قيادات «النهضة» تستبعد فرضية الانفراد بالحكم في تونس

في ظل الصراع الدائر بين رأسي الزعامة في حركة النداء

قيادات «النهضة» تستبعد فرضية الانفراد بالحكم في تونس
TT

قيادات «النهضة» تستبعد فرضية الانفراد بالحكم في تونس

قيادات «النهضة» تستبعد فرضية الانفراد بالحكم في تونس

حيدت أكبر الأحزاب السياسية التونسية حكومة الحبيب الصيد من الصراع الدائر بين رأسي القيادة في حركة نداء تونس، واستبعدت قيادات حركة «النهضة» فرضية الانفراد من جديد بمسؤولية الحكم، بينما أكدت تصريحات قيادات «النداء» أن الأزمة الداخلية لا يمكن أن تطال الحكومة.
وقال وليد جلاد، أحد نواب مجموعة الـ32 المستقيلة، إن هذه الاستقالة لن يكون لها أي تأثير على سير مؤسسات الدولة، وإن هذا القرار قابل للتطور والتعديل في حال الاستجابة لمطالبهم، وفتح باب الحوار، واعتبر «استقرار البلاد خطا أحمر» بالنسبة إليهم.
ولمحت قيادات من حزب النداء إلى احتمال استعمال المجموعة المستقيلة ورقة الاستقالة للضغط السياسي لا غير، محاولة الاستفادة من حالة الضعف التي يعاني منها حزب النداء، والتموقع السياسي من جديد في هرم القيادة.
وفي معسكر حركة النهضة المتهمة بدعم شق حافظ الباجي قائد السبسي على حساب محسن مرزوق، قال أسامة الصغير، المتحدث باسم «النهضة»، لـ«الشرق الأوسط» إن «الحركة لن تنتهز الفرصة وتحاول الاستفادة من تأزم الوضع داخل (نداء تونس)»، مضيفا أن البلاد تحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى العمل المجدي، والدفع إلى الأمام وتغليب المصلحة العامة، تفاديا للسقوط في الفوضى وعدم الاستقرار.
وبشأن استقالة 32 نائبا من الكتلة البرلمانية لحركة «نداء تونس»، أكد الصغير أن ذلك يدخل في إطار الضغط المتبادل بين الشقين المتصارعين، ورجح أن يعمد أصحاب هذه الاستقالة إلى التراجع عنها قبل مرور خمسة أيام.
وبعيدا عن الأزمة الداخلية المهددة للحزب الفائز بالأغلبية داخل البرلمان، ثمن الصغير موقف الشقّين في حزب «نداء تونس» لدعمهما الواضح لحكومة الصيد، واعتبر ذلك نقطة إيجابية في ظل محافظة كل الأطراف السياسية على تعهداتها تجاه الحكومة، مضيفا أن تونس في حاجة ماسة إلى استكمال تركيز المحكمة الدستورية، والاهتمام بموعد الانتخابات المحلية، وتنفيذ حزمة كبرى من الإصلاحات الاقتصادية.
وتستبعد معظم التحاليل السياسية عودة حركة النهضة بقوة لصدارة المشهد السياسي واستعادة نفوذها في الحكم، وترى أن مشاركتها الحالية في إدارة الشأن العام «تكفيها وتبقيها بعيدا عن الصراعات السياسية»، خصوصا مع التيارات اليسارية. وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي التونسي صلاح الدين الجورشي إن ما يجري داخل «نداء تونس» يصب في مصلحة «النهضة»، لكنه يضعها في الآن نفسه أمام خيارات صعبة، واستبعد توجه حركة النهضة نحو إحداث تغييرات جذرية داخل الحكومة، وقال إن هذه الخطوة ستدفع بـ«النهضة» إلى واجهة الصراع السياسي الداخلي من جديد، وما ينجر عن ذلك من عودة الشكوك الدولية حول محاولة سيطرتها على السلطة.
وفي حال تمسك مجموعة البرلمانيين بالاستقالة فإن تركيبة البرلمان ستنقلب، وتقلب معها الموازين لصالح «النهضة»، الذي يشغل 69 مقعدا برلمانيا، بينما ستتقلص مقاعد «نداء تونس» من 86 مقعدا إلى 54 مقعدا بعد استقالة 32 من أعضائه، وقد يؤدي هذا الأمر إلى عودة النهضة بقوة لصدارة المشهد السياسي، واستعادة نفوذها في الحكم اعتمادا على الدستور التونسي، الذي ينص على أن الحزب صاحب أكثرية النواب في البرلمان هو الذي يكلف بتشكيل الحكومة.
وبشأن الخطوات الدستورية الضرورية لحل الحكومة في حال تغير تركيبة الكتل البرلمانية، قال قيس سعيد، الخبير الدستوري التونسي، لـ«الشرق الأوسط» إن موافقة الأغلبية المطلقة من أعضاء البرلمان تعد شرطا أساسيا لسحب الثقة من الحكومة مع أن الوضع الحالي ومعظم التصريحات تصب في خانة المحافظة على حكومة الحبيب الصيد، وعدم وجود نية على الإطلاق للإطاحة بها.
وأضاف سعيد أن اللجوء إلى انتخابات برلمانية مبكرة قد يكون من بين السيناريوهات المحتملة، إلا أن هذا الإجراء قد يصطدم بعدة مراحل نص عليها الفصل 97 من الدستور التونسي، وهي تتمثل في توجيه لائحة من اللوم ضد الحكومة والتصويت عليها بعد تقديم طلب معلل من قبل ثلثي أعضاء البرلمان على الأقل. وفي خطوة أخرى، يمكن لرئيس الحكومة ومن تلقاء نفسه أن يطرح على البرلمان التصويت على الثقة الممنوحة للحكومة، ومن ثم مواصلتها لنشاطها من عدمه، وإن فشلت في الحصول على الأغلبية المطلقة، فإنها تعتبر مستقيلة.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.