القضاء العراقي يفتح تحقيقًا حول ملفات الجلبي بشأن غسل الأموال ومزادات المركزي

فجرّ زعيم المؤتمر الوطني العراقي ورئيس اللجنة المالية في البرلمان السياسي الراحل أحمد الجلبي، قنبلة من الوزن الثقيل تتعلق بملف خطير، أثار لغطًا سياسيًا واسع النطاق، بشأن تهريب العملة الأجنبية عبر مزاد البنك المركزي. وكان الجلبي أودع هذا الملف إلى جهات وشخصيات عدة قبيل وفاته التي لا تزال غامضة الأسبوع الماضي، من بينها المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني إضافة إلى آخرين، طالبا منهم تحريكها والكشف عن خفاياها، فيما لو حصل له مكروه. وكان موت الجلبي المفاجئ الأسبوع الماضي ترك علامات استفهام، أجبرت عائلته على تكليف خبراء أجانب بأخذ عينات من جثته لزرعها، والتأكد فيما إذا كانت وفاته طبيعية أم بفعل جهات مجهولة، قبل أن يوارى الثرى بعد يومين من إعلان الوفاة في صحن الإمام موسى الكاظم بمدينة الكاظمية.
وفي هذا السياق، أعلن مجلس القضاء الأعلى في بيان له أمس عن فتح تحقيق بالملفات التي كان السياسي الراحل أودعها لدى رئيس مؤسسة «المدى» فخري كريم. وأضاف أنه «تم التداول بين رئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس محكمة التمييز الاتحادية ورئيس الادعاء العام ورئيس هيئة الإشراف القضائي ورئيس محكمة استئناف بغداد/ الرصافة، حول الموضوع واستنادا إلى أحكام المادة [35 / ثالثا] من قانون التنظيم القضائي، لعام 1979، تقرر تشكيل هيئة تحقيقية قضائية، للنظر في تلك الوثائق التي تبلغ عدد صفحاتها 41 صفحة». وأشار البيان إلى أن «الهيئة التحقيقية متكونة من قضاة محكمة تحقيق النزاهة والجريمة الاقتصادية، وأن الادعاء العام سيمثل أمام الهيئة التحقيقية لإبداء طلباته والمتابعة، وسينفذ هذا القرار اعتبارا من أمس ( 10 / 11 / 2015».
من جهتها، أعلنت اللجنة المالية في البرلمان العراقي عن استمرارها في متابعة الملف. وقال نائب رئيس اللجنة والمرشح الوحيد لرئاستها فالح الساري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن: «اللجنة سوف تتابع كل الملفات التي تركها الراحل الجلبي، أولا كجزء من وفائنا له، لأنه هو مَنْ تحمل هذه المهمة الصعبة، رغم ما فيها من مخاطر كونها تتعلق بمافيات فساد محمية بطرق وأشكال مختلفة، وثانيا، لأنه بعد أن بدأ القضاء العراقي وبعد سباته الطويل، بتحريك هذا الملف ولأول مرة وفتح تحقيقات فيه، فإن اللجنة كلها وليست أفرادا سوف تبدأ بفتح ملفات أخرى غاية في الأهمية، مثل ملف الطائرات التشيكية ووزارة المالية والعقارات وغيرها من الملفات التي لم يعد ممكنا السكوت عليها».
وأضاف الساري الذي ينتمي إلى المجلس الأعلى الإسلامي إن: «هناك نقطة مهمة، وهي أن اللجنة المالية لم تكن مكلفة بمتابعة ملفات الفساد التي هي من إختصاص (لجنة النزاهة)، بيد أن الدكتور الجلبي أخذ هذا الأمر على عاتقه، وبات الأمر من مهمات اللجنة البرلمانية أيضا، بعد أن بدأ القضاء يستجيب إلى تحريك الدعاوى، وهو أمر نتمنى له الاستمرار، بعد أن كان في المرات السابقة لا يستجيب إلى أي دعوى أو شكوى إذ كان دور القضاء غائبا تماما، وهو يتحري الآن نحو 140 ملف فساد تخص شركة ومصرفا واحدا هو (مصرف الهدى)، طبقا لما جرى من تحويلات مالية للسنوات 2011 و2012 و2013، إضافة إلى ملفات أخرى كثيرة سيتم التعامل معها خلال المرحلة المقبلة».
إلى ذلك، أكد الخبير الاقتصادي باسل جميل أنطوان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن: «ملف بيع العملة يعد واحدا من أخطر الملفات التي تركت تأثيرا كبيرا على الاقتصاد الوطني، حيث تم فتحه تحت ذريعة انتقال العراق إلى اقتصاد السوق، ولكن ما حصل هو عمليات فساد كبرى كشفت عن عناصر فاسدة ومدعومة من جهات متنفذة وغسيل أموال وسرقات علنية لأموال البلاد وبمليارات الدولارات طوال السنوات الماضية». وأشار إلى أن: «كل ذلك كان يجري بذريعة الاستثمار، لكن من دون أن يكون هناك أي تنسيق مع الجهات المسؤولة مثل الجمارك والرقابة الأمنية وغيرها من الجهات التي تقع على عاتقها حماية الأموال العامة العراقية».