كولينا أعظم حكم في التاريخ يعود إلى أولد ترافورد

نظرته الصارمة كفيلة بجعل المحتج على قراراته يدرك أنه يخوض معركة خاسرة

كولينا
كولينا
TT

كولينا أعظم حكم في التاريخ يعود إلى أولد ترافورد

كولينا
كولينا

يأتي ديفيد بيكام بأفضل اللاعبين في جيله إلى مدينة مانشستر اليوم للمشاركة في مباراة لصالح الأطفال تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف). وسينزل إلى أرضية الملعب التي ستقام عليها المباراة الخيرية زين الدين زيدان ولويس فيغو وريان غيغز - بينما تديرها شخصية لا تقل نجومية عن هؤلاء اللاعبين الأفذاذ.
وهناك قول مأثور مفاده أن «الإيطاليين يفعلونها أفضل»، سواء كان في مجال الطهي أو السيارات أو الموضة، بل إن بعضًا من أكثر أعمال الفن المعماري ابتكارًا وإبداعًا تأتي من إيطاليا. ولا يختلف الأمر في عالم كرة القدم. لقد قدمت إيطاليا إلى الملاعب اثنين من أعظم حراس المرمى في تاريخ اللعبة هما جيان لويجي بوفون ودينو زوف. كما يحق للإيطاليين أن يتباهوا بمدافعين من أمثال باولو مالديني وفرانكو باريزي، ولا ينبغي أن ننسى اللاعبين الإيطاليين العظام الذين أمتعونا بأدائهم روبرتو باجيو وأليساندرو ديل بيرو وفرانسيسكو توتي. لكن من بين كل النجوم الكبار الذين كانوا وراء شهرة الدوري الإيطالي الممتاز «سيري إيه»، يبرز رجل واحد ساعده طوله الفارع وملامحه الحادة المخيفة في أن يحظى بأقصى درجات الاحترام بين جميع الأفذاذ الذين ذكرناهم سلفًا. هذا الرجل كان أعظم حكم ساحة على الإطلاق: إنه بيير لويجي كولينا.
كولينا، شأنه شأن كثير من الصبية الإيطاليين في طفولتهم، كان يحمل شغفًا حقيقيًا نحو كل ما هو على صلة بكرة القدم. ومثل كثير منا، لم يكن كولينا أكثر اللاعبين موهبة وكان عليه أن يجمع بين اللعب لصالح فريقه المحلي الهاوي مع الدراسة في بلدته بولونيا. وبطول 6.2 قدم، كان كولينا يتمتع بالبنية المثالية للعب في مركز قلب الدفاع بفريقه المحلي. وخلال فترة الدراسة في جامعة بولونيا، أنهى دورة دراسية في التحكيم في سن السابعة عشرة، وهو الأمر الذي تفوق فيه على نفسه. وبعد التخرج من الجامعة بدرجة علمية في الاقتصاد عام 1988، انطلقت مسيرة كولينا في عالم التحكيم حيث بدأ يدير المباريات في «سيري سي 1» و«سي 2». ولم يمر وقت طويل قبل أن يحصل على ترقية إلى «سيري بي». وبينما كانت مسيرة كولينا التحكيمية في تقدم، تعرض لإصابة شديدة بمرض الثعلبة، تسببت في سقوط كامل ودائم للشعر. وأصبحت رأسه الصلعاء واحدة من ملامحه الأكثر تميزًا. وبنهاية تسعينات القرن الماضي، أصبح كولينا يدير بانتظام المباريات في «سيري إيه»، وسرعان ما صنع لنفسه اسما واكتسب شهرة كواحد من أفضل الحكام في الدوري الإيطالي. ولم يكن حكمًا عاديا حيث نال بسرعة احترام اللاعبين والمديرين الفنيين والمشجعين. فلو اتخذ قرارًا، يكون نهائيًا ويدرك الجميع ذلك. وفي حال حاول واحد من المغرورين في الدوري الإيطالي مجادلته، فإن نظرة طويلة وصارمة من عيني كولينا الزرقاوين الحادتين كفيلة بأن تجعله يدرك أنه يخوض معركة خاسرة. لقد كان كولينا أطول من غالبية اللاعبين وشخصية مخيفة في أرضية الملعب تحيط به هالة من المهابة تجعله القائد بلا منازع.
ومع قدوم الألفية الجديدة، أصبح كولينا أيقونة من أيقونات «سيري إيه» بل واكتسب شهرة عالمية. واختير لإدارة أهم المباريات في موسم كرة القدم الأوروبية، حيث تولى تحكيم نهائي دوري أبطال أوروبا «الشامبيونز ليغ» عام 1999 في برشلونة الذي جمع بين فريقي مانشستر يونايتد وبايرن ميونيخ. ثم نال شرف إدارة أرفع مباراة في عالم كرة القدم، وهي نهائي كأس العالم في اليابان عام 2002 الذي شهد مواجهة بين منتخبي ألمانيا والبرازيل. كانت هذه هي السمة المميزة لمسيرته التحكيمية حتى أنه أسند إليه أيضًا بعد عامين نهائي بطولة أوروبا. وهكذا رسخ كولينا مكانته عن جدارة كأعظم حكم في العالم. وبحلول منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة، كان كولينا قد فاز بجائزة الفيفا لأفضل حكم في العام للموسم السادس على التوالي. لقد كان رائدًا وغيّر بحق أسلوب التحكيم في اللعبة. وكانت المرة الأخيرة التي نرى فيها حملقته الشهيرة بعينيه الواسعتين عام 2005 عندما أنهى كولينا مسيرته التحكيمية المتألقة في سن الخامسة والأربعين.
جاء ذلك قبل عام من الموعد المقرر، حيث دفعت سمعته وشهرته اتحاد كرة القدم الإيطالي إلى رفع السن القانوني للحكام من 45 إلى 46 عامًا لكي يسمح لكولينا بالتحكيم في كأس العالم 2006. لكن كما العهد دائمًا في إيطاليا، لا بد من إثارة بعض الجدل ليسعى كولينا إلى تقاعد مبكر بعد نزاع مع الاتحاد حول عقد رعاية في أغسطس (آب) 2005. وعندما وصل الأمر إلى التشكيك في احترافيته، قرر كولينا الرحيل. وصرح كولينا «بعد 28 عامًا قررت أن أتقدم باستقالتي... ينبغي أن يؤمن الناس بالحكم. في نهاية المطاف، خسرنا جميعًا. لقد نمت في الليالي القليلة الأخيرة ساعات أقل مما نمتها عشية نهائي كأس العالم».
وبعدما تخلى كولينا أخيرًا عن صافرته في 2005، استغل الدرجة العلمية التي نالها في الاقتصاد وبدأ مسيرة مهنية ناجحة كمستشار مالي. لكنه ظل على صلة مع اللعبة عبر المشاركة في برامج إعلامية والإدلاء بأحاديث عامة، كما أنه وجد الوقت الكافي لينشر كتابه الأول «قواعد اللعبة». وفي 2011. انضمت صورته إلى قاعة مشاهير كرة القدم الإيطالية، في تكريم يضاف إلى الجوائز الأخرى الرفيعة التي نالها خلال مشواره المهني. لكن جسد وذهن كولينا لم يغادرا في الواقع ملاعب كرة القدم. لقد أصبح رئيس لجنة الحكام في الاتحاد الأوكراني لكرة القدم وواصل الظهور في المباريات الخيرية. وهكذا عندما يقود السير أليكس فيرغسون اليوم فريقًا عامرًا بلاعبي مانشستر يونايتد السابقين ويحاول كارلو أنشيلوتي التوليف بين المواهب الهجومية لرونالدينهو وباتريك كلوفيرت ولويس فيغو وزين الدين زيدان في نفس الفريق، فعلى الأقل سيحظون جميعًا بحكم جدير بهذه الصحبة الرفيعة: أعظم حكم ساحة في التاريخ.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».