«محاربة الإرهاب» و«أزمة اللاجئين» تتصدران أجندة قمة أنطاليا التركية

الرئيس التركي يؤكد أن الاقتصاد والأمن ليسا مسألتين منفصلتين

خادم الحرمين الشريفين لدى مغادرته إثر انتهاء الحفل الافتتاحي لقمة «مجموعة العشرين» في أنطاليا أمس (وكالة أنباء الأناضول)
خادم الحرمين الشريفين لدى مغادرته إثر انتهاء الحفل الافتتاحي لقمة «مجموعة العشرين» في أنطاليا أمس (وكالة أنباء الأناضول)
TT

«محاربة الإرهاب» و«أزمة اللاجئين» تتصدران أجندة قمة أنطاليا التركية

خادم الحرمين الشريفين لدى مغادرته إثر انتهاء الحفل الافتتاحي لقمة «مجموعة العشرين» في أنطاليا أمس (وكالة أنباء الأناضول)
خادم الحرمين الشريفين لدى مغادرته إثر انتهاء الحفل الافتتاحي لقمة «مجموعة العشرين» في أنطاليا أمس (وكالة أنباء الأناضول)

سادت النقاشات السياسة على فعاليات قمة مجموعة العشرين التي انطلقت أمس في مدينة أنطاليا التركية، حيث تركزت المحادثات والكلمات في القمة الاقتصادية في دورتها الحالية على القضية السورية ومحاربة الإرهاب، إضافة إلى أزمة اللاجئين، بينما تعهدت الدول في الجانب الاقتصادي إلى استخدام كل أدوات السياسة لمعالجة تباين النمو الاقتصادي في العالم.
وبحسب معلومات صادرة أمس فإن بيان مكافحة الإرهاب سيصدر بوثيقة منفصلة ضمن البيان الختامي لقمة العشرين التي تختم أعمالها اليوم، تتضمن اتفاق الزعماء أيضًا على تشديد مراقبة الحدود وأمن الطيران بعد هجمات باريس التي أدانوها بوصفها شنيعة. وتضمنت مسودة بيان القمة أن قادة مجموعة العشرين سيتفقون على أن الهجرة مشكلة عالمية لا بد من التعامل معها بطريقة منسقة، وسيتفق القادة ووفقا للمسودة على أن جميع الدول يجب أن تشارك في مواجهة أزمة المهاجرين من خلال قبول أعداد منهم وتقديم الإغاثة لهم.
وجاء في مسودة البيان: «ندعو جميع الدول للإسهام في مواجهة هذه الأزمة، وأن تشارك في الأعباء التي تفرضها بوسائل تشمل توطين اللاجئين كما تشمل أشكالا أخرى مثل الإغاثة الإنسانية وجهود تضمن قدرة اللاجئين على الحصول على الخدمات والتعليم وفرص كسب العيش». ويتعين أن تقر جميع دول المجموعة مسودة البيان للإعلان عنه اليوم.
كما تضمنت المسودة أن قادة مجموعة العشرين سيتفقون أيضًا على تعزيز تمويل المنظمات الدولية التي تساعد المهاجرين - كما طلبت أوروبا - وأن تواجه الأسباب الأساسية للهجرة مثل الحرب في سوريا، كما تضمنت مسودة البيان التعهد باستخدام كل أدوات السياسة لمعالجة تباين النمو الاقتصادي.
من جهته قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان: «إن الإرهاب يستمر في تهديد أمننا وسلامتنا جميعًا، ونحن في تركيا نعتقد أنه ينبغي التعبير بشكل أقوى عن إصرارنا على التعاون في مكافحته»، مؤكدًا على أهمية التعاون والتضامن الدولي في مواجهة أزمة اللاجئين، ومتمنيًا أن تكون قمة العشرين الحالية نقطة تحول في مسألة اللاجئين عقب فشل المجتمع الدولي في إيجاد حل لها.
وأشار في كلمة له خلال افتتاح جلسة «الاقتصاد العالمي، استراتيجيات التنمية، العمالة واستراتيجيات الاستثمار» على هامش قمة العشرين التي بدأت اليوم في ولاية أنطاليا جنوب تركيا، إلى أهمية القرارات التي اتخذت خلال قمة المجموعة في أستراليا العام الماضي، لافتًا إلى أنها «ضمانة من أجل نمو قوي ومستدام ومتزن للاقتصادي العالمي»، مضيفًا: «إن لمجموعة العشرين وظيفة حيوية في تأمين الاستقرار العالمي، وهي ليست منتدى يُستذكر في أوقات الأزمات».
وزاد: «رغم كل الخطوات لم نصل إلى أداء اقتصادي عالمي بالمستوى المطلوب، ولم تستطع الدول المتقدمة التخلص من ركودها الاقتصادي، ومع بداية العام الحالي بدأ الاقتصاد العالمي بالتعافي، لكن اقتصادات الدول النامية بدأت بالركود، ولم نتمكن من التخلص من هذه الحلقة المفرغة التي بدأت مع الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008».
ولفت إردوغان إلى أن «هناك عددا من الدول لا تزال تعاني من ضيق في مساحة المناورة في السياسات المالية والنقدية، وهناك غموض يلف الأسواق المالية يشير إلى وجود مخاطر جديدة، فضلا عن التوترات السياسية التي ظهرت في بعض المناطق خلال الآونة الأخيرة».
وتوافد رؤساء الدول العشرين على مقر انعقاد القمة في مدينة أنطاليا التركية ظهر أمس، وكان في استقبالهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، حيث رحب بهم في منصة أقيمت أمام مقر الاجتماع، وتحدث معهم، قبيل التقاط صور جماعية، بينهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والرئيس الأميركي باراك أوباما، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الصيني تشي جين بينغ، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
من جهته قال ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني إنه سيدعو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الاثنين إلى تركيز الضربات الجوية الروسية في سوريا على متشددي تنظيم داعش، وأضاف: «لدينا خلافاتنا مع روسيا لأسباب، أهمها أنهم بذلوا جهودا لتقويض فصائل معارضة للأسد ليس بينها (داعش)، وهم أشخاص يمكن أن يكونوا جزءا من مستقبل سوريا».
وتابع كاميرون وهو يتحدث مع الصحافيين قبل اجتماع مع بوتين على هامش قمة مجموعة العشرين في تركيا: «المحادثة التي أريد أن أجريها مع فلاديمير بوتين هي أن نقول: هناك شيء واحد نتفق عليه، هو أننا سنكون أكثر أمنا في روسيا، سنكون أكثر أمنا في بريطانيا إذا دمرنا (داعش)، هذا ما ينبغي أن نركز عليه».
وزاد: «إن الهجمات في باريس جعلت من الضروري هزيمة متشددي التنظيم سواء في العراق أو في سوريا»، وتشارك بريطانيا في حملة الضربات الجوية ضد التنظيم في العراق، لكنها لن تمد مهمتها إلى سوريا ما لم يوافق نواب البرلمان، وهو أمر يبدو غير مرجح حتى الآن.
وقال كاميرون للصحافيين إن أطرافا أخرى «تقوم بأعمال في سوريا، وهو أمر ندعمه ونشجعه، لكن ينبغي أن نواصل التشديد على أننا سنكون أكثر أمنا في المملكة المتحدة وفي فرنسا وفي جميع أنحاء أوروبا إذا دمرنا عصابة القتل هذه إلى الأبد».
وناقشت جلسات أمس قضية المناخ واستراتيجية النمو والوظائف، إضافة إلى الاستثمار، بينما سيتم اليوم نقاش ملفات العمل المشترك للنمو الشامل وهيئة توليد الوظائف وزيادة دعم المنشات الصغيرة والمتوسطة، التي ينتظر أن تشهد مزيدا من الاقتراحات حولها، في الوقت الذي كشف فيه مسؤولو منظمات عالمية تحدثوا على هامش قمة العشرين أنها تشكل 60 في المائة من الوظائف حول العالم، وهو ما يجعلها أحد اللاعبين الرئيسيين في الاقتصاد العالمي خلال الفترة المقبلة.
إلى ذلك، أشارت توقعات المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى أن قمة دول العشرين ستعطي دفعة لمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، الذي سيبدأ بعد أسبوعين في العاصمة الفرنسية باريس. وقالت ميركل على هامش قمة العشرين التركية القريبة من مدينة أنطاليا: «هنا كان يوجد كثير، وكثير جدا، من الإسهامات الباعثة للأمل، قال من خلالها الجميع: نحن نريد نجاح مؤتمر باريس»، وأضافت ميركل أنها ستواصل العمل حتى الليل من أجل إصدار بيان حول هذا الشأن.
يذكر أن أكثر النقاط تعقيدا في موضوع المناخ هي تلك المتعلقة بخطة إنشاء صندوق دولي للمناخ اعتبارا من عام 2020 يناط به توفير مائة مليار دولار سنويا للتكيف مع التغير المناخي. ورأت ميركل أنه من دون وجود وعود واضحة بالمساهمات المالية في الصندوق فإن نتيجة المؤتمر يمكن أن تكون صعبة.
يذكر أن ألمانيا تعتزم تقديم ما يصل إلى 5.‏4 مليار دولار سنويا لهذا الصندوق، ووفقا لتقرير أولي لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فإن إجمالي المبالغ التي وعدت دول وجهات قطاع خاص حتى الآن بتقديمها للصندوق بلغ 62 مليار دولار، ومن المنتظر أن تساعد هذه الأموال الدول الصاعدة والنامية في الحماية من الفيضانات أو في التوسع في مصادر الطاقة المتجددة.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.