سلفيون مغاربة أفرج عنهم أخيرا يعتزمون تأسيس تيار سلفي للإصلاح السياسي

توقعوا انضام عدد كبير من المعتقلين المتشددين إليه

سلفيون مغاربة أفرج عنهم أخيرا يعتزمون تأسيس تيار سلفي للإصلاح السياسي
TT

سلفيون مغاربة أفرج عنهم أخيرا يعتزمون تأسيس تيار سلفي للإصلاح السياسي

سلفيون مغاربة أفرج عنهم أخيرا يعتزمون تأسيس تيار سلفي للإصلاح السياسي

يعتزم سلفيون مغاربة افرج عنهم اخيرا بمقتضى عفو ملكي الاعلان غدا (الاربعاء)، عن تأسيس تنظيم جديد اطلقوا عليه اسم "التيار السلفي للاصلاح السياسي" ، وهي المبادرة الاولى من نوعها في المغرب تهدف الى ضم عدد من السلفيين الذين سبق ان أدينوا في قضايا الارهاب في تنظيم خاص بهم ، وذلك بعد ان راجعوا افكارهم واعلنوا نبذ العنف والتطرف وتكفير المجتمع.
ويقود هذا التيار الشيخ عبد الكريم الشاذلي؛ الذي اعتقل بعد تفجيرات الدار البيضاء الارهابية عام 2003 وحكم عليه بـ30 سنة سجنا نافذا ، وأُفرج عنه بعفو ملكي عام 2011 بعد أن قضى 8 سنوات في السجن.
ومن المقرر ان ينضم الى التيار الجديد كل من حسن الخطاب وعبد الرزاق سوماح اللذين افرج عنهما الخميس الماضي بعفو ملكي بمناسبة الذكرى الـ40 للمسيرة الخضراء.
وكان الخطاب زعيما لما عرف بخلية "انصار المهدي" التي اعتقل افرادها عام 2006، وأدين بـ30 عاما سجنا ، قضى منها 9 سنوات ، اما سوماح فهو زعيم سابق لـ "حركة المجاهدين بالمغرب" الذي جرى تفكيكها عام 2012.
وينتمي الشاذلي الذي سيقود التيار السلفي الى حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية الذي تأسس عام 1997 على يد محمود عرشان ، ويدخل ضمن ما يصطلح على تسميته في المغرب بـ" الأحزاب الادارية" ، وانضم اليه بعد الافراج عنه ، وبالتالي فان التيار السلفي المرتقب الاعلان عنه لن يكون مستقلا عن هذا الحزب ، حيث كشف الشاذلي انه سيمثل جناحا دعويا لحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية وفي الوقت ذاته سينشط في المجال السياسي. اما حسن الخطاب فقال ان علاقة التيار الجديد بحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية هي علاقة شراكة فقط وان الحزب احتضن مبادرة تأسيس هذا التيار السلفي ، بيد انه ترك الباب مواربا بشأن امكانية انضمامه وآخرين من السلفيين الى الحزب ، وقال في هذا الصدد "الانضام وارد وغير وارد ويحتاج الى الاستشارة والاستخارة" ، وتوقع الخطاب الافراج في القريب عن عدد كبير من المعتقلين المتشددين.
وعد الخطاب العفو عنه بمثابة لبنة اولى لطي ملف السلفية الجهادية ، واعتراف من الدولة بالتيار السلفي الاصلاحي والعمل الذي يقوم به . واطلق الخطاب اواخر 2011 مبادرة من داخل السجن تحت عنوان "المناصحة والمصالحة"، تهدف إلى فتح حوار بين الدولة المغربية ومعتقلي "السلفية الجهادية" ، وناشد الخطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس التدخل لفتح باب مصالحة وطنية " لتقزيم الخلاف وتضييق الهوة بين أبناء الحركة الإسلامية والدولة"، معلنا استعداد الحركة للانخراط الكامل في الحياة السياسية .
وجرى الترويج للتيار السلفي الاصلاحي داخل السجون منذ سنوات، واستطاع استقطاب عدد كبير من المعتقلين المتشددين الذين عبروا عن رغبتهم في الالتحاق بالتيار المتشدد الجديد بمجرد الافراج عنهم وقدر عددهم بـ 400 معتقل. بيد ان هناك من يرى ان المعتقلين المتشددين "خليط غير متجانس" من الافكار والمرجعيات، وبالتالي فان اعلانهم الالتحاق بالتيار لا يعبر سوى عن توقهم مغادرة السجون والاستفادة من العفو.
يذكر انه سبق لاحد الشيوخ السلفية المفرج عنهم ان التحق بحزب سياسي وهو الشيخ عبد الوهاب رفيقي الملقب "ابي حفص" والتحق بحزب النهضة والفضيلة الاسلامي، ويعتزم الترشح للانتخابات التشريعية المقبلة.
ويعد الشيخ محمد الفزازي الذي كان قد حكم بالسجن 30 عاما بتهم التحريض على الارهاب رمزا للتحول الكبير الذي طرأ على مواقف السلفيين المغاربة، وزادت شهرته بعد ان ام الملك محمد السادس في صلاة الجمعة باحد مساجد مدينة طنجة شمال البلاد قبل ازيد من عام.
وكان الفزازي قبل مراجعة افكاره ينعت الاحزاب السياسية بانها ضالة ، بيد انه عبر عن رغبته في الترشح في الانتخابات التشريعية المقبلة المقرر اجراؤها عام 2016، لكنه لم يحدد الحزب الذي سيترشح باسمه او انه سيؤسس حزبا جديدا، وتردد انه قد ينظم بدوره ايضا الى حزب النهضة والفضيلة.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.