيركولانيوم. وتشير الدراسات الأخيرة إلى أن الحرارة كانت السبب الرئيسي للوفاة أثناء ثوران البركان ويسهل على المرء تخيل حجم معاناة الضحايا بالنظر إلى وجوه قوالبهم الجبسية.
ويسع المرء أن يتبين كيف نحتت الحمم البركانية صورًا معبرة على نحو يثير الرعب: رجل يجلس منتظرًا لحظته الأخيرة، وكلب مذعور، وشقيقتين متعانقتين، وعشرات الوجوه المعروضة داخل هذا المكان.
وإذا كان الزائر بوسعه أن يتبين الألم الناجم عن الثورة البركانية في المدرج، فإنه في حديقة الهاربين فقط يسعه أن يكون على مقربة من المكان الذي عثر فيه على أكبر عدد من الضحايا: 13.
وخلال الجولة، يسعك أيضًا أن تستنشق الرعب الذي كان يشعر به مواطنو بومبي أمام جبل فيزوف لأن البركان يظهر في كل الصور والمناظر التي تجسد الأطلال. ويحظى الجبل البركاني بحضور دائم يحاصرك في كل خطوة تخطوها في بومبي.
على الجانب الآخر، يوفر هذا الموقع واحدًا من أفضل النماذج على الصور واللوحات الفسيفسائية الرومانية. في الواقع، لم يكن معروفًا منها قبل اكتشاف المدينة سوى بعض الرسومات المتفرقة، لكنها الآن باتت متوفرة وتصور أزمنة وأماكن مختلفة.
وتقف فيلا الألغاز كأهم شاهد على الفن الروماني في بومبي، حيث يمكن أن تشكل غرفها متحفًا في حد ذاتها.
كما يستحق أن تمضي بعض الوقت في الاستمتاع ببعض اللوحات الفسيفسائية التي تنتشر في بعض المنازل، وتنتقل من غرفة إلى أخرى لتطالع مراحل التطور الفني المختلفة.
في الواقع أن مدينة بومبي أشبه بجوهرة ظلت مطمورة لزمن طويل في انتظار أن نكتشفها. واليوم نستطيع الاستمتاع بها وكأن الموت لم يعرف إليها طريق.
* نصائح للسائح
من المهم أن تصل مبكرًا لأن الأجواء تكون حارة جدًا في العادة خلال معظم فترات السنة. وفي الصيف، يستحسن أن تصطحب معك مظلة أو تعتمر قبعة للوقاية من حرارة الشمس.
كما أنك لو وصلت مبكرًا إلى الإطلال، فلقد تتجنب الوقوف في صف طويل كما هو شائع في الفترة ما بين العاشرة صباحًا وحتى فترة الغذاء.
ورغم وجود مقهى داخل الأطلال، إلا أنه يستحسن أن تأخذ معك بعض الماء والشطائر أو الطعام الخفيف لكي تقضي وقتًا رائعًا هناك.
من المهم جدًا أيضًا أن تلبس حذاء مريحا لأن المشي لا يكون سهلاً في بعض أجزاء الأطلال. أما النصيحة الأخيرة ولكنها ليست بالأقل أهمية فهي التحلي بالصبر لأنه في بعض الأحيان ربما لا تتطابق أرقام المرشد الصوتي والأماكن داخل الأطلال. لذا يتعين عليك أن تبحث عن اسم الموقع وتراجع الخريطة لكي تتبين المكان الذي تقف فيه. لكن يظل كل ركن في أطلال مدينة بومبي يستحق المشاهدة مرات ومرات، لذا لن تندم إذا اضطررت إلى البحث لكي تجد المكان الذي تقصده.



مساعٍ سعودية لتحويل 8 مدن واعدة إلى وجهات عالمية

التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)
التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)
TT

مساعٍ سعودية لتحويل 8 مدن واعدة إلى وجهات عالمية

التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)
التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)

وسط مسعى السعودية لتنمية مدنها والارتقاء بمعايير جودة الحياة العصرية وتوسيع نطاق العروض السياحية، أبرم عدد من الجهات في القطاعين الخاص والحكومي اتفاقيات بارزة مؤخّراً في هذا الإطار، وشهد معرض «سيتي سكيب» العالمي في الرياض توقيع عدد من هذه الاتفاقيات.

وبهدف تحسين جودة الحياة في عدد من المدن الواعدة في السعودية، أعلنت «أسفار»، الشركة السعودية للاستثمار السياحي، إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة السعودي، عن توقيع مذكرة تفاهم مع «وزارة البلديات والإسكان»، ووفقاً للمسؤولين، سيوفّر هذا التعاون الاستراتيجي فرصاً ترفيهية وثقافية ورياضية جديدة في الأماكن العامة غير المستغلة، ما يسهم في نمو قطاع السياحة في البلاد.

تعزيز الثقافة المحلية والجمال الطبيعي للمناطق

وفي حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، قال الدكتور فهد بن مشيط، الرئيس التنفيذي لشركة أسفار: «نسعى إلى تحويل المدن الواعدة في السعودية إلى وجهات عالمية من خلال استثمارات استراتيجية تعزز الثقافة المحلية، وتبرز الجمال الطبيعي الفريد لكل منطقة». وأضاف أن هذه المبادرات «تمثِّل خطوة مهمة في رحلتنا المستمرة نحو بناء شراكات قوية وتوحيد الجهود بين القطاعين العام والخاص لدفع عجلة السياحة في السعودية».

جانب من التوقيع بين «وزارة البلديات والإسكان» و«أسفار» إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة السعودي. (الشرق الأوسط)

وبحسب ابن مشيط، تتطلّع «أسفار» إلى تعزيز علاقتها مع البلديات وهيئات تطوير المناطق التي تستثمر فيها لتحقيق مهمتها، كاشفاً عن التزام بـ«ترسيخ مكانة السعودية على خريطة السياحة العالمية، وأن نكون جسراً نحو نمو مستدام يحقق قيمة طويلة الأمد للمجتمعات السعودية عبر كافة مناطق السعودية وإثراء تجارب الزوار».

تحويل المساحات إلى وجهات حيوية

وعلمت «الشرق الأوسط» أن التعاون الاستراتيجي يستهدف أيضاً تحويل المساحات غير المستغلة إلى وجهات مجتمعية حيوية، ما يساعد في تحسين جودة الحياة في عدد من المدن الواعدة في السعودية عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر، وذلك تماشياً مع مشروع «بهجة» المبادرة الوطنية للوزارة، بهدف تنمية المدن وتعزيز رفاهية سكانها وتجربة زوارها نحو تحقيق مفهوم جودة الحياة، كما يتناغم مع ما تلتزم به «أسفار» من تحويل المدن الواعدة إلى وجهات سياحية بارزة، تحقيقاً لمستهدفات «رؤية السعودية 2030».

التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)

8 مدن واعدة

ووفقاً لمصادر «الشرق الأوسط»، جاءت الـ8 مدن الواعدة، التي ستعمل «أسفار» على تحويلها إلى وجهات سياحية بارزة كالتالي: الأحساء، الباحة، الجوف، حائل، الخبر، ينبع، الطائف، الدمام.

وفي الإطار ذاته، أُبرمت الاثنين اتفاقية ثلاثية، جمعت أمانة المنطقة الشرقية، وهيئة تطوير المنطقة الشرقية، وشركة «أسفار»، بحضور خالد البكر الرئيس التنفيذي لبرنامج جودة الحياة في السعودية، وهدفت الاتفاقية إلى تعزيز الاستثمار السياحي في مدينة الخبر، ودعم أهداف برنامج جودة الحياة في السعودية، وتضمّنت الاتفاقية إلى جانب تعزيز الوجهات السياحية والترفيهية في المنطقة الشرقية، وتحديداً مدينة الخُبر، تطوير موقع «الكورنيش الجنوبي» ليصبح وجهة سياحية متكاملة ورائدة في القطاع السياحي للمواطنين، المقيمين والزوار على حد سواء.