انطلاق حملة عسكرية كبرى لتحرير مدينة الرمادي

فك الحصار عن عشرات العائلات.. وتفكيك 582 عبوة ناسفة

تحصينات للقوات العراقية قبيل الإعلان عن انطلاق العمليات العسكرية الأخيرة لتحرير الرمادي (أ.ب)
تحصينات للقوات العراقية قبيل الإعلان عن انطلاق العمليات العسكرية الأخيرة لتحرير الرمادي (أ.ب)
TT

انطلاق حملة عسكرية كبرى لتحرير مدينة الرمادي

تحصينات للقوات العراقية قبيل الإعلان عن انطلاق العمليات العسكرية الأخيرة لتحرير الرمادي (أ.ب)
تحصينات للقوات العراقية قبيل الإعلان عن انطلاق العمليات العسكرية الأخيرة لتحرير الرمادي (أ.ب)

بدأت القوات الأمنية العراقية المشتركة أمس حملة عسكرية واسعة النطاق لتحرير مناطق داخل مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار. وأعلنت قيادة العمليات المشتركة انطلاق الهجوم من ثلاثة محاور استراتيجية هي الشمالية والجنوبية والغربية للمدينة، وتزامن هذا الإعلان مع الانتصار الكبير الذي حققته القوات العراقية بتحرير منطقة البوحياة الاستراتيجية، التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش، والفاصلة ما بين مدينتي البغدادي وحديثة المحاصرتين، قاطعًا بذلك الإمدادات العسكرية والغذائية والطبية بينهما. واعتبر خبراء عسكريون أن التنظيم تلقى هزيمة قاسية وصفوها بـ«كسر الظهر»، بعد تحرير المنطقة المذكورة، والتي كان يراهن عليها التنظيم المتطرف بعدم خسارتها على الإطلاق.
وفيما تقدمت القوات العراقية إلى أحياء في داخل الرمادي، تمكنت عشرات العائلات المحاصرة من اللجوء إلى تلك القوات هربًا من المسلحين الذين انسحبوا نحو مناطق أخرى. وقال الناطق الرسمي بلسان قيادة العمليات المشتركة العميد يحيى رسول الزبيدي لـ«الشرق الأوسط»: إن «القوات العراقية بكل صنوفها، وبمشاركة فاعلة من قبل مقاتلي العشائر العراقية وبمساندة من قبل طائرات التحالف الدولي وطيران الجيش العراقي شرعت في الدخول إلى الرمادي والعمل على تحريرها من سيطرة (داعش) الإرهابي من ثلاثة محاور، وهي تتقدم قوات عسكرية تابعة لقيادة عمليات الأنبار من القاطع الشمالي للمدينة، بينما تتقدم قوات مكافحة الإرهاب من المحور الجنوبي، وتواصل قطعات عسكرية تابعة للواء 17 في الجيش العراقي وقوات مساندة لها من مقاتلي عشائر الأنبار تقدمها من المحور الغربي للمدينة».
وأضاف الزبيدي أن «هناك ارتباكًا واضحًا في صفوف المسلحين، وعمليات انسحاب متواصلة لهم أمام تقدم قطعاتنا العسكرية. أتاحت هروب العشرات من العائلات من الحصار الذي فرضه التنظيم الإرهابي. وتوجهت أكثر من 80 عائلة نحو قطعاتنا العسكرية التي أمنت لها طريق الوصول إلى مدينة الخالدية، وقدمت لأفرادها الإسعافات العاجلة، فيما تستمر عائلات أخرى من الهرب من الحصار».
وأشار الزبيدي إلى أن «فرق الجهد الهندسي التابعة للجيش العراقي تعمل على إزالة العبوات الناسفة التي زرعها مسلحو التنظيم في الطريق الرابط بين المدينتين، وفككت أكثر من 582 عبوة ناسفة حتى الآن، وهي مستمرة في تطهير الطريق بالكامل لفتحه أمام الشاحنات والعجلات لإغاثة الأهالي وإيصال المواد الغذائية والطبية لهم بشكل مستمر».
وكانت وزارة الدفاع العراقية وصفت منطقة البوحياة في الأنبار بأنها مهمة وحيوية، وأن تحريرها قطع الإمدادات على عناصر «داعش» وكسر شوكتهم في المحافظة. وقال قائد القوات البرية الفريق الركن رياض العبيدي، الذي زار المنطقة المحررة برفقة قائد عمليات الجزيرة والبادية اللواء علي إبراهيم دبعون وقائد الفرقة السابعة اللواء نومان عبد نجم الزوبعي، حيث واكبتهم «الشرق الأوسط» إن « البوحياة تعد من المناطق الحيوية والمهمة، وبتحريرها استطاعت قواتنا المسلحة قطع طرق الإمدادات على العصابات الإرهابية وكسر شوكتهم في محافظة الأنبار».
وأضاف العبيدي: «لقد أسهم هذا التحرير في عودة سكان المنطقة إلى منازلهم، كما عاد سكان المناطق المجاورة لمنطقة البوحياة إلى منازلهم أيضًا بعد أن لمسوا الأمان والاستقرار على يد قواتنا المسلحة، والدور الكبير لقيادة عمليات الجزيرة والبادية في تحرير المنطقة، وانتشلت أكثر من 258 جثة لمسلحي التنظيم إثر هزيمتهم».
على صعيد آخر، أعلنت خلية الإعلام الحربي في بيان أن مدفعية الفرقة الثامنة دمرت مستوصفا تابعا لعناصر التنظيم الإرهابي في جزيرة الخالدية وقتلت وجرحت من فيه، كما قتلت عددا من قناصيه في منطقة حصيبة الشرقية. وأكدت تدمير ثمان مقار للتنظيم في الرمادي من قبل سلاح الطيران العراقي والدولي، وقتل عشرات المسلحين الذين كانوا موجودين فيها بمنطقة البوعلي الجاسم والبوذياب في المحور الشمالي للمدينة.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».