سقوط عشرات القتلى والجرحى في تفجير مزدوج هز الضاحية الجنوبية لبيروت

انتحاريان فجرا نفسيهما في منطقة برج البراجنة.. والعثور على جثة ثالث

جموع من المواطنين في الموقع الذي استهدفه تفجيران كبيران في برج البراجنة بضواحي بيروت الجنوبية أمس (أ.ب)
جموع من المواطنين في الموقع الذي استهدفه تفجيران كبيران في برج البراجنة بضواحي بيروت الجنوبية أمس (أ.ب)
TT

سقوط عشرات القتلى والجرحى في تفجير مزدوج هز الضاحية الجنوبية لبيروت

جموع من المواطنين في الموقع الذي استهدفه تفجيران كبيران في برج البراجنة بضواحي بيروت الجنوبية أمس (أ.ب)
جموع من المواطنين في الموقع الذي استهدفه تفجيران كبيران في برج البراجنة بضواحي بيروت الجنوبية أمس (أ.ب)

عادت التفجيرات لتهز الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، معقل حزب الله، حيث وقع مساء أمس انفجار مزدوج نفذه انتحاريان أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى، فيما عثر على جثة انتحاري ثالث لم يتمكن من تفجير نفسه، بحسب ما أعلن الجيش اللبناني. وأدانت مختلف القوى السياسية الحادث الأمني الكبير، فيما نقلت الوكالة الوطنية للإعلام عن رئيس الحكومة تمام سلام إعلان الحداد العام وإصدار مذكرة إدارية قضت بإعلان وإقفال المؤسسات العامة والمدارس العامة والخاصة اليوم الجمعة، قبل أن ينفى الخبر.
الجيش اللبناني أفاد في بيان له أنّ «إرهابيا فجّر نفسه في برج البراجنة تلاه إرهابي آخر قام بتفجير نفسه بالقرب من الموقع الأوّل»، كما أوضح مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية أن «انتحاريين يرتديان حزامين ناسفين دخلا سيرا على الأقدام إلى شارع (في منطقة برج البراجنة) حيث أقدما على تفجير نفسيهما بالقرب من مركز تجاري، بفارق سبع دقائق بينهما». وتسبب التفجيران اللذان وقعا قرابة الساعة السادسة مساء في شارع شعبي مكتظ بمنطقة عين السكة في برج البراجنة، بمقتل «37 شخصا بالإضافة إلى إصابة أكثر من 180 بجروح» توزعوا على مستشفيات المنطقة، وفق الصليب الأحمر اللبناني.
إثر وقوع التفجير فرضت القوى الأمنية طوقا في المكان وسط حالة من الهلع في صفوف السكان، وكلف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر الشرطة العسكرية ومديرية المخابرات في الجيش اللبناني، إجراء التحقيقات الأولية، بحسب ما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام.
وأفادت قوى الأمن الداخلي بقطع الطريق من مبنى البلدية في برج البراجنة باتجاه عين السكة بسبب الانفجارين، كما تم قطع طريق نزلة الرسول الأعظم في برج البراجنة.
وأشار مصور لوكالة الصحافة الفرنسية في المكان إلى تناثر أشلاء بعض الجثث ووجود بعضها الآخر داخل محال تجارية ووجود بقع كبيرة من الدماء على الأرض، لافتا إلى تجمع المئات من سكان المنطقة حيث وقع التفجيران، وعمل بعضهم على نقل المصابين في سيارات مدنية إلى المستشفيات المجاورة قبل وصول سيارات الإسعاف. ووجهت المستشفيات القريبة من موقع الانفجارين نداءات إلى المواطنين للتبرع بالدم. وقال شاب يملك محلا في المنطقة ويدعى زين العابدين خدام لإحدى القنوات التلفزيونية «إن الانفجار حدث بعد وصوله بدقائق»، مضيفا: «حملت بين يدي أربعة (شهداء) هم صديقي وثلاث سيدات محجبات».
جدير بالذكر أن الضاحية الجنوبية، معقل حزب الله، كانت قد بتفجيرات عدة بين 2013 و2014، كان آخرها في شهر يونيو (حزيران) 2014 في م
نطقة الطيّونة قرب حاجز للجيش، وكان أكثرها دموية ذلك الذي وقع في منطقة الرويس نتيجة سيارة مفخخة في 15 أغسطس (آب) 2013 وقتل فيه 27 شخصا. ولقد تبنّت غالبية التفجيرات مجموعات متشدّدة، قائلة إنها رد على مشاركة الحزب في المعارك إلى جانب نظام بشار الأسد في سوريا وإرساله آلاف من المقاتلين لدعم النظام المدعوم مباشرة وميدانيًا من إيران. ومنذ ذلك الحين، تنفذ إجراءات أمنية مشددة في المنطقة من قبل حزب الله والأجهزة الأمنية.
من ناحية ثانية، بينما أكّد وزير الداخلية نهاد المشنوق، إثر وقوع التفجيرين، أن حكومته لن تتوانى «عن ملاحقة المجرمين أينما وجدوا»، أدان رئيس الحكومة السابق، النائب سعد الحريري باسمه وباسم «تيار المستقبل» ما وصفه بـ«الاعتداء الإرهابي الآثم»، وأكد أنّ «استهداف المدنيين عمل دنيء وغير مبرّر، لا تخفف من وطأته أي ادعاءات، وأن قتل الأبرياء جريمة موصوفة بكل المعايير من برج البراجنة إلى كل مكان».
كذلك علق رئيس مجلس النواب نبيه برّي على ما حدث بقوله «إنهم يريدون تعطيل البلد ويجب ألا نوافقهم على هذا التعطيل». وفي بيان لها، دعت حركة أمل التي يرأسها برّي، جميع اللبنانيين إلى «تعزيز وحدتهم الوطنية والالتفاف حول الجيش والقوى الأمنية لرد كيد الحاقدين المجرمين وحفظ أمن واستقرار بلدنا الحبيب الذي برزت صيغته مع انعقاد الجلسة التشريعية وانكشاف الكثير من الخلايا التخريبية التابعة لمصادر الإرهاب وكذلك الخلايا التابعة لإسرائيل».
من جهته، أدان النائب وليد جنبلاط، رئيس جبهة «النضال الوطني» وزعيم الحزب التقدمي الاشتراكي، انفجار برج البراجنة داعيًا «لرصّ الصفوف على المستوى الداخلي والترفع عن الخلافات والتجاذبات السياسية لقطع الطريق على عودة التفجيرات التي لم تميز يومًا بين منطقة أو بلدة، بل استهدفت اللبنانيين جميعًا في أمنهم واستقرارهم». وشدّد جنبلاط على «ضرورة التوقف عند خطورة هذا الحدث الأمني الكبير واستخلاص العبر والدروس للحفاظ على السلم الأهلي في لبنان لا سيما في هذه اللحظة الإقليمية الملتهبة والمعقدة».
وفي تعليقه قال رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون «أمام فظاعة هذه الجريمة تنحسر الكلمات لتنفجر ثورة المشاعر»، سائلا: «كم من الانفجارات يجب أن تحدث بعد ليقتنع الجميع بوجوب اقتلاع الإرهاب التكفيري». وأشار رئيس تيار المردة، النائب سليمان فرنجية إلى أنّه «حتى الاستنكار لم يعد مجديا أمام مشهد (الشهداء) الأبرياء في برج البراجنة، منح الله أهلهم الصبر والعزاء ومنح الجرحى الشفاء ونجّى وطننا من شرّ الإرهاب».



مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».