نبيه بري يصف الحملة ضده بـ«زبالة سياسية» أكبر من النفايات

رئيس مجلس النواب اللبناني أكد أنه ملتزم بـ«تشريع الضرورة».. ولن يؤجل جلسة البرلمان دقيقة واحدة

نبيه بري يصف الحملة ضده بـ«زبالة سياسية» أكبر من النفايات
TT

نبيه بري يصف الحملة ضده بـ«زبالة سياسية» أكبر من النفايات

نبيه بري يصف الحملة ضده بـ«زبالة سياسية» أكبر من النفايات

أعلن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أن جدول أعمال الجلسة التشريعية التي دعا إليها يومي الخميس والجمعة لا تخرج عن «تشريع الضرورة»، مؤكدًا حرصه على «الميثاقية» التي أنشأها هو، على حد تعبيره، في لقاء جمعه مع مجلس نقابة الصحافة.
وفيما وصف بري الوضع الأمني في لبنان بـ«الأفضل» ليس في البلاد العربية فحسب، بل أيضًا في منطقة الشرق الأوسط، رأى أنّه «في السياسة لا شيء جيد، بدءا من نفاياتنا وصولا إلى مؤسساتنا، فلا يوجد رئاسة جمهورية، ولا مجلس نيابي ولا حكومة يعملان». وقال: «الآن مثلا هناك حملة طويلة عريضة قائمة علي لأنني أريد أن أعقد جلسة لمجلس النواب. كنت أضع كل ثقلي لدعم الحكومة من أجل أن تعمل لأنه إذا كان المجلس النيابي قادرا على الانتظار، فالحكومة لا تستطيع الانتظار لأن عملها يومي وتنفيذي، والمجلس يمكن أن يأخذ بعض الوقت، ولذلك نرى أن جلسات الحكومة غير الاستثنائية تعقد كل أسبوع».
وشدّد بري على أنّه لن يتخلى عن ميثاقية الجلسة، مضيفًا: «هناك أقطاب موارنة وهناك مسيحيون يحضرون. لماذا التذرع بالميثاقية؟ لماذا يؤخذ هذا الموضوع حجة لتعطيل البلد؟».
وأضاف: «هذه المسألة المفتعلة (قضية الجلسة التشريعية) لها ميزة واحدة، أنها أنست الناس الكثير من النفايات، لأننا وصلنا إلى زبالة سياسية أكبر». وأكد أنّ للمجلس الحق أن يشرع في كل الأمور «ولكن نحن في بلد توجد فيه حساسية، والدعوة لجلسة تشريعية تحدث حساسية، لذا لجأت إلى التروي حفاظًا على العيش المشترك وعلى علاقتنا، وليس كما يحكى الآن أن القصة قصة ميثاقية، الميثاقية ليست كذلك. أنا من أنشأ الميثاقية، ولكن بمعنى أنه عندما يكون هناك طرف بالكامل غائب عن الجلسة». وأوضح: «أما في الحالة المتعلقة الآن بدعوتي للجلسة التشريعية، فإن جدول أعمال الجلسة اليوم لا يخرج عما سميناه تشريع الضرورة، وإذا كان هناك اقتراح من الاقتراحات فإن الرئاسة ومكتب المجلس لا تمون على هذه الأمور، وبالمستطاع التقدم باقتراح معجل مكرر ومجبورون على طرحه. وإذا وجدنا شيئا ليس ضروريًا فإنني لن أمرره».
وشرح بري المشكلات ولا سيما منها المتعلقة بالقروض الدولية التي قد تلغى إذا لم تتخذ القرارات وإقرار القوانين بشأنها قبل نهاية العام الحالي، منبهًا إلى تحذيرات وصلته بخفض تصنيف لبنان، مما يستتبع فرض إجراءات مشددة على التحويلات المالية إليه من الخارج، ومن ضمنها تحويلات المغاربيين التي تقارب 7.5 مليار دولار سنويا.
وفيما يتعلّق بقانوني الانتخابات واستعادة الجنسية اللذين تطالب الأحزاب المسيحية بإدراجهما على جدول الأعمال، أوضح بري: «دعوت لاجتماع مكتب المجلس لتقرير جدول الأعمال، وقبلها قال تكتل (التغيير والإصلاح) إنه لن يشارك في الجلسة إلا إذا كان هناك بندان على الجدول. قالوا في البداية إما قانون الانتخاب وإما قانون استعادة الجنسية وأبدوا استعدادهم لتقديم اقتراح قانون معجل مكرر لاستعادة الجنسية، وقد تقدموا بالاقتراح مع القوات اللبنانية ودرسناه في كتلة (التنمية والتحرير) وقلت: أنا متعاطف مع الاقتراح، ولكن طبعا هناك بعض الإشكالات أو الملاحظات تحصل في كل قانون يناقش خلال الجلسة».
وحول قانون الانتخاب قال: «هناك 17 قانون انتخاب فأي قانون نطرح؟ المفروض أن تقرر اللجان النيابية هذا الأمر. ألم تشكل لجنة نيابية مؤلفة من ممثلين للكتل لدرس هذا الموضوع سعيًا إلى تفاهم بين الأحزاب والقوى وعندها يمكن الدعوة إلى جلسة الثانية عشرة منتصف الليل».
وكشف بري أنّ كلا من النائبين جورج عدوان وإبراهيم كنعان طلبا منه وعدا بأن يكون قانون الانتخاب على جدول أعمال الجلسة المقبلة، «فأجبتهما: وعد بأي قانون؟ عندما تتفقان على قانون ليس على جلسة مقبلة، بل أحدد جلسة خاصة من أجله، هذا الموضوع يحتاج إلى تفاهم وطني». وشدد على أنه لن يؤجل الجلسة «ولو دقيقة واحدة». وفيما أكد أنه مع قانون الانتخابات الذي ينص على أن لبنان دائرة انتخابية واحدة رأى أنّ تطبيقه صعب، قائلا: «أنا مع القانون الذي تقدمت به حكومة الرئيس ميقاتي 13 دائرة والنسبية، ووصلت بالنهاية أن تقدم عضو كتلتي باقتراح يعتمد 64 نائبا على الأكثري و64 على النظام النسبي».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.