بيونغ يانغ تطلق صاروخين يمكنهما الوصول إلى أي موقع في كوريا الجنوبية

ثاني تجربة خلال أربعة أيام تزامنت مع تدريبات عسكرية أميركية مع سيول

بيونغ يانغ تطلق صاروخين يمكنهما الوصول إلى أي موقع في كوريا الجنوبية
TT

بيونغ يانغ تطلق صاروخين يمكنهما الوصول إلى أي موقع في كوريا الجنوبية

بيونغ يانغ تطلق صاروخين يمكنهما الوصول إلى أي موقع في كوريا الجنوبية

أجرت كوريا الشمالية، أمس، تجربة صاروخية جديدة أطلقت خلالها صواريخ قصيرة المدى باتجاه البحر قبالة سواحلها الشرقية، وذلك بعد أربعة أيام من تجربة مماثلة، مما دفع جارتها الجنوبية إلى تحذيرها من «استفزازاتها الرعناء». وبهذه التجربة، بات بإمكان كوريا الشمالية إطلاق صواريخ تصل إلى أي موقع داخل جارتها الجنوبية.
وقالت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية إن صواريخ سكود تطلق عادة باستخدام منصات إطلاق متحركة يمكن تشغيلها بالحد الأدنى من الاستعداد. وهذه المسافة تعني أن بإمكان هذه الصواريخ إصابة أهداف في كوريا الجنوبية واليابان. وقد جرى توقيت التجربة لتتزامن مع التدريبات السنوية المشتركة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة التي بدأت قبل أسبوع وتستمر حتى منتصف أبريل (نيسان). وأطلقت بيونغ يانغ صاروخين أمس حلقا على مسافة تقرب من 500 كيلومتر في بحر اليابان، طبقا لوزارة الدفاع الكورية الجنوبية.
وكانت الدولة الشيوعية أطلقت أربعة صواريخ سكود قصيرة المدى الخميس الماضي.
وأدانت سيول عمليتي الإطلاق ودعت جارتها الشمالية إلى التوقف عن جميع التجارب فورا وقالت إنها ستدرس «الدعوة إلى فرض عقوبات عليها». وقال الناطق باسم وزارة الدفاع، كيم مين سيوك، إن «الشمال يتخذ موقفا يتصف بالازدواجية عندما يطلق مبادرات تصالحية من جهة ويثير استفزازات رعناء من جهة أخرى».
واستنادا إلى مدى الصاروخين اللذين أطلقا أمس، رجحت وكالة الصحافة الفرنسية أنهما من طراز سكود أيضا. وصواريخ سكود هي صواريخ باليستية قصيرة المدى يتراوح مداها بين 300 و800 كيلومتر. وبهذا المدى، يمكن لصواريخ سكود التي يطلقها الشمال أن تطال أي موقع في الجنوب.
واعتادت كوريا الشمالية إجراء مثل هذه التجارب. إلا أن كيم قال إن إطلاق صواريخ سكود يثير القلق بشكل خاص. وأضاف: «نعتقد أن الشمال يجرب مختلف الصواريخ الباليستية ذات المدى المتنوع كعرض للقوة لتهديدنا».
ودعت وزارة الخارجية الأميركية أمس كوريا الشمالية إلى «التصرف بحذر» وعدم «الاستفزاز». وكان الكولونيل ستيفن وارن، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، صرح الجمعة الماضي بأن قرارات مجلس الأمن الدولي تحظر على كوريا الشمالية «إطلاق أي صواريخ باليستية بما في ذلك صواريخ سكود».
وتدين بيونغ يانغ في العادة المناورات المشتركة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة وتصفها بأنها تمرينات على الغزو. وتزامنت هذه التدريبات العام الماضي مع تصعيد حاد وغير معتاد في التوترات العسكرية، أطلقت خلالها بيونغ يانغ تحذيرات كارثية بشن هجمات نووية استباقية. وعلى عكس ذلك، فقد بدأت مناورات هذا العام مع تحسن العلاقات بين الشمال والجنوب. وقد جاءت في الوقت نفسه مع نهاية أول اجتماع للعائلات من الجانبين منذ أكثر من ثلاث سنوات، وهو الحدث الذي أثار الأمل بمزيد من التعاون بين الكوريتين.
وكانت بيونغ يانغ أكدت في البداية ضرورة تأجيل المناورات إلى ما بعد انتهاء تلك اللقاءات بين العائلات التي فرقتها الحرب الكورية. إلا أن سيول رفضت، وسمحت بيونغ يانغ في تنازل نادر، للعائلات باللقاء في أراضيها في الموعد المحدد. ويعتقد معظم المحللين أن تجارب الصواريخ تعكس حاجة بيونغ يانغ إلى استعراض قوتها عقب التنازل الذي قدمته بشأن لقاء العائلات.
والأسبوع الماضي توغل قارب دورية تابع لبيونغ يانغ في حدود البحر الأصفر الذي شهد اشتباكا قصيرا ودمويا في الماضي. ولم يجر إطلاق النار على القارب الذي عاد إلى الحدود الكورية الشمالية بعد تحذيرات من قوات البحرية الكورية الجنوبية.
وبدأت كوريا الجنوبية أمس مناورات بالذخيرة الحية تستمر يومين، تشارك فيها قوات المدفعية والسفن الحربية والمقاتلات بهدف اختبار استعدادها ضد أي توغل كوري شمالي قبالة الساحل الشرقي، بحسب وزارة الدفاع في سيول. ورفضت الوزارة تأكيد تقرير لوكالة الأنباء الكورية الجنوبية (يونهاب) بأن تلك المناورات تشمل مشاركة طائرات من دون طيار ومنصات إطلاق صواريخ متعددة، إضافة إلى أسلحة منوعة أخرى. وتمتلك كوريا الشمالية مئات الصواريخ قصيرة المدى وطورت واختبرت «بنجاح محدود» الكثير من الصواريخ متوسطة المدى.
وشكك معظم الخبراء في مزاعمها بامتلاك صاروخ باليستي عابر للقارات، إلا أنه لا يوجد أي شك في أنها مستمرة في تطوير برنامج صاروخي طموح.



الأزمة الكورية الجنوبية إلى أين... بعد فشل توقيف الرئيس المعزول؟

متظاهرون مؤيدون ليون يحملون علمي كوريا الجنوبية والولايات المتحدة خلال تجمع لدعم الرئيس الكوري الجنوبي المعزول في سيول (رويترز)
متظاهرون مؤيدون ليون يحملون علمي كوريا الجنوبية والولايات المتحدة خلال تجمع لدعم الرئيس الكوري الجنوبي المعزول في سيول (رويترز)
TT

الأزمة الكورية الجنوبية إلى أين... بعد فشل توقيف الرئيس المعزول؟

متظاهرون مؤيدون ليون يحملون علمي كوريا الجنوبية والولايات المتحدة خلال تجمع لدعم الرئيس الكوري الجنوبي المعزول في سيول (رويترز)
متظاهرون مؤيدون ليون يحملون علمي كوريا الجنوبية والولايات المتحدة خلال تجمع لدعم الرئيس الكوري الجنوبي المعزول في سيول (رويترز)

من المتوقع وصول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى سيول مع تفاقم الأزمة والسيناريوهات المحتملة للدولة الحليفة الأساسية بالنسبة إلى الولايات المتحدة.

الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول يلقي خطاباً بالمكتب الرئاسي في سيول (رويترز)

فقد علّق المحقّقون في كوريا الجنوبية تنفيذ مذكرة توقيف أصدرها القضاء بحقّ الرئيس المعزول يون سوك يول لاستجوابه بشأن محاولته الفاشلة قبل شهر فرض الأحكام العرفية في البلاد، بعدما منعهم من ذلك الأمن الرئاسي.

وقال «مكتب التحقيق بفساد كبار المسؤولين»، في بيان، إنّه «فيما يتعلّق بتنفيذ مذكرة التوقيف اليوم، فقد تقرّر أنّ تنفيذها كان مستحيلاً على أرض الواقع بسبب المواجهة المستمرة. إنّ القلق على سلامة الموظفين في الموقع أدّى إلى اتخاذ قرار بوقف التنفيذ».

الشرطة ومحققو مكافحة الفساد يصلون إلى مقر إقامة الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون (أ.ف.ب)

وصباح الجمعة، أعلن المكتب أنّ «تنفيذ مذكرة التوقيف الصادرة بحقّ الرئيس يون سوك يول بدأ». لكن سرعان ما أفادت وكالة «يونهاب» للأنباء أنّ المحقّقين الذين دخلوا مقرّ الإقامة الرئاسي لم يتمكّنوا في الحال من توقيف الرئيس المعزول لأنّ وحدة عسكرية في الداخل تصدّت لهم.

وفي هذا السياق المتوتر، من المنتظر وصول أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كوريا الجنوبية، الدولة الحليفة الأساسية بالنسبة إلى واشنطن في المنطقة التي تواجه فيها تحديات من الصين وكوريا الشمالية.

رئيس وزراء كوريا الجنوبية هان دوك سو (في الوسط) الذي أصبح زعيماً بالنيابة للبلاد بعد عزل الرئيس يون سوك يول (أ.ب)

ووفق سيول، فإنّ التركيز سيكون على كوريا الشمالية التي التزمت حتى الآن الصمت بشأن الأزمة السياسية التي تواجهها جارتها، لكنّ وسائلها الإعلامية تحدّثت، الجمعة، عن حالة «فوضى اجتماعية وسياسية».

وفيما يأتي عرض للسيناريوهات المحتملة في القضية، والأزمة السياسية المتواصلة منذ شهر إثر محاولة الرئيس فرض الأحكام العرفية، قبل انقضاء مهلة مذكرة التوقيف، الاثنين:

محاولة أخرى

يمكن لـ«مكتب التحقيق بفساد كبار المسؤولين» أن يسعى لتنفيذ مذكرة التوقيف مرة أخرى قبل انقضاء مهلتها. وقال المكتب، بعد تعليق محاولة الجمعة، إنه «سيتخذ القرار بشأن الخطوات المستقبلية بعد مراجعة إضافية».

وفي حال توقيف يون قبل الاثنين، ستكون أمام المكتب 48 ساعة لطلب إصدار مذكرة جديدة لتوقيفه رسمياً، أو الإفراج عنه.

وكرّر محامو يون التأكيد أن مذكرة التوقيف الصادرة بحقه «غير قانونية»، متعهدين «اتّخاذ إجراءات قانونية فيما يتعلق بتنفيذ التفويض خلافاً للقانون».

إلى ذلك، اعتبر جهاز الأمن الرئاسي أن عناصر مكتب التحقيق «تطفلوا بشكل غير قانوني» على حرم مقر إقامة يون، مشيراً إلى أنه سيقوم بتحميلهم المسؤولية القانونية عن هذا الأمر.

ورفض اثنان من كبار المسؤولين في الحماية الرئاسية طلب الشرطة الحضور للاستجواب، السبت، وبرّرا ذلك بـ«الطبيعة الجدية» لمهمة حماية يون، حسب بيان اطلعت عليه «وكالة الصحافة الفرنسية».

حتى في حال لم يتمكن مكتب التحقيق من توقيف يون قبل السادس من يناير (كانون الثاني) يناير، يمكن أن يطلب إصدار مذكرة جديدة صالحة لسبعة أيام. كما يمكن لها أن تكون أشدّ، وتتيح إبقاء الرئيس موقوفاً أكثر من 48 ساعة.

مذكرة جديدة

ويرجح خبراء أن يوافق القضاء الكوري الجنوبي على إصدار مذكرة جديدة أكثر صرامة من سابقتها، نظراً لأن الرئيس المعزول رفض تلبية المذكرة القائمة، وسبق له أن رفض 3 مرات التجاوب مع مذكرات استدعاء لكي يتمّ استجوابه.

وقال المحلل السياسي بارك-سانغ بيونغ لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن المذكرات الأشد صرامة تصدر عادة «عندما يرفض مشتبه به التعاون مع التحقيق». ولفت إلى أن يون «حرّض أيضاً وشجّع مناصريه (اليمينيين) المتطرفين، فيما قد تعتبره المحكمة من وجهة نظرها، إقراراً عملياً بالتهم الجنائية».

لكن تنفيذ مذكرة جديدة قد يلاقي المصير ذاته في حال امتنع يون عن مغادرة مقر إقامته، وبقي بعهدة جهاز حمايته الذي يضم وحدة عسكرية.

الرئيس بالوكالة

كما دفعت الأزمة المتواصلة من شهر والمواجهة التي وقعت، الجمعة، بين المحققين وجهاز الحماية الرئاسي، بمكتب التحقيق والحزب الديمقراطي المعارض إلى الطلب من تشوي سانغ-موك، رئيس الجمهورية بالوكالة، إصدار أمر لجهاز الحماية بالتعاون في القضية.

متظاهر يحمل لافتة ضمن تجمع للمطالبة باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول في سيول (أ.ب)

وقال مسؤول في مكتب التحقيق، الجمعة، إن 20 محققاً بمؤازرة 80 شرطياً شاركوا في العملية، لكنهم واجهوا نحو 200 جندي وعنصر في جهاز الأمن الرئاسي شكلوا جداراً بشرياً لمنعهم من المرور.

وأكد مكتب التحقيق أنه «يستحيل عملياً تنفيذ مذكرة التوقيف ما دام المسؤولون في جهاز الأمن الرئاسي يواصلون توفير الحماية» ليون.

ولم يدل تشوي، وهو أيضاً نائب لرئيس الوزراء ووزير للمالية ينتمي إلى حزب يون «قوة الشعب»، بأي تعليق بعد.

ويرجح خبراء أن طلب تشوي من جهاز الأمن التعاون مع التحقيق، سيزيد من فرص تنفيذ مذكرة التوقيف قبل الاثنين.

إلا أن تشوي يواجه انتقادات من حزبه بسبب تعيينه قاضيين لشغل اثنين من المناصب الثلاثة الشاغرة في المحكمة الدستورية التي تنظر في قرار البرلمان عزل يون. وبهذا التعيين، زادت حظوظ مصادقة المحكمة على العزل؛ إذ بات ذلك يحتاج إلى موافقة 6 قضاة فقط من أصل 8.

وقبل تعيين القاضيين، كان يمكن لصوت واحد ضد المصادقة على العزل، أن يؤدي إلى عدم رفض المحكمة لقرار البرلمان، وتالياً عودة يون إلى مزاولة مهامه.

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة ميونغجي شين يول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنه بالنظر إلى السياق الراهن «من غير المرجح أن يتعاون تشوي مع طلب مكتب التحقيق» بشأن تعاون الأمن الرئاسي.

أعضاء اتحاد النقابات العمالية الكوري يتواجهون مع الشرطة أثناء مظاهرة ضد الرئيس المعزول بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (إ.ب.أ)

انتظار المحكمة

وبعد إقصاء يون، عزل البرلمان كذلك أول رئيس بالوكالة، وهو هان داك-سو، على خلفية امتناعه عن ملء المناصب الثلاثة الشاغرة في المحكمة الدستورية. وكانت المعارضة ترى في التعيين خطوة تعزّز حظوظ مصادقة القضاء على عزل الرئيس.

وأمام المحكمة الدستورية 180 يوماً للمصادقة على العزل أو ردّه. وإلى حين البتّ بذلك، يبقى يون رسمياً رئيساً للجمهورية، لكنه لا يؤدي صلاحياته.

ويرى الخبراء أن نزع صفة الرئيس عن يون كان سيجعل مهمة المحققين أسهل في ملاحقته أو توقيفه رسمياً.

عشرات الآلاف من المحتجين يطالبون باستقالة الرئيس يون سوك يول في سيول (د.ب.أ)

ويمكن لطول المهلة المتاحة أمام المحكمة للبتّ بالقضية أن تؤخر الإجراءات، علماً بأن المحكمة تعهّدت بالنظر فيها بسرعة نظراً لأهميتها.

لكنّ محامي الدفاع عن يون يشددون على ضرورة أن تستنفد المحكمة كامل المهلة القانونية لكي تدرس «الظروف التي أدت إلى إعلان فرض الأحكام العرفية».